مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنتان الثلاثون والحادية والثلاثون (من أول أكتوبر سنة 1975 إلى آخر سبتمبر سنة 1977) - صـ 370

(فتوى رقم 404 بتاريخ 2/ 6/ 1977 ملف رقم 86/ 3/ 436)
(173)
جلسة 18 من مايو سنة 1977

تحكيم "هيئات التحكيم - الاحكام الصادرة منها" عدم قابلية هذه الاحكام للطعن فيها بأى وجه - يجوز طلب وقف تنفيذها من المحكمة العليا فى حالتين أولهما: أن يكون من شأن تنفيذ الحكم الاخلال بالخطة الاقتصادية العامة للدولة وثانيهما: أن يكون من شأن تنفيذ الحكم الاخلال بسير المرافق العامة - رفض المحكمة العليا طلب وقف تنفيذ الحكم - أثر ذلك وجوب تنفيذ الحكم - الامتناع عن تنفيذ الحكم أو تعطيل التنفيذ جريمة معاقب عليها قانونا - لا يحول دون ذلك صدور تفسير من المحكمة العليا يغير وجه الرأى فى المنازعة التى صدرت فيها أحكام نهائية - أساس ذلك.
ثار خلاف فى الرأى بين الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية وشركات القطاع العام بشأن تفسير نص الفقرة الثالثة من المادة (15) من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 حيث ترى الهيئة أن الاعفاء من الاشتراكات الواردة فى هذا النص يقتصر على مدة التجنيد الالزامية للمؤمن عليه دون مدد الاستيفاء فى الخدمة والاستدعاء من الاحتياط فى حين ذهبت الشركات الى أن هذا الاعفاء يسرى على مدد الاستيفاء والاستدعاء من الاحتياط كما يسرى على مدة التجنيد الاجبارية.
ولقد لجأت بعض الشركات الى هيئات التحكيم طالبة الحكم بالزام الهيئة برد الاشتراكات التى حصلتها عن مدد استدعاء واستبقاء العاملين بها والكف عن مطالبة هذه الشركات بالاشتراكات المماثلة مستقبلا حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 79 لسنة 1975 الذى نص صراحة على استحقاق الاشتراكات عن هذه المدد.
وقد أصدرت هيئات التحكيم 25 حكما يؤيد فيها وجهة نظر الهيئة مقابل عشرة أحكام تؤيد وجهة النظر المخالفة، وقامت الوزارة بطلب ايقاف تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الهيئة أمام المحكمة العليا لاخلالها بسير المرفق وأضرارها بالخطة الاقتصادية للدولة فأصدرت المحكمة العليا حكما فى أحد هذه الطلبات فى 2/ 7/ 1976 لصالح شركة النصر للملابس والمنسوجات يقضى بعدم قبول طلب وقف التنفيذ شكلا لتقديمه بعد الميعاد استنادا الى أن المواعيد تبدأ من تاريخ المطالبة بتنفيذ الحكم وليس من تاريخ الاعلان الصحيح بالصورة التنفيذية للحكم.
فقدمت الوزارة طلبا الى المحكمة العليا لتفسير نص الفقرة الثالثة من المادة 15 من القانون رقم 63 لسنة 1964 بشأن التأمينات الاجتماعية نظرته المحكمة العليا بجلسة 27/ 11/ 1976 وأصدرت قرارها التفسيرى رقم 4 لسنة 7 ق بأن مدد تجنيد المؤمن عليه المنصوص عليها فى الفقرة الثالثة من المادة (15) من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 والتى يعفى صاحب العمل والمؤمن عليه من أداء الاشتراكات عنها مقصورة على مدة الخدمة العسكرية الالزامية وحدها دون مدة الاستبقاء فى الخدمة أو الاستدعاء من الاحتياط.
ولما كان معظم طلبات ايقاف التنفيذ لازال معروضا أمام المحكمة العليا ويحتمل أن يقضى فيها بعدم القبول شكلا أو برفضها لعدم اضرارها بالخطة الاقتصادية للدولة.
ونظرا لأن تنفيذ أى من هذه الأحكام سوف يؤدى الى مطالبة الشركات الأخرى تحت ضغط العاملين بها - بما فى ذلك الشركات التى خسرت دعواها أمام هيئات التحكيم - برد ما سبق أن سددته من اشتراكات أسوة بالشركات التى أصبحت الأحكام الصادرة لصالحها نهائية فانكم تطلبون الرأى فيما يتبع بشأن هذه الأحكام وأثر صدور قرار التفسير سالف الذكر على كل من:
1 - الأحكام الصادرة من المحكمة العليا برفض وقف تنفيذ الأحكام الصادرة من هيئات التحكيم.
2 - طلبات وقف التنفيذ التى لازالت منظورة أمام المحكمة العليا.
3 - ما قد يصدر من هيئات التحكيم من أحكام بالمخالفة للقرار التفسيرى رقم (4) لسنة 7 ق خاصة وأن مخالفة القانون ليست من الأسباب التى تخول الوزير طلب وقف تنفيذ الأحكام أمام المحكمة العليا.
ونفيد بأن هذا الموضوع عرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة فى 18/ 5/ 1977 فاستبان لها أن المادة 69 من قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام تنص على أنه "تكون أحكام هيئات التحكيم نهائية ونافذة وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من وجوه الطعن".
وتنص المادة الرابعة من القانون رقم 81 لسنة 1969 باصدار قانون المحكمة العليا على أنه "تختص المحكمة العليا بما يأتى:
1 - ..............
2 - تفسير النصوص القانونية التى تستدعى ذلك بسبب طبيعتها أو أهميتها ضمانا لوحدة التطبيق القضائى.
3 - الفصل فى طلبات وقف تنفيذ الأحكام الصادرة من هيئات التحكيم المشكلة للفصل فى منازعات الحكومة والقطاع العام وذلك اذا كان تنفيذ الحكم من شأنه الاضرار بأهداف الخطة الاقتصادية العامة للدولة أو الاخلال بسير المرافق العامة.
ولا يجوز من وقت تقديم الطلب تنفيذ الحكم الى أن تبت المحكمة فى الطلب...".
كما تقضى المادة 13 من قانون المحكمة العليا المشار اليه بأن تكون "أحكام المحكمة العليا نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى طريق من طرق الطعن".
وتنص المادة 72 من الدستور الدائم على أنه "تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب ويكون الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون، وللمحكوم له فى هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة الى المحكمة المختصة".
ومن حيث أن مفاد النصوص المتقدمة أن أحكام هيئات التحكيم نهائية وواجبة التنفيذ وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من وجوه الطعن الا أنه يجوز طلب وقف تنفيذها أمام المحكمة العليا وذلك فى حالتين أولهما أن يكون من شأن تنفيذ حكم هيئة التحكيم الاضرار بأهداف الخطة الاقتصادية العامة للدولة والثانية أن يكون من شأن تنفيذ الحكم الاخلال بسير المرافق العامة، فاذا ما رفع الطلب الى المحكمة العليا وانتهت الى عدم قبوله شكلا أو الى رفضه موضوعا فانه يتعين فى هذه الحالة تنفيذ هذه الأحكام، لأنه ليس هناك طريق للطعن فى قرارات وأحكام المحكمة العليا فهى بحسب صريح نص المادة 13 من القانون رقم 81 لسنة 1969 نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى طريق من طرق الطعن.
ولما كان الدستور قد نص على اعتبار الامتناع عن تنفيذ الأحكام أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين المختصين جريمة يعاقب عليها قانونا وجعل للمحكوم له الحق فى رفع الدعوى الجنائية مباشرة أمام المحكمة المختصة، فانه يجب على الوزارة أن تنفذ أحكام التحكيم التى رفضت المحكمة العليا وقف تنفيذها وذلك بأن ترد الاشتراكات التى تناولتها تلك الأحكام.
ولا يغير من ذلك التفسير الذى أصدرته المحكمة العليا للمادة (15) من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 بالقرار رقم 4 لسنة 7 ق والذى انتهت فيه الى التزام صاحب العمل والمؤمن عليه بأداء اشتراكات التأمين عن مدة الاستبقاء فى الخدمة والاستدعاء من الاحتياط، ذلك لأن قرار التفسير المشار اليه يمس هذه الأحكام نظرا لأنها قد اكتسبت حجية تعصمها من التأثر بأى قاعدة قانونية.
وغنى عن البيان أن للوزارة أن تبدى الدفوع التى وردت بكتابها والمشار اليها بالوقائع أمام المحكمة العليا عند نظرها لطلبات وقف تنفيذ باقى الأحكام الصادرة برد الاشتراكات الخاصة بالمستبقين فى الخدمة والمستدعين من الاحتياط، كما أن لها أن تضع التفسير الملزم الذى أصدرته المحكمة العليا رقم 4 لسنة 7 ق فى شأن المادة 15 من القانون رقم 63 أمام هيئات التحكيم التى تنظر طلبات الشركات برد الاشتراكات المشار اليها.

من أجل ذلك

انتهى رأى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع الى وجوب تنفيذ الأحكام الصادرة من هيئات التحكيم ما لم يصدر بوقف تنفيذها حكم من المحكمة العليا.