المكتب الفنى - مجموعة مجلس الدولة لفتاوى قسم الرأي
السنتين الرابعة والخامسة - أكتوبر 1949 - سبتمبر 1951 - صـ 687

(فتوى رقم 1304 فى 30 - 1 سنة 1950)
(301)

عاهرات - اجراءات تفتيش البيوت
إن الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون رقم 50 لسنة 1950 تعطل حكم المادة الثالثة من الأمر العسكرى رقم 76 لسنة 1949 الصادر فى 20 - 4 - 1949 فى شأن إغلاق  بيوت العاهرات فيجب الحصول على إذن من النيابة لتفتيش  البيوت المشتبه فيها.
يبين من الاطلاع على القانون رقم 50 لسنة 1950 أن المادة الأولى منه قد قررت رفع الأحكام العرفية فى جميع أنحاء المملكه المصرية فيما عدا محافظتى سيناء والبحر الأحمر
وبمقتضى المادة الأولى المشار اليها أبقى المشرع العمل بتسعة أوامر عسكرية منها الأمر رقم 76 لسنة 1949 فى شأن إغلاق بيوت العاهرات.
ويبدو أن بعض هذه الأوامر العسكرية المقررة لجرائم أوردتها قد تضمن أحكاما تتضافر مع أحكام قانون تحقيق الجنايات وخاصة فيما يتعلق بسلطة التفتيش إذ نصت المادة الثالثة من الأمر العسكرى رقم 76 لسنة 1949 على تخويل رجال الإدارة المبينين بها إجراء التفتيش دون استئذان النيابة العامة فى ذلك خلافا لحكم قانون تحقيق الجنايات وهنا يثور البحث فيما إذا كان إبقاء الأمر العسكرى رقم 76 لسنة 1949 يستتبع قيامه برمته بما فيه المادة الثالثة منه أو أن حكمها قد نسخه ضمنا القانون رقم 50 لسنة 1950 بما أورده من نصوص ونسقه من أحكام.
إن الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون رقم 50 لسنة 1950 قد جرى نصها بما يأتى. "وتتبع الإجراءات المنصوص عليها فى قانون تحقيق الجنايات فى شأن الجرائم العسكرية التى لم يكن المتهمون فيها قد قدموا للمحاكم العسكرية، وفى القضايا العسكرية التى يقرر رئيس مجلس الوزراء إعادة المحاكمة فيها.
وبما أن الذى يبين من مطالعة الفقرة الثانية من المادة الخامسة المذكورة أن الشارع إنما هدف إلى أن يجرى على الجرائم العسكرية التى لم يكن المتهمون قد قدموا للمحاكم العسكرية عند العمل بهذا القانون أحكام قانون تحقيق الجنايات - فأحكام هذا القانون وحده هى التى يتعين الرجوع اليها عند إجراء التفتيش وهذا القانون وحده هو الذى يعول عليه عند تحديد طوائف رجال الضبط القضائى الذين يحق لهم مباشرة إجراءات التحقيق عامة وإجراء التفتيش خاصة.
وبما أن عبارة الجرائم العسكرية التى لم يكن المتهمون فيها قد قدموا للمحاكم العسكرية. تنسحب فى جل صور تطبيقها على الجرائم التى لم ترتكب بعد وبالتالى لم تبدأ أولى مراحل تحقيقها وبهذه المثابة ينبغى أن يخضع إجراء التفتيش الذى يجرى فى شأنها للإجراءات التى رسمها قانون تحقيق الجنايات نزولا على حكم الفقرة الثانية من المادة الخامسة المشار اليها.
ومن حيث أنه إن كان نص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون رقم 50 لسنة 1950 عاما لا تخصيص فيه ومطلقا لا قيد عليه بحيث لا يتناول الجرائم العسكرية عامة التى لم يكن المتهمون فيها قد قدموا للمحاكم العسكرية عند العمل بهذا القانون سواء منها الجرائم التى أنقلبت عادية يسوسها قانون العقوبات فحسب أو تلك التى أبقى على أوامرها العسكرية بحكم المادة الأولى من القانون إلا أن المنطق يهدينا إلى أن الشارع إنما أورد الفقرة الثانية من المادة الخامسة لتنظيم هذا النوع الأخير من الجرائم أولا وبالذات لأنه يثير بعض الشبهات ويوقع الافهام فى شئ من الاضطراب بسبب ما تتضمنه بعض هذه الأوامر العسكرية من نصوص إجرائية خاصة لا تستقيم مع المبادئ التى أوردها قانون تحقيق الجنايات بين دفتيه.
وبما أن الذى يؤكد هذا النظر أنه لا حاجة بالمشرع التى يقرر هذا الحكم. وهو اتباع إجراءات قانون تحقيق الجنايات بالنسبة للجرائم التى ألغيت أوامرها العسكرية بمقتضى القانون رقم 50 لسنة 1950 لعلة واضحة هى أن تطبيق قانون تحقيق الجنايات بعد إلغاء أوامرها العسكرية وصيرورتها جرائم عادية يصبح أمرا مفروغا منه وبداهة لا يرتقى اليها الشك - فإلغاء هذه الأوامر يسقط تبعا ما كانت تسلكه فى نصوصها من أحكام إجرائية خاصة تجافى مقررات قانون تحقيق الجنايات.
وبما أنه يتفرع على هذا إلزاما أن الشارع قد رمى بالنسبة إلى الجرائم المبقى على أوامرها العسكرية الى أن يسود قواعد قانون تحقيق الجنايات على الإجراءات العرفية الشاذة التى ذخرت بها بعض هذه الأوامر العسكرية مع إبقائه على العقوبة المغلظة التى فرضتها هذه.
وبما أنه أزاء قيام نص الفقرة الثانية من المادة الخامسة المنوه عنها وتكشف نية المشرع فى إرادة نسخ أى حكم يتعارض معها فى الأوامر العسكرية المبقى عليها يكون التحدى بتطبيق الاحكام الإجرائية الخاصة الواردة فى المادة الثالثة من الأمر العسكرى 76 لسنة 1949 نبوا عن منطق التشريع وتنكبا لقصد واضع القانون الذى تعمد النص على تغليب قانون تحقيق الجنايات على ما عداه سعيا وراء توفير أوفى الضمانات للمتهمين بعد أن زال عن البلاد كابوس الحكم العرفى.
وبما أن تخصيص هذا الاطلاق الوارد فى النص اللاحق بنص سابق انتظمته بعض الأوامر العسكرية بدون قرينة تفيده هو تحكم صرف تأباه الأوضاع اللغوية وترفضه مقتضيات النسخ الضمنى وقواعد التفسير القويم وفوق هذا مفض إلى تفويت غرض الشارع والى اهدار مبتغاه.
وبما أنه ينبنى على ما اسلفناه أن الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون رقم 50 لسنة 1950 تعطل بلا مراء أحكام المادة الثالثة من الأمر العسكرى رقم 76 لسنة 1949 وبالتالى يتعين على رجال الضبط القضائى عند تفتيش مساكن العاهرات أن يستصدروا إذنا به من النيابة العامة قبل إجرائه وفقا لاحكام قانون تحقيق الجنايات وذلك أعمالا لنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون رقم 50 لسنة 1950