المكتب الفنى - مجموعة مجلس الدولة لفتاوى قسم الرأي
السنتين الرابعة والخامسة - أكتوبر 1949 - سبتمبر 1951 - صـ 691

(فتوى رقم 1178 فى 15 - 1 - 1951)
(302)

عقود - قبول - سكوت
يعتبر السكوت قبولا إذا لم يفصح صاحب الشأن عن رأيه فى الأجل المحدد له.
تستطلع المصلحة الرأى بالنسبة إلى سكوت مقدم العطاء خلال الأجل المضروب له عن الرد على كتاب المصلحة بطلب مد المدة هل يعتبر السكوت قبولا منه بعد المدة؟
فاننا نرى أن إيجاب مقدم العطاء هو فى الواقع مقرون بالتزام يقيده باحترام الأجل المعلن عنه طوال مدته تأسيسا على أن هناك عقدا تم بين المصلحة بالنسبة الى الأجل والطرف الآخر وهو مقدم العطاء القابل لهذا الأجل، وهذا العقد يقترن فى الآن ذاته بإيجاب من ناحيته بالنسبة الى موضوع العطاء، ومقدم العطاء ملزم بألا يعدل عن ايجابه المدة المحددة المنصوص عليها فى شروط المناقصة التى دخل على أساسها. ولما كان هذا العقد غير المسمى قد أريد تعديله بعد ذلك من جانب المصلحة بالنسبة الى الأجل بابداء رغبتها فى مده يكون لديها فسحة من الوقت ليصلها اعتماد الوزارة أو نتيجة تحليل المعمل الكيماوى وكان هذا الطلب متصلا بتعامل سابق وهو هذا العقد الذى أشرنا اليه آنفا فان الأحكام المختلطة كانت مجمعة على أن السكوت بالنسبة الى هذا الإيجاب الجديد يؤول على أنه قبول له لأن هذا الإيجاب الجديد الصادر من المصلحة يتمحض عن رغبة فى تعديل التعاقد الذى تم بالنسبة الى هذا الأجل. وعلى هذا تواترت أحكام القضاء المختلط (راجع الحكم الصادر من محكمة الاستئناف المختلطة فى 18 نوفمبر سنة 1925 ب 38 ص 56، وحكما آخر صادرا منها فى 11 ابريل سنة 1917 ب 29 ص 358 بالنسبة الى سكوت خاص بالغاء عقد أو الإقالة منه)
وحيث أن هذا التفسير الذى اعتنقه القضاء المختلط قد أيدته الأعمال التحضيرية المرافقة للمادة 98 من القانون المدنى الجديد وشواهد ذلك ما ورد فى هذه الأعمال التحضيرية جزء 2 ص 58. وقد أخذ القضاء المصرى بحلول تشابه الحلول التى يقررها هذا النص فالأصل عنده أن السكوت وحده مجرداً من أى ظرف آخر لا يعتبر قبولا ولكن يجوز أن يستخلص القبول من ظروف معينة تلابس السكوت كقيام تعامل سابق بين العاقدين. ثم أشير بالذات الى الأحكام القضائية المختلطة التى أوردناها.
وحيث أن هذه الأمارات تفصح عن أخذ واضع القانون بمذهب القضاء المختلط بالنسبة الى السكوت الملابس واعتباره قبولا فى هذه الخصوصية لأنه يستخلص من ظروف معينة تلابس السكوت كقيام تعامل سابق بين العاقدين.
وحيث أنه مما يؤكد هذا المعنى أن الدكتور السنهورى باشا واضع القانون المدنى قد جنح الى هذا الرأى عندما أخذ فى تفسير مواطن السكوت الملابس فجاء فى مؤلفه العقد (ص 160 بند 164 طبعة 1934 القاهرة) ما يلى بالنص.
(وقد يكون هناك عقد سابق بين الطرفين فيستخلص من السكوت قبولا إذا كان العقد الجديد من مكملات تنفيذ العقد السابق أو معدلا له أو فاسخا.
وحيث أن هذا التفسير هو الذى يجب مسايرته فى الحالة المعروضة من باب أولى لأن المصلحة قد ضربت لمقدم العطاء أجلا للافصاح عن موقفه بالنسبة الى مد مدة سريان العطاء وكلفته بالرد على كتابها خلال ثلاثة أيام والا اعتبر سكوته قبولا.
وحيث أنه كان يتعين عليه لدحض هذه القرينة المستفادة من القانون أولا ومن شرط المصلحة ثانيا أن يبادر بالرد لتبيان موقفه وهو ما لم يفعله.
فلكل ما تقدم نرى أن هذا الموقف السلبى من جانب مقدم العطاء يجب أن يحمل على معنى القبول انزالا لحكم المادة 98 من القانون المدنى الجديد على الواقعة موضوع الاستفتاء.