مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى قسم الرأى
السنة الثامنة والنصف الأول من السنة التاسعة (من أول أكتوبر سنة 1953 إلى آخر مارس سنة 1955) - صـ 196

(فتوى رقم 1971 فى 11 من نوفمبر 1954)
(165)

عقد توريد - إفلاس المتعهد - لا يترتب عليه انفساخ العقد.
الأصل أن الإفلاس فى ذاته لا يعتبر سببا قانونيا لفسخ العقود، بيد أنه يغل يد المفلس عن إدارة أمواله والتصرف فيها، الأمر الذى ينجم منه حتما عجزه عن تنفيذ التزاماته، فيكون للمتعاقد معه حق طلب الفسخ من المحكمة، وفقا للقواعد العامة استنادا إلى هذا العجز. ولما كانت علة الفسخ هى عجز المفلس عن تنفيذ التزاماته، فإن طلب الفسخ لابد ممتنع على المتعاقد معه متى أراد السنديك تنفيذ الالتزامات التى يرتبها العقد على المفلس. ويستثنى من هذا الأصل العقود التى تقوم على الاعتبار الشخصى، أى على الثقة التى يضعها المتعاقد فى شخص المتعاقد معه، فالإفلاس مضيع لهذه الثقة، ولذا يترتب عليه انفساخ العقد. ومن ثم فالعقود التى تنفسخ بحكم القانون هى تلك التى تقوم على الاعتبار الشخصى، أى على الثقة التى يضعها المتعاقد فى شخص المتعاقد معه، فيقصد أن يقوم هو بذاته بتنفيذ الالتزامات المترتبة على العقود، ولا يرضى عنه بديلا. وقد يلتصق الاعتبار الشخصى بطبيعة العقد، كما فى عقد شركة الأشخاص والوكالة وفتح الاعتماد والحساب الجارى. وقد تفصح عنه نية المتعاقدين، فيتضح من شروط العقد أن أحد طرفيه أراد أن يتعاقد مع الطرف الآخر بالذات وأن يرى تنفيذ الالتزامات المترتبة على العقد يتم على يديه لا على يدى غيره. وتفريعاً على هذا، فإن عقد التوريد لا ينفسخ بحكم القانون بسبب شهر إفلاس المتعهد، لأن هذا العقد لم تراع فيه شخصية المدين، بدليل أنه أبرم بناء على مناقصة عامة، والمفروض فى المناقصة أن يتقدم إليها أكثر من شخص ويكون إرساء المناقصة على صاحب أحسن عطاء تقدم. ولا يقدح فى ذلك ما قد ينص عليه فى العقد من أنه إذا ثبت للوزارة أن أحد المتعهدين الذين قبلت عطاءاتهم هو ستار لمتعهد شطبت الوزارة اسمه أو لا تتعامل معه أو ترى إبعاده لسبب ما فللإدارة أو المنطقة الحق فى فسخ عقده فى الحال...... إلخ؛ ذلك أن هذا لا يفيد وجود اعتبار شخصى فى المورد على النحو السابق إيضاحه. ومن ثم فلا يترتب على شهر إفلاس المتعهد انفساخ العقد، أى فسخه بحكم القانون؛ لأن ذلك قاصر على العقود التى يتوفر فيها الاعتبار الشخصى، وإنما تنطبق عليه القاعدة العامة المقررة فى المادة 157 مدنى التى تنص على أنه (فى العقود الملزمة للجانبين إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه، جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو بفسخه)، فلا يقع الفسخ والحال كذلك بحكم القانون كما هو الشأن فى العقود الملحوظ فيها الاعتبار الشخصى، وإنما يجب أن يطلبه المتعاقد من القضاء مستندا إلى أن المدين أصبح بالإفلاس فى موضع يتعذر معه قيامه بتنفيذ ما عليه من التزام.