مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر سبتمبر سنة 1966) - صـ 312

(فتوى رقم 765 ملف 78/ 1/ 41 في 21/ 6/ 1966)
(110)
جلسة 15 من يونيه سنة 1966

عقد استغلال - القانون رقم 58 لسنة 1964 - ترخيصه لوزير الصناعة في التعاقد مع المؤسسة العامة للبترول وشركة بان أمريكان مصر للبترول في شأن البحث عن البترول واستغلاله بمياه خليج السويس - نصه على أن تكون للأحكام الواردة في مواد معينة من الشروط المرافقة قوة القانون وتكون نافذة بالاستثناء من القرارات السارية - ليس من بين هذه النصوص ما يفيد إلزام المؤسسة بدفع نصيبها في التكاليف ونفقات العمليات المشتركة بعملة أجنبية - مؤدى ذلك أن وفاء المؤسسة لشركة جايكو الوكيلة عن الطرفين يكون بالعملة المصرية - وجود نص يترتب عليه أن المؤسسة تقوم بالوفاء بعملة أجنبية في حالة معينة يواجه حالة خاصة ويعتبر استثناءً يؤكد القاعدة العامة - وجوب أن تقدر ميزانيات العمليات المشتركة في صورة نهائية بالعملة المصرية يتحدد نصيب المؤسسة فيها بواقع 50% بينما يتحدد نصيب بان أمريكا بتحويل هذا القرار إلى دولارات أمريكية تدفعها إلى شركة جايكو - لا شأن للمؤسسة بمدى نجاح الشركة (جايكو) في الحصول على العملات الأجنبية اللازمة للمشروع - التزام المؤسسة يقف عند الوفاء بنصيبها بالعملة المصرية.
إن المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة بإصدار القانون رقم 58 لسنة 1964 بالترخيص لوزير الصناعة في التعاقد مع شركة بان أمريكان مصر للبترول والمؤسسة المصرية العامة للبترول في شأن البحث عن البترول واستغلاله بمياه خليج السويس تنص على أن "يرخص لوزير الصناعة في التعاقد مع المؤسسة المصرية العامة للبترول وشركة بان أمريكان مصر للبترول في شأن البحث عن البترول واستغلاله بمياه خليج السويس وفقاً للشروط المرافقة والخريطة الملحقة بها". وأن المادة الثامنة من هذا القانون تقضي بأن "تكون للأحكام الواردة في المواد 7 - 10 - 16 - 20 - 21 - 23 - 30 - 43 - 44 من الشروط المرافقة قوة القانون وتكون نافذة بالاستثناء من القرارات السارية".
وأنه ملحق بالقانون المذكور "اتفاقية امتياز بترولي" ورد في صدرها ما يأتي:
"تحررت هذه الاتفاقية وصار الالتزام بها في اليوم 12 من فبراير سنة 1964 بين كل من حكومة الجمهورية العربية المتحدة (ويعبر عنها فيما يلي بلفظ "الحكومة") والمؤسسة المصرية العامة للبترول وهي شخصية معنوية مؤسسة بمقتضى القانون رقم 167 لسنة 1958 بما أدخل عليه من تعديلات (ويعبر عنها فيما يلي بلفظ "المؤسسة") وشركة بان أمريكان للزيت مصر وهي شركة مؤسسة في ديلاور (ويعبر عنها فيما يلي بلفظ "بان أمريكان").
وأن الفقرة (ك) من المادة الأولى من الاتفاقية المشار إليها تنص على أن "الاكتشاف التجاري": هي بئر الاكتشاف التي ينتج من اختبار إنتاجها اختباراً مطابقاً للأصول السليمة المتبعة في الإنتاج لمدة ثلاثين يوماً متواصلة أنها تنتج في المتوسط ما لا يقل عن سبعمائة وخمسين (750) برميلاً من الزيت في اليوم إذا كانت المسافة المفتوحة للإنتاج من الطبقة المنتجة لا يزيد عمقها عن ألف وخمسمائة متر (1500)، أو تكون قد أنتجت ألف (1000) برميل في اليوم. "وتاريخ الاكتشاف التجاري": هو اليوم الذي يتم فيه تكملة واختبار تلك البئر وفقاً لما تقدم ذكره".
وأن المادة السابعة من الاتفاقية المذكورة تنص على الآتي:
الشركة الوكيلة: القائم بالعمليات "جايكو".
( أ ) تقوم المؤسسة وبان أمريكان بتكوين شركة في الجمهورية العربية المتحدة يطلق عليها اسم "شركة بترول خليج السويس" ويعبر عنها بلفظ "جابكو"، وتكون هذه الشركة خاضعة للقوانين السارية في ج. ع. م. باستثناء القانون رقم 26 لسنة 1954 الخاص بالشركات، والقانون رقم 114 لسنة 1921 الخاص بتمثيل الموظفين والعمال في مجالس إدارة الشركات، والقانون رقم 60 لسنة 1963 الخاص بالمؤسسات العامة، والقرار الجمهوري رقم 2546 لسنة 1962 الخاص بنظام العاملين بالشركات العامة.
(ب)...
(ج) تسدد كل من المؤسسة وبان أمريكان قيمة أسهم نصف رأس مال "جايكو" وتمتلك وتحوز هذا النصف طوال مدة الاتفاقية.
(د)...
(هـ) تكون جايكو هي الوكيلة التي تقوم كل من المؤسسة وبان أمريكان عن طريقها بمزاولة وإدارة العمليات التي تقتضيها هذه الاتفاقية في قطاعات البحث... وجميع النفقات والتكاليف والمصروفات التي تتحملها وتدفعها بان أمريكان وحدها في سبيل الوفاء بالتزامات البحث المقررة في هذه الاتفاقية تحتسب من التزامات البحث المفروضة على بان أمريكان بمقتضى هذه الاتفاقية وتعتبر جزءاً منها، وذلك سواء أكان الاتفاق والدفع بواسطة بان أمريكان مباشرة أو عن طريق "جايكو"، وتحتفظ "جايكو" بسجل تقيد فيه جميع ما ينفق بواسطة بان أمريكان والمؤسسة أو لصالحهما من نفقات وتكاليف ومصروفات تقتضيها هذه الاتفاقية.
(و)...
(ز)...
(ح) تلتزم وتدفع كل من المؤسسة وبان أمريكان خمسين في المائة (50%) من التكاليف والمصروفات التي تنفقها جايكو نيابة عن الطرفين للقيام بالعمليات المشتركة المبينة في هذه الاتفاقية. وفي اليوم السابق لليوم الأول من كل ربع سنة تقويمية يضع كل من الطرفين تحت تصرف "جايكو" مبلغاً بحيث لو أضيف إلى مقدار نصيب هذا الطرف في الحساب المشترك الذي يكون وقتئذ تحت يد "جايكو" يكون المجموع كافياً للوفاء بنصف المصاريف المتوقعة اللازمة خلال الربعين القادمين من تلك السنة التقويمية.
وأن الفقرة (ب) "1" من المادة التاسعة من هذه الاتفاقية وهي الخاصة ببرامج العمل والميزانيات تنص على أنه في خلال ستين (60) يوماً من بعد أن تصبح "جايكو" هي القائم بالعمليات وفقاً لأحكام هذه الاتفاقية يعد المدير العام لجايكو برنامج عمل وميزانية يتناولان العمليات التي يلزم إجراؤها على حساب ونفقات الطرفين في هذه الاتفاقية عن المدة الباقية من السنة المالية الجارية والسنة المالية التي تليها، ويجتمع مجلس إدارة جايكو في ج. ع. م. في خلال ثلاثين (30) يوماً تالية لإعداد البرنامج والميزانية المذكورين آنفاً لمراجعتهما وتعديلهما، إذا لزم الحال واعتمادهما. وفي موعد لا يتجاوز الخامس عشر من شهر مارس من كل سنة تقويمية يعد المدير العام لجايكو برنامج ميزانية عن السنة المالية لاعتماده من مجلس إدارة "جايكو".
وأن المادة العاشرة ( أ ) من الاتفاقية ذاتها وهي المتعلقة بالمشروعات والاستثمارات الأخرى المعتمدة، تنص على أنه إذا اعتمد مجلس إدارة "جايكو" مشروعاً أو أي استثمار آخر في ظل هذه الاتفاقية وحصل عقب ذلك الاعتماد أن تعذر على أحد الطرفين، المؤسسة أو بان أمريكان، أن يدفع أو يتكفل بدفع أي مبلغ حل موعد أدائه إلى "جايكو" لأغراض هذا المشروع أو الاستثمار الآخر (ويسمى هنا الطرف المتخلف عن الدفع) فإن الطرف الآخر (ويسمى هنا الطرف الدافع) يصبح له الحق في أن يقدم إلى "جايكو" المبالغ الكافية بمقتضى هذه الاتفاقية لمواصلة العمليات اللازمة لذلك المشروع المعتمد أو الاستثمار الآخر المعتمد فإذا اختار الطرف الدافع مواصلة العمليات على هذا الوضع فيجب أن تطبق الشروط والأحكام الآتية:
(1) عقب إتمام المشروع أو الاستثمار الآخر يتحمل الطرفان الدافع والمتخلف عن الدفع مناصفة تكاليف ومصروفات تشغيل وإصلاح....
(2) ابتداءً من الشهر التقويمي الأول التالي للشهر التقويمي الذي تم في أثنائه المشروع أو الاستثمار الآخر، على الطرف المتخلف عن الدفع أن يدفع إلى الطرف الدافع مبلغاً (يسمى هنا مقدار العجز) مساوياً للفرق بين ما تحمله الطرف المتخلف عن الدفع من تكاليف ومصروفات وبين خمسين في المائة (50%) من المجموع الكلي للتكاليف والمصروفات التي استلزمها المشروع أو الاستثمار الآخر، كما يدفع الطرف المتخلف عن الدفع مبلغاً إضافياً يعادل خمسة وسبعين في المائة (75%) من مقدار العجز. وحصيلة المبلغين تصبح واجبة الأداء مشاهرة بمقدار 1/ 12 (واحد على اثني عشر).
وكل دفعة شهرية مما سبق ذكره يجب دفعها من جانب الطرف المتخلف عن الدفع إلى الطرف الدافع خلال خمسة عشر (15) يوماً تالية لكل شهر تقويمي ابتداء من الشهر التقويمي الأول السابق ذكره حتى يتم الوفاء بالكامل. وهذه الدفعات يجب أن تكون بنفس العملة التي استعملها الطرف الدافع في الصرف والإنفاق.
وأن الفقرة (د) "1" من المادة الثانية عشر من الاتفاقية، وهي المادة الخاصة بعمليات التنمية تنص على أنه "عقب الاكتشاف التجاري الأول الذي يحصل وفقاً لهذه الاتفاقية وعند استلام طلب كتابي صادر من المؤسسة تقوم بان أمريكان بدفع مبلغ يقيد لحسابها وحساب المؤسسة معاً وقدره خمسة عشر مليوناً (15.000.000) من دولارات الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الدفعة الأولى المطلوب أداؤها لنفقات التنمية المشتركة المقررة في هذه الاتفاقية وفي المدة التي يجري خلالها إنفاق هذه الخمسة عشر مليوناً من الدولارات في هذا السبيل من جانب بان أمريكان على الحساب المشترك الوارد ذكره في هذه الاتفاقية تقوم المؤسسة في الوقت نفسه تباعاً بدفع قيمة كافة التكاليف والمصروفات التي يقتضي تحملها بالجنيه المصري والوفاء بتلك التكاليف والنفقات وبعد أن تكون بان أمريكان قد أنفقت المبلغ المذكور بعاليه.... يخصم من هذا المبلغ مبلغ من دولارات الولايات المتحدة الأمريكية مساو كما هو مبين بعد لمجموع مبالغ الجنيهات المصرية التي صرفت في نفس الوقت على هذا الوجه تباعاً من جانب المؤسسة، والخمسون في المائة (50%) من دولارات الولايات المتحدة الأمريكية من المبلغ المتبقي بعد ذلك الخصم تستردها بان أمريكان من خمسين في المائة (50%) من مستحقات المؤسسة المقررة في المادة 14 من هذه الاتفاقية.
وأن الفقرة (ج) من المادة العشرين من الاتفاقية تنص على أن:
"جميع مدفوعات بان أمريكان إلى الحكومة وإلى "جايكو" بمقتضى هذه الاتفاقية تكون بدولارات الولايات المتحدة الأمريكية أو بعملة حرة قابلة للتحويل ومقبولة من الحكومة دون أعباء عند التحويل إلى دولارات الولايات المتحدة الأمريكية في ج. ع. م. أو في أي مكان آخر أو بجنيهات مصرية حصلت عليها بان أمريكان في ج. ع. م. بمقتضى المادة 20 - ب".
وأن الفقرة ( أ ) من المادة الثالثة والعشرين من الاتفاقية تنص على أن:
"تقوم كل من المؤسسة وبان أمريكان و"جايكو" بإمساك دفاتر حسابات وتحتفظ بها في مكاتب عملها الرئيسية في ج. ع. م. وتكون هذه الدفاتر في نظامها مطابقة للنظم الحسابية المقبولة والمستعملة بصفة عامة في صناعة البترول، وكذلك تمسك الدفاتر الأخرى والسجلات التي تلزم لبيان الأعمال التي تنفذ بمقتضى هذه الاتفاقية بما في ذلك كميات وقيمة كل البترول المنتج والمحتفظ به بمقتضى هذه الاتفاقية ولكي يتيسر حساب المبالغ التي يلزم دفعها من جانب بان أمريكان وفقاً لهذه الاتفاقية تمسك بان أمريكان دفاتر حسابها وسجلات حسابها المشار إليه مقيداً فيها الحساب بدولارات الولايات المتحدة الأمريكية...".
وأن الفقرة ( أ ) من المادة الثالثة والأربعين من الاتفاقية تنص على أن:
"الحقوق والواجبات والالتزامات والمسئوليات الخاصة بالمؤسسة وبان أمريكان والواردة في هذه الاتفاقية تعتبر متفرقة وليست مشتركة ولا جماعية وذلك على اعتبار أن الغرض الصريح والقصد الواضح للطرفين المذكورين هو أن ملكية كل منهما لما يخصه من نسبة الانتفاع المقرر بموجب هذه الاتفاقية تقوم على أساس أنهما حائزان على المشاع...".
وقد استظهرت الجمعية العمومية من النصوص المتقدمة أن الاتفاقية موضوع البحث إن هي إلا عقد من عقود استغلال أحد موارد الثروة الطبيعية في البلاد، وبهذه المثابة فإنها تتعلق بأحد مشروعات التنمية، وباستقراء نصوصها يبين أنها لا تتضمن أي نص يقضي بإلزام المؤسسة المصرية العامة للبترول بدفع نصيبها في التكاليف والنفقات الخاصة بالعمليات المشتركة المتعلقة بمواصلة البحث والتنمية والإنتاج التي تتولاها "جايكو" كشركة وكيلة عن الطرفين بعملة أجنبية، أو أن يكون وفاؤها بنصيبها متضمناً قدراً من النقد الأجنبي "دولارات أمريكية" لمواجهة ما يتعذر توريده محلياً من المعدات اللازمة للمشروع، في حين أن نص الفقرة (ج) من المادة العشرين من الاتفاقية قضى بأن جميع مدفوعات "بان أمريكان" إلى الحكومة وإلى "جايكو" بمقتضى هذه الاتفاقية تكون بدولارات الولايات المتحدة الأمريكية أو بعملة حرة قابلة للتحول ومقبولة من الحكومة دون أعباء عند التحويل إلى دولارات الولايات المتحدة الأمريكية في الجمهورية العربية المتحدة أو في أي مكان آخر - ودلالة هذه المغايرة واضحة في اتجاه نية المتعاقدين في الاتفاقية إلى تحميل "بان أمريكان" التزاماً بأداء جميع مدفوعاتها إلى كل من الحكومة و"جايكو" بدولارات الولايات المتحدة الأمريكية، دون تكليف المؤسسة بمثل هذا الالتزام، ولو انصرفت إلى غير هذا لما أعوز الطرفين النص عليه صراحة.
ولما كانت الاتفاقية المذكورة من العقود المبرمة محلياً، وكان الوفاء إلى "جايكو" إنما يتم داخل الجمهورية العربية المتحدة، وكانت القاعدة العامة في الوفاء النقدي هي أن الدفع يتم بالعملة المتداولة قانوناً في البلاد، فإن وفاء المؤسسة - إزاء عدم ورود نص في الاتفاقية على خلاف هذه القاعدة بالنسبة إليها - يكون، والحالة هذه، بالجنيهات المصرية، ولا سيما أن الشك يفسر لمصلحة المدين، وأن مصلحة المؤسسة هي أن تكون التزاماتها قبل "جايكو" على أساس الجنيهات المصرية باعتبار هذا أخف عليها عبئاً وأكثر يسراً لها، وأن هذا هو ما يتفق وأحكام القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد.
أما ما ورد في المادة العاشرة ( أ ) في خصوص عدم دفع أحد طرفي العقد المؤسسة أو "بان أمريكان" لنصيبه في التكاليف الخاصة بالمشروعات والاستثمارات المعتمدة في موعد أدائه، وما رتبه هذا النص على ذلك من إمكان قيام الطرف الآخر بالدفع عن الطرف المتخلف مع تحصيل هذا الأخير بأداء ما دفع عنه بالإضافة إلى مبلغ إضافي يعادل 75% إلى الطرف الدافع، وما ورد في نهاية النص من اشتراط أن يكون الدفع بنفس العملة التي استعملها الطرف الدافع في الصرف والإنفاق، فإن ما قضت به هذه المادة من حكم مقتضاه أن يكون الدفع بنفس العملة التي استعملها الطرف الدافع في الصرف والإنفاق، إنما يحمل على أنه تأكيد لما سلف من أن "بان أمريكان" لا تدفع إلى "جايكو" إلا بالدولارات بينما لا تدفع إليها المؤسسة إلا بالعملة المصرية، إذ أنه يقرر نوعاً من التعويض العيني للطرف الدافع، فإذا ما أدت "بان أمريكان" التزامات المؤسسة في حالة تخلفها لزم أن تؤدي هذه الالتزامات إلى "جايكو" لأن هذا هو الأصل بالنسبة إليها في كل ما تدفعه، وتعين على المؤسسة بالمقابلة لهذا عند وفائها بما دفعته عنها "بان أمريكان" وبالمبلغ الإضافي (الـ 75%) أن يتم الدفع بنفس العملة التي استعملتها "بان أمريكان" في الصرف والإنفاق كضرب من التعويض العيني عن الدفع الذي تم فعلاً بهذه العملة والعكس صحيح فيما يتعلق بحالة ما إذا كانت "بان أمريكان" هي المتخلفة ودفعت عنها المؤسسة إلى "جايكو" بالجنيهات المصرية، فإن "بان أمريكان" تلزم بالدفع بنفس العملة التي استعملتها المؤسسة في الصرف والإنفاق.
وغني عن البيان أن هذا النص لا يواجه حالة دفع إلى "جايكو" وإنما يواجه حالة دفع من طرف إلى الطرف الآخر، ومن ثم فلا احتجاج بمدلوله للاستناد إليه في تحديد نوع العملة التي تلتزم بها المؤسسة أصلاً قبل "جايكو"، بل إن ما تضمنته من حكم خاص في مقام بذاته عند ما أراده الطرفان المتعاقدان فنصا عليه استثناء على خلاف الأصل يؤكد هذا الأصل، وهو دفع المؤسسة بالعملة المصرية، لأن الاستثناء يؤكد القاعدة العامة، وقد جرت نصوص الاتفاقية على تعيين نوع العملة صراحة في كل مناسبة رؤى فيها الخروج على الأصل المشار إليه بما يعد تأييداً له لا ترديداً لعكسه.
هذا إلى أن "جايكو" إنما هي شركة تأسست وفقاً لحكم خاص في القانون رقم 58 لسنة 1964، هو حكم المادة السابعة من الاتفاقية والملحق الذي أحالت إليه هذه المادة وعلى ذلك فإنها تقوم كشركة مساهمة على خلاف التشريعات السارية في شأن شركات المساهمة والشركات عموماً وذلك بصريح نص خاص في القانون المذكور، ومن ثم فإنها وفقاً للقانون شركة قائمة وغرضها محدد هو مزاولة وإدارة العمليات التي تقتضيها اتفاقية البحث عن البترول واستغلاله بمياه خليج السويس نيابة عن المؤسسة وبان أمريكان ولحسابهما - فهي والحالة هذه معهود إليها من قبلهما بمزاولة وإدارة العمليات التي تتطلبها هذه الاتفاقية نيابة عنهما: أي أنها المنظم الإداري للمشروع، وعملها هذا يقتضي منها مباشرة جميع أعباء الإدارة والاستغلال التي تلقى تبعتها عليها مختلف وظائفها بما فيها وظيفتها المالية، وبهذه الصفة تلتزم بالحصول على النقد الأجنبي، باعتبار أن هذا النقد الأجنبي ليس إلا سلعة، وأن الحصول عليه أمر لازم لتنفيذ العمليات التي تقتضيها الاتفاقية، وأن سعيها لتدبيره هو أمر يدخل أساساً في مهمتها التي تباشرها نيابة عن كل من المؤسسة و"بان أمريكان".
ولا حجة في الاستناد إلى ما جاء بالفقرة (ج) الخاصة بتحويل العملة من البند 13 من المادة الثانية من الملحق (د) المرافق للاتفاقية من أن "يمسك القائم بالعمليات دفاتره في الجمهورية العربية المتحدة بدولارات الولايات المتحدة الأمريكية جميع النفقات بدولارات الولايات المتحدة الأمريكية والتي تحمل على أوجه نشاط البحث تقيد بنفس المبلغ المنصرف جميع النفقات بالجنيهات المصرية تترجم إلى دولارات أمريكية بسعر الصرف الرسمي الذي يعلنه البنك المركزي المصري... يمسك سجلاً بأسعار الصرف الذي استعملت في ترجمة النفقات بالجنيهات المصرية إلى دولارات..." لتخريج نتيجة عليه مقتضاها التزام المؤسسة بالدفع إلى "جايكو" بالدولارات الأمريكية، ولا حجة في ذلك لأن هذه الفقرة إذ تحدثت عن ترجمة النفقات بالجنيهات المصرية إلى دولارات لم تتعرض لتحديد نوع العملة التي تؤدي بها المؤسسة مدفوعاتها إلى "جايكو"، وما كان لها وهي واردة في الملحق البياني الخاص بالنظام المحاسبي أن تتصدى لمثل هذا الحكم الذي قصرت عنه نصوص الاتفاقية الأصلية ذاتها، وأنها سلمت بوجود نفقات بالجنيهات المصرية، وتضمنت مجرد ضرب من التيسير على القائم بالعمليات في نظام مسك دفاتره، وآية ذلك ما نصت عليه المادة 23 من الاتفاقية - وهي المادة الخاصة بدفاتر الحسابات وعمليات المحاسبة والمدفوعات - في فقرتها ( أ ) من أن تقوم كل من المؤسسة و"بان أمريكان" و"جايكو" بإمساك دفاتر حسابات... ولكي يتيسر حساب المبالغ التي يلزم دفعها من جانب "بان أمريكان" تمسك "بان أمريكان" دفاتر حسابها وسجلات حسابها مقيداً فيه الحساب بدولارات الولايات المتحدة الأمريكية، مما يفسر الحكمة في إمساك الدفاتر بالدولارات الأمريكية وحصرها في مجرد قصد التيسير دون أي معنى آخر يجاوزه.
ويخلص مما تقدم أن التزام المؤسسة المصرية العامة للبترول بأداء مدفوعاتها قبل "جايكو" يكون بالجنيهات المصرية - ومتى كان الأمر كذلك فإنه يتفرع عليه أمران:
(الأول) أن ميزانيات "جايكو" المنصوص عليها في الفقرة (ب) من المادة التاسعة من اتفاقية امتياز البترول يلزم أن تقدر في صورة نهائية بالعملة المصرية، وعلى هذا التقدير يتحدد مقدار نصيب المؤسسة المصرية العامة للبترول فيها بواقع 50%، بينما يتحدد نصيب "بان أمريكان" بتحويل هذا القدر إلى دولارات أمريكية تدفعها إلى "جايكو".
و(الثاني) أنه متى أوفت المؤسسة المصرية العامة للبترول بنصيبها بالجنيهات المصرية فلا شأن لها بعد ذلك بما يجب أن تبذله "جايكو" من مسعى في سبيل الحصول على العملات الأجنبية اللازمة، إذ تكون "جايكو" هي الملزمة بحكم وضعها بهذا المسعى لدى السلطات النقدية المختصة في الجمهورية العربية المتحدة، ولا التزام على المؤسسة في هذا الشأن لكونها تتمتع بشخصية اعتبارية منفصلة عن شخصية الدولة، ولأنها في تعاقدها مع "بان أمريكان" في خصوص استغلال البترول بمياه خليج السويس إنما تقوم بعملية تجارية بعيداً عن فكرة السلطة العامة.
لذلك انتهى الرأي إلى ما يأتي:
أولاً - أن ميزانيات العمليات المشتركة التي تعدها "جايكو" يجب أن تشمل التقديرات في صورة نهائية بالعملة المصرية.
ثانياً - أن التزام المؤسسة المصرية العامة للبترول بأداء مدفوعاتها قبل "جايكو" يكون بالجنيهات المصرية.
ثالثاً - أنه لا شأن للمؤسسة المصرية العامة للبترول بمدى نجاح "جايكو" في الحصول على العملات الأجنبية اللازمة لتمويل المشروع، فمتى أوفت بنصيبها بالعملة المصرية كانت "جايكو" هي الملزمة بالسعي لدى السلطات النقدية المختصة في الجمهورية العربية المتحدة على هذه العملات الأجنبية.
رابعاً - أن المادة العاشرة ( أ ) من اتفاقية امتياز البترول تطبق في حالة اعتماد مجلس إدارة "جايكو" مشروعاً أو أي استثمار آخر في ظل هذه الاتفاقية إذا ما حصل عقب ذلك الاعتماد أن تعذر على أحد الطرفين المؤسسة أو "بان أمريكان" أن يدفع أو يتكفل بدفع أي مبلغ حل موعد أدائه إلى "جايكو" لأغراض هذا المشروع أو الاستثمار الآخر، وذلك بنوع العملة الملتزم بالدفع به على الوجه المتقدم.