مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر سبتمبر سنة 1966) - صـ 325

(فتوى رقم 718 ملف رقم 86/ 112 في 13/ 7/ 1966)
(112)
جلسة 29 من يونيه سنة 1966

مسئولية مدنية - خطأ شخصي - المادة 58 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة - نصها على عدم مسئولية العامل مدنياً إلا عن الخطأ الشخصي - إدلاء المهندس المختص ببيان غير صحيح عن منطقة معينة بأن أقر كتابة بخلوها من التراخيص للغير مما أدى إلى إشهار مزايدة عنها ألغيت بعد ذلك عندما تبين عدم خلوها - كون هذا البيان مما يدخل في حدود الواجبات الوظيفية الأولية للعامل المذكور وكون الخطأ فيه ينطوي على إخلال جسيم بهذه الواجبات بوصفه خطأ في تحري الواقع لا عذر له فيه وليس خطأ في التقدير - مسئولية العامل المذكور مدنياً عن فعله هذا باعتباره خطأ شخصياً - لا تملك الإدارة بتخفيف الجزاء الإداري أو بسحبه إعفاء المخالف من المسئولية المدنية - أساس ذلك أن فيه نزولاً عن مال من أموال الدولة في غير الأحوال والشروط المنصوص عليها في القانون رقم 29 لسنة 1958.
إن المادة 58 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر به القانون رقم 46 لسنة 1964 تنص على أن "لا يسأل العامل مدنياً إلا عن الخطأ الشخصي" ومؤدى ذلك أن المسئولية المدنية لا تقع على عاتق العامل عن الأخطاء التي يرتكبها أثناء قيامه بتأدية أعمال وظيفته إلا عندما يكون الفعل أو الإهمال الواقع منه إيجاباً أو سلباً مما يصدق عليه وصف الخطأ الشخصي، الذي يقع تبعاته على عاتقه.
وبتطبيق ما تقدم على الوقائع المعروضة في ضوء التحقيق الذي أجرته المراقبة العامة للشئون القانونية بالوزارة يبين أن السيد.... بوصفه المهندس المختص بأعمال الرسم وتوقيع المناطق على الخرائط بمراقبة المناجم قد ثبت إهماله وعدم دقته في عمله حيث أدلى في 16 من مارس سنة 1963 ببيان غير صحيح عن منطقة الطينة الدياتومية بالكيلو 66 بطريق مصر - الفيوم، إذ أقر كتابة بخلو هذه المنطقة من التراخيص للغير مما أدى إلى إشهار مزايدة عنها ألغيت بعد ذلك عندما تبين عدم خلوها وأنها مشغولة بالعقد رقم 131 المصرح به لشركة الطوب الرملي، حالة كون مثل هذا البيان مما يدخل في حدود الواجبات الوظيفية الأولى للعامل المذكور ويعتبر من صميم اختصاصه، وكون الخطأ فيه ينطوي على إخلال جسيم بهذه الواجبات بوصفه خطأ في تحري الواقع وفي تقريره لا عذر له فيه وليس خطأ في التقدير مما يمكن اغتفاره بسبب احتمال اختلاف وجه الرأي في شأنه وغني عن البيان أن تقرير الواقع أمر يمكن أن يناط به أي عامل متوسط الكفاية وعندئذ تلزمه الدقة فيه وتوخي الصحة في إيراده وإلا كان مسئولاً عن أي تفريط في ذلك طالما أن هذا التقرير يدخل في حدود اختصاصه هذا إلى أن الخطأ الذي من هذا القبيل إن هو في صحيح تكييفه إلا صورة من صور عدم تقدير المسئولية في دراسة المشروعات الجديدة تنطوي على انحرافه في أداء الواجب ضار بالمصلحة العامة - وهو في الخصوصية المعروضة واقع من موظف لم يقدر المسئولية في دراسة موضوع أحيل عليه مع أنه هو المستحوذ على عناصره المطلع عليها الذي كان يجب بحكم اختصاصه أن يكون ملماً بكل وقائعه وتفاصيله والذي يترتب على ما يبديه فيه من بيان إبرام عقد مع إحدى الشركات لاستغلال منطقة وفقاً لأحكام القانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر، وهو عقد لو أبرم لجاوزت الأضرار التي كانت لتصيب المصلحة منه تبديد الوقت والجهد الذي بذلته اللجان التي انعقدت للإشهار عن هذه المنطقة والبت في مزايدة استغلالها والنشر عنها في الصحف اليومية إلى مطالبة مصلحة المناجم والوقود بالتعويض سواء من الشركة التي سبق أن تعاقدت على المنطقة المذكورة أو من تلك التي كان سيرسو عليها مزاد استغلالها مرة أخرى بسبب الخطأ في البيان الذي أدلى به الموظف المسئول عن ذلك.
هذا ولا تملك الإدارة بتخفيف الجزاء الإداري أو بسحبه إعفاء مرتكب المخالفة من المسئولية المدنية عن فعله الخاطئ لأنها بذلك إنما تنزل عن مال من أموال الدولة ومثل هذا النزول لا يجوز إلا بالشروط التي نص عليها القانون رقم 29 لسنة 1958 بشأن التصرف بالمجان في أموال الدولة وهو الذي يتطلب في التنازل عن هذه الأموال أن يكون بقصد تحقيق غرض ذي نفع عام، ولا يتحقق وجه النفع العام في إعفاء الموظف من المسئولية المدنية الناجمة عن تقصيره في أداء واجبات وظيفته.
وتأسيساً على ما تقدم فإن الخطأ الذي وقع من المهندس المذكور هو خطأ شخصي بحسب ما يؤخذ من الظروف التي ارتكبت فيها وما هو ثابت من التحقيق الذي أجرته المراقبة العامة للشئون القانونية بوزارة الصناعة، ومن ثم فإن تبعته المدنية تقع على عاتق العامل المذكور شخصياً ويسأل عنه في ماله الخاص.
لذلك انتهى الرأي إلى أن خطأ السيد المذكور على ما سلف بيانه هو خطأ شخصي يسأل عنه في ماله الخاص بقيمة الضرر الذي نتج عنه.