مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر سبتمبر سنة 1966) - صـ 302

(فتوى رقم 683 ملف رقم 86/ 3/ 210 في 27/ 6/ 1966)
(106)
جلسة 15 من يونيه سنة 1966

( أ ) حكم - تنفيذه - ترقية - الأصل أن الحكم كاشف للحق وليس منشئاً له - أثر ذلك بالنسبة إلى الأحكام الصادرة بإلغاء قرارات ترقية فيما تضمنته من تخطي المحكوم لصالحه في الترقية - التزام الإدارة بتنفيذ هذه الأحكام مع تضمينها أثراً رجعياً متى كان ذلك لازماً للتنفيذ - شمول الرجعية في التنفيذ الفروق المالية المقضى بها اعتباراً من تاريخ نفاذ قرار الترقية.
(ب) حكم - تقادم مسقط - أثره على الفروق المالية المحكوم بها - نص المادة 50 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات - مناط تطبيقها رهين بأمرين أولهما نشوء الحق وتكامله في ذمة الدولة والثاني تخلف المطالبة به قضائياً أو إدارياً على الرغم من علم صاحب الشأن بقيامه يقيناً أو افتراضاً - قيام مانع تستحيل مع وجوده المطالبة قانوناً بالحق - أثره عدم انفتاح ميعاد السقوط في هذه الحالة إلا من تاريخ زوال المانع وهو تاريخ صدور الأحكام.
1 - إن الأصل في الحكم الصادر في نزاع على حق من الحقوق أنه إذ يفصل في هذا النزاع لا ينشئ للمحكوم له حقاً وإنما يقرره، ذلك أن الحكم كاشف للحق وليس منشئاً له، ومن ثم يبقى الحق المحكوم به مستنداً إلى سببه الأصلي ومحتفظاً بخصائصه ومن أجل هذا كانت القاعدة العامة في تنفيذ أحكام القضاء الإداري هي رجعية ما قضت به هذه الأحكام وارتدادها إلى التواريخ التي تكونت فيها عناصر المراكز القانونية التي قررتها أو تناولتها بالتعديل، وكان على الإدارة أن تصدر القرارات اللازمة لتنفيذ تلك الأحكام مع تضمينها أثراً رجعياً، استثناء من قاعدة عدم رجعية القرارات الإدارية، متى كان ذلك لازماً لتنفيذ الأحكام المذكورة.
وعلى ذلك فإنه متى كانت المحكمة الإدارية العليا قد انتهت في حكمها الصادر بجلسة 23 من فبراير سنة 1957 في الطعن رقم 1094 لسنة 2 القضائية إلى أن العبرة في الحصول على المؤهل في تطبيق قانون المعادلات الدراسية هي بتاريخ تأدية الامتحان في جميع المواد بنجاح بقطع النظر عن تاريخ إعلان النتيجة بعد ذلك الذي لا يعدو أن يكون كاشفاً للمركز القانوني الذي نشأ وتحقق قبل هذا الإعلان، وكانت الوزارة قد قامت بإصدار قرارات بتعديل أقدميات بعض العاملين بها على هذا الأساس بإرجاعها إلى تواريخ سابقة وفقاً لهذا القضاء واستصدر هؤلاء بناءً على أقدمياتهم المعدلة أحكاماً بإلغاء بعض قرارات الترقية السابقة صدورها من الوزارة فيما تضمنته من تخطيهم في الترقية وبإرجاء أقدمياتهم في الدرجة الخامسة إلى تواريخ سابقة فإن الرجعية في التنفيذ تشمل الفروق المالية المقضى بها وذلك اعتباراً من تاريخ نفاذ قرارات الترقية المطعون فيها، وهو التاريخ الذي يبدأ منه استحقاق هذه الفروق، ما دامت الأحكام لم تقض بإلغاء هذه القرارات إلغاء كلياً بل جزئياً فيما تضمنته من تخطي المحكوم لصالحهم في الترقية.
2 - بالنسبة إلى أثر التقادم المسقط على استحقاق الفروق المالية التي يحكم بها، وعن تحديد الميعاد الذي يبدأ منه سقوطها بالتقادم فقد نصت المادة 50 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات على أن "الماهيات التي لم يطالب بها في مدة خمس سنوات (هلالية) تصبح حقاً مكتسباً للحكومة". ويؤخذ من هذه المادة أن مناط تطبيق حكمها رهين بأمرين: (الأول) نشوء حق مالي من ماهية أو ما في حكمها وتكامله في ذمة الدولة نتيجة قرار تنظيمي عام أو قرار إداري فردي و(الثاني) تخلف المطالبة بهذا الحق قضائياً أو إدارياً مدة التقادم المسقط من تاريخ نشوء الحق في اقتضائه على الرغم من علم صاحب الشأن بقيامه علماً يقيناً أو افتراضياً.
ومن حيث إنه ولئن كانت الفروق المالية موضع البحث قد ترتبت لأربابها من تاريخ العمل بقرارات الترقية المطعون فيها إلا أنه لا تلازم بين تاريخ نشوء الحق وتاريخ سريان التقادم المسقط للمطالبة به وإلا لأدى الأمر في الخصوصية المعروضة إلى زوال الحق قبل زوال الموانع التي حالت دون زوال هذه المطالبة كما لا اعتداد في سريان التقادم المسقط بالنسبة إلى الفروق المذكورة بتاريخ التظلم المقدم إلى الجهة الإدارية للمطالبة بهذه الفروق، إذ أن الأحكام التي كشفت عنها لم تكن قد صدرت بعد، وإنما يبدأ سريان التقادم المسقط من تاريخ صدور هذه الأحكام، ذلك أن إعمال أثر هذا التقادم لا يتأتى إلا حيث يكون الحق قد نشأ وتكامل في ذمة الدولة، وحينما تكون الطالبة به أمراً ميسوراً من جهة القانون، فإذا قام مانع تستحيل مع وجوده المطالبة قانوناً بهذا الحق من جانب صاحب الشأن فإن ميعاد السقوط لا ينفتح إلا من التاريخ الذي يزول فيه هذا المانع والذي تصبح فيه المطالبة أمراً جائزاً وميسوراً قانوناً ويكون المتخلف عنها أو المقصر فيها حقيقاً بأن يؤخذ بهذا السقوط. والحال في الفروق المالية الراهنة أن المطالبة بها لم تكن ميسورة قانوناً قبل إلغاء قرارات الترقية وتعديلها بالأحكام التي صدرت لصالح من تخطوا في هذه الترقية، وهي التي بدأ سريان التقادم المسقط من تاريخ صدورها، وإذ جاء بالأوراق أنها صدرت في عامي 1964 و1965 فإن الحقوق التي قررتها لذويها لا يكون قد لحقها هذا التقادم.
لذلك انتهى رأي الجمعية العمومية إلى أن مقتضى تنفيذ الأحكام المشار إليها استحقاق الفروق المالية للعاملين الذين صدرت لصالحهم هذه الأحكام اعتباراً من تاريخ العمل بقرارات الترقية المقضى بإلغائها فيما تضمنته من تخطيهم في هذه الترقية، على ألا يبدأ حساب سريان التقادم المسقط للحق في المطالبة بهذه الفروق إلا اعتباراً من تاريخ صدور هذه الأحكام على التفصيل المتقدم.