المكتب الفنى - مجموعة مجلس الدولة لفتاوى قسم الرأي
السنتين الرابعة والخامسة - أكتوبر 1949 - سبتمبر 1951 - صـ 81

(فتوى رقم 329 فى 19 مايو سنة 1951)
(28)

عقود - اعلان تصدير الأرز  مدى اعتباره إيجاب
يعتبر الإعلان الصادر بتحديد أسعار الأرز المملوك للحكومة دعوة للتفاوض وليس إيجابا ومن ثم لا تعتبر الطلبات المقدمة من المصدرين قبولا ولا تلتزم الحكومة باجابته
بحث قسم الرأى مجتمعا هذا الموضوع بجلستيه المنعقدتين فى 22 من أبريل سنة 1951 وتبين أنه يتلخص فى أن وزارة التموين نشرت بعدد الجريدة الرسمية الصادر فى 16 من نوفمبر سنة 1950 إعلانا بأنها قررت تحديد أسعار بيع الأرز المصرى المعد للتصدير وبينت هذه الأسعار واشترطت دفع الثمن بالعملة الصعبة (الدولار الأمريكى والفرنك السويسرى) وفى 30 من ديسمبر سنة 1950 قررت اللجنة العليا للتموين زيادة الأسعار السابقة بمقدار دولارين للأرز الممسوح ودولارين ونصف لباقى الأصناف على أن تعتبر هذه الأسعار ثمناً أساسيا للمزايدة التى سيعلن عن موعدها ومكانها إلا أن هذا القرار لم ينشر فى الجريدة الرسميه إلا فى 12 من يناير سنة 1950.
وفى الفترة بين 30 من ديسمبر سنة 1950 و11 من يناير سنة 1951 كان بعض المصدرين قد تقدموا إلى الوزارة بطلبات لتصدير كميات من الارز إلى الخارج ولكن الوزارة لم تجبهم إلى طلبهم. والأرز موضوع الخلاف مملوك للحكومة بطريق الاستيلاء وأن الإعلان مقصود به أولا البيع ثم الترخيص فى التصدير.
ومحل البحث فى هذا الموضوع هو ما إذا كان الاعلان المنشور فى 16 من نوفمبر سنة 1951 يعتبر إيجابا من جانب الوزارة ومن ثم تعتبر الطلبات المقدمة من المصدرين قبولا يتم به العقد أم أن هذا الاعلان دعوة إلى التفاوض ومن ثم لا ينعقد العقد إلا بقبول الوزارة الطلبات المذكورة.
وبالاطلاع على الاعلان المشار إليه تبين أنه ينص على أن وزارة التموين قررت تحديد أسعار بيع الارز المصرى المعد للتصدير على الوجه الآتى...
وبعد بيان الأسعار عين الاعلان مواصفات الأرز المحدد سعره وطريقة تعبئته ونص على أن يكون هذا السعر خالصاً الرسوم الجمركية ورسوم الصادر والعوائد البلدية فقط وعلى أساس تسليم ظهر المركب وهو صاف ولا يشمل أية عمولة للمصدرين واشترط أن يدفع الثمن بالعملة الصعبة وهى الدولار الحر والفرنك السويسرى الحر ويجوز الدفع بالدولار أو فست بشرط موافقة وزارة المالية مقدما ثم بينت بعد ذلك أسعار الأرز المنصوص عليها فى الاتفاقات التجارية.
والاعلان على هذا الوجه لا يمكن إعتباره إيجاباً.
أولا - لأن صياغته لا تفيد هذا المعنى بل أنها لا تفيد معنى للبيع من جانب الوزارة وإنما بيان الشروط الواجب توافرها للترخيص فى التصدير وأهم هذه الشروط أن يكون الدفع بالعملة الصعبة لحاجة الحكومة إليها وذلك لأن هذه العملة تصبح ملكا للحكومة إذا كان الأرز مملوكا لها ويمكنها تملكها إذا كانت مملوكة لغيرها طبقا لأحكام القانون رقم 80 لسنة 1942 الخاص بتنظيم الرقابة على علميات النقد الأجنبى.
ثانيا - لأن الأعلان لم يحدد كميات الأرز التى يمكن تصديرها أى أن محل الالتزام وهو من المثليات لم يعين فى الاعلان بمقداره ومن ثم لا يصلح هذا الاعلان إيجاباً ينعقد على أساسه العقد إذا صادف القبول فالقول بأعتباره إيجابا يترتب عليه أن كل طلب يقدم إلى الوزارة يعتبر قبولا ينعقد به العقد بينها وبين الطالب أيا كانت الكمية المطلوبة وهى نتيجة لا يمكن التسليم بها ولا يمكن أن تكون الوزارة قد قصدتها بهذا الأعلان.
ولما كان الواضح من الأوراق أن الوزارة لم تقبل الطلبات التى تقدمت لها ولم يكن ذلك تعسفا منها بل أنها أرجأت قبولها حتى تتبين كفاية الكميات الموجودة للاستهلاك المحلى أو عدم كفايتها من الحالة الاحصائية للحبوب فى البلاد ولأنها كانت تفكر فى ذلك الوقت فى خلط دقيق القمح بالارز حتى تواجه حالة البلاد من الخبز ولما صدر قرار لجنة التموين العليا بزيادة أسعار الارز المعد للتصدير واشتراط بيعه بالمزايدة كان على الوزارة أن تنزل على هذا القرار إذ الملحوظ فى تحديد هذه الاسعار واشتراط المزايدة ودفع الثمن الذى يرسو به المزايدة بالعملة الصعبة الموازنة بين حاجة البلاد إلى العملات الصعبة وحاجتها إلى الحبوب.
لذلك إنتهى رأى القسم إلى أن الاعلان المنشور من وزارة التموين فى 16 من نوفمبر سنة 1950 لا يعتبر إيجابا وإنما هو دعوة إلى التفاوض ومن ثم تعتبر الطلبات المقدمة من مصدرى الارز إيجابا ولا يتم التعاقد إلا بقبوله من جانب الوزارة ولما كان هذا الإيجاب لم يصادف قبولا فإنه ليس هناك إرتباط بين الوزارة وهؤلاء المصدرين يلزمها بيع الارز لهم ولا مسئولية عليها فى عدم قبولها الطلبات التى تقدمت لها نتيجة الاعلان المذكور لأنها لم تكن متعسفة فى الامساك عن القبول.