مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنتان الثلاثون والحادية والثلاثون (من أول أكتوبر سنة 1975 إلى آخر سبتمبر سنة 1977) - صـ 251

(فتوى رقم 159 بتاريخ 5/ 3/ 1977 - ملف رقم 30/ 2/ 18)
(129)
جلسة 9 من فبراير سنة 1977

حراسة "مدلول العائلة".
القرارات الصادرة بفرض الحراسة على أموال وممتلكات بعض الاشخاص - شمولها فى بعض الاحوال لاموال الشخص وعائلته - الاصل العام فى تحديد مدلول العائلة أنها تشمل الزوج والزوجة وأولاده غير المتزوجين - فى مجال تدابير الحراسة فان استقلال الفرد عن الاسرة التى نشأ فيها كما يكون بالزواج يكون أيضا ببلوغ سن الرشد - نتيجة ذلك ان مدلول العائلة فى القرارات المذكورة ينصرف الى الخاضع للحراسة وزوجته وأولاده القصر غير المتزوجين وقت فرض الحراسة ذكورا أو أناثا ولا يمتد الى من عداهم - بيان ذلك.
بتاريخ 18 أكتوبر سنة 1961 صدر أمر رئيس الجمهورية رقم 138 لسنة 1961 الذى تضمن النص فى مادته الاولى على أن "تفرض الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الواردة أسماؤهم بالكشف المرفق ومن بينهم السيد/ ........ وعائلته" كما نص فى المادة الثالثة على أن "يتولى السيد/ ........ نائب رئيس الجمهورية الاشراف على تنفيذ هذا الامر وتكون له فى سبيل ذلك السلطات المخولة للوزير بمقتضى الأمر رقم (4) لسنة 1956 المشار اليه.." وقد جاءت أحكام الامر رقم 138 وما تلاه من أوامر مماثلة خلو من أى تحديد لمدلول كلمة "وعائلته" التى وردت قرين أسماء بعض من شملتهم تلك الأوامر.
ومن حيث أنه ولئن تباينت التشريعات فى تحديدها لمدلول العائلة أو الاسرة وذلك بين موسع ومضيق الا أن ثمة أصلا عاما مشتقا من الدساتير مؤداه شمول هذا المدلول للخاضع وزوجته وأولاده غير المتزوجين، اذ يبين من استقراء أحكام دساتير جمهورية مصر العربية بدءا بدستور سنة 1956 وحتى دستور سنة 1971 انها جميعا تتحدث عن الاسرة كأساس للمجتمع المصرى قوامها الدين والاخلاق والوطنية، ولذا حرصت على النص على التزام الدولة بكفالة ورعاية الأمومة والطفولة والعمل على التوفيق بين أداء المرأة لواجباتها فى الأسرة ورسالتها فى المجتمع، والأسرة كأساس للمجتمع بنص الدستور لا يتصور الا أن تكون الاسرة بوصفها خلية أولى أى الاسرة غير المتداخلة فى أسر أخرى والتى يتكون منها ومن غيرها من الاسر وبتداخلها مع بعضها المجتمع، فالاسرة بوجه عام تنشأ عن رابطة الزوجية بين شخصين وهى على هذا الوضع تتكون بمجرد انعقاد الزواج قانونا بين ذكر وأنثى بلغا سن الاهلية للزواج وهو سن 18 سنة للزوج و16 سنة للزوجة دون ما نظر الى بلوغ أحدهما أو كليهما السن المحدد قانونا لبلوغ الرشد وهو 21 سنة، أى دون ما نظر الى ما اذا كان أحدهما أو كلاهما قاصرا أو بالغا، فالأسرة قد تتكون من زوجين بالغين أو قاصرين أو زوج قاصر وآخر بالغ، فاذا أنجبا أولادا نتيجة لهذا الزواج شملتهم الاسرة كذلك ما لم يتزوج أحدهم فيكون بذلك أسرة جديدة مستقلة عن سابقتها، وان ظلت تربطها بها أواصر القربى وصلات النسب، ومن ثم فانه بالزواج ينفصل الابن القاصر (زوجا كان أو زوجة) عن أسرة أبيه ويكون أسرة مستقلة هى الاسرة التى أثمرها عقد زواجه.
واذا كان ما تقدم يمثل اصلا عاما فى تكوين الاسر وفى الاستقلال عنها فانه فى مجال تدابير الحراسة وحيث يكون المستهدف بحسب الاصل غل يد الخاضع عن ادارة الأموال والممتلكات المملوكة له ولاسرته فان استقلال الفرد عن الأسرة التى نشأ فيها لا يكون بالزواج فحسب وانما يكون ببلوغه سن الرشد كذلك، فهو حينما يبلغ هذا السن يتحقق له الاستقلال الكامل فى ادارة أمواله والتصرف فيها، ويكون له بذلك كيانه الذاتى المستقل الذى يخرجه من نطاق ولاية والده، ولا تلحقه تبعا لذلك تدابير الحراسة على أساس أنه لا يدخل فى مفهوم أسرة الخاضع للحراسة بحسب ما تستهدفه هذه التدابير، ومن ثم فان أموال البالغ وممتلكاته تخرج عن نطاق أموال وممتلكات أسرة الخاضع الاصلى اذا ما أخضعت للحراسة بالتبعية، ومن ثم يكون مدلول الاسرة فى تطبيق الأمر رقم 138 لسنة 1961 انما يقوم على اعتبار كل من الزواج والبلوغ ضابطا كافيا لقيام أسرة مستقلة، وهذا النظر يتفق مع تعريف الأسرة فى ميثاق العمل الوطنى اذ نص على أن "الأسرة تشمل الزوج والزوجة والأولاد القصر ومن ثم أخرج منها البالغين والمتزوجين" ولهذا التعريف صداه فى التطبيق الشريعى، ذلك أن كلا من القانون رقم 50 لسنة 1969 بوضع حد أقصى لملكية الفرد والاسرة من الاراضى الزراعية والقانون رقم 69 لسنة 1974 قد نص على أن "الأسرة تشمل الزوج والزوجة والأولاد القصر ولو كانوا متزوجين" ومفهوم ذلك أن الاصل أن الأسرة تشمل الزوج والزوجة والاولاد القصر غير المتزوجين، الا أنه لاعتبارات قدرها المشرع فى هذين القانونين فقد أدخل المتزوجين موسعا بذلك من نطاق الأسرة وهذا مستفاد من عبارة (ولو كانوا متزوجين)، اذا أن المشرع يعلم أنه بغير هذه العبارة الصريحة لما دخل المتزوجون فى مدلول الاسرة بالمعنى الذى اراده فى كلا القانونين، كما أن لهذا المدلول صداه كذلك فى القرار الجمهورى رقم 188 لسنة 1966 اذ نصت المادة الاولى منه على أن "يعتبر عائلة مستقلة فى تقدير التعويض المنصوص عليه فى المادة الثانية من القانون رقم 150 لسنة 1964 "بشأن رفع الحراسة عن أموال وممتلكات بعض الاشخاص" المشار اليه كل خاضع أو خاضعة بصفة أصلية أو تبعية يكون متزوجا أو ذا ولد أو أكثر فى تاريخ نفاذ هذا القانون، كما يعتبر عائلة مستقلة مجموع القصر والبلغ غير المتزوجين الذين فقدوا والديهم فى تاريخ العمل بالقانون رقم 150 لسنة 1964 المشار اليه، ولا يجوز أن يجاوز مجموع التعويض الذى يصرف لمجموع العائلات المستقلة المكونة لاسرة الخاضع الاصلى مائة وخمسين ألف جنيه.." فقد اعتد هذا القرار كذلك بكل من الزواج والبلوغ كضوابط لاسرة مستقلة.
وأخيرا فان هذا التحديد لمدلول الاسرة هو ما يتفق مع الطبيعة الاستثنائية لتدابير الحراسة وما تحمله من معنى العقوبة، الأمر الذى يقتضى حصر هذا المدلول فى حدود ما تقضى به الاصول الدستورية وما تستهدفه أجراءات الحراسة دون التوسع فيه بغير نص صريح يقضى بذلك، ولا حجة فى ذلك بما جرى عليه العمل فى الحراسة من شمول هذا المدلول للأولاد البلغ نزولا على مقتضى التفسير الذى أقره السيد نائب رئيس الجمهورية المشرف على تنفيذ أوامر الحراسة اذ أن اختصاص نائب رئيس الجهورية كان ينحصر طبقا لنص المادة (3) من الامر رقم 138 المشار اليه فى تنفيذ أوامر فرض الحراسة مستعملا فى ذلك سلطات الوزير المنصوص عليها فى الأمر رقم 4 لسنة 1956 وتتحصل فى الاذن للحارس فى بيع الأموال الخاضعة للحراسة أو تصفيتها وفى أخذ ما يلزم لادارة الأموال من نفقات وما الى ذلك من المسائل التى تتعلق بادارة الأموال والممتلكات الخاضعة للحراسة وليس من بينها ولا شك تحديد مدلول الأسرة طبقا لهذه الأوامر اذ أن هذا التحديد من شأنه ادخال أفراد أو اخراج آخرين من نطاق الحراسة، ومن ثم فان هذا التحديد هو صنو الأمر بفرض الحراسة ونظير له ومن ثم فلا يملكه الا المختص أصلا باصدار قرار فرض الحراسة وهو السيد رئيس الجمهورية ما لم يفوض غيره فى ذلك، وذلك كله طبقا لقانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 والأمر فى الحالة المعروضة غير ذلك اذ لم يصدر أمر جمهورى بتحديد مدلول العائلة كما لم يفوض نائب الرئيس فى تحديد هذا المدلول ولو كان التحديد قد تم وفقا لما تقدم لما كانت الحراسة بحاجة الى طلب الرأى فى ذلك.
وعلى ذلك فان تحديد السيد نائب الرئيس لمدلول العائلة وفقا لما تقدم يجاوز حدود التفويض الممنوح لسيادته، ولا يترتب على الأخذ به نشوء قاعدة عرفية واجبة الالتزام بها ويكون ما جرى عليه العمل بالحراسة العامة غير متفق مع القانون ولا تنهض الاعتبارات العملية للابقاء على أوضاع مخالفة للقانون لأن ضمان سيادة القانون واعلاء كلمته واحترام حقوق المواطنين وحماية ممتلكاتهم هو من الأمور التى كفلها الدستور والتى تسمو على ما استقر عليه عمل خاطئ.
ومن حيث أنه بالبناء على ما تقدم فان مدلول الاسرة فى تطبيق الأمر رقم 138 لسنة 1961 المشار اليه ينصرف الى زوج الخاضع وأولاده القصر غير المتزوجين وقت فرض الحراسة ذكورا وأناثا ولا يمتد الى من عداهم - وبتطبيق ذلك على الحالة المعروضة فانه لما كانت السيدة/ ...... متزوجة وتبلغ من العمر 28 سنة وقت فرض الحراسة على والدها السيد/ ...... فى عام 1961 فانها تخرج بذلك من عداد أفراد أسرة والدها بما يترتب على ذلك من اثار.

من أجل ذلك

انتهى رأى الجمعية العمومية الى أن مفهوم عائلة الخاضع للحراسة يشمل زوجته وأولاده القصر غير المتزوجين وقت فرض الحراسة ذكورا واناثا ولا يمتد الى من عداهم.