مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية للقسم الاستشارى للفتوى والتشريع
السنة الثالثة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1968 الى آخر سبتمبر سنة 1969) - صـ 34

(فتوى رقم 1019 بتاريخ 12 من نوفمبر سنة 1968 ملف رقم 86/ 2/ 131)
(13)
جلسة 6 من نوفمبر سنة 1968

عاملون مدنيون بالدولة - مخالفات تأديبية - عدم امكان حصر كافة المخالفات التأديبية مقدما بخلاف الجرائم الجنائية - مع ذلك فانه مما يؤكد مبدأ المشروعية تحديد المخالفات التأديبية وعقوباتها كلما أمكن ذلك بنصوص صريحة - مشروعية اصدار لائحة للجزاءات متضمنة المخالفات التأديبية والعقوبات المقررة لكل منها - أساس ذلك نص المادة 63 من نظام العاملين المدنين بالدولة الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1964 - لائحة الجزاءات ليس من شأنها أن تصادر السلطة التقديرية للسلطة التأديبية كلية وكذلك فان هذه اللائحة لا تقيد المحكمة التأديبية وانما يقتصر وجه الزامها على السلطة الادارية.
انه ولئن كان الخطأ التأديبى وفقا لنص المادة 59 من قانون نظام العاملين المدنيين رقم 46 لسنة 1964 هو مخالفة الواجبات المنصوص عليها فى هذا القانون أو الخروج على مقتضى الواجب فى أعمال الوظيفة أو الظهور بمظهر من شأنه الاخلال بكرامتها، ومن الواجبات الوظيفية ما يرد فى القوانين المختلفة مثل قانون العقوبات وقانون المناقصات والمزايدات ومنها ما يرد فى اللوائح المالية والتنفيذية والقرارات الجمهورية والوزارية والمنشورات والتعليمات، كما أن للوظيفة مقتضيات أخرى تفرضها طبيعتها ولا ترد فى نصوص صريحة، ومن ثم فان الاخطاء التأديبية التى تتحقق عند مخالفة هذه الواجبات لا يمكن حصرها مقدما بخلاف الجرائم الجنائية التى تهيمن عليها قاعدة انه لا جريمة ولا عقوبة بغير نص يحددهما سلفا.
لئن كان الامر كذلك الا أن تحديد المخالفات التأديبية وعقوباتها كلما أمكن ذلك بنصوص صريحة هو أمر يؤكد مبدأ المشروعية وأن من مقتضيات هذا المبدأ فى نطاق التجريم أن يحاط الفرد مقدما بالاوامر والنواهى التى يترتب على مخالفتها انزال العقاب به وأن يحاط بمقدار العقوبة حتى يكون على بينة مما ارتكب، ويحقق اصدار هذه اللائحة فضلا عن ذلك وحدة العقاب وعدم تناقضه أو تفاوته تفاوتا يذهب بهذه الوحدة كما يمنع المغالاة فى العقوبة وليس مؤدى اصدار هذه اللائحة جمود التشريع التأديبى وتخلفه عن الاحاطة سلفا بكافة ما تتمخض عنه ظروف العمل الادارى من أمور تستأهل العقاب، ذلك أن مشروع اللائحة الذى أعدته وزارة التربية والتعليم انما يورد بعض المخالفات التى تتكرر من العاملين فى الجهاز الادارى للدولة أو فى وزارة من الوزارات، ويبقى للسلطة الادارية تحريم ما عدا ذلك من أفعال كما تسترد حقها فى تقدير ما يناسبها من الجزاء بحسب تقديرها لدرجة جسامة هذه الأفعال وما تستأهله من جزاء فى حدود النصاب القانونى المقرر لها، ولها أن تستهدى فى ذلك بالعقوبات المقررة للافعال المشابهة والواردة فى اللائحة ومن ثم لا تتهيأ للعاملين فرص الافلات من العقاب فى الاحوال التى لا يكون منصوصا فيها على الجرائم التى يرتكبونها وهو الامر الواضح فى نص المادة الاولى من مشروع القرار الوزارى باصدار اللائحة والذى يقضى بأنه وذلك مع عدم الاخلال بحق الجهة الادارية فى توقيع الجزاءات عن المخالفات التى لم يرد ذكرها فى اللائحة.
وآية مشروعية اصدار هذه اللائحة أن الفقرة الاولى من المادة 63 من قانون نظام العاملين المدنيين نصت على وجوب أن يستند اليها القرار الصادر بتوقيع العقوبة وهى بصدد تحديد سلطة وكيل الوزارة أو رئيس المصلحة فى توقيع العقاب التأديبى فيما قضت به من "ويكون القرار الصادر بتوقيع العقوبة مسببا وذلك وفقا للوائح التى يصدرها الوزير المختص".
ثم استطردت الفقرة الثانية من هذه المادة فنصت على أنه "وتتضمن لائحة الجزاءات تحديد الرؤساء الذين يجوز تفويضهم فى توقيع العقوبات المشار اليها فى الفقرة السابقة" ومفهوم هذين النصين أنه يتعين أن تتضمن للائحة الجزاءات فضلا عن الاحكام الموضوعية المتعلقة بالمخالفات المحددة لها والتى يتعين أن يكون القرار الصادر بتوقيع العقوبة صادرا وفقا لها طبقا لاحكام الفقرة الاولى، أن تتضمن تحديد الرؤساء الذين يجوز تفويضهم فى توقيع العقوبات.
واللائحة بعد ذلك انما تضع حدا أقصى للعقاب بحيث يكون للجهة الادارية تقدير ظروف كل مخالفة والآثار المترتبة عليها بأن يتراوح تقديرها للعقوبة بين الاعفاء من العقاب كلية أو توقيع احدى العقوبات التى نص عليها المشروع حتى الحد الاقصى المقرر فى اللائحة فهى لا تصادر السلطة التقديرية للسلطة التأديبية كلية، ومن المفهوم أيضا أنها لا تقيد المحكمة التأديبية وانما يقتصر وجه الزامها على السلطة الادارية.
لهذا انتهى رأى الجمعية العمومية الى أنه ليس ثمة ما يمنع من اصدار لائحة جزاءات للعاملين بوزارة التربية والتعليم متضمنة بيان المخالفات التأديبية والعقوبات المقررة لكل منها.