مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ التى قررتها الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
الجزء الأول - خلال المدة من أكتوبر سنة 1996 إلى يونيه سنة 2000 - صـ 760

(فتوى رقم 1369 بتاريخ 17/ 12/ 1997 ملف رقم 7/ 2/ 172)
جلسة 26 من نوفمبر سنة 1997
(1)

- إصلاح زراعى - حراسة - تعويض - اقتضاء التعويض النقدى أو بارض بديلة عن الأطيان التى يتعذر ردها عينا رهين بصدور تشريع يتضمن الاقرار باصل استحقاق التعويض وضوابطه والجهة التى تؤديه.
استظهار الجمعية العمومية أنه بعد صدور القانون رقم (162) لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ صدرت استنادا إليه أوامر بفرض الحراسة على أموال وممتلكات بعض الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين ومن بينها الأمر رقم 138 لسنة 1961 وأعقب ذلك صدور القانون رقم 150 لسنة 1964 برفع الحراسة عن أموال ممتلكات بعض الأشخاص وتضمنت أحكامه أيلولة الأموال والممتلكات التى كانت محلا للحراسة إلى الدولة وتعويض أصحابها عنها طبقا لأحكامه التى حددت الحد الأقصى بثلاثين ألف جنيه وتضمنت كذلك تسليم الأراضى الزراعية التى آلت ملكيتها للدولة إلى الهيئة العامة للاصلاح الزراعى لادارتها حتى يتم توزيعها طبقا لأحكام اقانون رقم 178 لسنة 1952 - تواترت أحكام المحاكم على أن القرارات الصادرة بفرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين استنادا إلى أحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ هى قرارات مشوبة بالبطلان ومعدومة الأثر لانطوائها على مخالفة صارخة بالغة الجسامة حيث صدرت فاقدة لسندها متضمنة اعتداء على حرمة الملك الخاص التى نص الدستور على صونها وحمايتها مما يجردها من شرعيتها الدستورية والقانونية وهو الأمر الذى ينحدر بها إلى مرتبة الفعل المادى معدوم الأثر قانونا فقد رأى المشرع تقنين الأتجاه الذى استقر عليه القضاء حسما للمنازعات التى كانت قائمة وتجنبا لاثارة منازعات جديدة وتحقيقا للمساواة بين من اقاموا دعاوى الغاء الحراسة ومن لم يقيموها ومراعيا فى ذات الوقت أن الأمر يحتاج إلى تنظيم تشريعى لكيفية ازالة الآثار الناشئة عن فرض الحراسات لمدة طويلة نشأت خلالها حقوق لأفراد حسنى النية على العقارات التى كانت محلا للحراسة وآلت إلى الدولة ومن ثم فقد صدر القانون رقم 69 لسنة 1974 لتسوية الأوضاع الناشئة عن الحراسة والذى تضمن من بين أحكامه الرد العينى لأموال وممتلكات الخاضع للحراسة ما لم تكن قد بيعت ولو بعقود ابتدائية قبل العمل بأحكامه فيسلم ثمنها نقدا إليه وفقا لشروط البيع فى هذه الحالة كما تضمن النص على الغاء العقود الابتدائية المبرمة بين الحراسة أو ادارة الأموال التى آلت إلى الدولة وبين الهيئة العامة للاصلاح الزراعى فى حالة طلب الخاضعين الرد العينى باستثناء الأراضى التى تصرفت فيها الهيئة المذكورة إلى الغير ولو بعقود ابتدائية أو التى وزعت على صغار المزارعين أو التى ربطت عليها أقساط التمليك ووزعت وذلك كله قبل العمل بأحكام هذا القانون. ثم أكمل المشرع حلقات تصفية الأوضاع الناشئة عن الحراسات باصدار القانون رقم 141 لسنة 1981 سالف البيان الذى اسحدث بعض الأحكام وأكد بعض الأحكام التى تضمنها القانون رقم 69 لسنة 1974 ومن بين ما ورد فى أحكام القانون 141 لسنة 1981 الرد العينى للأموال والممتلكات التى كانت محلا للحراسة مع استثناء تلك التى تم بيعها ولو بعقود ابتدائية قبل العمل بأحكام القانون رقم 69 لسنة 1974. أو التى ربطت عليها أقساط التمليك ووزعت على صغار المزارعين وقدر المشرع تعويضا عنها بما يعادل سبعين مثلا لضريبة الأطيان الأصلية المفروضة عليها فى تاريخ العمل بأحكام هذا القانون بمقدار النصف ووسع من مفهوم العائلة فأصبحت تشمل الورثة والأولاد البالغين وناط المشرع بجهاز الحراسات المنصوص عليه فى القانون رقم 69 لسنة 1974 تنفيذ هذه الأحكام وتضمن كذلك الاجراءات المتعلقة بالمنازعة فى تحديد الأموال المستحقة وقيمة التعويض طبقا لأحكامه ومواعيد تلك المنازعات والمحكمة المختصة بنظرها وهى محكمة القيم المنصوص عليها فى القانون رقم 95 لسنة 1980 - لاحظت الجمعية العمومية أن طلب الرأى فى الموضوع المطروح جاء بمناسبة ما أثير عند البحث فى كيفية تنفيذ افتاء الجمعية العمومية السابق بتاريخ 27/ 6/ 1993 وحين تبين للهيئة ضخامة التعويضات المطلوبة التى تناهز ستمائة مليون جنيه وأنه ليس فى وسعها تدبيرها الا عن طريق وزارة المالية أخذا فى الاعتبار بأن جهاز تصفية الحراسات التابع لها هو المسئول من وجهة نظر الهيئة عن تعويض المعروضة حالاتهم وهو ما دعا إلى عقد اجتماع - بين مسئولى الهيئة ورئيس الجهاز المذكور والذى أفاد فيه بقيام الجهاز بتطبيق أحكام القانون رقم 141 لسنة 1981 فى شأن تصفية الأوضاع الناشئة عن الحراسة سواء برد الأراضى التى لم يتم التصرف فيها أو أداء التعويضات المقررة بالمادة (2) منه قبل الحكم بعدم دستورية الجزء المتعلق فيها بتقدير قيمة التعويض بتاريخ 31/ 8/ 1981 وهو ما كشف عن اتجاه الرأى فى الجهتين المذكورتين إلى عدم الالتزام بأداء التعويضات المطلوبة الأمر الذى رأت معه الجمعية العمومية لزاما عليها ان تتصدى للبحث فى أساس المسئولية عن تعويض المعروضة حالاتهم للوصول إلى تحديد الجهة الملزمة بأداء ذلك التعويض - تبين للجمعية العمومية أن المناط فى تحديد مسئولية الادارة هو قيام خطأ فى جانبها حاق بسببه ضرر بصاحب الشأن وتوافرت علاقة السببية بين هذا الخطأ والضرر وأنه حين يثور تعدد الأسباب التى تدخل فى احداث الضرر يتعين التمييز بين السبب المنتج المألوف الذى يحدث عادة هذا الضرر والسبب العارض غير المألوف الذى لا يحدث عادة مثل هذا الضرر والوقوف عند السبب المنتج بإعتباره وحده السبب فى احداث الضرر واعتبار صاحبه وحده المسئول عن الضرر وأنه فى مجال اعمال هذا النظر على وقائع الموضوع الماثل تبين أنه هناك واقعة فرض الحراسة على أموال وممتلكات المعروضة حالاتهم بموجب أوامر رئيس الجمهورية وهناك واقعة صدور القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 الذى قضى برفع هذه الحراسة وأيلولة الأموال والممتلكات إلى الدولة مع التعويض عنها بالضوابط التى أوردها وتسليمها إلى الهيئة العامة للاصلاح الزراعى لادارتها وتوزيعها وهناك واقعة تصرف الهيئة المذكورة فى الأراضى التى آلت اليها بتوزيعها على صغار المزارعين طبقا لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 - استظهار الجمعية العمومية أن الحراسة باعتبارها تدبيرا تحفظيا مؤقتا لا يترتب عليها بذاتها خروج المال من ملك صاحبه وأيلولته إلى ملكية الدولة وأن الهيئة العامة للاصلاح الزراعى حين تصرفت فى الأراضى التى آلت اليها طبقا لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 انما كانت تطبق أمرا يجاب صادر إليها كجهة تنفيذ من المشرع صاحب القوامة على كافة الأجهزة والوزارات وذلك بموجب قانون تلتزم جهات التنفيذ عامة بالامتثال إليه والإذعان إلى أحكامه وتطبيقها وفق ما فصل القانون وبين وان واقع الحال كشف عن أن الضرر الذى حاق بالمعروضة حالاتهم تمثل فى أيلولة الأموال والممتلكات إلى الدولة بعمل تشريعى هو القانون رقم 150 لسنة 1964 والاقرار بما يترتب طبقا للمبادئ العامة من حقوق للغير حسنى النية ممن وزعت عليهم بالتمليك الأراضى من صغار المزارعين طبقا لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 الأمر الذى تعذر معه ردها عينا إلى أصحابها عند تصفية الأوضاع الناشئة عن الحراسة لأن مفاد الرد العينى فى هذه الحالة تجريد المشترين الموزعة عليهم الأرض بالتمليك تجريدهم من ملكية اكتسبوها يحسن نية وبسبب صحيح اى أن مفاد الرد العينى للأرض إلى ملاكها السابقين نزع ملكية الأرض ذاتها من ملاكها الحاليين - تبين للجمعية العمومية ان المستقر عليه افتاء وقضاء عدم مساءلة الدولة عن أعمالها التشريعية لأن المشرع يجب أن تكون له الكلمة العليا فى تنظيم المجتمع عن طريق القواعد العامة المجردة فاذا ترتب على التشريع ضرر لبعض المواطنين فان الصالح العام يقتضى أن يتحملوا عبء ذلك وان هذا المبدأ - مبدأ عدم مسئولية الدولة عن النشاط التشريعى وعما قد تسببه القوانين من أضرار - هو مبدأ تقليدى يقوم على مبدأ سيادة الدولة ومن خصائص السيادة أنها تفرض سلطانها على الجميع دون أن يكون لأحد حق فى التعويض عنها إذ أن الضرر الذى تسببه القوانين لا تتوافر فيه الشروط اللازمة للحكم بالتعويض واهمها الخصوصية ولأن القوانين (وهى قواعد عامة مجردة) يقتصر أثرها على تغيير المراكز العامة فاذا ترتب عليها ضرر عام لا يصيب أشخاصا بذواتهم فان مثل هذا الضرر لا يعوض عنه ما لم يقرر القانون صراحة منح تعويض لمن يضار من سكوته فاذا سكت المشرع عن تقرير هذا التعويض كان ذلك قرينة على أنه لا يترتب تعويض على التشريع ولأنه ولئن ذهب رأى إلى القول بأقامة مسئولية الدولة عن أعمالها التشريعية على أساس تبعة المخاطر فأن هذا الرأى لا يمكن الأخذ به كأصل عام اذ مقتضاه أن تقوم المسئولية على ركنين فقط هما الضرر وعلاقة السببية بين نشاط الدولة فى ذاته وبين الضرر ولو كان النشاط غير منطو على خطأ وهو ما لم يأخذ به المشرع فى مصر اذ أن نصوص القانون المدنى وقانون مجلس الدولة قاطعة فى الدلالة على أنها عالجت المسئولية على أساس قيام الخطأ وليس أدل على ذلك من أن نصوص قانون مجلس الدولة حددت أوجه الخطأ فى القرار الادارى الموجب للالغاء أو التعويض ولا يمكن والحال كذلك ترتيب المسئولية على أساس تبعة المخاطر كأصل عام بل يلزم لذلك صدور نص تشريعى خاص وهو ما أخذ به المشرع على سبيل الاستثناء وبقوانين خاصة - لاحظت الجمعية العمومية من مسلك المشرع فى تصفية الأوضاع الناشئة عن الحراسة اتجاه ارادته إلى تعويض الذين خضعوا للحراسة عن أموالهم التى يتقرر ردها عينا اليهم طبقا لأحكام القوانين المشار اليها ومن ثم فقد صح هذا السند التشريعى موجبا لذلك التعويض والذى ليس له من موجب حال غياب السند التشريعى وفقا للقواعد العامة التى تقضى بانقضاء الالتزام اذا كان محله قد أصبح مستحيلا باستحالة التنفيذ العينى لسبب اجنبى لا يد للمدين بالالتزام فيه ولأنه لا محل للتعويض النقدى لانتفاء المسئولية التى تتطلب صدور خطأ من المدين ((المادتين 215 و373 مدنى)) ولأنه لا محل كذلك (وعلى ما سلف البيان) لمساءلة الدولة عن الضرر الذى لحق بالخاضعين من جراء أيلولة ممتلكاتهم إلى الدولة بالقانون رقم 150 لسنة 1964 وتوزيعها على صغار المزارعين (حسنى النية) مما تعذر معه ردها إلى أصحابها - استعراض الجمعية العمومية حكم المحكمة الدستورية فى القضية رقم 5 لسنة 1 قضائية دستورية بجلسة 16/ 5/ 1981 الذى قضى بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 فيما نص عليه من أيلولة أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم الحراسة طبقا لأحكام قانون الطوارئ إلى ملكية الدولة وبعدم دستورية المادة الرابعة من قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم 69 لسنة 1974 فيما نص عليه من تعيين حد أقصى لما يرد إلى الأشخاص الذى شملتهم الحراسة وأسرهم وحكمها فى القضيتين رقمى 139 و140 لسنة 5 قضائية دستورية بجلسة 21/ 6/ 1986 والذى قضى بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه فيما نص عليه من "وذلك ما لم تكن قد تم بيعها ولو بعقود ابتدائية قبل العمل بالقانون رقم 69 لسنة 1974... إلى آخر النص" - لاحظت الجمعية العمومية ان الحكم الأخير شيدت فيه المحكمة قضاءها على أن "تقرير عدم رد بعض الأموال والممتلكات عينا على النحو الذى نصت عليه المادة الثانية لا يعدو أن يكون استثناء من القواعد المقررة فى القانون المدنى لبيع ملك الغير تقديرا من المشرع بأن استرداد تلك الأموال والممتلكات من الحائزين لها مدة طويلة رتبوا على أساسها أحوالهم المعيشية أو يتعارض مع مقتضيات السلام الاجتماعى ويمس بعض الأوضاع الاقتصادية والسياسية فى الدولة ويبرر الالتجاء إلى التنفيذ بطريق التعويض بدلا من التنفيذ العينى.... وان المشرع وان كان يملك تقرير الحكم التشريعى تنظيما لحق الملكية فى علاقات الأفراد بعضهم ببعض على ما تقدم الا أن صحته من الناحية الدستورية رهينة بما تمليه المبادئ الأساسية فى الدستور والتى تصون الملكية الخاصة وتنهى عن حرمان صاحبها منها الا مقابل تعويض يشترط فيه لكى يكون مقابلا للأموال والممتلكات التى تناولها التنظيم أن يكون معادلا لقيمتها الحقيقية وهى فى الدعوى الماثلة قيمتها وقت اقرار بيعها بمقتضى النص المطعون عليه اذ بتحقق هذا الشرط يقوم التعويض مقام الحق ذاته ويعتبر بديلا عنه. "ولما كان ذلك وكان التعويض الذى قررته المادة الثانية من القرار بقانون المطعون عليه عن الأموال والممتلكات التى استثنيت من قاعدة الرد العينى يتحدد إلى حد يباعد بينه وبين القيمة الحقيقية لتلك الأموال والممتلكات والتى يزايله وصف التعويض بمعناه السالف بيانه كشرط لازم لسلامة النص التشريعى المطعون عليه من الناحية الدستورية وبالتالى يكون هذا النص فيما قضى به من اقرار بيع تلك الأموال والممتلكات بغير رضا ملاكها ودون تعويضهم عنها تعويضا كاملا منطويا على اعتداء على الملكية بالمخالفة لحكم المادة 34 من الدستور التى تنص على أن الملكية الخاصة مصونة مما يتعين معه الحكم بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المطعون عليه فيما نصت عليه من استثناء الأموال والممتلكات التى أشارت اليها من قاعدة الرد العينى مقابل التعويض الذى حددته" - خلصت الجمعية العمومية مما تقدم إلى أنه وبالنظر إلى أن حجية الحكم المشار إليه لا تثبت الا لمنطوقه فأنه لا يتبقى من نص المادة الثانية آنفة البيان سوى الالتزام بالرد العينى للأطيان ألتى كانت محلا للحراسة ثم رفعت عنها. ولاحظت الجمعية العمومية عند نظرها لهذا الحكم ان المحكمة الدستورية وان اقامت حكمها على اساس عدم ملاءمة التعويض المنصوص عليه للقيمة الفعلية للأعيان محل التعويض فأنها لم تلغ النص القانونى فيما تضمنه من هذا المعنى انما الغت نص العبارات ذاتها الواردة بالقانون وهى عينها العبارات التى تقرر مبدأ التعويض عن العمل التشريعى. ومن ثم فأن المحكمة الدستورية وهى تلغى طريقة تقدير التعويض الغت ايضا العبارات التى تفيد اقرار المشرع باستحقاق التعويض عن العمل التشريعى السابق فى الحالة المعروضة - الجمعية العمومية ارتأت أنه مما يؤكد هذا النظر ما أوردته المحكمة الدستورية العليا فى استطراد لها فى أسباب الحكم فى القضية رقم 9 لسنة 16 قضائية دستورية بجلسة 5/ 8/ 1995 - وهو حكم صدر بمناسبة الطعن بعدم الدستورية المادة 50 من قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1980 واستطردت المحكمة الدستورية فى اسبابه قائلة أنه "ولئن صح القول بأن جانبا من الأموال التى شملتها التدابير المنصوص عليها فى المادة الأولى من هذا القرار بقانون قد استثنتها مادته الثانية من قاعدة الرد العينى مع تعويض أصحابها عنها وفقا للأسس التى حددتها إلا أن قضاء المحكمة الدستورية العليا فى شأن هذا الاستثناء - وعلى ما يبين من حكمها الصادر فى الدعويين رقمى 139 و140 لسنة 5 قضائية دستورية" جاء قاطعا بأن التعويض المقرر عن الأموال التى تناولها ليس معادلا لقيمتها الحقيقية وهو ما يعنى بالضرورة رد تلك الأموال إلى اصحابها دون قيد... وكان الأصل فى الملكية أنها تعتبر حقا دائما فلا تزول بالتراخى فى استعمالها أمدا ولو كان بعيدا بل يظل صاحبها متمتعا بالحق فى حمايتها وان ترد اليه عند اغتصابها غير مقيد فى ذلك بزمن معين إلا اذا آل الحق فيها إلى غيره وفقا للقانون..." ومن غير المتصور أن تكون الواقعة المنعدمة (المقصود بها الخضوع لتدابير الحراسة على نحو ما تضمنه الحكم تفصيلا) مرتبه لأية آثار فى محيط العلائق القانونية وذلك أن انعدامها افناء لذاتيتها يقتلعها من منابتها ويجتثها من قواعدها ليحيلها هباء منثورا فلا تولد حقا ولا يتعلق بها التزام بعد أن هدمها الدستور وجردها من كل أثر لتكون هشيما ولا يسوغ بالتالى أن توؤل واقعة أعدمها الدستور إلى الانتقاص من حقوق هؤلاء الذين ناءوا بعبئها اذ كان ذلك وكان التمييز بين المراكز القانونية بعضها البعض يفترض تغايرها - ولو فى بعض جوانبها - لتتنافر أجزاؤها فلا تتحد العناصر التى تكونها وكان من المقرر قانونا أن كل واقعة منعدمة لا استواء لها وهى أكثر شبها بأعجاز نخل منقعر فليس لها من عمد ترفعها ولا من كيان يقيمها ولا قرار لها بل تنهدم من أساسها لتفقد وجودها من مبدئها اذ هى ساقطة فى ذاتها فلا وضع لها ولا اعتداد بها وحسبها أنها غير شئ.." - الحاصل ان هذا الاستطراد لم يغير من الامر شيئا فلا منطوق الحكم سالف الذكر تعرض لتعويض من بيعت أرضهم إلى صغار الفلاحين ولا كانت الاسباب السابقة مرتبطة بمنطوق الحكم ذاته وهو خاص بعدم دستورية حظر الطعن فى أحكام المحكمة العليا للقيم كما أن ما يثار بحق عن انعدام تدابير الحراسة لا يؤثر بذاته على حقوق من امتلكوا اراضيهم من بعد باجراءات تمليك تصح سببا للملكية المدنية وبحسن نية وبحيازة مستمرة مما لا يثور معه رد لما امتلكوا إلى الملاك السابقين دون ان يعتبر هذا الرد نزعا لملكهم الحالى لا يقوم الا بسند تشريعى ولا يقوم انعدام الحراسة بذاته سندا لنزع الارض من مالكها الحالى ويظل الضرر الذى حاق بمن خضع للحراسة وآلت ملكيته للدولة بالقانون رقم 150 لسنة 1964 ووزعت على صغار الفلاحين يظل أمر يحتاج التعويض عنه إلى مستند تشريعى - الحاصل فى ضوء ما تقدم جميعه - وعلى ما يبين من استقراء نصوص القوانين سالفة البيان أن ارادة المشرع اتجهت إلى تعويض الخاضعين للحراسة عن أموالهم التى تعذر ردها عينا إليهم - لأيلولتها إلى آخرين حسنى النية بمقتضى أعمال تشريعية - خلافا للأصل العام بعدم التعويض عن الأعمال التشريعية اذ كانت ارادة المشرع المفرغة فى نصوص تشريعية هى السند الموجب لهذا التعويض بيد أنه ازاء الانتقاص من قيمة هذا التعويض فقد حكم بعدم دستورية الجزء المتعلق بتحديد قيمة هذا التعويض والوارد فى المادة الثانية من القانون رقم 141 لسنة 1981 سالف البيان فلم يعد باقيا فى نص المادة المذكورة وما تقضى به من الالتزام بالرد العينى للممتلكات المشار اليها وبذلك فقد زال الأساس القانونى للتعويض فى النص المذكور خاصة وأنه ليس من السائغ الابقاء على معنى النص المقرر للحق فى التعويض بعد زوال نص عبارته اذ لا حكم إلا بنص ولا بقاء لمعنى الا بعبارة يقوم بها وتحدده وذلك ما لم تقم ثمة حالة من حالات العرف الادارى بيد أنه ازاء الوضع التشريعى الحالى فأنه ليس من تثريب على المشرع ان اتجه إلى تصويب الأوضاع التى انشئت عن افتقاد النص الموجب للتعويض من خلال عمل تشريعى يشمل الضوابط المتعلقة بالجهة الملزمة بأداء التعويض ومواعيد تقاضيه وكيفيته ومراعيا فى الوقت ذاته عدم المساس بكمال استحقاق التعويض على نحو ما تكشفت عنه وقائع الحالات المعروضة - الثابت من الأوراق فيما يتعلق بمورث الطالبين المعروضة حالته انه خضع للحراسة بالأمر رقم 138 لسنة 1961 حيث تم التحفظ على الأطيان الزراعية المملوكة له والتى بلغت مساحتها 13 س 98 ف اعيد منها مساحة 19 س 8 ط 17 ف الداخلة ضمن كردون مدينة قلين إليه وباقى المساحة وقدرها 18 س 15 ط 80 ف آلت ملكيتها إلى الدولة طبقا لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 ووزع منها مساحة 5 س 10 ط 73 ف على صغار المزارعين وبصدور القانون رقم 69 لسنة 1974 افرج له عن المساحات التى لم توزع بالتمليك والتى بلغت مساحتها 13 س 5 ط 7 ف ومن ثم فأنه فيما يتعلق بالتعويض عن الأراضى التى تغدو ردها عينا إلى ورثته طبقا لأحكام المادة (2) من القانون رقم 141 لسنة 1981 قبل الحكم بعدم دستوريته الجزء المتعلق منها بتقدير التعويض. ومن ثم فأنه تنطبق فى شأن الحالة المعروضة الأحكام سالف البيان والتى حاصلها ان استحقاق التعويض حال تعذر الرد العينى رهين بصدور تشريع يتضمن الضوابط المتعلقة بالجهة الملزمة بأدائه ومواعيد تقاضيه وذلك دون اخلال بأصل استحقاقه وكمال هذا الاستحقاق - خلصت الجمعية العمومية مما تقدم إلى ان الأحقية فى اقتضاء التعويض النقدى أو بأرض بديلة عن الأطيان التى يتعذر ردها عينا رهين بصدور تشريع يتضمن الاقرار بأصل استحقاق هذا التعويض وضوابطه والجهة التى تؤديه وهو ما انتهت إليه بفتواها بجلسة 8/ 1/ 1997 ملف رقم 7/ 1/ 78 - مؤدى ذلك: تأييد افتائها السابق فى ان اقتضاء التعويض النقدى أو بأرض بديلة عن الأطيان التى يتعذر ردها عينا رهين بصدور تشريع يتضمن الاقرار بأصل استحقاق هذا التعويض وضوابطه والجهة التى تؤديه.