مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنة السادسة والعشرون (من أول اكتوبر سنة 1971 الى آخر سبتمبر سنة 1972) - صـ 76

(فتوى رقم 1085 بتاريخ 12 من ديسمبر سنة 1971 ملف رقم 37/ 1/ 128)
(23)
جلسة أول ديسمبر سنة 1971

ضريبة - الضريبة على المرتبات وما فى حكمها والأجور - ضريبة أرباح المهن غير التجارية - فيصل التفرقة بين الدخل الذى يخضع لكل من هاتين الضريبتين - حصول الممول على الدخل من عمل يمارسه بصفة تبعية أو مستقلة - المبالغ التى يتقاضاها خبراء التحكيم بهيئة التحكيم واختبارات القطن وأبحاث مصدرى الأقطان الذين يختارون من بين العاملين بالقطاع العام - خضوع هذه المبالغ للضريبة على المرتبات وما فى حكمها - أساس ذلك.
أفرد القانون رقم 14 لسنة 1939 بفرض ضريبة على ايرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل الكتاب الثالث منه للضريبة على كسب العمل. واشتمل هذا الكتاب على بابين أولهما "فى المرتبات وما فى حكمها والأجور والمكافآت والمعاشات" وثانيهما "فى أرباح المهن غير التجارية" وقد جمع المشرع بين هذين النوعين من ضرائب الدخل فى كتاب واحد نظرا لأن مصدرهما هو العمل الذى يباشره الانسان. غير أن ذلك لا يعنى وحدة الاحكام الخاصة بالضريبتين وانما تختلف هذه الاحكام من ضريبة الى أخرى.
فالباب الأول من الكتاب المشار اليه الخاص بضريبة المرتبات وما فى حكمها والأجور والمكافآت والمعاشات نص فى المادة 61 على أن "تسرى ضريبة المرتبات وما فى حكمها والأجور والمكافآت والمعاشات على - 1 - كل المرتبات وما فى حكمها والماهيات والأجور والمعاشات والأيرادات المرتبة لمدى الحياة التى تدفعها الحومة والمصالح العامة ومجالس المديريات والمجالس البلدية والمحلية الى أى شخص سواء أكان مقيما فى مصر أم فى الخارج .. 2 - كل المرتبات وما فى حكمها والماهيات والمكافآت والأجور والمعاشات والايرادات المرتبة لمدى الحياة التى تدفعها المصارف والشركات والهيئات والافراد الى أى شخص مقيم فى مصر وكذلك الى أى شخص مقيم فى الخارج عن خدمات أديت فى مصر".
ويبين من مطالعة هذا النص أن هناك أنواعا من الايرادات تخضع للضريبة على المرتبات والأجور، وأن الايرادات الناتجه عن أداء العمل هى النطاق الطبيعى لتطبيق تلك الضريبة، غير أنه يشترط فى هذا العمل أن يكون لحساب الغير وان يقترن بالتبعية القانونية أى أن يتم تحت اشراف الغير وتوجيهه.
أما الباب الثانى الذى عالج فيه المشرع ضريبة المهن غير التجارية فقد نصت المادة 72 على أنه "تقرض ضريبة سنويا سعرها كالآتى على أرباح المهن الحرة وغيرها من المهن غير التجارية التى يمارسها الممولون بصفة مستقلة ويكون العنصر الأساسى فيها العمل. وتسرى هذه الضريبة على كل مهنة أو نشاط لا يخضع لضريبة أخرى".
ويتضح من هذا النص أن ثمة شروطا يجب توافرها فى النشاط الذى يخضع لضريبة المهن غير التجارية مجملها أن يقوم الممول به على سبيل التكرار متخذا أياه مهنة له، وأن يكون العمل العنصر الأساسى فى هذا النشاط وأن يمارس الممول المهنة بصفة مستقلة وليس باعتباره تابعا لغيره.
ويخلص من ذلك أن فيصل التفرقة بين الدخل الذى يخضع لكل من هاتين الضريبتين هو ما اذا كان الممول يحصل عليه من عمل يمارسه بصفة تبعية أو مستقلة، فمتى قام بعمل لحساب الغير وكان هذا العمل مقترنا بالتبعية القانونية فان ما يحصل عليه من دخل يخضع للضريبة على المرتبات والأجور، أما اذا مارسه بصفة مستقلة ودون اشراف أو توجيه من أحد فانه يخضع للضريبة على أرباح المهن غير التجارية.
وفى هذا المعنى أصدرت مصلحة الضرائب الكتاب الدورى رقم 48 لسنة 1970 بشأن التمييز بين المكافآت والأجور الخاضعة لضريبة المرتبات وغيرها من الايرادات الخاضعة للضريبة على المهن الحرة وغير التجارية وجاء به أنه "لوحظ أن بعض الجهات يختلط عليها الأمر فى تحديد نوع الضريبة التى تخضع لها المكافآت والايرادات التى تصرف للعاملين والخاضعة لضريبة المرتبات والأجور بين نوع الضريبة التى تخضع لها المبالغ والايرادات الأخرى التى تصرف لأصحاب المهن غير التجارية والخاضعة للضريبة على أرباح المهن الحرة وغيرها من المهن غير التجارية.. وفيما يلى المعايير التى يمكن وضعها للتفرقة بين الايرادات التى تخضع لضريبة المرتبات والأجور وتلك التى تخضع للضريبة على ايرادات المهن الحرة وغيرها من المهن غير التجارية أولا. بالنسبة للايرادات الخاضعة للضريبة على المرتبات والأجور: يشترط أن يكون مصدرها عقد العمل أو ايجارة الأشخاص... ومن خصائص هذا العقد - 1 - قيام الأجير بعمله لحساب رب العمل وتحت مسئوليته. - 2 - اقتضائه أجرا مقابل العمل. - 3 - تبعية الأجير لرب العمل والخضوع لرقابته واشرافه، ولا يلزم أن يحكم العلاقة ين الأجير ورب العمل قانون أو لائحة وظيفية (قانون التوظف أو لائحة استخدام) بل يكفى أن يكون العقد الذى يربطه برب العمل أو منشأة من عقود العمل أو استئجار الأشخاص وأن يقوم بالعمل تحت ادارة رب العمل وتحت اشرافه بمعنى الا يكون له حرية كاملة فى اداء العمل أو الامتناع عنه. وفى هذه الاحوال فان ما يحصل عليه المستخدم من مكافآت أو أجور أو ايراد مقابل العمل أو الخدمة بخضع للضريبة على المرتبات والأجور".
واستطرد الكتاب الدورى "ثانيا - الايرادات ما يلى: - 1 - أن يكون العنصر الأساسى فيها العمل وان يزاولها الممولين بصفة مستقلة وذلك أعمالا لحكم المادة 72 من القانون رقم 14 لسنة 1939 وقضاء محكمة النقض. - 2 - الا تربط صاحب المهنة بدافع الايراد علاقة تبعية. - 3 - أن يعود للممول نتاج عمله أو مهنته متحملا مسئوليته".
ومن حيث أنه للوقوف على نوع الضريبة التى تخضع لها المبالغ التى يتقاضاها الخبراء المعروضة حالتهم يتعين تكييف العلاقة التى تربط هؤلاء الخبراء بهيئة التحكيم واختبارات القطن واتحاد مصدرى الاقطان.
ومن حيث انه بالنسبة لهيئة التحكيم واختبارات القطن فان المادة 13 من لائحة التحكيم واختبارات القطن، الصادرة بقرار مجلس ادارة الهيئة رقم 3 لسنة 1968 تنفيذا لقرار رئيس الجمهورية رقم 1105 لسنة 1965 باعادة تنظيم الهيئات العاملة فى قطاع القطن. تنص على أن "تشغل وظائف خبراء الهيئة وفقا للقواعد التى يضعها مجلس الادارة فى حدود القوانين واللوائح. أما غيرهم من الخبراء الذين ترشحهم سنويا كل من المؤسسة المصرية العامة للقطن والمؤسسة المصرية العامة للغزل والنسيج والبنوك التجارية والهيئات القطنية وفقا للشروط التى تضعها الهيئة. وتعد قائمة بأسماء من يقع عليهم الاختيار من خبراء التحكيم الاستئنافى والابتدائى وخبراء المخازن كل على حده".
وتقضى المادة 51 بأن "تحدد أتعاب خبراء القائمة المشار اليهم فى المادة 13 على الوجه الآتى: 150 مليما للخبير الابتدائى عن كل لوط، 180 مليما للخبير الاستئنافى عن كل لوط، 500 مليما لخبير المخازن عن كل لوط".
ومن حيث أن الخبراء الذين يختارون من بين العاملين فى القطاع العام يخضعون فى جهات عملهم الأصلية لاحكام نظام العاملين بالقطاع العام الذى كان يحكمه قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 ثم صدر به بعد ذلك القانون رقم 61 لسنة 1971.
ومن حيث أن قيام هؤلاء العاملين بأعمال التحكيم لدى الهيئة انما ينطوى على العمل عن طريق الاتفاق بين جهاتهم الأصلية التى تتولى ترشيحهم وبين الهيئة التى تقبل هذا الترشيح.
ومن حيث أن من المقرر أن ندب العامل للقيام بعمل آخر، سواء أكان هذا الندب كليا أم بالاضافة الى العمل الأصلى، ليس من شأنه نشوء علاقة جديدة بين العامل وبين الجهة المنتدب اليها مغايرة فى طبيعتها للعلاقة التى تربطه بجهة عمله الأصلية اذ أن الندب لا يعنى أكثر من أن يسند الى العامل القيام مؤقتا بعمل وظيفة أخرى أو مباشرة اختصاص معين فى غير جهة عمله الأصلى. ومن ثم تعد علاقته بالجهة المنتدب اليها امتدادا لعلاقته بالجهة المنتدب منها، وبالتالى فأن التبعية القانونية التى تسيطر على علاقة العامل بجهته الأصلية تظل هى المسيطرة على علاقته بالجهة التى ندب للعمل بها.
وينبنى على ذلك أنه طالما كان الأجر الذى يتقاضاه العامل من جهة عمله الأصلى يخضع بناء على تلك التبعية للضريبة على المرتبات وما فى حكمها، فان كل ما يتقاضاه من الجهة المنتدب اليها يخضع أيضا لهذه الضريبة.
ومما يعزز قيام علاقة التبعية بين الخبراء المذكورين وبين الهيئة فى خصوصية المسألة محل البحث أن الهيئة هى التى تنظم عمليات التحكيم وتحدد كيفية اجرائها اذ تقضى المادة 4 من اللائحة أنفة الذكر بأن "يجرى التحكيم على الاقطان المكبوسة كبسا مائيا وذلك بالمقارنة الى نماذج قياسية معتمدة وفقا لما تنص عليه المادة 16، ويكون التحكيم على رتبة القطن وتيلته" كما ان الهيئة هى التى تحدد لهم عمليات التحكيم التى تسند اليهم فهم يعملون لحسابها وتحت ادارتها، وهى التى تنفرد وحدها بتحديد مقدار المكافأة التى تصرف لهم طبقا للوائحها التى لا يملكون مناقشتها.. لا يؤثر استقلالهم من الناحية الفنية فى القيام بتلك العمليات فى توافر علاقة التبعية اذ المعول عليه فى هذا الصدد هو التبعية القانونية وحدها وقد تحقق قيامها كما سبق البيان.
ومن حيث أنه بالنسبة لاتحاد مصدرى الاقطان فان المادة الأولى من القانون رقم 202 لسنة 1959 باصدار اللائحة العامة لاتحاد مصدرى الاقطان تنص على أن "يعمل باللائحة العامة لاتحاد مصدرى الاقطان المرافقة لهذا القانون".
وتقضى المادة 29 من تلك اللائحة بأن "تختص الاتحاد بالفصل بطريق التحكيم فى أوجة الخلاف التى تنشأ بين مصدرى الاقطان والمشترين حول صنف القطن أو رتبته أو شروط العقد ويكون التحكيم على درجتين ابتدائية واستئنافية وذلك وفقا للاجراءت المبينة باللائحة الداخلية للاتحاد".
ويبين من نصوص اللائحة الداخلية المشار اليها والتى صدر بها قرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 660 لسنة 1959، فيما يتعلق بخبراء القائمة باتحاد مصدرى الاقطان أن التحكيم الابتدائى يتولاه خبراء أول درجة وهؤلاء تنظم طريقة اختيارهم المادة 83 من اللائحة التى تقضى بأن يختارهم سنويا وزير الاقتصاد من قائمة تقدمها لجنة الادارة تشتمل على أربعين اسما، فاذا وقع الاختيار على أحد العامين بالقطاع العام فانه يصدق فى شأنه ما سبق تقريره بالنسبة لخبراء القائمة بهيئة التحكيم واختبارات القطن من حيث استمراره خاضعا للتبعية التى تسيطر على علاقته بجهة عمله الأصلية، وبالتالى يخضع ما يتقاضاه من مكافآة للضريبة على المرتبات والأجور.
أما التحكيم الاستئنافى فيتولاه حسبما تنص المادة 87 من اللائحة الداخلية هيئة خبراء الاستئناف التى تؤلف من ستة عشر خبيرا من أعضاء الاتحاد يختارهم سنويا وزير الاقتصاد من قائمة تقدمها لجنة الادارة تشتمل على عشرين اسما، بمعنى أنه يشترط فى هؤلاء الخبراء أن يكونوا أعضاء فى الاتحاد.
وقد كانت المادة الأولى من اللائحة العامة للاتحاد المرافقة للقانون رقم 202 لسنة 1959 آنف الذكر تنص على أن "يتألف اتحاد مصدرى الاقطان من التجار المصدرين للقطن المقيمين فى الاقليم المصرى. ولا يجوز لغير أعضاء الاتحاد مزاولة تجارة تصدير الاقطان".
ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 71 لسنة 1961 فى شان تنظيم منشآت تصدير القطن فى الاقليم المصرى فقضى فى المادة الأولى منه بأن "كل منشأة تزاول تجارة تصدير القطن فى الاقليم المصرى يجب أن تتخذ شكل شركة مساهمة عربية لا يقل رأسمالها عن مائتى ألف جنيه" كما نص فى المادة الثانية على أنه "على منشأت تصدير القطن المقيدة باتحاد مصدرى الاقطان فى الاقليم أن توفق أوضاعها مع أحكام هذا القانون فى مهلة أقصاها سنة من تاريخ العمل به" وقضى فى المادة الخامسة بأن "يستبدل بنص المادة 3 من اللائحة العامة لاتحاد مصدرى الاقطان فى الاقليم المصرى الصادرة بالقانون رقم 202 لسنة 1959 النص الآتى: يشترط فيمن يطلب قيده عضوا بالاتحاد - 1 - أن يكون من الشركات المساهمة المتمتعة بجنسية الجمهورية العربية المتحدة والتى يتوفر فيها الشروط الآتية".
ويبين من ذلك أن اعضاء الاتحاد أصبحوا من شركات القطاع العام، وهى أشخاص اعتبارية. ومن المعلوم أن الشخص الاعتبارى وان توافرت له الشخصية القانونية كالشخص الطبيعى بحيث تكون له مثل حقوقه والتزاماته - الا انه لا يباشر نشاطه بنفسه وانما يتعين، بحكم طبائع الأشياء، ان يباشر عنه هذا النشاط غيره من الأشخاص الطبيعيين فيعمل هذا الغير باسمه ولحسابه.
ومتى كان ما تقدم فان خبراء هيئة الاستئناف باتحاد مصدرى الاقطان انما يمثلون فى واقع الأمر الشركات التى يعملون لحسابها، وبالتالى فان اختيارهم للقيام بأعمال الخبرة يرتبط أساسا بحسبانهم عمالا بتلك الشركات، ومن ثم تمتد التبعية التى تسيطر على علاقتهم بالشركات التى يعملون بها لتشمل نشاطهم بهيئة التحكيم ويخضع ما يتقاضونه تبعا لذلك للضريبة على المرتبات وما فى حكمها.
لهذا انتهى رأى الجمعية العمومية الى خضوع المبالغ التى يتقاضاها خبراء التحكيم بهيئة التحكيم واختبارات القطن واتحاد مصدرى الاقطان الذين يختارون من بين العاملين بالقطاع العام للضريبة على المرتبات وما فى حكمها.