المكتب الفنى - مجموعة مجلس الدولة لفتاوى قسم الرأى
السنوات الثلاث الأولى (سبتمبر 1946 - سبتمبر 1949) - صـ 405

(فتوى رقم 353 بتاريخ 12 - 12 - 1947)
(266)

عمل - لجان توفيق وتحكيم - تشكيلها
يجب أن يكون ممثل رب العمل فى لجنة التوفيق والتحكيم أحد موظفيه وأن يكون مندوب العمال من بينهم فاذا ناب عن أحد الفريقين محام كان إجتماعها باطلا.
نصت المادة الأولى من الأمر رقم 229 بشأن لجان التوفيق بين العمال وأصحاب الأعمال الصادر به المرسوم بقانون رقم 102 لسنة 1945 بشأن استمرار العمل ببعض التدابير المتعلقة بالشئون الاجتماعية على ما يأتى.
"تشكل لجان التوفيق بين العمال وأصحاب الأعمال بالمحافظات والمديريات على الوجه الآتى:

المحافظ أو المدير رئيساً
رئيس المحكمة الواقع فى دائرتها النزاع أو قاض تنتدبه وزارة العدل إذا كان النزاع واقعا فى دائرة محكمة جزئية أعضاء
مندوب مصلحة العمل
مندوب صاحب العمل
مندوب الصناعات
مندوبان اثنان عن العمال

وقد صدرت اللائحة التنفيذية لهذا الأمر بالقرار الوزارى الصادر من وزير الشئون الإجتماعية فى 15 ابريل سنة 1943.
ونصت المادة 3 منه على أنه "إذا كانت الشكوى مقدمة من العمال وجب عليهم أن يذكروا بها أسماء من وقع الإختيار عليهم من بينهم لتمثيلهم فى مفاوضات الصلح وعند الإقتضاء فى لجنة التوفيق، على أن يكون عدد هؤلاء المندوبين إثنين بصفة أصلية وإثنين بصفة احتياطية.
أما إذا كانت الشكوى مقدمة من أصحاب العمل فتطلب مصلحة العمل الى العمال أن يختاروا مندوبيهم بالصفة المتقدمة.
والمادة 7 تنص على أن يحضر صاحب العمل اجتماع اللجنة بنفسه أو ينيب عنه أحد موظفيه بتوكيل كتابى منه.
والمادة 8 تنص على أنه لا تكون مداولات اللجنة وقراراتها صحيحة إلا إذا حضر الإجتماع خمسة على الأقل من الأعضاء يكون من بينهم حتما الرئيس أو ممثل وزارة العدل وصاحب العمل أو وكيله وأحد مندوبى العمال، على أنه إذا أجلت الجلسة لعدم حضور صاحب العمل أو وكيله أو لعدم حضور مندوب عن العمال جاز عقد الجلسة الثانية بدون حضورهما ما لم تكن هناك موانع قهرية يقبلها الرئيس.
والمادة 9 تنص على أن تصدر قرارات اللجنة بالأغلبية المطلقة وإذا تساوت الأصوات يرجح رأى الجانب الذى أنضم اليه رئيس الاجتماع.
"ويجب أن يشمل محضر الجلسة على رأى الأقلية لعرضه مع قرار اللجنة".
ويخلص من هذه النصوص أنه يجب على صاحب العمل أن يحضر لجنة التوفيق بنفسه أو ينيب عنه أحد موظفيه. كما يجب أن يحضر هذه اللجنة مندوبان اثنان فقط من العمال وحكمة هذه النصوص ترجع لأن هذه اللجان قصد منها التوفيق بين العمال وأصحاب الاعمال ضمانا للتفاهم وتفادياً من الخصومات التى قد تؤدى إلى الإضرار بمصالح الفريقين كما روعى فى تشكيلها تمثيل الفريقين وإيجاد عنصر محايد قضائى وإدارى يعمل على التوفيق بعد الوقوف على وجهة نظر الفريقين فهى بمثابة مجالس عائلية لهذه الطوائف ونعود إلى اللجنة لنرى إذا كانت هذه الأحكام قد روعيت تماما فى تشكيلها وإجراءاتها فقد جاء بمحضرى اللجنة المؤرخين فى 16 و25 نوفمبر سنة 1947 أنه حضر مندوب عن شركة القنال حضرة الأستاذ محمود فهمى جنديه بك المحامى (بهذا الوصف) وحضر عن العمال خمسة منهم كما حضر معهم الأستاذ عبد الحميد بك عبد الحق بصفته مستشارا للعمال. وكان هو الوحيد الذى يناقش ويجادل فى الجلستين بوصفه "محامى العمال" نيابة عنهم.
وظاهر أن إنعقاد اللجنة على هذه الصورة يتعارض والأحكام القانونية سالفة الذكر، نصا وروحا، ويبطل الحكمة التى رمى اليها الشارع من قصر التشكيل على أصحاب الأعمال أو موظفيهم من جانب والعمال فقط من جانب آخر.
لذلك نرى أن اجتماع اللجنة فى الجلستين وقع باطلا لعدم تشكيل اللجنة على الوضع الصحيح الذى ينص عليه القانون ويترتب على ذلك بطلان القرارات التى اتخذتها، ويتعين دعوتها الى الاجتماع بهيئة مكونة تكوينا صحيحا طبقا للأمر رقم 239 الصادر به القانون رقم 102 لسنة 1945 ولائحته التنفيذ.
ولو فرض أن الانعقاد وقع صحيحا على الوجه المبين فى القانون واللائحة فانسحاب أحد الأعضاء أو إمتناعه عن الإشتراك فى المداولات أو القرارات لا يؤثر فى صحة هذه القرارات التى تصدر، وإلا كان فى استطاعة أى عضو دائما أن يبطل عمل اللجنة ويبطل قراراتها بمجرد ما يتبين له أن اتجاه اللجنة فى غير مصلحته وهذا ما لا يقره وضع اللجنة ولا الغرض منها.
وقد أثار هذا البحث لدينا وجوب النظر فيما إذا كان يجوز الاستعانة فى جلسات اللجنة بحضرات المحامين أو غيرهم لا بصفتهم أعضاء فى اللجنة بل بصفتهم مستشارين لكلا الطرفين فى النزاع ونرى أن قبولهم للاشتراك فى أعمال اللجنة بهذه الصفة أمر يترك لتقدير اللجنة وقت إنعقادها وأثناءها وأن يراعى فى هذا التقدير أن يكون إشتراك حضرات المحامين أو غيرهم بصفتهم مستشارين لكلا الطرفين عنصراً من العناصر التى تساعد على حسم النزاع وتقريب الاتفاق بين الطرفين؛ ونشر جو صالح تثبت فيه الرغبة فى التفاهم، فاذا ما تبين للجنة أن هذا الجو لن يتوفر فلها أن تعتذر عن قبول اشتراكهم فى جلساتها، لأن نظام هذه اللجان كما سبق القول قد قصد به تقريب شقة الخلاف بين الطرفين وأنه مما يتنافى مع أعمالها أن تسود جلساتها روح الخصومة الحادة.