مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنة السادسة والعشرون (من أول اكتوبر سنة 1971 الى آخر سبتمبر سنة 1972) - صـ 18

(فتوى رقم 1008 بتاريخ 4 من نوفمبر سنة 1971 - ملف رقم 86/ 6/ 145)
(6)
جلسة 13 من أكتوبر سنة 1971

تجنيد - المادة 58 من القانون رقم 505 لسنة 1955 فى شأن الخدمة العسكرية والوطنية - مقتضاها عدم جواز تعيين العاملين أو الابقاء عليهم فى وظائفهم أو أعمالهم ما لم يحدد موقفهم من المعاملة العسكرية - وضع العامل الذى لم يحدد موقفه من هذه المعاملة - وقفه عن العمل أو ابعاده عنه - عدم استحقاقه للمرتب خلال فترة الوقف - سريان هذه الأحكام بالنسبة الى المعينين والمكلفين على السواء - الوضع بالنسبة الى المعيدين بالجامعات والمعاهد العليا - تأجيل تجنيدهم حتى سن الثامنة والعشرين بمقتضى قرار وزير الحربية رقم 41 لسنة 1968 - مؤدى ذلك عدم جواز وقف المعيد عن عمله قبل بلوغ هذه السن - استحقاقه للمرتب عن فترة الوقف - أساس ذلك.
ان المادة 58 من القانون رقم 505 لسنة 1955 فى شأن الخدمة العسكرية والوطنية تنص على أنه "لا يجوز استخدام أى مواطن من الأقليم الجنوبى بعد بلوغه التاسعة عشرة من عمره أو ابقاؤه فى وظيفته او عمله او منحه ترخيصا فى مزاولة اية مهنة أو قيده فى جدول المشتغلين بها ما لم يكن حاملا بطاقة الخدمة العسكرية والوطنية. كما لا يجوز ذلك أيضا بالنسبة الى أى منهم فيما بين الحادية والعشرين والثلاثين من عمره ما لم يقدم احدى الشهادات المنصوص عليها فى المادة 64 أو انموذج وضع المواطن تحت الطلب لاجل معين".
ومن حيث أن مؤدى هذا النص ان ثمة حظرا يرد على سلطان جهة الادارة فى تعيين العاملين بها أو الابقاء عليهم فى وظائفهم أو اعمالهم ما لم يكن كل منهم ذو موقف محدد من المعاملة العسكرية، فمن بلغت سنه التاسعة عشرة تعين ان يكون حاملا لبطاقة الخدمة العسكرية والوطنية، ومن بلغ الحادية والعشرين من عمره تعين ان يقدم احدى الشهادات المنصوص عليها فى المادة 64 من قانون الخدمة العسكرية والوطنية أو انموذج وضع المواطن تحت الطلب لاجل معين، فمن لم يكن موقفه من التجنيد محددا على هذا النحو فانه يتعين على جهة الادارة ان تقصيه من عمله أو لا تستخدمه بداءة. واقصاء العامل عن عمله فى هذه الحالة قد يتخذ احدى صورتين: اما انهاء خدمته لعدم توافر احد الشروط اللازمة لاستمرار العلاقة الوظيفية، واما ابعاده عن عمله وذلك بوقفه عنه حتى يتقدم بالشهادة المطلوبة، وهذا الوقف وان كان غير منصوص عليه صراحة الا انه مستفاد ضمنا من الحظر الوارد فى نص المادة 58 سالفة الذكر، اذ طالما ان لجهة الادارة الحق فى انهاء خدمة العامل تطبيقا لهذا النص، فمن باب أولى يكون لها الحق فى وقفه عن العمل.
ومن حيث انه اذا كان ذلك ما هو ما تقدم، فان العامل الموقوف عن عمله تطبيقا لنص المادة 58 من قانون الخدمة العسكرية والوطنية لا يستحق مرتبه عن فترة الوقف، لان المستقر عليه فقها وقضاء ان الاجر مقابل العمل، كما لا يكون له الحق فى اى تعويض عن هذا الوقف لان التعويض يقوم على عناصر ثلاث هى الخطأ والضرر وعلاقة السببيه بين الخطأ والضرر وطالما ان الوقف على هذه الحالة متفق مع حكم القانون فلا يكون ثمة خطأ من جانب جهة الادارة فلا يستحق التعويض.
ومن حيث انه اذا كانت الاحكام المتقدمة هى الواجبه الاتباع بالنسبة الى العاملين المعينين بالاداة القانونية العادية، فانها تسوى أيضا بالنسبة الى العاملين المكلفين للعمل باحدى الوزارات أو المصالح العامة او غيرها من الهيئات التى تجيز القوانين أو اللوائح التكليف للعمل بها، ذلك انه ولئن كان التعيين فى الوظائف العامة يتم فى الاحوال العادية بالادوات المنصوص عليها فى القوانين واللوائح المختلفه وعلى الاخص قانون العاملين المدنيين بالدولة، وان قرار التعيين وان كان هو المنشئ للمركز القانونى فى هذا الشأن، وهو مركز تنظيمى عام لا مركز تعاقدى، وان رضاء الموظف وان كان لا ينهض ركنا على انشاء المركز المذكور الا انه بطبيعة الحال يلزم لتنفيذ القرار، فلا يجبر الموظف على قبول الوظيفة العامة. الا ان للتكليف نظامه الخاص به، وهو اداة استثنائية خاصة للتعيين فى الوظائف العامة بحسب الشروط والاحكام المبينه فى القوانين واللوائح الصادرة فى هذا الشأن، فاذا ما تم اشغال الوظيفة العامة بهذه الاداة انسحب المركز الشرطى الخاص بالوظيفة على المكلف بجميع التزاماتها ومزاياها فى الحدود التى نصت عليها القوانين الخاصة المشار اليها، وأصبح بهذه المثابة وفى هذا الخصوص شأنه شأن غيره من الموظفين ولا يقدح فى ذلك ان رضاء الموظف بقبول الوظيفة فاقد، ذلك ان التكليف فى اساسه يقوم على استبعاد هذا الرضاء ويصدر جبرا عن المكلف لضرورات الصالح العام، لذلك فانه من المنطقى ان الاحكام المنصوص عليها فى المادة 58 من القانون رقم 505 لسنة 1955 المشار اليه تسرى ايضا على العامل المكلف، اذ لا تفرقه فى هذا الشأن بينه وبين غيره من العاملين المعينين بالاداة القانونية العادية، فيجوز لجهة الادارة ان توقفه عن عمله حتى يتقدم اليها باحدى الشهادات المنصوص عليها فى المادة 58 سالفة الذكر، ذلك ان تحديد موقفه من التجنيد هو امر طبيعى باعتبار ان الخدمة العسكرية من اجل الواجبات الوطنية فلا يفرق فيها بين شخص وآخر، وقد ذهبت الجمعية فى خصوص اوامر تكليف المهندسين [(1)] على ان لكل من قانون الخدمة العسكرية والوطنية وقانون تكليف المهندسين مجاله المستقل عن مجال القانون الآخر بالنسبة الى نوع الخدمة التى يفرضها، فالتجنيد لاداء الخدمة العسكرية وهو فرض لازم على كل مواطن قادر على أداء ضريبة الدم، أما تكليف المهندسين للخدمه العامه فهو فرض واجب على فئة من المواطنين قادرة على اداء ضريبة العلم، ولا يجب احدهما الآخر او يغنى عنه أو يعطل اثره، فاذا اجتمعت فى المواطن الشروط الواجب توافرها فيمن يلزم باداء الضريبتين معا وجب عليه اداؤها كلتيهما دون مقاصه بينهما عند اتحاد المدة أو تداخلها والا فات الغرض منها وهذا الذى انتهت اليه الجمعية ينطبق ايضا على المكلفين من الصيادلة لاتحاد العله.
أما بالنسبة الى المعيدين فان ثمة تنظيما خاصا بهم صدر به قرار مجلس الوزراء فى 13/ 11/ 1968 بتأجيل تجنيد جميع المعيدين بالجامعات والمعاهد العليا طبقا للحدود المنصوص عليها فى القانون رقم 505 لسنة 1955 المشار اليه، وصدر تنفيذا لذلك قرار وزير الحربية رقم 41 لسنة 1969 الذى نص فى مادته الاولى على ان "تؤجل الخدمة الالزامية للمعيدين بالجامعات والمعاهد العليا حتى سن الثامنة والعشرين" وقد عمل بهذا القرار اعتبارا من 13/ 11/ 1968، ومن ثم فانه اذا كان احد المعيدين لم يكن قد بلغ سن الثامنة والعشرين وقت وقفه عن العمل فى 21/ 9/ 1969 فانه يفيد من قرار وزير الحربية المشار اليه وبالتالى لم يكن من حق الجامعة ان توقفه عن عمله لكونه غير مطالب بتحديد موقفه من الخدمة العسكرية ولذلك فانه يستحق مرتبه عن مدة الوقف باعتباره تعويضا له عن الاضرار التى اصابته نتيجة خطأ الجامعة. اما اذا كان وقت وقفه قد بلغ سن الثامنة والعشرين، فيكون ملزما بتحديد موقفه من التجنيد وتكون الجامعة قد أصابت بوقفه عن عمله، فلا يستحق مرتبه عن هذه المدة.
لهذا انتهى رأى الجمعية العمومية الى: -
أولا: عدم احقية السيد/ ... الصيدلى المكلف بمستشفى جامعة أسيوط لمرتبه عن الفترة من تاريخ وقفه عن العمل فى 30/ 5/ 1970 حتى التاريخ الذى تقدم فيه الى الجامعة بشهادة الخدمة العسكرية المطلوبة وابدى استعداده لتسلم العمل بها.
ثانيا: احقية السيد/ .... المعيد بكلية العلوم بجامعة اسيوط لمرتبه عن الفترة من تاريخ وقفه عن العمل فى 21/ 9/ 1969 حتى 26/ 9/ 1969 اذا كان وقت الوقف لم يكن قد بلغ الثامنة والعشرون من عمره، أما إذا كان قد بلغها فى هذا التاريخ فلا يستحق مرتبه عن فترة الوقف المذكورة.


[(1)] فتوى رقم 993 فى 25/ 9/ 1966، منشورة بمجموعة فتاوى الجمعية العمومية السنة العشرون - قاعدة 128