مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى قسم الرأي
السنة الثامنة والنصف الأول من السنة التاسعة (من أول أكتوبر سنة 1953 إلى آخر مارس سنة 1955) - صـ 70

(فتوى رقم 88 في 9 من مارس سنة 1955)
(58)

ميزانية - وظائف إدارية، اعتبار المصلحة وحدة واحدة بالنسبة لها إلا إذا اتضح أن الميزانية قد أفردت لبعض أقسام المصلحة الواحدة أو إدارتها عدداً من الوظائف والدرجات ورتبها في تسلسل هرمي - وظائف فنية، تعدد أقسام الدرجات الفنية في المصلحة الواحدة والقسم الواحد بحسب نوع الوظائف المخصصة لها هذه الدرجات.
إن الرأي الذي كان سائداً فيما قبل العمل بأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 هو وجوب التزام تقسيم الميزانية لدرجات المصلحة الواحدة، واعتبار كل قسم وحدة قائمة بذاتها مع عدم الإخلال بحق الإدارة في النقل من قسم إلى آخر تمهيداً للترقية بشرط القيام بعمل الوظيفة المخصصة لها الدرجة، وفي حدود حسن استعمال السلطة، أما فيما يتعلق بالرأي الواجب الاتباع الآن في ظل أحكام القانون سالف الذكر، فإنه يبين من استقراء هذه الأحكام أن المادة 27 تنص على أن "تنشأ في كل وزارة لجنة تسمى لجنة شئون الموظفين ويجوز أن تنشأ لجنة مماثلة في كل مصلحة....". كما تنص المادة 40 مكرراً على أن "تخصص ثلث درجات الأقدمية في كل وزارة أو مصلحة لتسوية الدرجات الشخصية الناشئة عن تطبيق أحكام هذه المادة". والمستفاد من هذين النصين أن القانون سالف الذكر قصد إلى معالجة الترقيات على أساس أن المصلحة هي الوحدة الإدارية دون اعتبار لتقسيماتها الداخلية الواردة في الميزانية؛ ويتضح ذلك جلياً من نص المادة 47 الذي يجرى كالآتي: "يجوز نقل الموظف من إدارة إلى أخرى ويجوز نقله من مصلحة أو وزارة إلى مصلحة أو وزارة أخرى إذا كان النقل لا يفوت عليه دوره في الترقية بالأقدمية أو كان بناء على طلبه. ومع ذلك لا يجوز النظر في ترقية الموظف المنقول من مصلحة أو وزارة أخرى إلا بعد مضي سنة على الأقل من تاريخ نقله ما لم تكن الترقية في نسبة الاختيار أو في درجات المصالح المنشأة حديثاً....".
ومؤدى هذا النص هو أن أقدمية الموظف ينظر في تحديدها إلى مركزه بين موظفي المصلحة الواحدة. وبالتالي فقد رتب القانون حماية معينة لضمان عدم إهدار أقدميته في المصلحة بأن حرم نقله إذا كان من شأن هذا النقل أن يفوت عليه الترقية إلا إذا كان ذلك بناء على طلبه. أما النقل من إدارة إلى إدارة أخرى داخل المصلحة الواحدة فالمفهوم من مقدمة النص أنه جائز دون أي قيد أو شرط، إذ لم ير المشرع في هذا النقل ما يضر بمركز الموظف ما دامت أقدميته تتحدد بالمقارنة بزملائه في المصلحة فلا تتأثر بنقله من إدارة إلى أخرى. إن الأخذ بمفهوم هذه النصوص يصطدم مع تقسيم الميزانية وما يرى فيه من ترتيب الوظائف والدرجات في بعض المصالح على نحو يكفل حسن أداء العمل الذي يقوم عليه كل قسم من أقسام المصلحة الواحدة، الأمر الذي لا يتأتى إلا إذا توافر لهذا القسم عدد معين من الوظائف والدرجات التي تنسق في ترتيب تصاعدي مرسوم، ولا شك أن إدماج هذه الدرجات مع غيرها من الدرجات المخصصة لباقي أقسام المصلحة عند إجراء الترقيات يؤدي إلى الإخلال بهذا الترتيب المقصود لذاته، إذ يكون من شأنه أن تمنح بعض الدرجات المخصصة لقسم بعينه إلى موظفين في أقسام أخرى. ويبين هذا التعارض بوضوح تام فيما يتعلق بالوظائف الفنية، إذ ولو أن المفهوم من حكم المادة 33 من القانون رقم 210 أن الدرجات الفنية في المصلحة الواحدة لا تتنوع، فإنه مما لا جدال فيه أن هذه الدرجات توزع في المصلحة الواحدة على أنواع مختلفة من الوظائف، بحيث لا يجوز منح درجة مخصصة لنوع معين منها إلى موظف فني يشغل وظيفة فنية من نوع آخر. كما لو كانت هناك درجات مخصصة في الميزانية لأطباء مثلاً فلا يجوز منحها لمهندسين، بل إن وظائف المهندسين تتنوع داخل المصلحة الواحدة أو داخل القسم الواحد بحسب النوع الهندسي الذي خصصت له هذه الوظائف كالكهرباء والميكانيكا والمباني وغير ذلك. ومما لا شك فيه أنه يتعين التزام توزيع الميزانية للدرجات على كل نوع من أنواع الوظائف الفنية. ومن ذلك يبين أن القواعد المستفادة من أحكام قانون التوظف تصطدم مع قواعد واعتبارات أساسية لا يمكن إهدارها، الأمر الذي رأى القسم إزاءه أن علاجه يتطلب شيئاً من الاجتهاد للتوفيق بين الاعتبارات المختلفة. وقد انتهى رأيه إلى ما يأتي:
1 - تتعدد أقسام الدرجات الفنية في المصلحة الواحدة بل وفي القسم الواحد بحسب نوع الوظائف المخصصة لها هذه الدرجات. 2 - أما الوظائف الإدارية فإنه لما كانت طبيعتها واحدة، فإن الأصل هو اعتبار المصلحة وحدة واحدة، إلا إذا بان من توزيع الميزانية للوظائف والدرجات أنها أفردت لبعض أقسام المصلحة الواحدة أو إداراتها عدداً معيناً من هذه الوظائف والدرجات، ورتبتها في تسلسل هرمي ينتظم عدداً من كل درجة يرى أن النهوض بالعمل يحتاج إلى موظفين من هذه الدرجة. ففي هذه الحالة يعتبر كل قسم وحدة واحدة من حيث الترقيات.
على أنه لما كان هذا الرأي مبنياً على اجتهاد في التوفيق بين شتى الاعتبارات فإن القسم يشير بعلاج هذه المسألة عن طريق التشريع. وبتطبيق المبادئ المتقدمة على مصلحة السكك الحديدية نجد أن كلاً من الإدارة العامة ومراقبة الإيرادات والمصروفات وإدارة المخازن وإدارة التحقيقات يعتبر بذاته وحدة مستقلة إذ انتظم عدداً من الدرجات في تسلسل هرمي. أما قسم الحركة وقسم القاطرات فلا يجوز اعتبار أيهما وحدة مستقلة، إذ لا يشتمل الأول منهما إلا على درجة إدارية واحدة، أما ثانيهما فيشتمل على ثلاث درجات إدارية تلغى إحداها عند خلوها من شاغلها الحالي.