المكتب الفنى - مجموعة مجلس الدولة لفتاوى قسم الرأى
السنوات الثلاث الأولى (سبتمبر 1946 - سبتمبر 1949) - صـ 170

(فتوى رقم 8511 بتاريخ 3 - 11 - 1947)
(104)

رى - ترع وجسور - حضور محامين أمام اللجنة
ليس للمحاميين الحق فى الحضور أمام لجنة الترع والجسور كما لا يشترط القانون أن تكون جلسات هذه اللجنة علنية.
نصت المادة 38 من لائحة الترع والجسور على الآتى:
"تصدر الأحكام لجنة إدارية تشكل من المدير والباشمهندس أو من ينوب عنه وثلاثة من عمد المديرية نفسها تعينهم نظارة الداخلية ويكون حكم تلك اللجنة بأغلبية الآراء.
ولا تقبل أدنى معارضة إذا كان الحكم صادراً بالغرامة فقط وفى حالة صدور الحكم بالحبس يجوز للمحكوم عليه استئناف الحكم أمام لجنة مخصوصة تشكل فى نظارة الداخلية من وكيل هذه الوزارة بصفة رئيس ومن مستشار خديوى ومن مندوب من نظارة الأشغال العمومية ويرفع الإستئناف بأعلان يقدم للمديرية أو المحافظة فى خلال الثلاثة أيام التالية لتاريخ صدور الحكم ولا يقبل إلا إذا أثبت المستأنف عند تقديم الأعلان إنه دفع ما حكم عليه به من الغرامة ومصاريف إعادة الشئ إلى أصله مع حفظ حقه بردها اليه إذا برئت ساحته.
ثم تنص المادة 39 بعد ذلك على الآتى:
"تعد نظارة الداخلية لائحة خصوصية تقرر فيها الإجراءات التى تتبع أمام اللجنة الأدارية واللجنة الخصوصية.
وقد صدر بعد ذلك ثلاث قرارات متتالية تنفيذاً لحكم المادة 39 السالفة الذكر ثم ألغيت جميعها وأستعيض عنها بقرار 15 يوليو سنة 1898 الذى تكفلت المواد 1 و3 منه بالتحدث عن كيفية إثبات المخالفة أما المادتين 4 و5 فقد تكلمتا عن كيفية إعلان المخالف ثم نصت المادة 7 على الآتى: -
"على المتهم أن يحضر بنفسه أمام اللجنة فى اليوم والساعة المفروضة للحضور ولا يجوز له قط أن يحتج بأن الطلب غير مستوفى الأصول المقررة فمجرد حضوره أمام اللجنة يبطل كل احتجاج من هذا القبيل.
ثم تكلمت بعد ذلك المادة 8 عن حق المتهم فى الدفاع فقالت:
"ثم يبدى المتهم ما لديه من أوجه الدفاع عن نفسه ألخ -
ثم قالت المادة 9 إذا حضر المتهم فى الجلسة الأولى ألخ -
وواضح من هذه النصوص أننا لسنا أمام قضاء عادى بل أمام لجنة إدارية خرجت بتشكيلها وبطريقة المحاكمة أمامها على القواعد العادية فأعضاؤها ليسوا من رجال القضاء والإجراءات أمامها تتعارض مع الإجراءات المعترف بها أمام المحاكم فقد حرم المتهم من حق المعارضة إطلاقا وحرم من حق الاستئناف إلا إذا كان الحكم صادراً بالحبس وفى هذه الحالة فرضت عليه أعباء خاصة وهو أن يكون قد دفع ما حكم به عليه من الغرامة ومصاريف إعادة الشئ إلى أصله ومعنى ذلك أننا أمام جهات فصل غير عادية خول لها القانون سلطات استثنائية وشل كثيراً من حقوق المتهمين أمامها بل ألزمهم باتباع اجراءات خاصة كذلك اشترطت المادة 7 من قرار 16 يوليو سنة 1898 حضور المتهم بنفسه وإشتراط حضور المتهم بنفسه فى خروج على القواعد العامة لأن للمتهم أن يحضر بوكيل إذا كان أقصى ما يحكم به عليه هو الغرامة وذلك يتحقق عند محاكمته أمام اللجنة الأدارية للترع والجسور إذا كانت المادة المطبقة هى المادة 35 من اللائحة وأقصى الغرامة فيها مائتا قرش فلا يمكن أن يفهم من إشتراط حضور المتهم بنفسه مع ذلك إلا أن المشرع قد حذف من تقديره جواز الحضور بوكيل.
على أن هذه اللجنة الإدارية ليست هى اللجنة الوحيدة فى نظام قضائنا الغير العادى فهناك لجان أخرى كلجنة خفر جسور النيل ولجان السكك الزراعية ولجنة ابادة الجراد ولجنة الجمارك ولجنة الدخان والتمباك.
وقد نظمت الإجراءات أمام هذه اللجان على وتيرة خاصة تغاير الاجراءات العامة أمام المحاكم العادية واشترط حصور المتهم بنفسه وقد راعاه أيضا الشارع فى المادة 5 من اللائحة الخاصة بالأحكام التى تتبع فى خفر وحفظ الجسور مدة فيضان النيل فى 29 اكتوبر سنة 1899 كما لاحظنا أن اللجنة التى تنعقد للنظر فى هذه المخالفات يصح أن تنعقد على وجه الاستعجال فى الجهة التى وقعت فيها المخالفة أثناء مرور مأمور المركز على جسور النيل).
هذا من جهة اللجنة الادارية وطبيعة المحاكمة أمامها ولكن للموضوع وجه آخر مبعثة حق المحامى فهل كون الشخص محاميا يعطيه الحق فى الحضور أمام أى جهة قضائية عادية كانت أو إستثنائية أم أن حقوق المحاميين قد نظمتها القوانين وفرضت عليهم ازاء ذلك واجبات فلقد نصت المادة 23 من القانون رقم 98 لسنة 1944 الخاص بالمحاماة أمام المحاكم الوطنية تحت الباب الخامس المعنون" "حقوق المحامين وواجباتهم".
"للمحامين دون غيرهم حق الحضور عن الخصوم أمام المحاكم وللمحكمة أن تأذن للمتقاضين فى أن ينيبوا عنهم فى المرافعة أمامها أزواجهم أو اصهارهم أو أشخاصا من ذوى قرباهم لغاية الدرجة الثالثة.
ولا يجوز أن يحضر عن الخصوم أمام محكمة النقض والابرام ويقدم اليها طلبات إلا المحامين المقيد أسماؤهم فى جداولها الخ.
ولو شاء المشرع أن يجعل للمحامى حق الحضور امام تلك اللجان الادارية لنص على ذلك أما عند بيان حقوقه أو عند بيان الاجراءات التى تتبع أمام تلك اللجان وإذا كان قانون المحاماة أمام المحاكم الوطنية قد حظر على بعض المحاميين الحضور أمام بعض المحاكم الوطنية كمحكمة النقض أو محاكم الاستئناف إلا بشروط معينة فكيف يبيح لجميع المحامين الحضور أمام هذه اللجان الادارية دون الاشارة إلى هذا الحق ودون قيد أو شرط.
وهناك من المحاكم ما يمتنع على المحامى الحضور أمامها إلا إذا كان مقيدا بجدول المحامين أمامها كالمحاكم المختلطة أو المحاكم الشرعية.
والذى يؤيد هذا النظر أن الشارع لم يبيح للمحامين الحضور أمام مجالس التأديب وقد استقر الرأى على عدم جواز حضورهم اللهم إلا ما نص عليه بنص صريح كما فعل قانون استقلال القضاء أو قانون هيئات البوليس أو أمام المحاكم العليا التأديبية أو إذا أعطى المحكمة حق تنظيم المرافعات أمامها.
هذا فيما يتعلق بحضور المحامين أمام لجنة الترع والجسور أما فيما يتعلق بانعقادها بصفة علنية فنرى أن العلانية أساس من أسس التقاضى العادى أما فيما يتعلق بما تقضى به اللجان الادارية فهو عمل تغلبت عليه الصبغة الادارية والعلانية قد تتعارض مع طبيعة التصرف الادارى.
من أجل ذلك نرى أنه لا حق للمحامين فى الحضور أمام لجنة الترع والجسور وأن جلسات هذه اللجنة لم يشترط القانون انعقادها بصفة علنية.