مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية للقسم الاستشارى للفتوى والتشريع
السنة الثالثة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1968 الى آخر سبتمبر سنة 1969) - صـ 61

(فتوى رقم 1126 بتاريخ 10 من ديسمبر سنة 1968 ملف رقم 32/ 2/ 213)
(23)
جلسة 4 من ديسمبر سنة 1968

مسئولية - تعويض - المادتان 174، 178 من القانون المدنى - مسئولية المتبوع عن أعمال التابع - مسئولية بلدية القاهرة باعتبارها حارسة على سيارة أوتوبيس صدمت سيارة تابعة لوزارة الرى عن تعويض الضرر الذى أصاب وزارة الرى - لا يعفيها من هذه المسئولية أن الضرر الذى أصاب وزارة الرى نشأ عن خطأ سائق سيارة الاوتوبيس - أساس ذلك أن هذا السائق كان تابعا للبلدية وقت وقوع الحادث وكذلك السيارة الاوتوبيس التى وقع منها الحادث - كما لا يعفيها من هذه المسئولية أن لهذا السائق أن يدفع بسقوط الحق فى مطالبته بالتعويض بالتقادم استنادا الى المادة 172 من القانون المدنى - أساس ذلك أن مسئولية بلدية القاهرة قبل وزارة الرى عن تعويض الضرر مسئولية أصلية مصدرها خطأ مفترض نص عليه القانون.
ان المادة 174 من القانون المدنى تنص على أن:
1 - يكون المتبوع مسئولا عن الضرر الذى يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعا منه فى حال تأدية وظيفته أو بسببها.
2 - وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع حرا فى اختيار تابعه، متى كانت له عليه سلطة فعلية فى رقابته وفى توجيهه.
ومن حيث أن المادة 178 من القانون المدنى تنص على أن كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولا عما تحدثه هذه الاشياء من ضرر ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبى لا يد له فيه، هذا مع عدم الاخلال بما يرد فى ذلك من أحكام خاصة.
ومن حيث أنه طبقا لما قضت به محكمة النقض بجلستها المنعقدة فى 25 مارس سنة 1965 فى الطعن رقم 285 لسنة 30 قضائية فان حارس الاشياء الذى يفترض الخطأ فى جانبه على مقتضى نص المادة 187 من القانون المدنى هو ذلك الشخص الطبيعى أو المعنوى الذى تكون له السلطة الفعلية على الشئ قصدا واستقلالا، ولا تنتقل الحراسة منه الى تابعه المنوط به استعمال الشئ، لانه وان كان للتابع السيطرة المادية على الشئ وقت استعماله، الا أنه اذ يعمل لحساب متبوعه ولمصلحته ويأتمر بأوامر ويتلقى تعليماته منه، فانه يكون خاضعا للمتبوع مما يفقده العنصر المعنوى للحراسة ويجعل المتبوع وحده هو الحارس على الشئ كما لو كان هو الذى يستعمله، ذلك أن العبرة فى قيام الحراسة الموجبة للمسئولية على أساس الخطأ المفترض هو بسيطرة الشخص على الشئ سيطرة فعلية لحساب نفسه وقد رتبت محكمة النقض على هذا المبدأ أنه "اذا كانت الوزارة الطاعنة هى المالكة للطائرة وقد أعدتها لتدريب طلبة كلية الطيران وعهدت الى مورث المطعون ضدها وهو تابعها بمهمة تدريبهم واختيارهم وأنه فى يوم الحادث حلق بها مصطحبا أحد الطلبة لاختباره، فسقطت به ولقى مصرعه فان الحراسة على الطائرة تكون وقت وقوع الحادث معقودة للطاعنة (الوزارة) باعتبارها صاحبة السيطرة الفعلية عليها ولم تنتقل لمورث المطعون ضدها، وبالتالى تكون الطاعنة مسئولة عن الضرر الذى لحق به مسئولية مبنية على خطأ مفترض طبقا للمادة 178 من القانون المدنى ولا تنتفى عنها هذه المسئولية الا اذا ثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبى لا يد لها فيه". "وأنه يشترط أن يكون السبب الذى تسوقه لدفع مسئوليتها محددا لا تجهيل فيه ولا ابهام سواء أكان ممثلا فى قوة قاهرة أم حادث فجائى أم خطأ المصاب أم خطأ الغير".
ومن حيث أنه على هدى هذه المبادئ التى قضت بها محكمة النقض فان بلدية القاهرة باعتبارها حارسة على سيارة الاوتوبيس التى صدمت سيارة وزارة الرى وأحدثت بها الاضرار المشار اليها تكون مسئولة عن تعويض الضرر الذى أصاب وزارة الرى ولا يعفيها من هذه المسئولية أن يكون الضرر الذى أصاب وزارة الرى ناشئا عن خطأ سائق سيارة الاوتوبيس ذلك أن هذا السائق كان تابعا لبلدية القاهرة حين وقوع الحادث وكذلك السيارة الاوتوبيس التى وقع منها الحادث فهى مسئولة عنه بصفة أصلية طبقا لما تقضى به المادة 174 من القانون المدنى سالفة الذكر.
ومن حيث وانه وان كان من الممكن أن يدفع سائق الاوتوبيس التابع لها بسقوط الحق فى مطالبته بالتعويض بانقضاء أكثر من ثلاث سنوات من اليوم الذى علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه وبالفصل نهائيا فى قضية المخالفة التى أدين فيها عن هذا الحادث وذلك استنادا الى المادة 172 من القانون المدنى فلا تستطيع البلدية فى هذه الحالة أن ترجع عليه بما تدفعه لوزارة الرى تعويضا عن الضرر فان هذا لا يعفى البلدية من المسئولية عن الحادث ولا يغير من الامر شيئا ما سبق أن انتهت اليه الجمعية العمومية للقسم الاستشارى بجلستها المنعقدة فى 4 يناير سنة 1961 من عدم سريان التقادم بين الجهات الحكومية والاشخاص المعنوية العامة التى لا تكون المطالبات بينها عن طريق الدعاوى أمام جهات القضاء فان مسئولية البلدية قبل وزارة الرى عن تعويض الضرر تبقى قائمة لا تنفك عنها اذ هى مسئولية أصلية مصدرها خطأ مفترض نص عليه القانون.
لهذا انتهى رأى الجمعية العمومية الى أن بلدية القاهرة ملزمة قبل وزارة الرى بقيمة اصلاح السيارة التابعة للوزارة من الاضرار التى حدثت لها نتيجة لمصادمة السيارة الاوتوبيس التابعة للبلدية.