مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
السنة التاسعة والأربعون (من أول أكتوبر 1994 إلى آخر سبتمبر سنة 1995) - صـ 62

(فتوى رقم 808 بتاريخ 27/ 11/ 1994 جلسة 9/ 11/ 1994 ملف رقم 47/ 1/ 188)
(19)
جلسة 9 من نوفمبر سنة 1994

تحديد الأسعار - التسعير الجبري - مفهوم القرارات السيادية.
القانون رقم 163 لسنة 1950 الخاص بشئون التسعير الجبري المعدل بالقانون رقم 142 لسنة 1959 حرص المشرع على تجنب رفع أسعار المنتجات الصناعية المحلية رفعاً باهظاً لا يتناسب مع تكاليف الإنتاج لذلك وسد لوزير الصناعة الاختصاص بتحديد أقصى الأسعار للمنتجات الصناعية المحلية ومن بينها الأسمنت، وأضفى المشرع على قرار التحديد باعتباره يمثل إفصاحاً عن الإرادة الملزمة لوزير الصناعة بقصد إحداث أثر قانوني معين ابتغاء مصلحة عامة أضفى عليه صفة الإلزام على نحو يجب معه أن يسود على الكافة بما لا سبيل إلى الفكاك مما قرره وإلا تعرض المخالف للعقاب الجنائي ومن ثم نعت قرار التحديد أو التسعير بالسيادية - قرار رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة لمواد البناء رقم 87 لسنة 1991 بزيادة أسعار الأسمنت لا تتوافر له ذات عناصر التحديد أو التسعير الجبري على النحو المشار إليه وبالتالي لا يندرج في عداد ما يعرف بالقرارات السيادية أو الجبرية التي يسوغ لشركات المقاولات بسند منها وفقاً لنصوص العقد استئداء فروق الأسعار الناجمة عن تطبيقها دون الاستناد إلى أحكام نظرية الظروف الطارئة إذا قامت موجباتها.
استعرضت الجمعية العمومية إفتاءها الصادر بجلسة 13 من إبريل سنة 1994، كما تبين لها أن المادة (4 مكرر) من المرسوم بقانون رقم 163 لسنة 1950 الخاص بشئون التسعير الجبري وتحديد الأرباح المعدل بالقانون رقم 142 لسنة 1959 بتخويل وزير الصناعة سلطة تحديد أسعار المنتجات الصناعية المحلية تنص على أنه "استثناءً من أحكام المواد السابقة يختص وزير الصناعة المركزي بتحديد أقصى الأسعار لمنتجات الصناعة المحلية دون التقيد بالإجراءات المنصوص عليها في تلك المواد" وأن المادة (9) تنص على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تجاوز سنتين وبغرامة لا تقل عن عشرين جنيهاً ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين: 1 - من باع سلعة مسعرة أو معينة الربح أو عرضها للبيع بسعر أو بربح يزيد على السعر أو الربح المعين أو امتنع عن بيعها.....".
واستظهرت الجمعية العمومية من ذلك أن المشرع حرصاً منه على تجنب رفع أسعار المنتجات الصناعية المحلية رفعاً باهظاً لا يتناسب مع تكاليف الإنتاج، وسد لوزير الصناعة الاختصاص بتحديد أقصى الأسعار للمنتجات الصناعية المحلية، ومن بينها الأسمنت، وأضفى المشرع على قرار التحديد باعتباره يمثل إفصاحاً عن الإرادة الملزمة لوزير الصناعة بما له من سلطة بمقتضى المرسوم بقانون المشار إليه بقصد إحداث أثر قانوني معين ابتغاء تحقيق مصلحة عامة، أضفى عليه صفة الإلزام على نحو يجب معه أن يسود على الكافة بما لا سبيل إلى الفكاك مما قرره وإلا تعرض المخالف للعقاب الجنائي، ومن ثم نعت قرار التحديد أو التسعير "بالسيادية".
والحال أن قرار رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة لمواد البناء رقم 87 لسنة 1991 بزيادة أسعار الأسمنت، لا تتوافر له ذات عناصر قرار التحديد أو التسعير الجبري على النحو المشار إليه، سواء من حيث السلطة المختصة بإصداره، أو سند هذا الإصدار وأسبابه وغاياته، أو خاصة الإلزام فيه. وهو لا يعدو أن يكون تحديد لسعر البيع تجريه الجهة البائعة في إطار معطيات السوق وآلياته، وبالتالي لا يندرج في عداد ما يعرف بالقرارات "السيادية" أو "الجبرية" التي يسوغ لشركات المقاولات بسند منها وفقاً لنصوص العقد استئداء فروق الأسعار الناجمة عن تطبيقها. دون إخلال بحقها في الاستناد إلى أحكام نظرية الظروف الطارئة إذا قامت موجباتها وتوافرت شرائطها للمطالبة بتعويضها عما يكون قد أصابها من خسارة فادحة تجاوز الخسارة العادية على نحو تختل به اقتصاديات العقد اختلالاً جسيماً.

لذلك

إن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في الحالات المعروضة وحسب صيغ العقود المطروحة، قد انتهت إلى أن قرار رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة لمواد البناء رقم 87 لسنة 1991 بزيادة أسعار الأسمنت لا يعد من قبيل القرارات الجبرية التي تسوغ بسند منها صرف الزيادة في الأسعار لشركات المقاولات المتعاقدة مع الجهاز التنفيذي لصندوق مشروعات أراضي وزارة الداخلية لتنفيذ بعض مشروعاته السكنية.