المكتب الفنى - مجموعة مجلس الدولة لفتاوى قسم الرأى
السنوات الثلاث الأولى (سبتمبر 1946 - سبتمبر 1949) - صـ 506

(فتوى رقم 210 بتاريخ 27 - 3 - 1948)
(316)

قوات بريطانية - اعفاء من الرسوم
بفرض إستمرار نفاذ معاهدة 26 أغسطس سنة 1936 لا يمكن الإعتراف بوجود قوات بريطانية خارج المنطقة المخصصة لها بجوار القنال وبالتالى لا يمكن أن يمتد الإعفاء من الرسوم بالنسبة إلى السيارات الموجودة بالقاهرة.
إن السلطات البريطانية تستند فيما تذهب إليه من وجوب إعفاء السيارات التابعة للجنة المخلفات البريطانية وللوحدات الحربية البريطانية التى ما زالت موجودة بالقاهرة وغيرها خارج منطقة القنال من دفع الرسوم المقررة على السيارات بحسب القوانين المصرية إلى نصوص الإتفاقية المبرمة مع مصر وخاصة إلى المادة السادسة بند (ح) والمادة السابعة فقرة أخيرة من الإتفاقية المذكورة.
ولا يخفى أنه نص فى المادة التاسعة من معاهدة 26 أغسطس سنة 1936 بين مصر والمملكة المتحدة على ما تتمتع به من إعفاء ومزايا فى المسائل القضائية والمالية قوات صاحب الجلالة الملك والإمبراطور التى تكون موجودة فى مصر طبقاً لأحكام هذه المعاهدة.
وتطبيقاً لهذه المادة من المعاهدة ثم الإتفاق بين الحكومتين المصرية والبريطانية فى نفس التاريخ (أى 26 أغسطس سنة 1936) على سلسلة الإعفاءات والمزايا التى تتمتع بها القوات البريطانية الموجودة فى مصر. وتنفيذاً لهذا الإتفاق وعملا بأحكامه صدر القانونان رقم 13 و24 لسنة 1941 وأولهما خاص بالإعفاءات القضائية، وثانيهما بالإعفاءات فى المسائل المالية.
ولقد نص فى المادة السابعة بند (د) من الاتفاق المشار إليه على إلتزام الأفراد التابعين للقوات البريطانية ضمن ما تقرر إلزامهم به بدفع الضريبة ورسوم التسجيل المقررة على سياراتهم الخاصة المستعملة للسير فى الطرق العامة التى تتولى الحكومة المصرية صيانتها.
بينما جاء فى ختام هذه المادة ذاتها أنه فيما عدا ذلك تعفى المعسكرات البريطانية والقوات البريطانية والأفراد التابعون لها من جميع الضرائب غير العوائد البلدية عن الخدمات التى تؤدى لهم كما يعفون من جميع رسوم التسجيل المفروضة ما لم يكن قد سبق إتفاق بين الحكومتين على خلاف ذلك.
ويبدو لأول وهلة بمفهوم المغايرة بين هذين النصين الواردين فى نفس المادة أن السيارات التابعة للقوات البريطانية معفاة من جميع الضرائب والرسوم المقررة بمقتضى القوانين المصرية بعكس الحال بالنسبة إلى السيارات المملوكة ملكية خاصة لأفراد هذه القوات إذ تقرر خضوعها لهذه الضرائب والرسوم.
ويؤكد هذا المعنى ما جاء فى المادة السادسة بند (ح) من الإتفاق المذكور. والنص فيه على تمتع القوات البريطانية باستعمال الطرق والكبارى والترع... والطرق المائية وغيرها من مجارى الماء دون دفع رسوم مكوس أو عوائد لا بصفة رسوم تسجيل ولا غيره على العجلات أو الناقلات المائية المستعملة فى خدمة حكومة صاحب الجلالة البريطانية.
على أنه لا يخفى من جهة أخرى أن الإتفاق الخاص بالإعفاءات والميزات التى تتمتع بها القوات البزيطانية الموجودة فى مصر والتى تستند إليه السلطات البريطانية والسفارة البريطانية فى موضوعنا مرتبط إرتباطاً وثيقاً بمعاهدة 26 أغسطس 1936.
وهذه المعاهدة وقد مضى أكثر من عشرة أعوام على إبرامها وبفرض إستمرار نفاذها لا تسمح ولا ترخص فى بقاء قوات بريطانية فى الأراضى المصرية إلا بجوار القنال وبالمنطقة المحددة فى ملحق المادة الثامنة من المعاهدة ولغرض واحد معين هو التعاون مع القوات المصرية لضمان الدفاع عن القناة ومع النص صراحة على أنه ليس لوجود القوات صفة الإحتلال بأى حال من الأحوال وأنه لا يخل بأى وجه من الوجوه بحقوق السيادة المصرية.
ويؤدى ذلك كله أن سحب القوات البريطانية الموجودة فى أنحاء المملكة المصرية كان مرتقباً ومشترطاً من البداية وقدر له آنئذ ميعاد لا يجاوز الثمانى سنوات لولا الحرب الأخيرة وظروفها وعلى كل قد تم هذا الإنسحاب فعلا فى مارس سنة 1947 وأخذت الحكومة المصرية علماً به وطبيعى أن يترتب على هذا الإنسحاب بعض الأثر فيما يتعلق بالمزايا والإعفاءات التى تتمتع بها القوات البريطاتية فى مصر وخاصة بالنسبة إلى تلك المزايا والاعفاءات التى يتطلب إمكان الانتفاع بها نوعاً من الاستقرار لا يتفق ومضمون الجلاء ومن ذلك إعفاء السيارات التابعة للوحدات الحربية البريطانية من الضريبة والرسوم المقررة إذ لا يصصح بداهة الاحتجاج بهذا الاعفاء إلا فى المناطق التى توجد بها القوات البريطانية لا فى المناطق التى جلت تلك القوات عنها والتى من أجل ذلك لم يعد بجائز لتلك السيارات أن تستقر فيها.
وإن أمكن التساهل نوعاً ما فى شأن السيارات البريطانية التى تنتقل بين منطقة القنال وغيرها (أو كما يقولون بين المنطقة المحتلة وغير المحتلة) وفى شأن السيارات التابعة للهيئة المتولية تصفية مخلفات الجيش البريطانى إذ من المنتظر أن تنتهى من عملها فى بدء السنة القادمة سنة 1949 على الأكثر فإن إعفاء السيارات التابعة للوحدات الحربية البريطانية التى ما زالت تقيم فى القاهرة والاسكندرية أو غيرهما خارج منطقة القنال هذا الاعفاء الذى لا يمكن أن يستند إلا إلى صفتها العسكرية وتبعيتها للقوات البريطانية هو إعتراف ضمنى لتلك الوحدات الحربية بحق البقاء والاستقرار طال أو قصر خارج منطقة القنال الشئ الذى لا ترخص به حتى معاهدة سنة 1936.
ولا يمكن للسلطات المصرية أن تجيز أو أن تقرر رسمياً أى عمل أو تصرف من شأنه السماح أو الاعتراف ببقاء القوات البريطانية فى زمن السلم خارج المنطقة المخصصة لها بجوار القنال.
وطالما أنه قد تم الإتفاق بين السفارة البريطانية وبين السلطات المصرية المختصة بصفة مؤقتة ومن باب التسامح المحض على أن تحمل السيارات المشار إليها نمراً عادية كالسيارات المدنية وعلى أن تجرد من كل طابع عسكرى ويخلع عليها الصفة المدنية فيجب أن تخضع هذه السيارات لنظام السيارات المدنية سواء بسواء بما فى ذلك دفع الرسوم المقررة لا أن تستمد من وجودها حيث لا يجوز لها قانوناً الوجود سنداً للإعفاء من تلك الرسوم.