المكتب الفنى - مجموعة مجلس الدولة لفتاوى قسم الرأى
السنوات الثلاث الأولى (سبتمبر 1946 - سبتمبر 1949) - صـ 457

(فتوى رقم 3 بتاريخ أول يناير سنة 1949)
(293)

أجانب - تركات - المتوفين بلا وارث
1) تلقى الدولة لأعيان التركات التى لا وارث لها مرده حق السيادة الأقليمية وليس حق الأرث.
2) إتخاذ التدابير الاحتياطية فى شأن مثل هذه التركات من إختصاص السلطات المحلية غير أنه يحق لقنصل الدولة التابع لها المتوفى المعاونة فى هذه الاجراءات.
يتبين من المذكرات العديدة التى تبودلت بين وزارة الخارجية والمفوضية اليونانية فى هذا الموضوع أن هذه الأخيرة كانت وما زالت تدفع بأن مسائل المواريث خاضعة بحسب أحكام معاهدة مونترو للقانون الوطنى للشخص المتوفى فالقانون اليونانى دون سواه هو الذى يجب أن يحكم التركات اليونانية ويبين من هم الورثة ويحدد درجاتهم ويعين نصيب كل منهم. وأنه بتطبيق نصوص القانون اليونانى فى باب المواريث على تركات اليونانيين الذين يتوفون فى مصر دون أن يخلفوا ورثة نجد أنه يستتبع أيلولة هذه التركات إلى الحكومة اليونانية التى جعل منها الشارع الوارث لمن لا وارث له من رعاياها وأن فى القول بعكس ذلك نقضا لمعاهدة مونترو وللمبادئ المرعية فى القانون الدولى الخاص.
وقد رأى قسم قضايا الخارجية أمام إصرار الحكومة اليونانية وما تقدمت به من أسانيد أن يعيد درس هذا الموضوع أكثر من مرة وخلص من بحثه إلى أن تلقى الدولة الاعيان التى لا وارث لها ليس مرده فى النظام المصرى، إلى حق الإرث والميراث بل إلى القاعدة المعلومة القاضية بتملك الدولة للأموال التى لا مالك لها بما لها من حق السيادة الأقليمية.
وأن هذا التصوير أو التكييف القانونى لتلقى الدولة للتركة أيا كانت الحلول التى تأخذ بها الشريعة اليونانية هو الواجب الاتباع فى صدد الأموال المنقولة والعقارية الموجودة فى المملكة المصرية، وأنه من أجل ذلك يخرج أمر هذه التركات من نطاق الأحوال الشخصية ويندمج فى نظام المال، فلا مجال لتطبيق نص معاهدة مونترو القاضى بخضوع تركات اليونانيين فى مصر للقانون اليونانى وتؤول هذه التركات إلى بيت المال بما للحكومة المصرية من حق السيادة الأقليمية كما تقدم.
أما عن التدابير الإحتياطية اللازمة لحفظ أموال التركات كوضع الأختام وجرد التركة وإدارة أموالها مؤقتا فلا يخفى أن الهيئات القنصلية فى ظل نظام الامتيازات وقبل معاهدة مونترو كانت تضطلع دون سواها بتلك التدابير متى تعلقت بتركات رعاياها المتوفين فى مصر وبدون أى تدخل من جانب السلطات المحلية.
وقد واصلت السير على هذا النهج قنصليات الدول التى احتفظت لمحاكمها القنصلية بمصر بحق النظر فى مسائل الأحوال الشخصية لرعاياها أثناء فترة الانتقال وهذا بالأخص هو موقف دولة اليونان فى هذا الشأن ودللت عليه بأن تلك الإجراءات التحفظية أنما يتولاها رجال المختلط بالنسبة إلى الأجانب الخاضعين لولايته فى أمور أحوالهم الشخصية فيتعين من باب القياس إن لم يكن بطريق الأولوية الإعتراف بهذا الحق نفسه لقنصليات الدول التى أبقى على إختصاصها القضائى فى شئون الأحوال الشخصية لرعاياها.
ولكن هذا التفسير لا يسلم من النقد فالقاضى المختلط حينما يتدخل بالتطبيق لأحكام قانون المرافعات المختلط لإتخاذ التدابير التحفظية فى شأن تركات الأجانب التابعين لولايته فى شؤون أحوالهم الشخصية لا يفعل ذلك بمقتضى سلطته القضائية بل بمقتضى سلطته الولائية الإدارية.
وللتوفيق بين وجهات النظر المختلفة أفتى قسم قضايا الخارجية فى الماضى بأنه يحق للقنصليات اليونانية أن تنفرد بإتخاذ الاجراءات التحفظية الخاصة بتركات مواطنيها متى كانت دعوى الإرث مطروحة أمامها وأثبت القنصل أو نائبه أن المحكمة القنصلية أصدرت أمرها رسميا بندبه لمباشرة الاجراءات التحفظية أثناء نظرها تلك الدعوى طبقا لقواعد إختصاصها.
والحق أن الوضع عندئذ تغلب عليه الصفة القضائية فلا إفتئات فيه على إختصاصات السلطات الأدارية المحلية.
وهذه الحالة الخاصة ذاتها فى سبيلها إلى الزوال بزوال الاختصاص القضائى المعترف به فى فترة الانتقال للهيئات القنصلية الأجنبية. وعندئذ أى إعتباراً من 15 اكتوبر القادم ستصبح الجهة صاحبة الاختصاص فى إتخاذ التدابير الإحتياطية المتعلقة بالتركات هى السلطات المحلية لما لها من حق السيادة الأقليمية، ومحافظة على ما قد يكون للرعايا الوطنيين من حقوق على التركة ولما قد يستحق عليها من ضريبة للخزانة العامة. غير أنه إذا كان المتوفى من الأجانب فان العرف الدولى كما هو معلوم يقر للقناصل بحق الاشتراك والتعاون مع السلطات الادارية الاقليمية فى إتخاذ تلك التدابير الاحتياطية.
وهذا التعاون بين الجهتين القنصلية والمحلية قد جرت به معاهدات قنصلية عديدة ويحققه مشروع المعاهدة النموذجية الذى أبلغته وزارة الخارجية فى مايو من عام 1940 إلى المفوضيات الأجنبية مسجلة فيه المبادئ المرعية بين الدول فى هذا الشأن.
ونلاحظ أن المرسوم بقانون لسنة 1925 الخاص بالنظام القنصلى المصرى قد نحا هو الآخر هذا النحو.