مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنتان الثلاثون والحادية والثلاثون (من أول أكتوبر سنة 1975 إلى آخر سبتمبر سنة 1977) - صـ 388

(فتوى رقم 472 بتاريخ 23/ 6/ 1977 ملف رقم 82/ 6/ 227)
(181)
جلسة أول يونية سنة 1977

( أ ) عاملون مدنيون بالدولة "اصابة عمل - القانون الواجب التطبيق فى شأن التعويض عن اصابات العمل" (تعويض) (قانون - سريانه من حيث الزمان).
استعراض النصوص التشريعية الخاصة باصابات العمل - مناط استحقاق التعويض عن اصابة العمل هو اكتمال الواقعة القانونية التى يعتد بها بعنصريها: الاصابة والعجز - المركز القانونى الذاتى وهو نشوء الحق فى التعويض لا يتحقق الا اذا اكتملت الواقعة القانونية الشرطية - القانون الواجب التطبيق فى شأن التعويض عن اصابات العمل هو القانون المعمول به وقت ثبوت العجز المتخلف عن الاصابة ذاتها - تطبيق.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة "اصابة عمل - عناصرها".
الاصابة الناشئة عن حادث عمل تتميز بعنصرين: أولهما - عنصر الضرر الجسمانى ويشمل كل أذى يلحق بجسم العامل ظاهرا كان أو خفيا، داخليا أو خارجيا وثانيهما: عنصر المفاجأة الذى من مقتضاه أن تقع الاصابة نتيجة حادث مفاجئ لا يستغرق سوى وقت قصير - لا تعتبر الاصابة الناشئة عن الاجهاد أو الارهاق فى العمل اصابة عمل الا اذا كان ارهاقا فجائيا يعزى الى واقعة محددة أو وقت محدود - تطبيق.
1 - ان القانون رقم 64 لسنة 1936 بشأن اصابات العمل كان ينص فى المادة 25 منه على أنه "اذا ترتب على الاصابة عجز العامل عن أداء مهنته أو صناعته يلزم صاحب العمل أن يدفع له...." كما نص فى المادة 28 على أنه "اذا نشأ عن الاصابة عاهة مستديمة يدفع للعامل المصاب تعويض..." ونص فى المادة 29 على حالة ما اذا نشأ عن الاصابة عاهة جزئية مستديمة.
وجاء بعد ذلك القانون رقم 89 لسنة 1950 على النسق ذاته فنص فى المادة 27 منه على أنه "اذا نشأ عن الاصابة عجز العامل عن أداء مهنته أو صناعته وجب على رب العمل أن يدفع له معونة مالية حتى يتم شفاؤه أو تثبت عاهته المستديمة... أو يتوفى...".
ونص فى المادة 28 على أنه "اذا أدى الحادث الى وفاة العامل يلزم رب العمل بدفع تعويض..." وتولى فى المادة 30 بيان حقوق العامل (اذا نشأ عن الاصابة عاهة مستديمة كلية) وفى المادة 31 بيان حقوقه (اذا نشأ عن الاصابة عاهة مستديمة جزئية).
ولم يخرج القانون رقم 202 لسنة 1958 فى شأن التأمين والتعويض عن اصابات العمل عن ذلك الاطار فأوضح ما يستحقه المصاب اذا نشأ عن الاصابة عجز كامل وكذلك اذا نشأ عنها عجز جزئى مستديم وعندما تؤدى الى الوفاة (المواد 26 - 33).
وساير قانون التأمينات الاجتماعية رقم 92 لسنة 1959 الاتجاه المذكور ذاته فبين حقوق المصاب فى حالات ما اذا ترتب على الاصابة عجز كامل أو عجز جزئى مستديم أو وفاة المصاب (المواد 29 - 34).
وفى قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 تنص المادة 27 منه على أنه "اذا نشأ عن الاصابة عجز كامل مستديم أو وفاة سوى المعاش على أساس 80% من متوسط الأجر...".
كما تنص المادة 28 منه على أنه "اذا نشأ عن الاصابة عجز جزئى مستديم تقدر نسبته بـ 35% أو أكثر من العجز الكامل استحق المصاب معاشا....".
وتنص المادة 29 على أنه "اذا نشأ عن الاصابة عجز جزئى مستديم لا تصل نسبته الى 35% من العجز الكامل استحق المصاب تعويضا...".
وأخيرا ينص قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 25 لسنة 1977 فى المادة 51 على أنه "اذا نشأ عن اصابة العامل عجز كامل أو وفاة سوى المعاش بنسبة....".
وينص فى المادة 52 على أنه "اذا نشأ عن الاصابة عجز جزئى مستديم تقدر نسبته بـ 35% فأكثر استحق المصاب معاشا...".
وينص فى المادة 53 على أنه "... اذا نشأ عن الاصابة عجز جزئى مستديم لا تصل نسبته الى 35% استحق المصاب تعويضا...".
ومن حيث أن الواضح من النصوص المتقدمة والمراحل التشريعية التى مرت بها أن المشرع منذ قرر حق العامل فى التعويض عن اصابات العمل، لا يرتب الحق فى التعويض على مجرد وقوع الاصابة، وانما يجعل التعويض رهينا بتخلف عجز عن الاصابة الحادثة، ويغاير فى مقدار التعويض بحسب نسبة العجز وآثاره، فالواقعة القانونية التى يعتد بها المشرع مناطا لاستحقاق التعويض هى العجز، والاصابة فى منطق تلك النصوص لا تعدو أن تكون واقعة مادية لا يرتب المشرع أثرا على مجرد حدوثها وانما يرتب هذا الأثر على العجز الذى يتخلف عنها.
وهذا النظر ينطوى على تطبيق سليم لفكرة تنازع القوانين من حيث الزمان اذ تقوم هذه الفكرة على قاعدة الأثر الفورى أو المباشر للقانون الجديد وعدم رجعية هذا القانون بما يمس الحقوق والمراكز التى نشأت واكتملت فى ظل القانون السابق فيحكم كل قانون الوقائع التى حدثت فى ظل العمل به فاذا كانت التصرفات أو الوقائع القانونية أو المراكز القانونية الفردية قد اكتملت ونشأت فى ظل أحكام قانون معين فان هذا القانون هو الذى يحكمها، ولا يجوز اذا ما صدر قانون جديد أن يرجع أثره الى الماضى ليحكم تلك التصرفات أو الوقائع أو المراكز التى انتجت آثارها وفقا لأحكام القانون القديم، كما لا يجوز أن تمتد أحكام القانون القديم لتحكم تصرفات ووقائع ومراكز نشأت واكتملت بعد العمل بالقانون الجديد.
وبتطبيق هذه القواعد فى مجال التعويض عن اصابات العمل يتضح من نصوص القوانين المتقدمة - كما سلف القول - ان المركز القانونى الذاتى وهو نشوء الحق فى التعويض لا يتحقق الا اذا اكتملت الواقعة القانونية الشرطية التى نص عليها المشرع وجعل منها مناطا لتوافر هذا المركز القانونى وهى وقوع اصابة يتخلف عنها عجز ومن ثم تكون العبرة فى تعيين القانون الواجب التطبيق وبالتالى فى تحديد حقوق والتزامات ذوى الشأن هى بوقت حدوث العجز المتخلف عن الاصابة اذ به تكتمل الواقعة القانونية وتصبح بالفعل واقعة يعتد بها القانون فى ترتيب المراكز المختلفة.
كما أن هذا النظر هو الذى يتفق وطبائع الأشياء فالاصابة قد ينجم عنها عجز حال وقوعها مباشرة، فتتعاصر الاصابة والعجز فى وقت الحدوث، وقد لا يتحقق هذا التعاصر، فيتراخى ظهور العجز فترة من الزمن، وليس من شك فى أن أحكام القانون تشمل الحالتين معا، وبالتالى لا يسوغ اغفال العنصر الزمنى والقول بأن الواقعة التى يعتد بها المشرع هى الاصابة بحيث يرد العجز الناشئ عنها الى وقت حدوثها خلافا لمنطق النصوص التى تجعل الواقعة القانونية التى ترتب الحق فى التعويض هى الاصابة التى ينجم عنها عجز معين سواء حدث هذا العجز وقت حدوث الاصابة أم حدث بعد ذلك بسببها.
ومن حيث أنه يخلص مما تقدم أن القانون الواجب التطبيق فى شأن التعويض عن اصابات العمل هو القانون المعمول به وقت ثبوت العجز المتخلف عن الاصابة ذاتها ووفقا لأحكام هذا القانون تتحدد حقوق العامل المصاب والتزامات الجهة التى يعمل بها كما تتحدد أيضا المدة التى يسقط بها حق المصاب فى التعويض وبصفة عامة فان هذا القانون هو الذى يحكم مراكز ذوى الشأن من جميع جوانبها وبشتى آثارها.
ومن حيث أن قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975 نشر فى 28/ 8/ 1975 وعمل به اعتبارا من الشهر التالى لتاريخ النشر، وكان الثابت من الوقائع أن العجز الناشئ عن اصابة السيد/ ........ ثبت بقرار القومسيون الطبى الصادر بجلسة 19/ 6/ 1975 والذى قدر نسبته بـ 45% فان هذا العجز يكون قد ثبت وقت العمل بأحكام قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 وتبعا لذلك يكون هذا القانون هو الواجب التطبيق على الاصابة موضع البحث.
2 - ان المادة الأولى من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 تنص على أنه "يقصد باصابة العمل، الاصابة بأحد الأمراض المهنية المبينة بالجدول رقم (1) الملحق بهذا القانون، أو الاصابة نتيجة حادث أثناء تأدية العمل أو بسببه ويعتبر فى حكم ذلك كل حادث يقع للمؤمن عليه خلال فترة ذهابه لمباشرة العمل وعودته منه بشرط أن يكون الذهاب أو الاياب دون توقف أو تخلف أو انحراف عن الطريق الطبيعى".
ومن حيث أن الفقه والقضاء قد جرى على أن الاصابة الناشئة عن حادث عمل تتميز بعنصرين (أولهما) عنصر الضرر الجسمانى: وهو يشمل كل أذى يلحق بجسم العامل ظاهرا كان أو خفيا، داخليا أو خارجيا - (وثانيهما) عنصر المفاجأة الذى من مقضتاه أن تقع الاصابة نتيجة لحادث فجائى لا يستغرق عادة سوى وقت قصير وهذا ما يميز اصابة العمل عن المرض المهنى الذى لا ينشأ نتيجة حادث فجائى وانما بسبب طبيعة العمل وظروفه خلال فترة من الزمن، واذا كان قد أضيف الى هذين العنصرين عنصر ثالث هو: الواقعة ذات الأصل الخارجى: ويقصد به أن يكون العجز الجسمانى ناشئا عن سبب خارج عن الجهاز العضوى للعامل، فلقد تراجع القضاء والفقه عن اشتراط هذا العنصر الأخير ذلك أنه كان مقصودا به التمييز بين اصابة العمل، والمرض المهنى فى حيث أن الاصابة قد تقع بفعل داخلى دون أن تكون نتيجة لمرض كبذل مجهود مرهق فى العمل فى وقت معين كما أنه يمكن التمييز بسهولة بين اصابة العمل والمرض المهنى بعنصر المفاجأة ومن ثم فقد استقر الرأى على اعتبار الاصابة الناشئة عن الاجهاد أو الارهاق فى العمل اصابة عمل متى كان ارهاقا فجائيا يعزى الى واقعة محددة أو وقت محدد.
ومن حيث أنه بناء على ما تقدم فان الاصابة بالشريان التاجى وغى ذلك من الاصابات الموصوفة بالوقائع (ارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين التاجية وعدم تكافؤ الدورة الدموية) لا تعد من قبيل اصابات العمل الا اذا كان الارهاق أو الاجهاد فجائيا يمكن أن يعزى الى واقعة محددة أو وقت محدد، وشيئا من ذلك لا يتحقق فى الاصابة موضع البحث لأن ?حالة الأستاذ المستشار/ ....... المرضية بدأت كما هو ثابت بالوقائع منذ سنة 1964 وتطورت مع مرور الوقت الى أن وصلت الى ما وصلت اليه دون أن يثبت أن ذلك كان نتيجة لارهاق فجائى يرتبط بواقعة أو وقت محدد.
ولا حجة فيما جاء بالأوراق خاصا بحجم العمل الذى أسند اليه فى سنة 69/ 1970 وأنه كان يفوق عمل الكثير من زملائه أو أنه أصيب أثناء احدى الجلسات بآلام فى الصدر نقل على أثرها الى منزله طالما كان ذلك فى نطاق مباشرته العادية لأعمال وظيفته ولم يكلف بالاضافة الى هذه الأعمال بأعمال أخرى كانت هى السبب المباشر فى حدوث الاصابة.