مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ القانونية التى أقرتها الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
الجزء الثانى - خلال المدة من أكتوبر سنة 1996 إلى يونيه سنة 2000 - صـ 1921

{فتوى رقم 377 بتاريخ 29/ 6/ 2000 ملف رقم 86/ 3/ 980}
جلسة 3 من مايو سنة 2000
{4}

- عاملون مدنيون بالدولة - مسئولية - الخطأ الشخصى - صدور حكم جنائى نهائى ببراءة المتهمين من تهمة الاختلاس - عدم جواز تحميلهم بالمبالغ المختلسة.
استظهرت الجمعية العمومية أنه فى مجال المسئولية المدنية يلتزم كل من ارتكب خطأ سبب ضررا للغير بتعويض هذا الغير عما لحقه من ضرر وأنه عند نظر دعاوى المسئولية المدنية فإن القاضى المدنى يتقيد بالحكم الجنائى الصادر فى موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو الإدانة بحيث يكون لهذا الحكم حجية فيما فصل فيه نهائيا فيما يتعلق بوقوع الجريمة ووصفها القانونى ونسبتها إلى فاعلها وبمراعاة أن القاضى المدنى لا يرتبط بالحكم الجنائى إلا فيما فصل فيه الحكم وكان فصله فيه ضروريا - المستقر إفتاء وقضاء أن العامل لا يسأل مدنيا فى مواجهة الإدارة إلا عن خطئه الشخصى وأن الخطأ الذى يتحمل المرفق آثاره ومغبته دون العامل هو خطأ المرفق ذاته فى حالة ما إذا كان الضرر مجهول المصدر أو وقع نتيجة سوء تنظيم المرفق وإدارته وكذلك الخطأ المرفقى متى كان خطأ العامل غير جسيم ينم عن موظف عرضة للخطأ والصواب أما الخطأ الشخصى الذى يسأل عنه العامل مدنيا فى ماله الخاص فهو خطأ منفصل عن المرفق يكشف عن الإنسان بضعفه وشهواته ونزواته ومن صوره الخطأ الجسيم الذى يكشف عن الإهمال الشديد وعدم الإكتراث بعواقب الأمور وتقدر جسامة الخطأ فى هذه الحالة بمراعاة كافة الظروف والأوضاع التى تحيط بالعامل - الثابت بالأوراق أن المحكمة الجنائية قضت بجلستها المنعقدة فى 10/ 6/ 1996 ببراءة العاملين المعروضة حالتهم مما نسب إليهم من اختلاس المبلغ المذكور وأسست حكم البراءة على أن الأوراق التى قدمتها النيابة العامة قاصرة عن بلوغ حد الكفاية للأدلة خاصة وأن التقارير الحسابية التى استندت إليها - النيابة العامة - لإسناد الإتهام قبل المتهمين قد جاءت بأرقام حسابية خاوية من دليل على صحتها بعد أن افتقرت إلى عدم وجود الدليل المستندى الذى يؤيدها سيما وقد عجز مكتب خبراء وزارة العدل عن فحص تلك التقارير فى غيبة مستنداتها ومن ثم فإنه بصدور الحكم الجنائى ببراءة المعروضة حالتهم من تهمة الإختلاس الموجهة إليهم فإنه يكون قد نفى هذه التهمة عنهم ويضحى حائزا لحجية الشئ المحكوم به فيما يتعلق بتحديد مدى مسئوليتهم المدنية عما لحق جهة الإدارة من ضرر من جراء فقد هذا المبلغ بما مؤداه انتفاء الخطأ الشخصى الموجب لتلك المسئولية ويكون الخطأ فى هذه الحالة هو من قبيل الأخطاء المرفقية الذى تتحمل مغبته جهة الإدارة ولا ينال من ذلك قضاء المحكمة التأديبية - الصادر قبل صدور الحكم الجنائى - بمجازاة هؤلاء العاملين تأديبيا إذ لم يثبت الحكم التأديبى ان الخطأ المرتكب المنسوب إليهم خطأ شخصى