مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ التى قررتها الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
الجزء الأول - خلال المدة من أكتوبر سنة 1996 إلى يونيه سنة 2000 - صـ 1023

(فتوى رقم 486 بتاريخ 19/ 4/ 1998 ملف رقم 86/ 2/ 270)
جلسة 4 من مارس سنة 1998
(6)

- تأمينات اجتماعية - شروط استحقاق الارملة للمعاش ان ينعقد الزواج صحيحا ويتوافر وصف الزوجة فى حال حياة الزوج ووصف الارملة بعد وفاته - زواج مسلم بعد اشهار اسلامه من مسيحية رغم كونه متزوجا بزوجة مسلمة - عدم جواز الجمع بين زوجتين فى وقت واحد طبقا للائحة الاحوال الشخصية للاقباط الارثوذكس - اعتبار زواجه باطلا سواء طبقا للشريعة الاسلامية بالرأى الراجح فى مذهب (ابى حنيفة) المحال إليه تشريعيا والذى يبطل زواج المرتد سواء من مسلم أو من كتابية أو من مرتدة أو طبقا للائحة الاحوال الشخصية للاقباط الارثوذكس التى تبطل الزواج فى حالة اتخاذ احد الزوجين زوجا ثانيا ما دام الزواج قائما.
حاصل وقائع الموضوع (حسبما هو ثابت من الأوراق) ان المعروضة حالته من مواليد 4/ 1/ 1941 مصرى الجنسية ومسيحى الديانة ويحمل بطاقة شخصية صادرة من مكتب سجل مدنى مصر القديمة - وبتاريخ 12/ 6/ 1969 التحق بخدمة احدى الشركات بمؤهل الاعدادية كمراجع بضائع - وبتاريخ 13/ 8/ 1972 اشهر اسلامه بموجب اشهار اسلام تحرر بمكتب توثيق الأحوال الشخصية بالقاهرة بمصلحة الشهر العقارى والتوثيق التابع لوزارة العدل واختار لنفسه أسم محمد (...) - وبتاريخ 13/ 8/ 1972 فى ذات يوم اشهار اسلامه تزوج من سيدة مسلمة بوثيقة عقد زواج بوصفه مسلما وانجبت منه الطفلة (هبه محمد..) فى 1/ 5/ 1978 - وبتاريخ 5/ 5/ 1977 حصل السيد المذكور من بطريركية الأقباط الاورثوذكس على تصريح للزواج من سيدة مسيحية وقدم بطاقة شخصية ثابت بها أنه مسيحى الديانة باسم (...) ومتحد مع المذكورة فى الملة والطائفة وباعتبارهما من القبط الاورثوذكس وذلك رغم انه كان متزوجا من سيدة مسلمة - وبتاريخ 23/ 8/ 1979 توفيت زوجته المسلمة - وبتاريخ 10/ 2/ 1985 تم توثيق زواجه من السيدة المسيحية امام الموثق المختص بكنيسة (...) باعتبار انها متحدة فى الملة والمذهب (قبط اورثوذكس وثابت بها انه تصادق على زواج تم بتاريخ 7/ 5/ 1977 - قدم السيد المذكور للنيابة العامة لاتهامه بالاشتراك بطريق المساعدة مع موظف عمومى حسن النيه وأمين سجل مدنى مصر القديمة فى إرتكاب تزوير فى محرر رسمى هو (شهادة ميلاد/ هبه محمد...) المقيدة تحت رقم (...) بتاريخ 13/ 8/ 1985 بان جعل واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها فاثبت بها انها تدعى (هبه...). وانها مسيحية الديانة وأن تاريخ ميلادها 7/ 5/ 1979 وان والدتها هى (السيدة المسيحية) وذلك على خلاف الحقيقة ووقعت تلك الجريمة بناء على هذه المساعدة واستغل المحرر لتقديمه للمعاهد التعليمية. - بتاريخ 12/ 10/ 1994 صدر قرار الشركة رقم 440 لسنة 1994 بانهاء خدمة السيد المذكور اعتبارا من تاريخ وفاته فى 12/ 10/ 1994. - بتاريخ 18/ 9/ 1996 انتهت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الاسلامية بالازهر بناء على طلب محكمة السيدة زينب للأحوال الشخصية إلى انحسار ارث السيد المذكور فى ابنته المسلمة هبه فرضا وردا عليها ولا شئ للزوجة المسيحية وللاخوه المسيحيين باعتبار إختلاف الدين مانعا من موانع الارث. - تقدمت السيدة المسيحية بطلب إلى الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى تطلب صرف حقوقها التأمينية كأرملة وفقا لقانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 فطلبت الوزارة الافادة بالرأى حول مدى جواز الاعتداد بعقد الزواج المبرم بين المتوفى والسيده المذكورة وفقا لأحكام قانون التأمين الاجتماعى - استظهار الجمعية العمومية أن المشرع فى القانون رقم 79 لسنة 1975 جعل وفاة المؤمن عليه حالة من حالات استحقاق المعاش ثم حصر المستحقين عنه فى الأرملة والمطلقة والابناء والبنات والوالدين الذين تتوافر فيهم شروط الاستحقاق فى وقت الوفاه وقد اشترط المشرع لاستحقاق الارملة فى معاش زوجها ان يكون عقد الزواج موثقا أو ثابتا بحكم قضائى نهائى - الحاصل ان عمده النظر فى الموضوع الماثل هو البت فى مسألة أولية وهى مدى اعتبار عقد الزواج المبرم بين السيد المذكور والسيدة المسيحية زواجا صحيحا يعتد به وفقا لأحكام قانون التأمين الاجتماعى. وذلك دون التطرق لما قد يثيره الموضوع الماثل من واقعة ارتداد السيد المذكور عن الدين الاسلامى واثر ذلك فى علاقاته الزوجية ودون التطرق لتحقيق هذه الواقعة ولا للنظر القانونى الوضعى الذى يحيل فى هذا الشأن الى الرأى الراجح فى المذهب الحنفى حيثما لم يرد نص تشريعى والرأى الراجح فى مذهب ابى حنيفة يبطل زواج المرتد سواء من مسلمة أو من كتابية أو من مرتدة. ونظرا لما لنظام التأمين الاجتماعى من خصوصية تتمثل فى تضمينه تنظيما متكاملا لقواعد تحديد الاشتراكات وتحصيلها فضلا عن اسباب الاستحقاق وشروطه وأحوال حجبه الأمر الذى يجعل اساس الفصل فى الموضوع هو مدى انعقاد الزوجية من عدمه فى الحالة المعروضة ووفقا لثبوت هذا الانعقاد وصحته واستمراره يكون تحديد حقوق السيدة الطالبة وبيان مركزها القانونى فى إطار أحكام قانون التأمين الاجتماعى وذلك حتى على فرض أن المرجع فى مدى صحة قيام علاقة الزوجية فى الحالة المعروضة هو لائحة الاحوال الشخصية للاقباط الاورثوذكس باعتبارها النظام الخاص الذى ارتضاه المذكوران كشريعة لعقدهما - نص المادة (15) من لائحة الاحوال الشخصية للآقباط ارثوذكسيين التى اقرها المجلس الملى العام فى 9 مايو سنة 1938 على أن "الزواج سر مقدس ينبت بعقد يرتبط به رجل وأمراة ارتباطا علنيا طبقا لطقوس الكنيسة القبطية الارثوذكسية...". كما تنص المادة (25) من ذات اللائحة على أنه "لا يجوز لأحد الزوجين ان يتخذ زوجا ثانيا ما دام الزواج قائما". وتنص المادة (32) من ذات اللائحة على أنه "قبل مباشرة عقد الزواج يستصدر الكاهن ترخيصا بإتمام العقد من الرئيس الدينى المختص بعد تقديم محضر الخطبة اليه". كما تنص المادة (41) من ذات اللائحة على أنه "كل عقد يقع مخالفا لأحكام المواد 15 و16 و21 و22 و23 و24 و25.. يعتبر باطلا ولو رخص به الزوجان أو اذن به ولى القاصر وللزوجين وكل ذى شأن حق الطعن فيه" - مفاد ما تقدم ان عقد الزواج وهو احد الاسرار المقدسة للكنيسة الارثوذكسية قد احيط بحماية خاصة وقضت اللائحة المشار اليها بانه لا يجوز الجمع بين اكثر من زوجة فى ذات الوقت ولضمان التأكد من ذلك اشترطت ان يستصدر الكاهن ترخيصا من الرئيس الدينى بإتمام الزواج وذلك احتراما لما لهذا العقد من قدسية وللتأكد من مدى توافر شروط انعقاده ثم رتبت هذه اللائحة البطلان فى حالة مخالفة أى من أحكام المواد الموضحة بها ومن ضمنها المادة (25) وهى الخاصة بعدم جواز الجمع بين زوجتين فى ذات الوقت. واجازت لكل ذى شأن ان يتمسك بهذا البطلان - بتطبيق ما تقدم على الحالة المعروضة فان السيد/ محمد... قد استصدر تصريحا من الكنيسة الارثوذكسية للزواج من السيدة المسيحية رغم اشهار اسلامه ورغم كونه متزوجا بزوجة مسلمة عقد عليها وفقا لأحكام الشريعة الاسلامية وهو الأمر الذى يجعل التصريح سابق الاشارة اليه قد صدر على غير محل صحيح ولا مشروع فيكون باطلا - لما كان عقد الزواج المبرم بين السيد المذكور والسيدة المسيحية وقد نص على أنه تصادق على زواج تم فى 7/ 5/ 1977 أى ان اثاره ترتد إلى تاريخ كان زواجه من السيدة المسلمة لا زال قائما وهو الأمر الذى يجعل هذا العقد باطلا لمخالفته نص المادة (25) سابق الاشارة اليها والتى تقضى بعدم جواز الجمع بين زوجتين فى وقت واحد - على هدى مما تقدم فان عقد الزواج المبرم بين السيدين المذكورين يكون وقع باطلا بطلانا مطلقا ويجوز لكل ذى شأن ان يتمسك بهذا البطلان ولما كان السيدة المسيحية لم يتوافر بشأنها وصف الزوجة الذى يوفر شرط استحقاق المعاش عن المتوفى فى الحالة المعروضة وشرط الاستحقاق فى المعاش هو ان يكون ثمة زواج انعقد انعقادا صحيحا توافر به وصف الزوجة فى حال حياة الزوج ووصف الارملة بعد وفاته. وهو الأمر الذى لم يحصل باعتبار الزواج زواجا باطلا سواء طبقا للشريعة الاسلامية بالرأى الراجح فى مذهب ابى حنيفة المحال اليه تشريعيا أو طبقا للائحة الأحوال الشخصية للاقباط الاورثوذكس - مؤدى ذلك: انه فى تطبيق أحكام قانون التأمين الاجتماعى فان السيدة المسيحية لم يتوافر بشأنها شرط الاستحقاق فى المعاش عن السيد/ محمد...