مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى قسم الرأي
السنة الثامنة والنصف الأول من السنة التاسعة (من أول أكتوبر سنة 1953 إلى آخر مارس سنة 1955) - صـ 55

(فتوى رقم 178 في 16 من مايو سنة 1954)
(45)

مرفق عام - ضوابطه - شركة الكهرباء المصرية - خضوعها في قيامها باستغلال مرفق توليد الكهرباء طبقاً لاتفاق 12/ 7/ 1930 لأحكام القانون رقم 129 لسنة 1947 الخاص بالتزامات المرافق العامة.
إنه وإن كانت فكرة المرفق العام غير محددة تحديداً واضحاً وليس لها تعريف جامع مانع، إلا أن العنصر الأساسي فيها هو ضرورة وجود خدمة عامة يهدف المشروع إلى أدائها، وتقوم بها الحكومة مباشرة أو يقوم بها ملتزم تحت إشراف السلطة الإدارية المختصة في نطاق القانون العام. والمرجع في توفر صفة المرفق العام في المشروع أو عدم توافرها فيه إلى الظروف المحيطة به، والقواعد التي تضعها السلطة العامة لتنفيذه، والقيام به، والإشراف عليه، مع الاستهداف بقصد الدولة القوامة أصلاً على المرافق العامة.
فإذا رجعنا إلى نصوص الاتفاق المبرم بين الحكومة وبين شركاء الكهرباء المصرية وواحات عين شمس وشركة ترام القاهرة، لتبين مدى انطباق أحكام القانون رقم 129 لسنة 1947 الخاص بالتزامات المرافق العامة على شركة الكهرباء المصرية، ولتبين أن السبب الذي دعا إلى إبرام هذا الاتفاق وإلى الترخيص لشركة الكهرباء المصرية بإنشاء مصنعها، هو قدم مصنع شركة الترام وعدم صلاحيته لتوليد القوى الكهربائية بطريقة ملائمة وتوزيعها على شبكة الشركة. والعمل الذي تقوم به الشركة - وهو توليد التيار الكهربائي وتوريده إلى شركة الترام وسكة حديد مصر الكهربائية وواحات عين شمس - يرتبط أشد الارتباط بالتزامي كل من هاتين الشركتين ولا يمكن اعتباره منفصلاً عنها. ولذلك فإن هذا الاتفاق يعتبر معدلاً لبعض أحكام العقود والاتفاقات المبرمة مع شركة الترام وشركة سكة حديد مصر الكهربائية تعديلاً من شأنه أن حلت الشركة المصرية للكهرباء محل الشركتين في التزاماتها الخاصة بتوليد التيار الكهربائي، وإنشاء المصنع المنتج له تحت إشراف الحكومة، وإدارته بصفة منتظمة مستمرة، وصيانته إلى نهاية مدة التزام شركة سكة حديد مصر الكهربائية، ثم تسليمه في هذا التاريخ إلى الحكومة المصرية في حالة جيدة.
وبحلول شركة الكهرباء المصرية محل شركتي الترام وسكة حديد مصر الكهربائية في التزاماتهما المذكورة تعتبر مشتركة معهما في القيام بعمل مكمل للمرافق العامة التي تقومان بها. يؤكد ذلك ما يأتي: 1 - ما التزمت به الشركة من عرض تصميمات المحطة الجديدة على الوزارة قبل تنفيذ المشروع لتتأكد الوزارة من أن الأجهزة الجديدة لا تقل قوة من أجهزة محطتي شركتي الترام ومصر الجديدة. وهذا يدل على حرص الحكومة على أن تسير المرافق العامة المناطة بهاتين الشركتين بانتظام. 2 - استيلاء الحكومة في 23 من مايو سنة 1975 على المصنع الجديد وملحقاته بحالة جيدة، وعلى تعهدها ابتداء من هذا التاريخ بتوريد التيار الكهربائي اللازم لشركة الترام إلى نهاية مدة التزامها. ومعنى ذلك أن الحكومة رأت أن قيام الشركة بتوليد التيار الكهربائي يعتبر مرفقاً عاماً يؤول إليها في نهاية المدة المحددة في الاتفاق. 3 - اتجاه الوزارة إلى استصدار قانون بالاتفاق يبين منه أن نية الوزارة كانت منصرفة إلى وضع هذه الشركة في مركز الملتزم بمرفق عام، لولا ما أفتت به لجنة القضايا من أن هذا الاتفاق يعتبر تعديلاً في الشروط المتعلقة بالتنفيذ لا يحتاج إلى قانون، ويمكن إجراؤه بمعرفة السلطة المنوطة بتنفيذ الالتزام أو بمراقبته. ولا خلاف في أن اتفاق سنة 1930 قد تضمن جميع أركان عقد الالتزام؛ إذ هو عقد بين جهة الإدارة المختصة وبين الشركات الثلاث، متعلق بإدارة مرافق عامة ذات صفة اقتصادية، وقد عهد بمقتضاه إلى شبكة الكهرباء المصرية باستغلال توليد التيار الكهربائي، وجرى به إحلالها في هذا الشأن محل شركتي الترام وسكة حديد مصر الكهربائية.
لذلك فإن شركة مصر الكهربائية في قيامها باستغلال توليد التيار الكهربائي طبقاً لاتفاق سنة 1930 تخضع لأحكام القانون رقم 129 لسنة 1947 الخاص بالتزامات المرافق العامة.