مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى قسم الرأى
السنة الثامنة والنصف الأول من السنة التاسعة (من أول أكتوبر سنة 1953 إلى آخر مارس سنة 1955) - صـ 273

(فتوى رقم 616 فى أول فبراير سنة 1955)
(248)

تقادم. تعويض - شغل الأراضى القريبة من المنافع العامة بأتربة من ناتج التطهير - المبالغ التى تؤدى لقاء ذلك - تعويض مبناه تحمل التبعة - سقوطه بمضى المدة الطويلة.
إن التعويض عن شغل الأراضى القريبة من المنافع العامة بأتربة من ناتج التطهير لا يعتبر أجرة، إذ الأجرة قانوناً هى مقابل الانتفاع بالعين المؤجرة، وفى الحالة المعروضة لا توجد رابطة تعاقدية ولو ضمنية بين تفتيش الرى والملاك. وهذه المبالغ تصرف بموجب محاضر تسمى محاضر تعويض، يختلف فيها تقدير التعويض عاما بعد عام، الأمر الذى لا يمكن أن تعتبر معه هذه المبالغ أجرة بالمعنى القانونى السليم. وقد أكدت المادة السادسة من القانون رقم 68 لسنة 1953 الخاص بالرى والصرف هذا المعنى بنصها على أن تعتبر ملكية الأراضى المحصورة بين جسور النيل وجسور الترع والمصارف... إلخ محملة بجملة قيود لخدمة الأغراض العامة للرى والصرف من بينها إلقاء ناتج تطهير الترع والمصارف العامة عند الضرورة فى الأراضى سالفة الذكر بشرط تعويض أصحابها تعويضاً عادلا. فالمشرع إذن ينظر إلى هذه المبالغ بوصفها تعويضاً وليس أجرة. وإذا كان التكييف لهذه المبالغ أنها تعويض مقابل إشغال جزء من الأراضى بناتج التطهير، فإن هذا التعويض ليس ناشئاً عن عمل غير مشروع من الإدارة يوجب مسئوليتها التقصيرية، بل إنه تعويض من نوع آخر اقتضته ضرورة مساواة الأفراد أمام التكاليف العامة ودعت إليه مبادئ العدالة والتضامن الاجتماعى. ولا جدال فى أن قيام تفتيش الرى بتطهير المصرف هو عمل مشروع فى ذاته، بل هو من صميم اختصاصه تحقيقاً للمصلحة العامة؛ فإذا اضطر فى قيامه بذلك إلى لقاء ناتج التطهير من أتربة على الأرض المجاورة لجسر المصرف، فهو لم يخل بأى التزام يترتب على الإخلال به توافر المسئولية التقصيرية. ولذلك فإن المسئولية فى هذه الحالة تقوم على أساس تحمل التبعة، يؤيد هذا النظر أن المشرع فى البند ح من المادة 6 من قانون الرى والصرف المشار إليه لم يلزم الإدارة باتباع قواعد تقدير التعويض الناشئ عن الفعل المشروع، وإنما ألزمها بتعويض المضرور تعويضاً عادلا.
وتأسيساً على ذلك، فإن تقادم هذا النوع من التعويض يخضع للقاعدة العامة فى تقادم الالتزام المنصوص عليها فى المادة 374 من القانون المدنى؛ ومن ثم لا يسقط الحق فى المطالبة به إلا بانقضاء خمس عشرة سنة.