المكتب الفنى - مجموعة مجلس الدولة لفتاوى قسم الرأى
السنوات الثلاث الأولى (سبتمبر 1946 - سبتمبر 1949) - صـ 163

(فتوى رقم 676 بتاريخ 26 - 1 - 1948)
(101)

جنسية - أثر الزواج - جوازات مصرية - ترجيح الجنسية المصرية
يجب التمييز بين الزوجية وإثباتها قانونا على أنه يجوز منح جواز سفر مصرى لمن ترجح جنسيتهم المصرية
تقدمت إحدى السيدات الى القنصلية الملكية المصرية بمدينة بون لمنحها وإبنتها جواز سفر مصرى لأنها تزوجت فى مدينة مونيخ الألمانية بتاريخ 1 - 6 - 1944 بأحد المصريين وقد أشارت الوزارة الى أن الحكومة الألمانية لم توافق على زواجه من الطالبة حيث كانت تعده من رعايا الأعداء وأن الزواج الذى تدعيه الطالبة لم يحصل أمام أية جهة رسمية.
والوثيقة التى تشير اليها الطالبة باعتبارها دالة على قيام الزوجية بينها وبين... هى إتفاق محرر فى ألمانيا بواسطة شخص يشير الى أنه من علماء الأزهر وبتوقيع الطالبة وثلاثة شهود فضلا عن توقيع... ويتضمن أن السيدة اعتنقت الدين الاسلامى ونطقت بالشهادتين وإن الزواج بينهما قد تم فى مجلس العقد بإيجاب وقبول من الطرفين على صداق اتفقا عليه بينهما...
وبمراجعة المستندات المقدمة من الطالبة (وهى محررة باللغة الألمانية ومترجمة باللغة العربية نجد من بينها "أولا" شهادة ميلاد الطفلة باعتبارها مولودة فى برن بتاريخ 26 أغسطس سنة 1944 وفى خانة الأب كتب أنظر الأوراق الخاصة بذلك.
أما المستند الثانى فهو وثيقة سفر من ألمانيا "للأجانب" ذكر فيه أن حامل الجواز لا يتمتع بالرعوية الألمانية وقرين خانة الجنسية "مصرية" والصناعة متزوجة ومؤرخ هذا الجواز فى 27 أغسطس سنة 1945.
ووجد من بينها المستند الثالث هو إقرار صحيح من الأب بتاريخ 31 مايو سنة 1944 أمام هانز هيبر المحامى لدى الهيئة الحكومية منطقة مونيخ بأن الانسة س البالغة 23 سنة حامل فى الشهر السابع وانه متأكد من أن أحداً لم يمسها من الرجال غيره... وانه يعترف بذلك لاثبات أبوته للطفلة ليكون ذلك واضحا لا لبس فيه ولا شك ولا غموض كما ذكر فى آخر إقراره الموقع عليه بإمضائه. انه مصرى الجنسية وليس بين آبائه وأجداده يهودى... وهذا الاقرار مصدق عليه رسميا من الجهات المختصة ومبرم بخاتم الريخ.
أما المستند الرابع فهو اعلام شرعى رسمى برقم 300 ثم فى 30 - 10 - 1945 أمام الهيئة المختصة بعقد الزواج مثبتا فيه حضور المحامى المسيو هيرمان فيزنجر مسجل العقود بمدينه مونيخ والمحامى المستر يوهان دريسلى الذى مقر وظيفته مونيخ ويصحبهما أحد المصريين وقد أدى هؤلاء الشهود الثلاثة اليمين على أن الآنسة هى السيدة... وقد قدمت لهم قسيمة الزواج من.. فى أول يونيو سنة 1944 باللغة العربية وقد قام مسجل العقود بعمل صورتين من وثيقة الزواج وسلم إحداها إلى السيدة.. وقرأ مضمون الوثيقة على الحضور ووقعوا أمامه عليها... كما صدق على الامضاءات...
هذا وقد طلبت السيدة... الاستعلام من القنصلية عن موضوعها وقد أشارت الى أنه معروض على مجلس الدولة وذلك نظراً لحالتها الدقيقة الناشئة عن فقدان جنسيتها الألمانية دون اكتساب جنسية زوجها المصرية واصرار السلطات فى المانيا على ضرورة تقديم أوراق قانونية.
ويتضح من كتاب وزير مصر المفوض ببرن والمؤرخ فى 29 يوليو سنة 1947 والموجه الى وزارة الخارجية المصرية برقم 354 ملف 29 - 1 - 2 أن... تزوج من ألمانية الجنس أثناء اقامته فى ألمانيا لتلقى العلم.. وانه قد غادر المانيا مخلفا وراءه الآنسة المذكورة بعد ما أنجب منها نسلا وانها ترغب فى الحصول على أوراق مصرية ولا سيما وان السلطات المحلية فى سويسرا أو سلطات الاحتلال فى المانيا لا تعترف بتذكرة المرور التى سبق صرفها لها من قنصلية برن حتى تبت وزارة الداخلية فى أمرها.
ومن جملة ما سبق يتضح أن هناك بين... والطالبة زواجا صحيحا تقره الشريعة الاسلامية وانما موضع القول هو مدى حجية ذلك الزواج فى الاثبات وهنا يجب أن نميز بين قيام الزوجية فى ذاتها وبين إثبات تلك الزوجية ومدى حجيتها... وبالنسبة للموضوع المعروض يعتبر الزواج قائما بحسب حكم الشرع الاسلامى بإيجاب وقبول صحيحين وهو لازم ونافذ لوجود الشهود والاتفاق على الصداق... أما موضوع مدى حجية تلك الوثيقة فيحتاج بيانه الى ايضاح إذ أن المادة 99 من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 نصت على أنه لا تستمع (عند الانكار) دعوى الزوجية أو الاقرار بها إلا اذا كانت ثابتة بوثيقة رسمية فى الحوادث الواقعة من أول أغسطس سنة 1931...) واذا فالتعرض لمدى رسمية تلك الوثيقة امر من الأهمية بمكان ولا سيما أن المذكور لم ينكر الزواج وانما أنكر حدوثه فى وثيقة رسمية وقد لا يكون ذلك انكار للزوجية فى ذاتها بالمعنى المشار اليه باعتباره لم يقع بوثيقة رسمية بطبيعتها....
ولا مندوحة من القول بأن الزواج قد تحرر فى ألمانيا وقد تم فى وقت كانت العلاقات الدبلوماسية (وكذا التمثيل السياسى والقنصلى) مقطوعة بين المملكة المصرية ودولة الريخ ولم تكن هناك قنصلية مصرية قائمة يمكن أن يعقد فيها الزواج ويسجل فى دفاترها المعدة لذلك.. الا انه يلاحظ أن مثل هذا الزواج يمكن أن يعتبر رسميا أيضا إذ روعيت فيه الشكلية التى يتطلبها القانون الالمانى. وصحيح أنه قد أجرى عمل اشهاد شرعى فى 31 - 10 - 1945 أمام جهة الاختصاص فى ألمانيا بصحة حدوث العقد السالف الذكر غير أنه يلاحظ أن (الزوج) لم يكن ضمن المقرين بما جاء فيه ولا يقطع هذا الاجراء برسمية المحرر الاول. وعلى أية حال فإنه يلاحظ ان (الزوج) أقر بأن الحكومة الألمانية ابت الاعتراف بالزواج لانه من رعايا الاعداء وعلى هذا فيمكن أن يقال انه لم يكن فى الامكان اتباع الاجراءات الشكلية التى يتطلبها القانون.
ويلاحظ أن الحكومة الألمانية قد منحت للطالبة وثيقة سفر أجنبية باعتبارها مصرية فى 17 - 19458... ومن كل ما تقدم يتضح أن السيدة المذكورة فقدت جنسيتها ولم تكتسب الجنسية المصرية على وجه قاطع طالما أن هناك منازعة تحوم حول إثبات الزواج يمكن أن يترك البت فيه للجهات القضائية إلا أنه من ناحية ثانية فإن الأوراق تتضمن إقراراً رسمياً بالبنوة صادراً من المذكور امام جهة الاختصاص فى ألمانيا وذلك الإقرار قاطع فى نسب الحمل المستكن فى بطن السيدة.. ولا نزاع حينئذ فى إعتبار الطفلة المذكورة. (ابنة الطالبه) منسوبة إليه ومن ثم تعتبر بلا منازعة داخلة فى الجنسية المصرية طبقاً للفقرة الأولى من المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929.
وعلى هذا يتضح أن هناك زواجا متنازعا فى إثباته مما يستدعى عدم إمكان الفصل فى جنسية الزوجة والقول بدخولها فى الجنسية تبعاً لذلك وفق المادة 14 من المرسوم بقانون سالف الذكر قبل أن يسبقه فصل صريح من جهة قضائية مختصة.
ولكن يتضح أن هناك طفلة متمتعة بالجنسية المصرية فللطفلة إذن الحق بلا شك فى حمل جواز سفر مصرى كما أن للام كما تقضى بذلك المادة الرابعة فقرة 4 من لائحة جوازات السفر أن تحمل مثل ذلك الجواز باعتبار أنها ممن ترجح جنسيتهم المصرية... على أن للوزارة فى هذه الحالة نظراً للظروف المحيطة بها أن تجعل جواز السفر المذكور مؤقتاً (بالنسبة للام فقط) لمدة تكلف فيها باثبات جنسيتها المصرية على وجه صحيح.