مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية للقسم الاستشارى للفتوى والتشريع
السنة الثالثة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1968 الى آخر سبتمبر سنة 1969) - صـ 91

(فتوى رقم 85 بتاريخ 25 من يناير سنة 1969 - ملف رقم 32/ 2/ 215)
(34)
جلسة 12 من يناير سنة 1969

( أ ) مسئولية - تعويض - المادتان 174، 178 من القانون المدنى - مسئولية المتبوع عن أعمال التابع - مسئولية الهيئة العامة لنقل الركاب بالاسكندرية باعتبارها حارسة على "سيارة أوتوبيس" عن تعويض الضرر الذى أصاب الهيئة العامة للبريد نتيجة اصطدام سيارة الاوتوبيس بموتوسيكل تابع للهيئة العامة للبريد - لا يعفيها من هذه المسئولية أن يكون الضرر ناشئا عن خطأ سائق السيارة - أساس ذلك أن هذا السائق كان تابعا لها وقت الحادث وكذلك السيارة التى وقع منها الحادث.
(ب) تقادم - المادة 172 من القانون المدنى - لا يجوز للهيئة العامة لنقل الركاب بالاسكندرية أن تدفع مسئوليتها عن تعويض الضرر الذى أصاب الهيئة العامة للبريد بالتقادم - أساس ذلك أن التقادم لا يسرى بين الجهات الحكومية والهيئات العامة التى لا تكون المطالبات بينها عن طريق الدعاوى أمام جهات القضاء [(1)].
1 - بتاريخ 24 من يوليو سنة 1963 صدمت سيارة الاوتوبيس رقم 322 خط 33 قيادة السائق ياقوت ابراهيم موسى موتوسيكل رقم 361 بريد قيادة السائق محروس محمد حسن مما أدى الى اصابة الاخير واحداث تلفيات بموتوسيكل هيئة البريد بلغت تكاليف اصلاحها 75.073 ملجـ، وقد سائق الهيئة العامة لنقل الركاب بالاسكندرية للمحاكمة الجنائية فى الجنحة رقم 6203 لسنة 1963 جنح باب شرقى حيث قضت المحكمة بتغريم السائق المذكور خمسة جنيهات وبالزامه بأن يدفع للمدعى المدنى مبلغ قرش صاغ تعويضا مؤقتا وتأيد الحكم استئنافيا بجلسة 10 يناير 1965 فى الاستئناف رقم 4268 لسنة 1964.
وبمطالبة هيئة النقل العام لمدينة الاسكندرية بقيمة اصلاح التلفيات التى لحقت بموتوسيكل هيئة البريد أحالت الموضوع الى شركة الشرق للتأمين التى دفعت بأن حق الهيئة فى المطالبة بقيمة التعويض قد سقط بمضى ثلاث سنوات اعمالا لحكم المادة 172 من القانون المدنى.
ومن حيث أن المادة 174 من القانون المدنى تنص على أن:
1 - يكون المتبوع مسئولا عن الضرر الذى يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعا منه فى حال تأدية وظيفته أو بسببها.
2 - وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع حرا فى اختيار تابعه متى كانت له عليه سلطة فعلية فى رقابته وفى توجيهه.
كما أن المادة 178 من القانون المدنى تنص على أن كل من تولى حراسة أشياء يتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولا عما تحدثه هذه الاشياء من ضرر ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبى لا يد له فيه هذا مع عدم الاخلال بما يرد فى ذلك من أحكام خاصة.
ومن حيث أنه طبقا لما قضت به محكمة النقض بجلستها المنعقدة فى 25 مارس سنة 1965 فى الطعن رقم 285 لسنة 30 قضائية فان حارس الاشياء الذى يفترض الخطأ فى جانبه على مقتضى نص المادة 178 من القانون المدنى هو ذلك الشخص الطبيعى أو المعنوى الذى تكون له السلطة الفعلية على الشئ قصدا واستقلالا ولا تنتقل الحراسة منه الى تابعه المنوط به استعمال الشئ لانه وان كان للتابع السيطرة المادية على الشئ وقت استعماله، الا أنه اذ يعمل لحساب متبوعه ولمصلحته ويأتمر بأوامره ويتلقى تعليماته منه، فانه يكون خاضعا للمتبوع مما يفقده العنصر المعنوى للحراسة ويجعل المتبوع وحده هو الحارس على الشئ كما لو كان هو الذى يستعمله، ذلك أن العبرة فى قيام الحراسة الموجبة للمسئولية على أساس الخطأ المفترض هو بسيطرة الشخص على الشئ سيطرة فعلية لحساب نفسه وقد رتبت محكمة النقض على هذا المبدأ أنه "اذا كانت الوزارة الطاعنة هى المالكة للطائرة وقد أعدتها لتدريب طلبة كلية الطيران وعهدت الى مورث المطعون ضدها وهو تابعها بمهمة تدريبهم واختيارهم وانه فى يوم الحادث حلق بها مصطحبا أحد الطلبة لاختباره فسقطت بهما ولقيا مصرعهما فان الحراسة على الطائرة تكون وقت وقوع الحادث معقودة للطاعن (الوزارة) باعتبارها صاحبة السيطرة الفعلية عليها ولم تنتقل لمورث المطعون ضدها، وبالتالى تكون الطاعنة مسئولة عن الضرر الذى لحق به مسئولية مبنية على خطأ مفترض وطبقا للمادة 178 من القانون المدنى....".
ومن حيث أنه على هدى هذه المبادئ التى قضت بها محكمة النقض، فان الهيئة العامة لنقل الركاب بالاسكندرية باعتبارها حارسة على سيارة الاوتوبيس التى صدمت موتوسيكل هيئة البريد وأحدثت به الاضرار المشار اليها تكون مسئولة عن تعويض الضرر الذى أصاب الهيئة العامة للبريد ولا يعفيها من هذه المسئولية أن يكون الضرر ناشئا عن خطأ سيارة الاوتوبيس ذلك أن هذا السائق كان تابعا لها حين وقوع الحادث وكذلك السيارة الاوتوبيس التى وقع منها الحادث فهى مسئولة عنه بصفة أصلية طبقا لما قضت به المادة 178 من القانون المدنى وذلك فضلا عن مسئوليتها عن خطأ تابعها طبقا للمادة 174 من القانون المدنى.
2 - ومن حيث أنه ولئن كانت المادة 172 من القانون المدنى تنص على أن "تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذى علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه، وتسقط هذه الدعوى فى كل حال بمضى خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع ولئن كان لسائق الاوتوبيس التابع لهيئة النقل العام لمدينة الاسكندرية أو لشركة التأمين أن تتمسك بهذا التقادم، الا أن هذا التقادم لا يسرى بين الجهات الحكومية والهيئات العامة التى لا تكون المطالبات بينها عن طريق الدعاوى أمام جهات القضاء وفقا لما سبق أن انتهت اليه الجمعية العمومية للقسم الاستشارى للفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة فى 4 من يناير سنة 1961.
ومن ثم فلا يجوز للهيئة العامة لنقل الركاب بالاسكندرية أن تدفع مسئوليتها عن تعويض الضرر الذى أصاب هيئة البريد من جراء هذا الحادث بالتقادم.
أما بالنسبة لتمسك شركة الشرق للتأمين بالتقادم الثلاثى فان الثابت من الاوراق أن قضية الجنحة رقم 6203 لسنة 1963 قضى فيها بتغريم ياقوت ابراهيم موسى سائق السيارة التابع للهيئة العامة لنقل الركاب بالاسكندرية بغرامة قدرها خمسة جنيهات وبتعويض مؤقت قدره قرش صاغ وتأيد هذا الحكم استئنافيا فى الاستئناف رقم 4268 لسنة 1964 بجلسة 10 من يناير سنة 1965 فانه فضلا عن أن وقائع دعوى التعويض ليست معروضة على الجمعية العمومية فان المنازعة بين شركة التأمين وبين الهيئة العامة للبريد والنقل العام وما دفعت به الشركة المذكورة بسقوط الدعوى بالنسبة لها بالتقادم الثلاثى فانها تخرج عن اختصاص الجمعية العمومية للقسم الاستشارى بمجلس الدولة المنصوص عليها فى المادة 47 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 فلا محل للتعرض له وتدخل هذه المنازعة فى اختصاص لجان التحكيم طبقا للقانون رقم 32 لسنة 1966.
لهذا انتهى رأى الجمعية العمومية الى أن الهيئة العامة لنقل الركاب بالاسكندرية ملزمة بقيمة اصلاح الاضرار التى لحقت بالموتوسيكل التابع لهيئة البريد نتيجة لمصادمة سيارة الاوتوبيس التابع للهيئة العامة لنقل الركاب بالاسكندرية، ولا يغير من ذلك تمسك شركة الشرق للتأمين بالتقادم الثلاثى ان كان له وجه.


[(1)] أيدت الجمعية العمومية بهذا الرأى فتواها السابقة الصادرة بجلستها المنعقدة فى 4 من يناير سنة 1961، المجموعة، السنتان الرابعة عشرة والخامسة عشرة، قاعدة رقم 188، ص 376.