مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى قسم الرأى
السنة الثامنة والنصف الأول من السنة التاسعة (من أول أكتوبر سنة 1953 إلى آخر مارس سنة 1955) - صـ 288

(فتوى رقم 427 فى 25 من مايو سنة 1954)
(264)

مرافق عامة - إلتزام - منحه يعتبر عملا تنفيذيا - النص فى دستور سنة 1923 على اختصاص السلطة التشريعية بإصدار قانون بمنح الالتزام - لا يعتبر من المبادئ الدستورية العامة التى لاتسقط بسقوط الدستور المذكور - اختصاص السلطة التنفيذية.
الأصل أن القوانين - باعتبارها القواعد العامة المجردة - لا شأن لها بالحالات الفردية الذاتية، إذ يعتبر ذلك من أعمال التنفيذ التى تدخل فى اختصاص السلطة التنفيذية. وليس ثمة جدل فى الصفة الفردية لمنح الالتزام، وأن الإجراء الذى يتخذ لمنحه لا يتسع المجال لإعمال مضمونه إلا مرة واحدة ولمناسبة واحدة، هى المناسبة التى صدر القانون من أجلها؛ فهو ليس بالعام كما أنه لا يصدق عليه وصف التجريد. والقانون من اختصاص السلطة التشريعية، أما الأعمال الفردية الذاتية فمن صميم اختصاص السلطة التنفيذية. ولا يجوز لأى من السلطتين أن تتعدى على اختصاص الأخرى، وهذا هو مبدأ فصل السلطات. على أن هناك من الدساتير ما يعقد للسلطة التنفيذية اختصاصاً تشريعياً، كما يجعل للسلطة التشريعية اختصاصا فى إصدار قرارات إدارية فردية، ومن ذلك دستور سنة 1923 فقد أباح للسلطة التنفيذية إصدار تشريعات فى بعض الأحيان (ترتيب المصالح العمومية ووضع اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين)، كما أباح للسلطة التشريعية إتيان أعمال إدارية (اعتماد الميزانية ومنح الالتزام بمرفق عام......). وهذه الإباحة استثناء من توزيع الاختصاص بين السلطتين، وخروج على القواعد الدستورية الصحيحة، الأمر الذى يتعذر معه اعتباره مبدأ دستورياً عاماً لا ينال منه سقوط الدستور.
ويبين مما تقدم أن اختصاص السلطة التشريعية بمباشرة عمل تنفيذى إنما أعطى لها بمقتضى نص فى الدستور الملغى سقط بسقوطه، وطالما أنه قد أضحى غير ذى وجود، فالأولى إعمال القواعد الدستورية العامة التى تقضى بتوزيع الاختصاص حسب طبيعة العمل، ورد منح الالتزام بمرفق عام إلى حظيرته الأصلية؛ أى إلى مجال اختصاص السلطة التنفيذية.