مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنة السادسة والعشرون (من أول اكتوبر سنة 1971 الى آخر سبتمبر سنة 1972) - صـ 104

(فتوى رقم 130 بتاريخ 13 من فبراير سنة 1972 ملف رقم 33/ 3/ 376)
(33)
جلسة 15 من ديسمبر سنة 1971

(1) عقود ادارية - عقد توريد - الاتفاق بين محافظة القاهرة وبين الهيئة العامة للتنمية والتعمير بالبحيرة والفيوم على توريد كمية من تبن الشعير - عدم خضوع هذا التعاقد لقواعد تأدية الخدمات المنصوص عاليها في اللائحة المالية للميزانية والحسابات. هذه القواعد لا تسرى على العلاقات النائية بين جهتين لكل منها شخصية اعتبارية مستقلة.
(2) عقود ادارية - لائحة المناقصات والمزايدات - سريان أحكام هذه اللائحة على جميع العقود الادارية ما لم ينص العقد صراحة على استبعادها كلها أو بعضها عدا ما تعلق منها بالنظام العام.
شكلت محافظة القاهرة لجنة لشراء 80 طنا من تبن الشعير، وفى الوقت ذاته أعلنت الهيئة العامة للتنمية والتعمير بالبحيرة والفيوم عن مزاد بيع كميات من تبن الشعير بمنطقة كوم أوشيم، فطلبت اللجنة من رئيس لجنة المزاد حجز 80 طنا من التبن للمحافظة بالسعر الذى ينتهى اليه المزاد، غير ان المزاد لم يصل الى السعر الاساسى مما رفض معه رئيس لجنة المزاد التعاقد مع لجنة المحافظة، وبعد ذلك وافق مدير عام الهيئة على تسليم كمية التبن المطلوبة الى المحافظة بسعر 12 جنيه للطن، وقبلت لجنة المحافظة هذا السعر، ثم أرسلت الهيئة الى المحافظة كتابا بتاريخ 19 من ديسمبر سنة 1965 تبلغها فيه انها توافق على بيع كمية التبن المطلوبة بسعر 12 جنيها للطن على أن يتم تسليم الكمية خلال شهرين على الأكثر من تاريخ هذا الاخطار وعلى أن تتحمل المحافظة تكاليف التبعية والوزن والكبس والنقل وان تؤدى القيمة وقدرها 960 جنيها خلال أسبوع.. وقبل أن ترد المحافظة على هذا الكتاب، أخطرتها الهيئة بكتاب آخر فى 21 من ديسمبر سنة 1965 بأنها ألغت ارتباطها السابق لأن بعض التجار تقدموا بسعر أعلى، وأنها لا توافق على تسليم المحافظة الكمية المطلوبة الا على أساس هذا السعر الأعلى.. وردا على ذلك أرسلت المحافظة الى الهيئة كتابا بتاريخ 23 من ديسمبر سنة 1965 طلبت فيه اعادة النظر فى هذا الموضوع وذكرت انها متمسكة بسعر 12 جنيه للطن، ثم أرسلت شيكا بمبلغ 960 جنيها، كما طلبت المحافظة من السيد نائب رئيس الوزراء للزراعة والرى ان يتدخل ليمكنها من الحصول على حاجتها من التبن، وقد أخطرت الهيئة المحافظة فى 12 من فبراير سنة 1965 بان سيادته وافق على تسليم المحافظة 80 طنا من التبن من منطقة كوم أوشيم بسعر 12 جنيها للطن على أن يتم التسليم بدون عبوات وان تتحمل المحافظة تكاليف الكبس والوزن والنقل، وبدأ تسليم الكمية فعلا فى 28 من فبراير سنة 1966 وبلغ ما تسلمته المحافظة 648ر29 طنا وهى الكمية التى كانت موجودة بمنطقة كوم أوشيم، ولما استفسرت المحافظة من الهيئة عما اذا كان هناك كميات أخرى من التبن لم ترد عليها، ثم أرسلت اليها مبلغ 104ر598 ج وهو مبلغ يقل عن باقى الثمن الذى أدته المحافظة بعد خصم قيمة ما تم توريده بمبلغ 120ر6 جنيهات، وقد اشترت المحافظة باقى الكمية بسعر 20 جنيها للطن بعد أن أجرت ممارسة لذلك.
وقد طالبت المحافظة المؤسسة المصرية العامة لاستغلال وتنمية الأراضى المستصلحة التى أدمجت فيها الهيئة المذكورة باداء مبلغ 422ر60 جنيها وهو نسبة 10% من قيمة ما لم يتم توريده من الكمية المتعاقد عليها استنادا الى نص الفقرة (ب) من المادة 105 من لائحة المناقصات والمزايدات. فضلا عن باقى الثمن المشار اليه.
وترى المؤسسة ان احكام لائحة المناقصات والمزايدات لا تسرى على العلاقة التى قامت بينها وبين المحافظة، اذ تعد هذه العلاقة من قبيل تبادل الخدمات التى تتم بين أجهزة الدولة ولا تعتبر عقدا من العقود التى تنظمها تلك اللائحة.
ومن حيث ان التكييف القانونى السليم للاتفاق الذى أبرم بين محافظة القاهرة والهيئة العامة للتنمية والتعمير، والذى التزمت الهيئة بمقتضاه بتوريد كمية من تبن الشعير الى المحافظة، انه علاقة عقدية قامت على توافق ارادتين مستقلتين، احداهما ارادة المحافظة والثانية ارادة الهيئة، وكلاهما يتمتع بشخصية معنوية مستقلة، ومن ثم فان هذا العقد لا يخضع لقواعد تأدية الخدمات المنصوص عليها فى اللائحة المالية للميزانية والحسابات. فهذه القواعد يقتصر تطبيقها على العلاقات التى تنشأ بين المصالح المختلفة فى الدولة سواء كانت تابعة لوزارة واحدة أو لوزارات متعددة بقصد تأدية خدمات أو توريد أصناف فيما بين بعضها والبعض الآخر، وذلك لأن الوزارات والمصالح التى ينقسم اليها الجهاز الادارى للدولة لا تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية الدولة، ولا تعدو أن تكون فروعا أو أعضاء فى الشخص الاعتبارى العام الذى هو الدولة، تعبر عن ارادة الدولة وتعمل بأسمها ولحسابها، ومن ثم يخرج عن نطاق قواعد تأدية الخدمات العلاقات الناشئة بين جهتين لكل منهما شخصيه اعتبارية مستقلة، ومن ذلك تلك العلاقة التى أبرمت بين محافظة القاهرة والهيئة العامة للتمنية والتعمير، وقد أكدت لائحة المناقصات والمزايدات هذا النظر فيما نصت عليه المادة 48 منها من اعفاء الهيئات والمؤسسات العامة والشركات التى تساهم الحكومة فى رأس مالها من أداء التأمين المؤقت، الأمر الذى يستفاد منه أن هذه الهيئات والمؤسسات العامة يجوز أن تدخل مع الجهات الحكومية فى معاملات عقدية غير أنها تعفى من تقديم تأمينات.
ومن حيث أن الهيئة المذكورة قد التزمت بموجب العقد الذى أبرمته مع محافظة القاهرة ان تورد اليها 80 طنا من تبن الشعير بالشروط السابق ذكرها، غير أنها لم تقم بتنفيذ التزامها هذا اذ لم تورد من هذه الكمية غير 648ر29 طنا، ومن ثم فانها قصرت فى تنفيذ هذا الالتزام التعاقدى.
ومن حيث أن لائحة المناقصات والمزايدات تسرى على العقد المشار اليه ذلك ان القوانين واللوائح التى يتم التعاقد فى ظلها انما تخاطب الكافة، وعلمهم بمحتواها مفروض، فأن أقبلوا - حال قيامها - على التعاقد فالمفروض أنهم قد ارتضوا أحكامها وحينئذ تندمج فى شروط عقودهم وتصير جزاء لا يتجزأ منها حيث لا فكاك من الالتزام بها ما لم ينص العقد صراحة على استبعاد أحكامها كلها أو بعضها عدا ما تعلق منها بالنظام العام، ولما كانت الهيئة والمحافظة لم يستبعدا أحكام لائحة المناقصات والمزايدات فى اتفاقهما المشار اليه، فمن ثم يتعين تطبيق نصوصها.
ومن حيث ان لائحة المناقصات والمزايدات تنص على ان للوزارة أو المصلحة أو السلاح فى حالة عدم قيام المتعهد بالتوريد فى الميعاد المحدد بالعقد أو خلال المهلة الاضافية أن تتخذ أحد الاجراءين التاليين وفقا لما تقتضيه مصلحة العمل:
( أ ) شراء الأصناف التى لم يقم المتعهد بتوريدها من غيره على حسابه.
(ب) أنهاء التعاقد فيما يختص بهذه الأصناف ومصادرة التأمين بما يوازى 10% من قيمتها دون حاجة للالتجاء الى القضاء.. وذلك دون أخلال بحق الوزارة أو المصلحة أو السلاح فى المطالبة بالتعويض.
غير انه لما كانت الهيئات والمؤسسات العامة معفاه من أداء تأمين عند تعاقدها مع جهات الحكومة طبقا لنص كل من المادتين 48 و51 من لائحة المناقصات والمزايدات وكانت الهيئة العامة للتنمية والتعمير لم تدفع - لذلك - تأمينا الى المحافظة، فان مصادرة التأمين تطبيقا لنص المادة 105 سالفة الذكر لا تجد لها محلا، اذ تفترض المصادرة أن يكون ثمة تأمين ترد عليه.
ومن حيث ان المحافظة قد أصابها ضرر من جراء تقصير الهيئة فى تنفيذ التزامها يتمثل فى اضطرارها الى شراء كمية التبن التى لم توردها الهيئة بسعر أكثر مما كانت قد تعاقدت عليه معها، وهو 20 جنيها لكل طن بدلا من 12 جنيها لكل طن ومن ثم يحق للمحافظة ان تطالب الهيئة بتعويض هذا الضرر، واذ قد اقتصرت المحافظة على المطالبة بمبلغ يساوى 10% من قيمة ما لم تورده الهيئة، فانه يمكن تكييف هذه المطالبة على انها طلب لتعويض ما اصابها من اضرار نتيجة اخلال الهيئة بتنفيذ التزامها. ولما كان الضرر الذى حاق بالمحافظة يفوق كثيرا هذه النسبة التى تطلبها المحافظة، فمن ثم يتعين اجابتها الى طلبها، فتلتزم المؤسسة المصرية العامة لاستغلال وتنمية الأراضى المستصلحة (التى أدمجت فيها الهيئة المذكورة) بأن تؤدى الى محافظة القاهرة مبلغا يساوى 10% من قيمة ما لم تورده اليها من كمية التبن المتفق عليها.
ومن حيث انه بالنسبة الى مطالبة المحافظة بمبلغ 120ر6 جنيهات وهو ما بقى لها من الثمن الذى سبق أن أدته الى الهيئة، فان المسألة لا تعدو ان تكون تحديدا حسابيا للكمية التى تم توريدها من التبن والكمية التى لم تورد. بحيث تستحق المحافظة ثمن الكمية التى لم تورد اليها كاملا.
لهذا انتهى رأى الجمعية العمومية الى ما يأتى:
أولا: التزام المؤسسة المصرية لاستغلال وتنمية الأراضى المستصلحه بأن تؤدى الى محافظة القاهرة تعويضا يقدر بنسبة 10% من قيمة ما لم يورد اليها من كمية التبن التى اتفق على توريدها.
ثانيا: التزام المؤسسة المذكورة أن تؤدى الى المحافظة ثمن كمية التبن التى دفعت عنه ولم يورد اليها كاملا.