مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنتان الثلاثون والحادية والثلاثون (من أول أكتوبر سنة 1975 إلى آخر سبتمبر سنة 1977) - صـ 183

(فتوى رقم 667 بتاريخ 22/ 11/ 1976 ملف رقم 25/ 1/ 58)
(93)
جلسة 3 من نوفمبر سنة 1976

قوات مسلحة "تكليف - مرتب - ضرائب" (عاملون مدنيون بالدولة - عاملون بالقطاع العام).
القانون رقم 47 لسنة 1971 باعفاء مرتبات أفراد القوات المسلحة والعاملين المدنيين بها من ضريبتى الدفاع والامن القومى - سريان هذا الاعفاء بالنسبة الى المكلفين بخدمة القوات المسلحة طبقا لنص المادة (2) من هذا القانون - بتعين تفسير التكليف فى هذا المجال فى اطار نظام التكليف الوارد فى القانون رقم 87 لسنة 1960 فى شأن التعبئة العامة - التكليف بهذا المدلول يختلف عن نظام الزام عمال المرافق العامة بالاستمرار فى اداء أعمالهم طبقا لاحكام القانون رقم 87 لسنة 1960 المشار اليه - وجوه هذا الاختلاف - مقتضى ذلك أن العاملين الذين يلزمون بالاستمرار فى اداء أعمالهم لا يحق لهم الافادة من الاعفاءات المقررة بالقانون رقم 47 لسنة 1971 - تطبيق.
ان المادة الاولى من القانون رقم 47 لسنة 1971 باعفاء مرتبات أفراد القوات المسلحة والعاملين المدنيين بها من ضريبتى الدفاع والامن القومى تنص على أن "تعفى المرتبات وما فى حكمها والأجور والمكافآت والتعويضات التى تصرف لافراد القوات المسلحة والعاملين المدنيين بها من ضريبة الدفاع المقررة بالقانون رقم 277 لسنة 1956 وضريبة الامن القومى المقررة بالقانون رقم 23 لسنة 1967 المشار اليهما" وتنص المادة الثانية منه على ان "يسرى الاعفاء المنصوص عليه فى المادة (1) على المرتبات وما فى حكمها والاجور والمكافآت والتعويضات التى تصرف من الجهات المدنية للافراد المستبقين والمستدعين والاحتياط والمكلفين طوال مدة خدمتهم بالقوات المسلحة" وظاهر عبارة هذا النص أن المشرع أعفى المرتبات وما فى حكمها والاجور والمكافآت والتعويضات التى تصرف لافراد القوات المسلحة ولعاملين المدنيين بها من ضريبتى الأمن القومى والدفاع، وان هذا الاعفاء يسرى كذلك على ما يصرف مما ذكر من الجهات المدنية للافراد المستبقين والمستدعين والاحتياط والمكلفين طوال مدة خدمتهم بالقوات المسلحة.
ومن حيث أنه بتاريخ 5/ 6/ 1967 صدر قرار وزير الحربية رقم 145 لسنة 1967 ونص فى المادة الثانية منه على أن "يلزم عمال المرافق والمؤسسات والشركات التابعة لها الموضحة بالكشف المرفق بهذا القرار بالاستمرار فى أداء أعمالهم تحت مختلف ظروف المجهود الحربى" فان التساؤل يثور عن مدى اعتبار التزام عمال المرافق والمؤسسات والشركات التابعة لها الموضحة بالكشف المشار اليه بالاستمرار فى أداء أعمالهم تحت مختلف ظروف المجهود الحربى تكليفا بخدمة القوات المسلحة وافادتهم بالتالى من أحكام القانون رقم 47 لسنة 1971.
ومن حيث أن بيان مدلول اصطلاح المكلفين الوارد فى المادة الثانية من ذلك القانون يقتضى تفسيره فى اطار نظام التكليف الوارد فى قانون التعبئة العامة رقم 87 لسنة 1960.
ومن حيث أنه يبين من استقراء أحكام قانون التعبئة العامة أن ثمة وسائل أربع يمكن اتباعها - طبقا لهذا القانون - للاستعانة بخدمات الأشخاص فى حالة العمل بأحكامه وهى التكليف والاستدعاء والندب والالزام بالاستمرار فى اداء العمل وبجمعها كلها أنها وسائل لاجبار الافراد على اداء خدمات للدولة اثناء العمل بقانون التعبئة العامة، وتختلف هذه الوسائل فيما بينها من حيث الجهة التى تتخذها والشخص الذى توجه اليه والآثار التى تترتب عليها.
ومن حيث أنه بالنسبة لكل من نظام التكليف ونظام الالتزام بالاستمرار فى أداء العمل كوسيلتين لأداء الخدمات طبقا لما تقدم، فان المستفاد من نصوص المواد 2، 8، 9، 11، 12، 17 أن ثمة وجوه اختلاف عديدة بينهما تجعل كلا منهما نظاما متميزا عن الاخر بأحكامه وخصائصه، فمن ناحية المصدر القانونى فان نظام الالزام بالاستمرار فى العمل مصدره الحكم المنصوص عليه فى البند ثانيا من المادة الثانية من قانون التعبئة العامة أمام نظام التكليف المترتب على التعبئة العامة فمصدره المادتان 8، 9 من القانون المذكور، ومن ناحية السلطة المختصة بتقرير كل منهما فان الالزام بالاستمرار فى العمل يعتبر أثرا مترتبا بقوة القانون بمجرد تعيين مجلس الدفاع الوطنى المرافق العامة التى يلتزم عمالها بالاستمرار فى اداء العمل، فمتى صدر قرار مجلس الدفاع الوطنى بتعيين هذه المرافق التزام عمالها بحكم القانون بالاستمرار فى أداء أعمالهم تحت اشراف وزير الحربية، وما قرار وزير الحربية الذى يصدر بهذا الالزام سوى تنفيذ لحكم يقضى به القانون أصلا وباعتبار أن وزير الحربية هو السلطة المختصة بالاشراف على هؤلاء العاملين فى استمرارهم فى أداء أعمالهم، أما نظام التكليف فهو يتطلب قرارا يصدر بتقريره مباشرة وهذا القرار أما أن يصدر من مجلس الدفاع الوطنى أو من رئيس الجمهورية (وزير الحربية فى الحدود الزمنية التى منح فيها هذا الاختصاص وفقا لحكم المادة 9 من القانون المذكور.
وفيما يتعلق بالاشخاص الذين ينصرف اليهم كل من النظامين فان نظام الالزام ينصرف الى جميع عمال المرافق العامة التى يعينها ملس الدفاع الوطنى بوصفهم هذا أيا كانت طبيعة أعمالهم ومهنهم إذ يلحظ فى ذلك مجرد تبعيتهم للمرفق، أما نظام التكليف فى حكم المادة (8) فانه ينصرف الى كل أو بعض أفراد الطوائف المهنية المختلفة التى يعينها مجلس الدفاع الوطنى أو من غير هذه الطوائف ممن يرى رئيس الجمهورية تكليفه اذا دعت الضرورة الى ذلك.
وبالنسبة الى مضمون كل منها فان مضمون نظام الالزام هو مجرد استمرار العمال فى أداء أعمالهم فى ذات المرافق العامة التى يعملون بها وذلك ضمانا لاستمرار هذه المرافق ذاتها تحت اشراف وزير الحربية وليوجه عملها الى الاغراض التى تخدم المجهود الحربى، أما نظام التكليف فهو يقوم أساسا على تكليف الشخص باداء العمل فى جهة أخرى غير الجهة التى يعمل فيها بقصد توجيه عمله - منظورا اليه كفرد وليس كعامل فى مرفق معين - لخدمة الجهة التى كلف للعمل بها، وهذا مستفاد من نص المادتين 8، 9 من قانون التعبئة سالف الذكر، ومستفاد كذلك وبوجه خاص من المادة (12) التى خولت المكلف حق المعارضة فى تكليفه بطلب يقدم الى الجهة المكلف بها، والمادة (17) التى حملت الجهة التى يتبعها المكلف أصلا بمرتبه أو أجره ولم تحمل الجهة المكلف بها الا بالعلاوات والبدلات العسكرية والمميزات الاخرى المقررة لحاملى الرتب الاصلية المعادلة للرتب الشرفية الممنوحة لهم، والمادة (23) التى اعتبرت المكلف فى حكم المعار طوال مدة تكليفه والاحتفاظ بوظيفته واعادته للعمل فيها.
وفيما يتعلق بالاثار التى تترتب على كل من النظامين فان قانون التعبئة العامة رتب على التكليف أثارا عدة لم يرتبها على نظام الالزام، من ذلك أنه يتعين أن يجتاز المكلف الكشف الطبى (المادة 11) وله حق المعارضة (المادة 12) ويمنح من يكلف بالصفة العسكرية رتبة شرفية (المادة 16) ويمنح العلاوات والبدلات العسكرية والميزات الاخرى المقررة لحاملى الرتبة الأصلية المعادلة للرتبة الشرفية الممنوحة له (المادة 17).
ويتضح مما تقدم جميعه أنه ولئن كان كل من نظام الالزام ونظام التكليف يجمعهما جامع مشترك عام وهو الاجبار، الا أن الاجبار وفقا لكل منهما يختلف من حيث أحكامه على الوجه الذى أسلفناه، ولذلك استقل الاجبار وفقا لنظام الالزام عن الاجبار وفقا لنظام التكليف، ومن ثم لا يتسنى انخراط مدلول الالزام فى مدلول التكليف الأمر الذى يترتب عليه أن يقتصر مدلول التكليف بمقوماته القانونية الواردة فى هذا القانون دون أن ينسحب على غيره من النظم التى تستقل عنه بأحكامه ومنها نظام الالزام، والقول بغير ذلك يجعل من كل النظم التى قررها قانون التعبئة العامة تكليفا لمجرد أنها تنطوى على اجبار الخاضعين لها وهو ما لا يسوغ طالما أن للتكليف فى هذا القانون أحكامه الخاصة التى تفرق بينه وبين غيره من النظم الأخرى.
ومن حيث انه بتطبيق ما تقدم على وقائع الحالة المعروضة فانه اذ اعتبر التكليف غير الالزام بالاستمرار فى أداء العمل ومستقلا عنه، فان التزام العاملين بالمرافق الواردة بالجدول المرفق بقرار وزير الحربية رقم 145 لسنة 1967 المشار اليه بالاستمرار فى اداء العمل لمختلف أغراض المجهود الحربى لا يعتبر تكليفا بخدمة القوات المسلحة ولا يحق لهم بالتالى الافادة من الاعفاءات المقررة بالقانون رقم 47 لسنة 1971.

من أجل ذلك

انتهى رأى الجمعية العمومية الى عدم أحقية العاملين المشار اليهم فى الافادة من أحكام القانون رقم 47 لسنة 1971.