المكتب الفنى - مجموعة مجلس الدولة لفتاوى قسم الرأى
السنوات الثلاث الأولى (سبتمبر 1946 - سبتمبر 1949) - صـ 469

(فتوى رقم 50 فى مارس سنة 1947)
(300)

جامعة عربية - اتفاقات دولية
الاتفاقات الدولية الواجب إيداعها فى أمانة جامعة الدول العربية هى الاتفاقات غير ذات الصبغة الإدارية البحتة.
بالاحالة إلى كتاب سعادتكم رقم 22 (ملف رقم 50 - 25 - 45 الوارد إلينا بتاريخ 6 مارس سنة 1947 بشأن النظر فيما إذا كان هناك ما يقتضى معه إيداع نسخة من الاتفاق الخاص بتبادل عربات الركاب الذى عقد بين مصلحة السكان الحديدية المصرية وسكك حديد فلسطين والذى صدق عليه مجلس الوزراء بتاريخ 18 نوفمبر سنة 1946 فى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية تنفيذا للمادة 17 من ميثاق الجامعة المذكورة. أتشرف بأن انهى إلى سعادتكم بأن المادة 17 من الميثاق تنص على أن (تودع الدول المشتركة فى الجامعة الأمانة العامة نسخا من جميع المعاهدات والاتفاقات التى عقدتها أو تعقدها مع أية دولة أخرى من دول الجامعة أو غيرها).
وهذه المادة تقابل المادة 18 من ميثاق عصبة الأمم التى تنص على أن يسجل فى سكرتارية العصبة وينشر بمعرفتها بأسرع ما يمكن كل معاهدة أو تعهد دولى يبرم مستقبلا بمعرفة أى دولة فى العصبة وهذه المعاهدات أو التعهدات الدولية لا تكون ملزمة إلا بعد تسجيلها وكذلك تقابل هذه المادة المادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة الذى تنص على أن (كل معاهدة وكل اتفاق دولى يعقده أى عضو من أعضاء الأمم المتحدة بعد العمل بهذا الميثاق يجب أن يسجل فى أمانة الهيئة وأن تقوم بنشره بأسرع ما يمكن وليس لأى طرف فى معاهدة أو إتفاق دولى لم يسجل وفقا للفقرة الأولى من هذه المعاهدة أن يتمسك بتلك المعاهدة أو ذلك الإتفاق أمام أى فرع من فروع الأمم المتحدة.
وقد أشرنا فى كتابنا المرسل للوزارة رقم 9 المؤرخ 14 يناير سنة 1947 فى شأن ما إذا كان الإتفاق السالف الذكر مما يدخل فى حكم المادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة بحيث يقتضى الحال تسجيله بأمانة الهيئة، أن إلزام الدول بتسجيل المعاهدات التى تعقدها وفقا لهذه المادة يرمى إلى غرضين غرض سياسى هو إنكار المعاهدات السرية وآخر هو تدوين المعاهدات الدولية فى مجموعة كاملة يسهل تناولها والرجوع إليها، وقد بينا أن المناقشة ثارت حول تحديد المعاهدات التى يجب تسجيلها، فاشار البعض إلى وجوب قصر التسجيل على المعاهدات السياسية وأخذ على ذلك أن كثيراً من المعاهدات التى تبدو فى ظاهرها اقتصادية محضة تنطوى على أغراض سياسية وأنه لو أخذ بالضابط الذى يرمى إلى قصر النسجيل على المعاهدات السياسية لاقتضى تطبيق النص إلى عين التعميم والإطلاق الذى أريد العدول عنه وإنتهى رأى اللجنة التى كانت تبحث هذه المسألة إلى الاطلاق فى وصف المعاهدات وفضلت عبارة (المعاهدات والإتفاقات الدولية) بدلا من المعاهدات والتعهدات الدولية الواردة فى المادة 18 من ميثاق عصبة الأمم وذلك لكى لا تدخل فى غموض النص التعهدات التجارية التى قد تعقدها تلك الحكومات التى تحتكر التجارة الدولية فى بلادها مثل الاتحاد السوفيتى.
فقد رأت اللجنة أيضا أن هذا النص لا ينفى جواز إصدار لوائح لتنظيم تطبيقه وحصر المعاهدات الواجبة التسجيل إذ لا نزاع فى أن هناك طائفة من الاتفاقات الدولية لا يعنى أحدا أن تكون محلا للتسجيل والنشر.
وقد انتهى رأينا فى كتابنا السالف الذكر إلى أن الاتفاق المتقدم الذكر ذو صبغة إدارية محضة خاصة بمسألة مالية محدودة وأنه لا مجال لتطبيق المادة 102 من الميثاق عليه ولا ينبغى بالتالى تسجيله بأمانة هيئة الأمم المتحدة.
وبما أن المادة 17 من ميثاق الجامعة العربية تقابل المادة 18 من ميثاق عصبة الأمم والمادة 102 من ميثاق هيئة الأمم المتحدة كما أشرنا فيما تقدم ولذلك فانه ينطبق نفس التعبير الذى أشرنا إليه فيما تقدم أى أن صياغتها العامة لا تنفى أنه توجد بعض الاتفاقات الدولية لا تعنى أحدا أن تكون محلا للايداع وذلك لعدم توفر حكمته إذ أنها لا تمس الحالة الدبلوماسيه أو الإقتصادية أو الإجتماعية التى تهم الدول الأعضاء فى الجامعة كالمعاهدات الفنية أو الإدارية البحتة.
وبما أن اتفاق تبادل عربات الركاب السالف الذكر ذو صفة إدارية بحتة.
لذلك نرى أنه لا مجال لتطبيق المادة 17 من ميثاق جامعة الدول العربية ولا ينبغى بالتالى ايداعه فى أمانة الجامعة.