مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى قسم الرأي
السنة الثامنة والنصف الأول من السنة التاسعة (من أول أكتوبر سنة 1953 إلى آخر مارس سنة 1955) - صـ 59

(فتوى رقم 61 في 7 من فبراير سنة 1955)
(49)

معاشات - إثبات - المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 - قطع المعاش متى ثبت بيقين أن مستحقته تزوجت - لا يلزم لإثباته وثيقة رسمية - أساسه.
ينتهي معاش من يثبت زواجها على وجه قاطع بأي طريق من طرق الإثبات ولو لم يكن عقد زواجها مثبتاً في وثيقة رسمية. وثمة رأي عكسي يذهب إلى القول بأنه لا محل لقطع المعاش ما دامت مستحقته لم يعقد زواجها بوثيقة رسمية. ويستند هذا الرأي إلى الفقرة الرابعة من المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية (المضافة بالقانون رقم 78 لسنة 1931) والتي تنص على أنه "لا تسمع عند الإنكار دعوى الزوجية أو الإقرار بها إلا إذا كانت ثابتة بوثيقة زواج رسمية في الحوادث الواقعة من أول أغسطس سنة 1931 ". ولكن هذا الرأي مردود عليه بما يأتي: أولاً - إن عقد الزواج في الشريعة الإسلامية ما زال من العقود الرضائية التي تتم وتنتج آثارها القانونية متى استوفيت كافة أركانها الشرعية، ولم تصبح الرسمية ركناً من أركان الزواج كما قد يتبادر إلى الأذهان من مطالعة المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 78 لسنة 1936، إذ جاء فيها "وما كان لشيء من ذلك أن يقع لو أثبت هذا العقد دائماً بوثيقة رسمية، كما في عقود الرهن وحجج الأوقاف، وهي أقل منه شأناً" إذ من المعلوم أن الرسمية ركن في عقد الرهن، يترتب على إغفالها بطلاق العقد بطلاناً أصلياً، وليس هذا هو الحال في عقد الزواج، فالرسمية مطلوبة فيه للإثبات فحسب، يترتب على إغفالها عدم سماع الدعوى عند إنكاره، ولا ينبني على فواتها بطلان العقد أو فساده. ثانياً - إن المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية، قد صدر بتاريخ 28 من مايو سنة 1929، في حين أن المادة 19 من القانون رقم 78 لسنة 1931، تشترط ثبوت الزواج بوثيقة رسمية في الحوادث الواقعة من أول أغسطس سنة 1931؛ ومن ثم فلم تكن الرسمية واجبة عند العمل بأحكام قانون المعاشات، وبالتالي فلا سبيل إلى القول بأن المشرع قصد أن يكون الزواج في صدد تطبيق أحكام ذلك القانون ثابتاً بوثيقة رسمية، وإنما يجب أن تفسر نصوصه على ضوء القواعد والأحكام التي كانت قائمة عند العمل بأحكامه، والتي لم تكن تتطلب ثبوت الزواج في وثيقة رسمية. يضاف إلى ذلك أنه يبين من استقراء أحكام القوانين التي ترتب على الزواج أثراً في نطاق القانون العام أنها تشترط ثبوت عقد الزواج بمقتضى وثيقة رسمية، كلما ارتأى المشرع ضرورة لذلك: فمثلاً تنص المادة 26 من القانون رقم 160 لسنة 1950 الخاص بالجنسية المصرية على أن "لا يترتب أثر للزوجية في كسب الجنسية أو فقدها إلا إذا ثبت في وثيقة رسمية تصدر من الجهة المختصة". ولم يكن المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 الخاص بالجنسية المصرية يشترط الوثيقة الرسمية في إثبات الزوجية؛ ومن ثم كان يكفي في ظل أحكامه تحقق واقعة الزواج لترتيب تلك الأحكام. وما دام المشرع لم يشترط الوثيقة الرسمية بمقتضى قانون المعاشات لإثبات الزواج، فلا محل لاستلزامها دون نص. ثالثاً - إن منع سماع الدعوى - طبقاً للفقرة الرابعة من المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية - مقصور على الدعاوى التي ترفع إلى المحاكم الشرعية، ومن المعلوم أنه توجد جهات أحوال شخصية أخرى لطوائف غير المسلمين من المصريين، والمنع من سماع الدعوى لا يمتد بداهة إلى هذه الجهات، فهي تسمع دعوى الزوجية ولو كانت غير ثابتة في وثيقة رسمية، وقانون المعاشات يسري على الموظفين كافة أياً كان دينهم أو مذهبهم. ولا يقتصر على المسلمين وحدهم؛ ومن ثم فلا يستقيم منطقياً أن تشترط الوثيقة الرسمية بالنسبة للمسلمين دون سواهم من أفراد الطوائف الأخرى.