المكتب الفنى - مجموعة مجلس الدولة لفتاوى قسم الرأي
السنتين الرابعة والخامسة - أكتوبر 1949 - سبتمبر 1951 - صـ 1019

(فتوى رقم 2746 فى 1/ 9/ 1951)
(448)

بريد - صندوق - التوفير - الضرائب
لا محل لدفع ضريبة ايرادات رؤوس الأموال المنقولة والأرباح التجارية على  الأموال المودعة فى البنوك من مصلحة البريد لحساب صندوق التوفير.
يبين من الاطلاع على الاوراق أنه على أثر صدور القانون رقم 14 سنة 1939 بفرض ضريبة على ايرادات رؤوس الاموال السنوية وعلى الارباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل ارسلت مصلحة البريد ترى عدم دفع ضريبة أرباح المبالغ المودعة فى البنوك من حساب صندوق التوفير لأن هذه الارباح لا تخرج عن كونها مبالغ مستحقة للحكومة فوافقت مصلحة الضرائب على وجهة نظر مصلحة البريد بكتابها المؤرخ فى 12 من مارس سنة 1939 وأرسلت فى الوقت نفسه خطابا الى كل من البنك الأهلى وبنك مصر فى 11 من مارس سنة 1939 تخطرهما فيه بعدم خصم ضرائب على ارباح المبالغ المودعة لحساب صندوق التوفير.
وبعد مضى نحو عشرة سنوات طلبت مصلحة الضرائب فى سنة 1949 مباشرة من البنوك المودعة بها المبالغ الخاصة بصندوق التوفير خصم ضريبة الارباح المستحقة على هذه المبالغ ابتداء من الاول من سبتمبر سنة 1938 وهو التاريخ المحدد لفرض هذه الضريبة وفقا لما جاء بالمادة الاولى من القانون رقم 14 سنة 1939 السالف الذكر فأرسلت مصلحة البريد خطابا فى 16 من مايو سنة 1949 أشارت فيه الى الموافقة السابقة من مصلحة الضرائب على اعفاء ارباح الاموال المودعة من صندوق التوفير من الضرائب باعتبار انها اموال حكومية وطلب فيه من مصلحه الضرائب أن تعيد النظر فى الامر.
والأرباح التى يحصل عليها صندوق التوفير سواء من الودائع النقديه التى فى البنوك أو من ارباح الأوراق الماليه التى تستثمر فيها اموال صندوق التوفير تدفع منها الأرباح المستحقة للمودعين كما تدفع منها نفقات الادارة.
والأرباح التى تدفع للمودعين تخصم منها الضريبة المستحقة وتسوى لمصلحة الضرائب مباشرة والنزاع بين مصلحتى الضرائب والبريد يدور حول الضريبة المستحقة على الودائع النقدية لحساب صندوق التوفير فى البنوك أما ضريبة أرباح الأوراق المالية فبعضها معفى من الضريبة بنص القانون أما غير المعفى منها فأن الضريبة المستحقه عليه تخصم قبل تسوية الأرباح لحساب صندوق التوفير.
وقد أرسلت مصلحة البريد بيانا بكتابها المؤرخ 27 من ديسمبر سنة 1949 بمجموع الودائع فى سنة 1947 وكيفيه استثمارها وما دفع للمودعين من أرباح وما خصم من هذه الأرباح من ضرائب تسددت لمصلحة الضرائب.
ويؤخذ من هذا البيان أن مجموع الودائع بلغ نحوا من 32 مليونا من الجنيهات دفع عنها للمودعين فوائد نحوا من 25 ألف جنيه بعد خصم الضرائب المستحقة عنها وقدرها 34 ألف جنيه تقريباً.
وتقول مصلحة البريد أن دفع ضرائب أخرى على أرباح الودائع فى حين أن مصلحة الضرائب تستوفى حقها من المودعين معناه دفع الضريبة مرتين.
كما لاحظت أيضاً مصلحة البريد أن حصيلة الودائع تستثمر فى قراطيس مالية بسعر يزيد عن الأرباح التى يدفعها الصندوق للمودعين وهذه القراطيس بعضها معفى من الضريبة بحكم القانون وأرباح البعض الآخر من القراطيس تخصم منه الضريبة المستحقة قبل تسديد الأرباح للصندوق وأن الأرباح التى تجنيها مصلحة البريد من القراطيس المالية هى التى تمكنها من القيام بعملية التوفير.
ومجموع الودائع النقدية التى بصندوق التوفير نحو تسعة ملايين من الجنيهات منها نحو ثمان ملايين وسبعمائة ألف جنيه مودعة فى البنك الأهلى بفائدة قدرها 0.5 فى المائة والباقى مودع بفائده 1 فى المائة والغرض من إيداع هذا المبلغ نقداً هو إيجاد رصيد لدفع الودائع لأصحابها عند الطلب والفائدة المودعة بها هذه المبالغ تقل فعلا عما يدفعه صندوق التوفير للمودعين لأن الفائدة التى يدفعها الصندوق بسعر 1 فى المائة ويغطى هذا الفرق مما يحصل عليه الصندوق من أرباح عن القراطيس المالية كما أنها تدفع منه ما تتحمله مصلحة البريد من نفقات فى إدارة أعمال التوفير.
والنزاع بين مصلحة الضرائب ومصلحة البريد يدور حول الضريبة المستحقة عن أرباح الودائع النقديه.
وتطلب مصلحة البريد إبداء الرأى فى ضوء ما تقدم فيها إذا كان يجب دفع ضرائب على أرباح الودائع التى فى البنوك لمصلحة الضرائب وهل يجوز لمصلحة الضرائب بعد أن وافقت على الإعفاء أن تعود فتطالب بهذه الضرائب بعد مضى نحو عشر سنوات.
ومن حيث أن شرط استحقاق ضريبة القيم المنقولة هو استحقاق إيراد عن رؤوس الأموال المنقولة وأن يدخل هذا الإيراد فى ذمة المكلف بأداء الضريبة والاصل فى هذا الإيراد أنه ينتج عن استغلال رؤوس الاموال.
ومن حيث أنه وإن كانت مصلحة البريد تدخل فى حصيلتها جميع الارباح الناتجة عن استغلال المبالغ المودعة بصندوق التوفير فان مآل صافى هذه الاموال بعد دفع أرباح المودعين هو دخولها خزانة الدولة وفى ميزانيتها العامة.
كما أنه من المبادئ العامة عدم سريان الضرائب على مصالح الحكومة لان الدولة لا تتقاضى ضرائب من نفسها. فالضرائب عبء على الفرد شخصاً طبيعياً كان أو معنوياً لصالح الخزانة العامة أى إزاء الدولة.
ومن حيث أن ميزانية الدولة وحده لذلك لا يكون هناك محل لهذه المطالبة طالما أن نهاية هذه العملية هى دخول هذا المبلغ فى ميزانية الدولة.
ومن حيث أن المبالغ المودعة بالبنوك من مصلحة البريد وإن كان مصدرها ودائع الافراد إلا أنها بدخولها فى ذمة المصلحة تصبح أموالا أميرية شأنها شأن كافة أموال الحكومة (بدليل أن اختلاسها يعتبر اختلاس أموال أميرية) سيما وأن صندوق التوفير يقوم بخدمة عامة هى تشجيع الادخار وتبقى المصلحة مدينة برد ما يوازى قيمتها للمودعين طبقاً لحكم المادة 726 من القانون المدنى إذ أن هذه الودائع مبالغ من النقود والمصلحة مأذونة باستعمالها مما يجعل العقد قرضاً والمصلحة تقوم بتوظيفها وتحصل على فرق الربح بين ما تجنيه من استغلالها وما تدفعه للمودعين وما دامت هذه الأموال أموالا حكومية فلا تسرى عليها ضريبة القيم المنقولة.
إزاء ذلك فان هذه الإدارة لا ترى محلا لدفع ضريبة إيرادات رؤوس الأموال المنقولة والارباح التجارية على الاموال المودعة فى البنوك من مصلحة البريد والخاصة بصندوق التوفير.