مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى قسم الرأى
السنة الثامنة والنصف الأول من السنة التاسعة (من أول أكتوبر سنة 1953 إلى آخر مارس سنة 1955) - صـ 224

(فتوى رقم 1366 فى 16 من مارس سنة 1954)
(192)

إصلاح زراعى - عقد مزارعة - الاتفاق بين المؤجر والمزارع مقدما على تقدير المحصول العادى للفدان ونفقاته إذا بذلت العناية المعتادة - صحيح بشرط أن لا يقل نصيب المزارع عن النصف.
يشترط القانون رقم 178 لسنة 1952 الخاص بالإصلاح الزراعى فى المزارعة ألا يقل نصيب الزارع عن النصف، ومن ثم فإن أى اتفاق بين المؤجر والزارع لا يمس هذا الحكم ولا يتنافى مع طبيعة المزارعة يكون صحيحا ولا غبار عليه. وتنظيم العلاقة بين المؤجر والزارع على أساس تقدير المحصول العادى للفدان ونفقاته إذا ما بذلت العناية المعتادة، ولم يهمل الزارع فى الزراعة أو فى المحافظة على المحصول، وتقاضى المؤجر نصيبه من المحصول أو ثمنه فى تاريخ الاستحقاق طبقا للتقدير المذكور - كل ذلك لا يمس بالحكم الذى قرره قانون الإصلاح الزراعى فى شأن المزارعة، كما أنه لا يتنافى مع ما تتميز به المزارعة من حصول المؤجر على نسبة من المحصول ومساهمته فى تحمل مخاطر الزراعة، ما دام قد نص فى العقد على أنه إذا تبين أن الأرض أنتجت محصولا أو احتاجت إلى نفقات تختلف عما سبق تقديره، فإن لصاحب الشأن أن يلجأ إلى القضاء لإثبات أن المحصول أو النفقات الفعلية تختلف عما هو مقدر للأرض، وبعد ذلك تكون المحاسبة على أساس المحصول الناتج والنفقات الفعلية، وبذلك تتحقق مشاركة المؤجر للزارع فى تحمل مخاطر الزراعة ويتقاضى نسبة من المحصول (أو ثمنه) تقل أو تكثر إذا ماقل أو زاد المحصول الفعلى.
ولما كان أقصى مايقال فى مثل هذا التنظيم هو أنه بدلا من أن يجعل العناية المطلوبة من الزارع فى زراعة الأرض، وفى المحافظة على المحصول، هى عنايته بشئون نفسه طبقا للمادة 623 من القانون المدنى، وبذلك يضار المؤجر من إهمال الزارع إذا كان مهملا فى شئون نفسه - بدلا من ذلك استلزم من الزارع أن يبذل العناية التى يبذلها الشخص المعتاد غير المهمل، أى أنه بدلا من أن يجعل معيار العناية شخصيا جعله موضوعيا، ولا غبار فى ذلك إذ أن نص المادة المذكورة ليس من النصوص الآمرة المتعلقة بالنظام العام، بل هو من النصوص المقررة التى تجوز مخالفتها والاتفاق على عكسها، كما أن من شأن التنظيم المذكور - إذا ما نقص المحصول أو زادت التكاليف عن القدر المتفق عليه - أن يقيم قرينة على إهمال المزارع وعدم بذله العناية المعتادة، وهذه القرينة قابلة لإثبات العكس.