مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنتان الثلاثون والحادية والثلاثون (من أول أكتوبر سنة 1975 إلى آخر سبتمبر سنة 1977) - صـ 291

(فتوى رقم 264 فى 19/ 4/ 1977 - ملف رقم 100/ 1/ 45)
(146)
جلسة 9 من مارس سنة 1977

( أ ) اصلاح زراعى "عقد بيع يترتب عليه تجاوز الحد الاعلى للمكلية" [(1)].
التعاقد الذى يترتب عليه تجاوز ملكية المشترى للحد الاقصى المنصوص عليه فى قانون الاصلاح الزراعى يعتبر باطلا بطلانا مطلقا لتعلقه بالنظام العام - بطلان العقد يفقده الوجود القانونى فلا ينشأ عنه أى من الآثار التى اتجهت ارادة المتعاقدين المشتركة الى احداثه ولا تنتقل به الملكية، ويسقط عن البائع التزامه بتسليم المبيع وبنقل الملكية وبضمان عدم التعرض والاستحقاق والعيوب الخفية، ويسقط عن المشترى التزامه بدفع الثمن - ليس من شأن التسجيل أن يصحح عقدا باطلا.
(ب) اصلاح زراعى "عقد بيع باطل - تحول العقد"
اذا كانت ملكية المشترى وقت ابرام العقد لم تجاوز الحد الاقصى المقرر قانونا، وكان من شأن عقد البيع تجاوزها الحد الاقصى، اعتبر باطلا لمخالفته للقانون - اذا توافرت فى هذا العقد أركان عقد بيع اخر يرد على جزء من المبيع الذى لا تجاوز به ملكية المشترى الحد الاقصى، وقع التصرف الجديد صحيحا بأثر رجعى من وقت الانعقاد واستندت صحته الى القانون مباشرة - أما باقى المبيع فشأنه البطلان ويظل فى ملك البائع ولا يجوز الاستيلاء عليه.
(ج) اصلاح زراعى "استيلاء"
المناط فى صحة الاستيلاء على الاراضى الزائدة على الحد الاقصى للملكية أنما يكون بالنظر الى ملكية البائع ومدى تجاوزها للحد الاقصى أو عدم تجاوزها وقت التعاقد.
1 - ان المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الاصلاح الزراعى قبل تعديلها بالقانون رقم 127 لسنة 1961 والقانون رقم 50 لسنة 1969 كانت تنص على أنه "لا يجوز لأى فرد أن يمتلك من الاراضى الزراعية أكثر من مائتى فدان، وكل عقد يترتب عليه مخالفة هذا الحكم يعتبر باطلا ولا يجوز تسجيله" وقد رددت ذات الحكم المادة الاولى من القانون رقم 50 لسنة 1969 بتعيين حد أقصى لملكية الاسرة والفرد فى الاراضى الزراعية وما فى حكمها اذ نصت على أنه "لا يجوز لاى فرد أن يمتلك من الاراضى الزراعية وما فى حكمها من الاراضى البور والصحراوية أكثر من خمسين فدانا.. وكل تعاقد ناقل للملكية يترتب عليه مخالفة هذه الاحكام يقع باطلا ولا يجوز شهره".
ويبين مما تقدم أن كل تعاقد يترتب عليه تجاوز الملكية للحد الأقصى المنصوص عليه فى قانون الاصلاح الزراعى بتعديلاته المتعاقبة يعتبر باطلا لمخالفته للقانون ويقع البطلان فى هذه الحالة على العقد المخالف للقانون فى ذاته فالعقد فى ذاته أى التراضى هو الذى يبطل والبطلان هنا بطلان مطلق لتعلقه بالنظام العام ولصراحة عموم النص.
وبطلان العقد هو فقده الوجود القانونى فلا ينشأ عنه أى من الآثار التى اتجهت الادارة المشتركة بتراضيهما الى احداثه فلا ينشأ عنه أية التزامات ولا يترتب عليه الاثر الذى رتبه القانون عليه وهو نقل الملكية.
واذا كان العقد الباطل قد سجل فلا يختلف أمره عما لو كان لم يسجل، اذ التسجيل فى ذاته منفصلا عن العقد ليس له أى أثر بالنسبة للملكية، فالذى ينقل الملكية هو العقد المسجل، ولهذا فتسجيل العقد الباطل بطلانا مطلقا لا ينقل الملكية، اذ ليس من شأن التسجيل أن يصحح عقدا باطلا، فسواء كان العقد الباطل مسجل أم لا فالبطلان يزيل وجوده القانونى على نحو كامل ونتيجة لذلك فببطلان العقد لا تنتقل الملكية اذا كان قد سجل ويسقط عن البائع التزامه بتسليم المبيع وبضمان التعرض والاستحقاق والعيوب الخفية وينقل الملكية ويسقط عن المشترى التزامه بدفع الثمن، بل لا يصلح هذا التعاقد سببا صحيحا للتملك بالتقادم الخمسى.
2 - ومن حيث أنه بتطبيق ما تقدم على العقود محل البحث يتبين الآتى:
بالنسبة للسيد/ .............:
أن العقد الصادر فى 27/ 4/ 1959 والمسجل برقم 2371 بنفس التاريخ ورد على مساحة 11 س 10 ط 85 ف وكان المالك عند ابرامه يملك 10 س 10 ط 142 ف فيكون هذا العقد قد أدى الى أن أصبحت ملكيته 21 س 20 ط 227 ف أى مخالفة للحد الأقصى المقرر فى المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 ومن ثم يبطل هذا العقد بطلانا مطلقا وفقا لما سلف بيانه.
غير أنه لما كانت المادة 144 من القانون المدنى تنص على أنه "اذا كان العقد باطلا أو قابلا للابطال وتوافرت فيه أركان عقد أخر فان العقد يكون صحيحا باعتباره العقد الذى توافرت أركانه اذا تبين أن نية المتعاقدين كانت تنصرف الى ابرام هذا العقد" وان شروط التحول طبقا لحكم هذا النص هى بطلان التصرف الذى أراده الطرفان أو قابليته للابطال وأن يتوافر فى التصرف الباطل عناصر التحول الموضوعية لتصرف آخر صحيح وأن يكون التصرف الجديد تصرفا أخر، ويمكن فى ذلك أن يكون من نفس النوع مع مجرد تغير فى المضمون، ويجب أن يكون من الممكن أن يتحقق الغرض العملى الذى استهدفه الطرفان بالتصرف الباطل عن طريق التصرف الاخر لكى يمكن قيام توافق بينهما، ويقوم التصرف الجديد على الادارة الافتراضية للطرفين التى يتصور أن تكون لديهما لو كانا قد علما عند ابرام التصرف ببطلانه والا تقوم ارادة عكسية ضد التحول، واخيرا الا يصيب التصرف الجديد عيب بطلان التصرف الاصلى.
فاذا توافرت هذه الشروط وقع التصرف الجديد صحيحا بأثر رجعى من وقت الانعقاد واستندت صحته الى القانون مباشرة ولا يحتاج فى أعماله الى اتفاق الطرفين أو الى حكم قضائى الا اذا وقع بينهما نزاع حول توافر شروطه ووقوعه.
وبتطبيق ذلك على الواقعة المعروضة فانه سلف البيان أن العقد كله باطل لمخالفته هو ذاته للقانون، وهو يوافق موضوعيا عقد بيع آخر يرد على جزء فقط من المبيع فى البيع الأول لا يجاوز الحد الأقصى للملكية وهذا العقد الجديد لا يخالف القانون اذ ليس من شأنه أن يجاوز بملكية المشترى الحد الاقصى الذى حدده، وان الارض المباعة بمقتضى العقد تقبل التجزئة والقسمة وقد قام الاصلاح الزراعى بالاستيلاء على القدر الزائد هذا وقد ارتضى المتعاقدان هذا الوضع ضمنا فكلاهما لم يرفض تحول العقد ولم يطلب ابطال العقد خلال الميعاد القانونى المحدد لاقامة دعوى البطلان وقد استقر مركز المشترى (الخاضع) على هذا الاساس وبقى زمنا طويلا فوجب احترامه، ومن ثم تكون كافة عناصر تحول العقد متوافرة ويكون التحول قد وقع بقوة القانون من تاريخ العقد الاصلى ولما كان هذا العقد مسجلا فتكون قد انتقلت الى المشترى ملكية مساحه من المبيع تعادل جزء المبيع الذى يرد عليه العقد بعد التحول.
أما باقى المبيع وهو 21 س 20 ط 27 ف فيظل الأمر على البطلان فى شأنه، ومن ثم لا تنتقل ملكيته الى المشترى ويظل فى ملك البائع فلا يجوز للاصلاح الزراعى الاستيلاء عليه فى مواجهة المشترى وأنما ينظر اليها على ضوء ملكية البائع ومدى اتفاقها مع الحد الاقصى الذى قرره القانون.
ولا تنال من سلامة هذا الرأى تلك المذكرة التى تقدم بها الى ادارة الفتوى السيد/ ...... نجل السيد/ ....... طبقا لما سلف بيانه والتى تتضمن اقراره بسلامة الاستيلاء على كامل المساحة محل العقد المشار اليه واعتباره تبعا لذلك أن طلب الرأى لم يعد له ما يبرره، اذ لا تفصح الاوراق عن أنه هو الوارث الوحيد كما لا يوجد ما يقطع بانه يعبر عن موقف سائر الورثة، وقد يكون قد أدخل فى اعتباره القانونين رقمى 127 لسنة 1961 و50 لسنة 1969 بتحديد الحد الاقصى للملكية بمائة فدان ثم بخمسين فدانا على التوالى، وقد يكون المذكور أراد بهذه المذكرة نفض يده عن أى نزاع حول مجموع مساحة العقد الاصلى خاصة وان تحول العقد الى عقد صحيح فى جزء من المبيع وبقاء البطلان فى باقيه قد يحتاج منه الى تصفية موقفه مع البائع ولهذا أثر السلامة وأقر الاستيلاء ورأى أن العقد فى مجموعه لم يعد محل طلب الرأى.
3 - ان المشترى وقد اعتبر مالكا للنصاب القانونى من 27/ 4/ 1959 أخذا بنظرية تحول العقد على الوجه المبين آنفا ومن ثم يكون العقد العرفى المحرر فى 22/ 3/ 1960 باطلا فى حدود النصيب المعدل للمشترى ومقداره 15 س 11 ط 2 ف لمخالفته حكم المادة الاولى من المرسوم بقانون المشار اليه وبذلك لا يؤثر فى ملكية المشترى ولا يجوز كذلك للاصلاح الزراعى الاستيلاء عليها فى مواجهة هذا الاخير وأنما ينظر اليها أيضا على ضوء ملكية البائع ومدى اتفاقها مع الحد الأقصى الذى حدده القانون.
بالنسبة للعقد العرفى الذى اشترت بموجبه السيدة/ ........ مساحة 12 ط 8 ف محل طلب الشهر رقم 1348 فى 21/ 11/ 1970 فانه باطل بطلانا مطلقا لمخالفته حكم المادة الاولى من القانون رقم 50 لسنة 1969 لملكيتها الحد الاقصى القانونى عند ابرامه (وهى خمسين فدانا) ومن ثم الملكية لا زالت للبائع. ولا يجوز الاستيلاء على المساحة الوارد عليها العقد فى مواجهة المشترية وأنما يتعين النظر على ضوء اتفاق ملكية البائع مع الحد الاقصى القانونى.

من أجل ذلك

انتهى رأى الجمعية العمومية الى ما يأتى:
أولا: بطلان العقد المسجل رقم 2371 فى 27/ 4/ 1959 فيما يجاوز القدر الذى تبلغ به ملكية السيد ........ (مائتى فدان) ومقداره 21 س 20 ط 27 ف بطلانا مطلقا.
ثانيا: بطلان العقد العرفى المؤرخ 22/ 3/ 1960 بطلانا مطلقا كذلك فى حدود النصيب المعدل ومساحته 15 س 11 ط 2 ف للسيد المذكور لبلوغ ملكيته فى هذا التاريخ الحد الأقصى المقرر قانونا ويتجاوزها بهذا العقد نطاق ذلك الحد.
ثالثا: بطلان العقد العرفى الصادر لصالح السيدة/ ....... بطلانا مطلقا لبلوغ ملكيتها وقت ابرامه الحد الاقصى المقرر قانونا وتجاوزها بمقتضاه نطاق هذا الحد.
رابعا: ان المناط فى صحة أو عدم صحة الاستيلاء على الاراضى الزائدة عن الحد الأقصى للملكية المقرر قانونا فى الحالات المتقدمة انما يكون بالنظر الى ملكية البائعين فى تلك الحالات دون المشترى - ومدى تجاوز ملكية هؤلاء الاولين للحد الاقصى المشار اليها أو عدم تجاوزها.


[(1)] قارن فى هذا الشأن حكم المحكمة الادارية العليا - الطعن رقم 79 لسنة 20 ق جلسة 31/ 5/ 1977.