مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى قسم الرأي
السنة الثامنة والنصف الأول من السنة التاسعة (من أول أكتوبر سنة 1953 إلى آخر مارس سنة 1955) - صـ 103

(فتوى رقم 507 في 23 من يناير سنة 1955)
(83)

جنسية مصرية - تاريخ نشأتها - اختلاف الفقهاء في تحديده - التاريخ الصحيح هو 10 من مارس سنة 1929 - نتيجة ذلك - عدم إفادة أولاد الأشخاص المستفيدين من حكم المادة الأولى من القانون رقم 160 لسنة 1950 متى كانوا قد بلغوا سن الرشد في ذلك التاريخ.
يذهب بعض الفقهاء إلى أن الجنسية المصرية قد نشأت قانوناً قبل سنة 1929 في سنة 1914 على رأي المعتدلين منهم، وقبل ذلك بصدور الأمر العالي سنة 1900 على رأي المتطرفين منهم، وذلك بالنسبة لمن يطلق عليهم اسم الآباء المصريين أو المصريين الأصلاء، وهم أولئك الذين يستفيدون من فقرات المادة الأولى من القانون رقم 160 لسنة 1950 التي نقلت عن الأمر العالي المذكور. ويترتب على ذلك أن أحكام قانون الجنسية الخاصة بهم تعتبر كاشفة ومقررة لجنسيتهم لا منشئة لها، ويستتبع ذلك منطقياً أنه بالنسبة لأولاد هؤلاء، فإنهم جميعاً يعتبرون مصريين سواء أكانوا بالغين أم قصراً في 10 من مارس سنة 1929 (تاريخ العمل بالمرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929). وتطبيقاً لذلك، فإنه إذا فرض أن والد إحدى السيدات معتبراً مصرياً طبقاً لإحدى هذه الفقرات التي تضفى على المنتفع منها - وفقاً لهذا الرأي - اسم الأب المصري أو المصري الأصيل، لأصبح حكم هذه السيدة البالغة سن الرشد في 10 من مارس سنة 1929 حكم الأولاد القصر في دخولهم الجنسية المصرية بقوة القانون بالتبعية لأبيهم دون أن يشترط بالنسبة لها انطباق إحدى فقرات المادة الأولى من القانون رقم 160 لسنة 1950 على حالتها استقلالاً.
وهذا الرأي المتقدم بادي المخالفة لمنطق قانون الجنسية المصرية، ذلك أن قانوني الجنسية القديم والجديد لم يفرقا حين تنظيمهما الأحكام الوقتية للجنسية المصرية بين مصري أصيل ومصري غير أصيل، بل سوت بينهما في كل ما يتعلق بطريق اعتبارهما مصريين، خاصة وأن حكم المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 والفقرة العاشرة من المادة الأولى من القانون رقم 160 لسنة 1950 الخاصتين بالجنسية المصرية بالتبعية وبدخول الزوجة والأولاد القصر جنسية أبيهم ينصرف، ليس فقط إلى المصريين غير الأصلاء، بل إلى جميع المعتبرين مصريين طبقاً للأحكام الوقتية المذكورة. هذا فضلاً عن أن ما كان قد أثير من جدل في ظل القانون القديم نتيجة للرأي المتقدم حول اشتراط استمرار الإقامة العادية حتى 10 من مارس سنة 1929 - بالنسبة لمن كان يستفيد من الفقرة الثانية من المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 التي تحيل إلى الأمر العالي الصادر في سنة 1900 - قد قطع فيه القانون الجديد برأي حاسم إذ اشترط استمرار الإقامة العادية حتى 10 من مارس سنة 1929 بالنسبة لجميع فقرات المادة الأولى منه. وهذا الذي اشترطه القانون الجديد الذي يتعين اعتباره تفسيراً تشريعياً لما قصده المشرع في سنة 1929 ينسحب أثره حتماً إلى الماضي كدليل قاطع على أن الجنسية المصرية لم تنشأ قانوناً ولا يعتد بها من الناحية القانونية إلا منذ 10 من مارس سنة 1929، لأن استمرار الإقامة العادية حتى 10 من مارس سنة 1929 شرط أساسي لاعتبار الشخص مصرياً، وقبل تحقق هذا الشرط لا يمكن القول بأن أحداً يعتبر مصرياً في نطاق قانون الجنسية المصرية. ويستتبع ذلك أن تكون الجنسية المصرية بالتبعية قاصرة على الأولاد القصر في 10 من مارس سنة 1929 أي الأولاد الذين لم يبلغوا سن الرشد في هذا التاريخ، أما أولئك الذين يكونون قد بلغوا سن الرشد في ذلك التاريخ، فيتعين أن يتحقق بالنسبة لهم سبب مستقل لاعتبارهم مصريين.