مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر سبتمبر سنة 1966) - صـ 328

(فتوى رقم 735 ملف رقم 86/ 4/ 371 في 21/ 7/ 1966)
(113)
جلسة 29 من يونيه سنة 1966

تقادم - تثبيت - مكافأة نهاية الخدمة - تثبيت بعض موظفي السكك الحديدية وفقاً لقانون المعاشات والتزامهم بأداء متجمد احتياطي عن مدد خدمتهم المحسوبة في المعاش - صدور قرار مجلس الوزراء الصادر في 16/ 9/ 1947 بالتجاوز عن استرداد نصف الفرق بين المكافأة بحسب لائحة السكك الحديد والمكافأة بحسب قانون المعاشات واستبعاده من متجمد الاحتياطي المستحق على العامل على أن تتحمل به مصلحة السكك الحديدية - أثر هذا القرار هو مجرد عملية مقاصة بين دينين أولهما مستحق للوزارة قبل الموظف يتمثل في متجمد الاحتياطي المستحق عليه والثاني مستحق للموظف قبل الوزارة يتمثل فيما تؤديه السكك الحديدية لحسابه من نصف الفرق بين المكافأتين - لا يترتب على هذه المقاصة إدماج الالتزامين أو القضاء على استقلالهما - أثر ذلك أنه إذا وفى العامل احتياطي المعاش كاملاً لا ينشأ له حق في استرداد الفروق إلا من تاريخ أداء هيئة السكك الحديدية لالتزامها - ابتداء ميعاد التقادم بالنسبة إلى استرداد هذه الفروق من هذا التاريخ وليس من تاريخ أسبق.
إنه في 9 من سبتمبر سنة 1947 قدمت اللجنة المالية إلى مجلس الوزراء مذكرة تضمنت أن طبيعة العمل بمصلحة السكك الحديدية وظروفه الشاقة قضت بأن تسن لائحة خاصة لمكافآت موظفيها الخارجين عن هيئة العمال تبلغ المكافأة التي تمنح طبقاً لها 42 شهراً، في حين أن مكافأة موظفي المصالح الأخرى لم تكن تجاوز ماهية 12 شهراً وبمناسبة تثبيت بعض موظفي السكك الحديدية وفقاً لقانون المعاشات استحق عليهم متجمد احتياطي عن مدد خدمتهم التي حسبت لهم في المعاش بلغ مئات الجنيهات. فطلبت وزارة الخزانة منهم سداده إما دفعة واحدة وإما خصمه من ماهياتهم على أقساط مدى الحياة، ولما كانت هذه الأقساط من الضخامة بحيث لا تتحملها مرتباتهم فقد شكا هؤلاء الموظفون من ذلك الخصم.. وطلبوا حساب الفرق بين المكافأة المستحقة لكل منهم بحسب لائحة السكة الحديد والمكافأة المستحقة له وفقاً لقانون المعاشات من أصل متجمد الاحتياطي، على أن يقسط الباقي لمدى الحياة إذا بقى عليهم شيء.
وقد رأت اللجنة المالية - في ختام مذكرتها - الموافقة على التجاوز عن استرداد نصف الفرق بين المكافأة بحسب لائحة السكة الحديد والمكافأة بحسب قانون المعاشات واستبعاد هذا الجزء المتجاوز عنه من متجمد الاحتياطي بحيث يخفف عبء أقساطه عن كاهل هؤلاء الموظفين على أن تتحمل مصلحة السكك الحديدية النصف المتجاوز عنه بالخصم على ميزانيتها. وقد وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 16 من سبتمبر سنة 1947 على رأي اللجنة المالية الوارد بهذه المذكرة.
ويبين مما تقدم أن ثمت التزامين مستقل كل منهما عن الآخر ومختلف في أساسه وأطرافه ومقداره وطريقة الوفاء به، (أولهما) الالتزام بأداء متجمد احتياطي المعاش عن مدة الخدمة السابقة على التثبيت، وهذا الالتزام أساسه قوانين المعاشات ويقع على عاتق العاملين بالسكك الحديدية قبل الخزانة العامة (الإدارة العامة للمعاشات) وحدد مقداره وفقاً لقواعد حساب مدد الخدمة السابقة وتقرر طريقة الوفاء به وفقاً لاختيار الموظف سواء دفعة واحدة أو على أقساط لمدى الحياة، (وثانيهما) الالتزام بأداء نصف الفرق بين المكافأتين، وهذا الالتزام أساسه الحق المكتسب لموظفي السكك الحديدية في المكافآت التي قررت بلائحتهم وبمقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 المشار إليه وتتحمل به السكك الحديدية قبل موظفيها ويحدد مقداره على أساس الفرق بين المكافأة المقررة بقانون المعاشات، والمكافأة المنصوص عليها في لائحة مكافآت السكك الحديد، وتؤديه هيئة السكك الحديدية إلى وزارة الخزانة لحساب الموظف.
وإذا كان قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 قد ألزم السكك الحديدية بأن تؤدي نصف الفرق بين المكافأتين لوزارة الخزانة لخصمه من متجمد الاحتياطي المستحق على الموظف، فليس معنى هذا أنه أدمج الالتزامين معاً أو قضى على استقلالهما أو أنه أعفى الموظف من التزامه قبل إدارة المعاشات، بل لا يعدو الأمر أن يكون عملية مقاصة بين دينين، دين مستحق لوزارة الخزانة قبل الموظف يتمثل في متجمد الاحتياطي المستحق عليه، ودين مستحق للموظف قبل الوزارة يتمثل فيما تؤديه هيئة السكك الحديدية لحسابه من نصف الفرق بين المكافأتين. وتلتزم وزارة الخزانة بإجراء المقاصة بين هذين الدينين بحيث يبقى لكل من الالتزامين مع ذلك استقلاله من حيث طبيعته ومقداره وأطرافه وطريقة أدائه، وتترتب على هذه المقاصة آثارها القانونية على أنه إذا امتنعت هيئة السكك الحديدية عن الوفاء بالتزامها أو تراخت في أدائه أو سقط حق الموظف قبلها في نصف الفرق بين المكافأتين لأي سبب من الأسباب لم يكن له أن يمتنع عن الوفاء بالتزامه أو بأي جزء منه قبل إدارة المعاشات تمسكاً بحقه قبل هيئة السكك الحديدية، ولم يكن بالمثل لإدارة المعاشات أن تطالب الهيئة بالوفاء بالتزام ليست طرفاً فيه.
ومن ثم فإن ما قام العامل المعروض حالته بوفائه من أقساط احتياطي المعاش حتى تاريخ أداء هيئة السكك الحديدية لالتزامها، يعد وفاء صحيحاً لما هو مستحق عليه. ولا حجة في القول بأنه وفى جزءاً منه بغير حق، إذ أنه كان ملتزماً قبل إدارة المعاشات - على ما سلف بيانه - بأداء احتياطي المعاش كاملاً، ولم يكن له أن يمتنع عن الوفاء به أو بجزء منه، ولم ينشأ له حق في استرداد الفروق موضوع البحث إلا من تاريخ أداء هيئة السكك الحديدية لالتزامها وهو التاريخ الذي حق له ابتداء منه مطالبة إدارة المعاشات برد هذه الفروق إليه بعد إجراء التسوية اللازمة.
وتأسيساً على ما تقدم، فإن الالتزام برد الفروق المشار إليها بوصفه وارداً على جزء من نصف الفرق بين المكافأتين الذي وفته هيئة السكك الحديدية لإدارة المعاشات في 6 من إبريل سنة 1964 وليس على أقساط احتياطي معاش أديت بغير وجه حق إنما يخضع بهذه المثابة للتقادم الطويل المنصوص عليه في المادة 374 من القانون المدني والذي يبدأ جريانه من تاريخ استحقاق المبلغ المذكور، وهيئة السكك الحديدية هي الجهة التي كان لها أن تتمسك بهذا التقادم وهو ما لا محل لإثارته أو بحثه بعد إذ وفت بالتزامها في 6 من إبريل سنة 1964 وأدته باختيارها.
وواقع الأمر في الخصوصية المعروضة أن هذا المبلغ، منذ أن أدته الهيئة إلى إدارة المعاشات لحساب العامل المذكور، وهو الوقت الذي نشأ له منه الحق في استرداد ما زاد من المبلغ المذكور على مطلوب إدارة المعاشات. لم يلحقه تقادم استرداد ما دفع بغير حق.