المكتب الفنى - مجموعة مجلس الدولة لفتاوى قسم الرأي
السنتين الرابعة والخامسة - أكتوبر 1949 - سبتمبر 1951 - صـ 223

(فتوى رقم 4332 بتاريخ 30 - 9 - 1951)
(92)

أجانب - اقامة - ابعاد
إقامة الأجانب الآن فى مصر تتم طبقا لقواعد القانون الدولى العام  التى لا تجيز الإبعاد إلا إذا وجد له مبرر جدى ولو لم يرتكب المبعد أية جريمة
الوقائع كما جاءت بالمذكرة المرافقة تتلخص فيما يأتى:
(1) سبق أن منح المذكور تصريحا بالإقامة لمدة سنة انتهت فى 10 - 8 - 1949 بعد أخذ رأى إدارة مكافحة المخدرات (وقد أشارت الإدارة إلى مراقبته خلال هذه المدة) وعند أخذ رأى إدارة مكافحة المخدرات فى تجديد إقامته سنة أخرى أوصت بكتابها المؤرخ 21 - 6 - 1950 بعدم تجديد إقامة المذكور ثم طلبت الإدارة سالفة الذكر استصدار أمر بإبعاده لخطورته على الأمن العام.
(2) وبتاريخ 10 - 8 - 1950 حررت إدارة الجنايات إلى إدارة مكافحة المخدرات كتابا برقم 484 سرى لموافاتها بمعلوماتها عنه وبتاريخ 15 - 10 - 1950 أرسلت الإدارة المذكورة مذكرة عن نشاطه تبين منها أنه قدم للمحاكمة أمام المحكمة القنصلية اليونانية بالإسكندرية فى قضية مخدرات وحكم عليه بتاريخ 10/ 5/ 1943 بالحبس لمدة سنة ونصف ثم رحل إلى اليونان لقضاء مدة العقوبة وذلك بتاريخ 6/ 6/ 1934 وقد طلب مكتب المخدرات العام بالقاهرة بتاريخ 7/ 8/ 1934 وضع اسمه فى قائمة المراقبين.
(3) بتاريخ 25/ 6/ 1936 ذكر فرع الاسكندرية فى كتاب له إلى مكتب المخدرات العام أن سيدة إيطالية تدعى (سينيا) تبغى الاقتران بالمذكور فى أثينا ثم يعود بها إلى مصر بمجرد الزواج. وفى سبتمبر سنة 1945 كتب فرع المخدرات العام بالإسكندرية إلى فرع إدارة الجوازات بالمدينة أن المذكور مضى عليه حوالى سبع سنوات فى خدمة الفرع كمرشد وأنه عنصر نافع وطلب الفرع منه مدة إقامته فى مصر لمدة سنة إن أمكن فكتبت إدارة الجوازات فى 3/ 12/ 1947 إلى بوليس الاسكندرية للاستعلام عما إذا كان المذكور ما يزال فى خدمة المكتب كمرشد فإفاده الفرع فى 11 - 12 - 1947 بأن خدمات المذكور للمكتب انقطعت منذ أمد طويل كما أنه يخشى فى الوقت الحالى من انتشار المواد المخدرة وفوض الإدارة للموافقة على مد إقامته لمدة سنة واحدة فقط مع التنحى عن التوصية بأى شئ فيما يخصه حتى تترك للفرع حرية طلب إبعاده مستقبلا وقد أبدت مكافحة المخدرات فى كتابها المؤرخ 15 - 12 - 1947 إلى إدارة الجوازات عدم موافقتها على مد إقامة صاحب الشأن وطلبت اتخاذ اللازم لإعادة إبعاده.. قد أجابت إدارة الجوازات بكتابها رقم 1 - 1 - 1141 بتاريخ 5 - 7 - 1947 بأن سعادة القاصد الرسولى أوصى بمد إقامة المذكور بالبلاد وتلقاء ذلك رخصت له الإدارة بالبقاء إذا لم يكن لدى إدارة المخدرات أسباب قوية تحول دون ذلك. وإفادة فرع الاسكندرية فى 17 - 7 - 1948 بأنه يرى الاكتفاء بمد إقامته مدة سنة يراقب خلالها. ثم إفادة فرع الاسكندرية بكتابه رقم 14 - 26 فى 15 - 6 - 1950 بأنه لا يوافق على مد الاقامة وإبعاده كما أفاد الفرع بكتابه المؤرخ 17 - 9 - 1950 بأنه ليس له نشاط الآن فى تجارة المخدرات وأنه نفى أنه كان يؤدى خدمات لإرشاد المكتب مدة جيز باشا كما ذكر كراماتوس عند سؤاله بمعرفة الفرع بأنه لا علاقة له أو معرفة بسيادة القاصد الرسولى وأسر الفرع على تنفيذ أمر الإبعاد هذا - وقد أرسلت إدارة مكافحة المخدرات إلى إدارة عموم الأمن العام بتاريخ 20 - 1 - 1951 ذكرت الأسباب التى تبرر إبعاد هذا الشخص وتتلخص فى سبق الحكم عليه فى القضية رقم 19 جنح مخدرات المنشية سنة 1934 بالحبس لمدة سنة ونصف كما صدر أمر إبعاده من القنصلية اليونانية وأبعد فعلا إلى اليونان وأنه لظروف خاصة رأى المكتب أن مرسوم الإبعاد الصادر سنة 1938 إنما قصد به أن يطبق خلال فترة الانتقال المتفق عليها فى اتفاقية مونتريه. (وقد انتهت الفترة ولما كانت الحكومة المصرية لم تعقد مع دولة اليونان بعد معاهدة لتنظيم الإقامة ومعاملة رعاياها فى المملكة المصريه فيكون المرجع فى ذلك القواعد المتعارف عليها فى القانون الدولى العام وهى تقتضى فى جملتها وجوب عدم اساءة السلطة فى معاملة الأجانب مع ملاحظة أن الدولة بما لها من حق السيادة وسلطة التقدير، هى الحكم فيما يصلح وما لا يصلح لأن يكون سبباً الإبعاد.. وعلى أن يراعى أن يكون قرارها صادراً عن باعث سليم وحسن نية وبشرط أن لا تتعسف فى استعمال ذلك الحق وقد قال الشراح ذلك أن الحق ينتهى إذا ما بدء فى اساءة استعماله.
وعلى العموم فإنه لا يصح للدولة أن تبعد أجنبياً لسبب لا ترى فيه الدولة المستثيرة سبباً مبرراً للإبعاد.
كما يحسن أن ننوه بأن الإبعاد ليس عقوبة فحسب وإنما هو مزدوج الطبيعة إذ أن الدولة تعده وسيلة من وسائل الأمن بمقتضاه تخلص إقليمها من أجنبى غير مرغوب فى إبقائه فيه لأسباب ترجع إلى أمنها وسلامتها، بمباشرة ما لها من حق السيادة والسلطان على إقليمها.
وإزاء هذه المقاييس (وفى حدودها) تباشر الدولة سلطانها فى إبعاد من ترى إبعادهم من الأجانب غير المرغوب فيهم ولا يشترط أن يرتكب الأجنبى جريمة على إقليم الدولة حتى تتمكن من إبعاده بل لها أن تبعد الأجنبى ولو لم يرتكب جريمة ما دام يزاول فى رأيها نشاطا يمسها أو يهددها أو يجعلها ترتاب فى أمره وتوجس خيفة من بقائه.