المكتب الفنى - مجموعة مجلس الدولة لفتاوى قسم الرأى
السنوات الثلاث الأولى (سبتمبر 1946 - سبتمبر 1949) - صـ 91

(فتوى رقم 2 - 4 - 3 - 3 فى 9 ديسمبر سنة 1947)
(53)

سودان - جنسية سودانية
لا توجد جنسية معينة يمكن أن تكتسبها الأجنبية التى تتزوج شخصا من أهالى السودان.
أن مسائل الجنسية من المسائل المتعلقة بسيادة كل دولة إذ أن تحديد المتصفين بتلك الجنسية يقصد منه إعطاء صفة الرعوية للأشخاص التابعين للدولة والموجودين تحت حمايتها وأن إيجاد شخصية دولية من أى نوع كان للسودان أمر لم يتقرر وقد جرت مصر دائما على إعتبار السودان جزءا منها ولم توافق على إعتباره وحده مستقلة عنها.
وإذا كان الوفاق الذى أبرم بين مصر وبريطانيا فى سنة 1899 بشأن إدارة السودان فى المستقبل قد تولت المادة الأولى منه تحديد المقصود من لفظ السودان فانه لم يحدد من يعتبر سودانيا والواقع أن مثل هذا الوفاق باعتباره قاصرا على موضوع الادارة ما كان له أن يتعرض لمسائل الجنسية باعتبارها مسألة متعلقة بالسيادة وقد تأكد هذا المعنى فى الفقرة الثانية من المادة 11 من المعاهدة المصرية الانجليزية التى سبق أن أبرمت فى سنة 1936 الخاصة بعدم المساس بموضوع السيادة على السودان.
وينبنى على ما تقدم عدم إمكان القول بوجود جنسية سودانية على أنه إذا كانت المسائل المتعلقة بتحسين إدارة حكومة السودان قد تستلزم تحديد صفة السودانى للاستفادة من تشريع معين أو للخضوع لتشريع خاص فان تلك الشروط يكون محلها ذلك التشريع المتعلق بالادارة المحلية للسودان كحالة شرط التوظف أو حالة الاشتراك فى انتخاب.
وعلى كل حال فانه عند وضع مثل هذه الشروط إنما يعتبر أثرها قاصرا على النطاق الداخلى للسودان دون أن يترتب عليها أثر ما فى خارج ذلك.
كما يلاحظ أن الجنسية المصرية قد نظمها المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 وكان من الممكن أن تمتد أحكامه إلى السودان نظرا لوحدة مصر والسودان إلا أن ترتيب هذا الأثر معلق على صدور منشور من الحاكم العام عملا بالمادة الخامسة من وفاق 19 يناير سنة 1899 التى تنص على أنه لا يسرى على السودان أو على جزء منه شئ من القوانين أو الأوامر العالية أو القرارات الوزارية المصرية التى تصدر من الآن فصاعدا إلا ما يصدر باجرائه منها منشور من الحاكم العام ومثل هذا المنشور لم يصدر إلى الآن.
فتلقاء ما تقدم بيانه نرى أنه لا يمكن القول بوجود جنسية سودانية محددة يصح أن تكتسبها من تتزوج شخصا من أهالى أراضى السودان بحدودها الادارية التى أوضحها وفاق سنة 1899.