المكتب الفنى - مجموعة مجلس الدولة لفتاوى
قسم الرأي
السنتين الرابعة والخامسة - أكتوبر 1949 - سبتمبر 1951 - صـ 65
(فتوى رقم 75 فى 21 فبراير سنة 1951)
(23)
ضريبة أطيان - احتساب القيمة الايجارية
يكون ربط ضريبة الأطيان على أساس القيمة الإيجارية ويكون
باطلا القرار الوزارى الذى يقضى بخلاف ذلك ولا يعتبر
ورد الضريبة مخالصة نهائية
بحث قسم الرأى مجتمعا بجلستيه المنعقدتين فى 21 و28 من يناير سنة 1951 القرار الصادر
من مجلس الوزراء فى 30 يونية سنة 1946 بربط ضريبة الأطيان اعتباراً من أول سنة 1949
على أساس نصف الإيجار السنوى المقدر للأراضى فى السنة الزراعية 1945 - 1946 وتبين أن
القانون رقم 113 لسنة 1939 الخاص بضريبة الأطيان والمعدل بالقانونين رقم 93 لسنة 1943
و65 لسنة 1949 ينص فى المادة الأولى منه على أن: -
"تفرض ضريبة الأطيان على جميع الأراضى الزراعية المنزرعة فعلا أو القابلة للزراعة على
أساس الأيجار السنوى المقدر لهذه الأراضى".
ثم نصت المادة الثانية على أن: -
"يقدر الإيجار السنوى طبقا لأحكام المرسوم بقانون رقم 53 لسنة 1935 لمدة عشر سنوات
ويعاد تقدير الإيجار السنوى إعادة عامة كل عشر سنوات ويجب الشروع فى إجراءات إعادة
التقدير قبل نهاية كل فترة بمدة سنة على الأقل".
ثم نصت المادة الثالثة على أن: -
"تكون الضريبة بنسبة 14% من الإيجار السنوى للأراضى وعند تحديد ضريبة الفدان تجبر كسور
القرش الصاغ إلى قرش كامل".
والمرسوم بقانون رقم 53 لسنة 1935 الذى أحال القانون رقم 113 لسنة 1939 إلى أحكامه
فيما يتعلق بالتقدير خاص "بتقدير إيجار الأراضى الزراعية لاتخاذه أساسا لتقدير ضرائب
الأطيان".
وتنص المادة الأولى منه على أن يشرع فى تقدير الإيجار السنوى للأراضى الزراعية توطئة
لتعديل ضرائب الأطيان.
وتنص المادة الثانية على تشكيل لجنة فى كل بلد تسمى لجنة التقسيم لتقسم الأراضى إلى
أقسام.
وتنص المادة الثالثة على أنه "متى تمت عملية التقسيم تقوم لجان تسمى لجان التقدير فى
كل بلد بتحديد متوسط إيجار الفدان الواحد من أطيان كل حوض أو قسم من الحوض.
ثم نصت المادة الرابعة على أن: -
"تقوم اللجنة بتقدير الإيجار بعد معاينتها وسماع ملاحظات الملاك ذوى الشأن مع مراعاة
التعليمات التى تضعها وزارة المالية بموافقة مجلس الوزراء بالقواعد التى يجب اتباعها
فى هذا الموضوع.
ثم بينت المواد التالية أحكاما خاصة بطرق التقدير ونشر التقديرات وطرق استئنافها.
واستنادا إلى المادة الرابعة السابق الإشارة إليها أصدر مجلس الوزراء قرارا فى 22 من
مايو سنة 1935 بالموافقة على التعليمات الخاصة بتقدير إيجار الإراضى الزراعية ثم عدلته
هذه التعليمات بالقرار الصادر من المجلس فى 30 من يونية سنة 1946.
ويتبين من الاطلاع على هذه التعليمات أنها بعد أن وضعت أحكاما خاصة بالتقدير طبقا للمادة
السابق الإشارة إليها نصت على ما يأتى: -
"ويكون ربط الضرائب على الأطيان اعتباراً من أول سنة 1949 على أساس قيمة الإيجار السنوى
الذى قدر فى السنة الزراعية المشار إليها فى الفقرة السابقة (أى سنة 1945 - 1946).
وقد قامت اللجان بتقدير الإيجار السنوى للأراضى كاملا طبقا للتعليمات التى صدرت لها
وعند نشر هذه التقديرات نص فيها على أن "الإيجارات المدرجة هى نصف الفئات الفعلية".
ثم ربطت الضريبة على أساس 14% من نصف القيمة الإيجارية المقدرة بمعرفة لجان التقدير.
ويبين من استعراض النصوص السابقة أن القانون رقم 113 لسنة 1939 خاص بفرض ضريبة الأطيان
وقد عين وعاء هذه الضريبة وهو "الإيجار السنوى المقدر للأراضى" أى الإيجار السنوى كاملا
ثم حدد نسبة هذه الضريبة من هذا الوعاء وهى 14% وأحال فيما يتعلق بالتقدير إلى أحكام
المرسوم بقانون رقم 53 لسنة 1935 وهو خاص بتقدير الإيجار دون تحديد الضريبة.
وهذا المرسوم بقانون يبين طريقة التقدير وأحكامه وخول مجلس الوزراء سلطة إصدار تعليمات
إلى اللجان وبديهى أن هذه التعليمات لا يجوز أن تجاوز حد اختصاص هذه اللجان وهو تقدير
الإيجار السنوى الحقيقى للأراضى. ولا يصح أن تتعرض لأساس ربط الضريبة أو نسبتها إلى
هذا الأساس بأى وجه من الوجوه وإلا خالفت أحكام المادة 134 من الدستور التى تقضى بأنه
لا يجوز إنشاء ضريبة ولا تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون. كما تخالف أحكام القانون رقم
113 لسنة 1939 الذى عين وعاء الضريبة وحدد نسبتها.
ومما لا شك فيه أن القاعدة التى وضعها مجلس الوزراء فى التعليمات بقراره الصادر فى
30 من يونية سنة 1946 لا تتعلق بالتقدير وإنما تتعلق بربط الضريبة فيكون مجلس الوزراء
بذلك قد تعدى على اختصاص السلطة التشريعية إذ بينما يقرر القانون أن تكون الضريبة 14%
من الإيجار السنوى يقرر مجلس الوزراء أن تكون الضريبة 14% من نصف الإيجار السنوى.
ولذلك يكون هذا القرار فى هذا الخصوص باطلا لمخالفته لأحكام القانون رقم 113 سنة 1929
وللمادة 134 من الدستور.
ولما كان القانون - على ما أوضحنا - قد عين وعاء الضريبة ونسبتها إلى هذا الوعاء فإن
المركز القانونى للممول إنما يتحدد بتقدير الإيجار السنوى بمعرفة لجان التقدير أما
مقدار الضرائب وربطها باسم الممول فليست إلا عملية مادية حسابية لا ترقى إلا مستوى
القرار الإدارى.
لذلك انتهى رأى القسم إلى أن القرار الصادر من مجلس الوزراء فى 30 من يونية سنة 1946
باطل فيما تضمنه من النص على أن يكون ربط الضرائب ابتداء من سنة 1949 على أساس نصف
القيمة الإيجارية التى تقدر للأراضى عن 1945 - 1946 الزراعية.
وأنه يتعين على وزارة المالية تحصيل ضريبة الأطيان على القيمة الإيجارية التى تقدرها
اللجان كاملة دون حاجة إلى أى أجراء تشريعى.
وقد أشارت وزارة المالية بعد ذلك إلى الأعمال التحضيرية الخاصة بالقانون رقم 65 لسنة
1949 وقد بحث قسم الرأى مجتمعا هذا الموضوع بجلسته المنعقدة فى 16 فبراير سنة 1951
ولاحظ: -
أولا - أن القانون رقم 113 لسنة 1949 بين فى المادة الأولى وعاء الضريبة وبين فى المادة
الثانية طريقة تقدير هذا الوعاء. ثم بين فى المادة الثالثة نسبة الضريبة إلى هذا الوعاء
فى حين أن القانون رقم 65 لسنة 1949 لم يتناول بالتعديل المادتين الأولى والثانية الخاصتين
بوعاء الضريبة وطريقة تقديرها بل تناول فقط تعديل المادة الثالثة بخفض نسبة الضريبة
وإلغاء الحد الأقصى لها ولذلك فانه إذا جاز الرجوع إلى الأعمال التحضيرية لهذا القانون
لتفسير النص الخاص بمقدار هذه النسبة فإنه لا يجوز الرجوع اليها بأية حال فى تفسير
المادتين الأولى والثانية الخاصتين بالوعاء وطريقة تقديره.
على أن نصوص هذه المواد صريحة لا لبس فيها يقتضى تفسيرها بالرجوع إلى الأعمال التحضيرية
الخاصة بها.
ثانيا - أن ما أشارت اليه لجنة المالية بمجلس النواب فى تقديرها من أن القيمة الإيجارية
المتخذة أساسا لربط الضرائب ليست كل الإيجار بل نصف هذا الإيجار وما قرره ذلك المقرر
ومندوب الحكومة فى المجلسين فى هذا الشأن لم يكن إلا على أساس الواقع من الأمر على
حسب قرار مجلس الوزراء الصادر فى 30 من يوليو سنة 1946 دون أن يتنبه أحد إلى بطلان
هذا القرار لمخالفته للقانون ومن ثم لا يمكن أن تؤخذ هذه الاقوال حجة على صحة القرار.
ثالثاً - أن هذه الأعمال التحضيرية واضحة الدلالة على أن قصد المشرع من هذا القانون
كان توخى المساواة بين دافعى الضرائب جميعاً وهذا السبب ذاته هو الذى استندت إليه لجنة
المالية فى تخفيض نسبة الضريبة من 16% إلى 14% وما دام دافعو الضرائب جميعاً يدفعون
الضريبة على أساس إيرادهم فلا وجه لأن يدفع ملاك الأراضى الزراعية الضريبة على أساس
نصف هذا الايراد مع ملاحظة أن تقدير إيجار هذه الأراضى لا يؤدى فى الواقع إلى تقدير
الايراد الحقيقى لملاك الأراضى الزراعية وقد أشير إلى ذلك صراحة فى المناقشات البرلمانية
السابق الاشارة إليها.
رابعاً - وإن قيل أن الحكومة عندما تقدمت بمشروع القانون رقم 65 لسنة 1949 أرادت أن
تكون نصف القيمة الايجارية هى أساس الضرائب فإن هذا القول ينقضه الواقع إذ أن الحكومة
تقدمت بهذا المشروع بموجب مرسوم صادر فى 12 من يونيه سنة 1946 أى قبل قرار مجلس الوزراء
الصادر فى 30 يونيه سنة 1946 وقد جاء فى المذكرة الايضاحية لهذا القانون أن الغرض منه
هو إلغاء الحد الأقصى للضريبة وهو 164 قرشاً لأن الضريبة المستحقة على الأطيان ضريبة
مباشرة على أساس نسبة مئوية من القيمة الايجارية فلا محل لأن يكون لها حد أقصى مع أن
جميع الضرائب المباشرة الأخرى كالضريبة على القيم المنقولة أو الأرباح التجارية والصناعية
ليس لها حد أقصى وتدفع الضريبة بالغة ما بلغت ولذلك اقتصر مشروع القانون على إلغاء
الحد الأقصى وأبقى نسبة الضريبة كما هى 16%.
هذا فيما يتعلق بالأعمال التحضيرية للقانون رقم 65 لسنة 1949 أما فيما يتعلق بمعرفة
ما إذا كانت تعتبر أوراد ضريبة الأطيان عن سنتى 1949 و1950 مخالصة نهائية بالضريبة
المستحقة عن السنتين المذكورتين.
فقد أطلع القسم على أحد هذه الأوراد وتبين أن البيانات الموضحة به تتضمن بيان الضريبة
المستحقة عن سنة بعينها وقد بينت الضريبة المستحقة عن سنتى 1949 و1950 على أساس قرار
مجلس الوزراء الصادر فى 30 من يوليو سنة 1946 أى على نصف الايجار كما بينت على الوجه
الآخر من الورد المبالغ التى يدفعها الممول.
فاذا كان مقدار المدفوع مساوياً لمقدار الضريبة المبينة فى الورد كان الورد مخالصة
عن هذا المقدار دون غيره.
ولا يعتبر هذا الورد إبراء لذمة الممول من باقى الضريبة المستحقة عليه بمقتضى القانون
لأن مقدار الضريبة قد حدد فيه تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء السابق الاشارة إليه وهو
قرار يعتبر كأن لم يكن لخروجه عن ولاية المجلس كما سبق البيان ومن المسلم به فى القانون
الادارى أن كل عمل مادى تنفيذاً لقرار معدوم يعتبر معدوما كذلك لأن العدم لا ينتج إلا
العدم.
على أنه إذا قيل بأن الورد على الوجه السابق يعتبر مثبت لوفاء الضريبة عن السنة التى
صدر عنها فإن هذا الوفاء وهو تصرف قانونى يتم بتبادل التعبير عن إرادتين متوافقتين
قد شابه غلط فى القانون وقع فيه طرفاه والغلط فى القانون كالغلط فى الواقع يعيب الرضا
فيبطل التصرف.
كما أن تحصيل الضريبة عن سنتى 1949 - 1950 يكون نتيجة للأثر المباشر للقانون لا للأثر
الرجعى ومن ثم لا يكون هناك مقتض لتشريع جديد.