مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنة السادسة والعشرون (من أول اكتوبر سنة 1971 الى آخر سبتمبر سنة 1972) - صـ 127

(فتوى رقم 35 بتاريخ 11 من يناير سنه 1972 ملف رقم 100/ 1/ 22)
(40)
جلسة 29 من ديسمبر سنة 1971

اصلاح زراعى - مدى التزام الهيئة العامة للاصلاح الزراعى بتسليم الأرض المفرج عنها بالحالة التى كانت عليها وقت الاستيلاء الابتدائى من حيث نوع العلاقة التأجيرية - قرار الاستيلاء الابتدائى ينتج آثارا عدة من أهمها حق الهيئة فى ادارة الأطيان المستولى عليها ابتدائيا - مقتضى ذلك أنه يجوز للهيئة أن تتفق مع مزارعى هذه الأطيان على تحويل عقود الايجار بطريق الزراعة الى عقود ايجار بالنقد - أساس ذلك.
فى أول نوفمبر سنة 1961 صدر قرار بالاستيلاء الابتدائى لدى السيد.... وأخرين، على ما يجاوز لديهم الحد الأقصى الجائز تملكه قانونا من الاراضى الزراعية وما فى حكمها، تنفيذا لاحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الاصلاح الزراعى. وبالرغم من ان المساحات المستولى عليها ابتدائيا كانت مستغلة بطريق المزارعة، تعاملت الهيئة مع المزارعين بعد صدور قرار الاستيلاء الابتدائى بالايجار النقدى، وقد أقام المستولى لديهم اعتراضات أمام اللجنة القضائية للاصلاح الزراعى بطلب الغاء الاستيلاء الابتدائى على المساحات المذكورة استنادا الى سبق التصرف فيها الى الغير بتصرفات ثابته التاريخ قبل 25 من يوليو سنة 1961 وقد قررت اللجنة المذكورة الاعتداد بهذه التصرفات فى تطبيق أحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 المشار اليه، وصدق مجلس ادارة الهيئة على تلك القرارات، ورأت اللجنة المشكلة بمديرية الاصلاح الزراعى المختصة بتسليم الاراضى المفرج عنها وجوب تحرير عقود ايجار بالنقد لزارعى الارض المشار اليها قبل الافراج عنها.
الا أن المستولى لديهم تقدموا بطلب انتهوا فيه الى التزام الهيئة بتسليمهم الاراضى المذكورة بالحالة التى كانت عليها وقت الاستيلاء الابتدائى من حيث نوع العلاقة التأجيرية وهى الايجار بطريق المزارعة.
ومن حيث ان الفقرة الاولى من المادة السادسة من القانون رقم 127 لسنة 1961 المشار اليه تنص على ان "تتولى الهيئة العامة للاصلاح الزراعى الاستيلاء على ما يجاوز الحد الأقصى الوارد فى المادة أولى من هذا القانون". وتقضى الفقرة الاولى من المادة السادسة من اللائحة التنفيذية لقانون الاصلاح الزراعى بأن "يصدر مجلس ادارة الهيئة... بناء على الاقرار المقدم من صاحب الشأن. قرارا بالاستيلاء على الاراضى الزائدة على الحد المقرر فى القانون، وذلك على مسئولية المقر، ولا يعتبر هذا القرار نهائيا الا بعد استيفاء الاجراء المنصوص عليه فى المادة 28". وتنص المادة 28 المذكورة على أن "يصدر مجلس ادارة الهيئة العامة قراره النهائى بشأن الاستيلاء، أما باعتماد قراره السابق بالاستيلاء أو بتعديله حسب الاحوال بعد اطلاعه على ما انتهى اليه التحقيق والفحص فى المسائل المشار اليها فى المواد السابقة "وهى فرز وتجنيب نصيب الحكومة فى حالة الشيوع وفصل اللجنة القضائية فيما يقام أمامها من اعتراضات على الاستيلاء. وتنص المادة التاسعة من اللائحة التنفيذية فى فقرتها الثانية على أن "تتولى اللجنة الفرعية - المنصوص عليها فى المادة 13 من القانون - تسلم الارض التى تقرر الاستيلاء عليها وحصر ما تتسلمه ملحقا بها من منشأت وأشجار وآلات ثابته...".
ومن حيث انه يبين من النصوص المتقدمة انه وان كان قرار الاستيلاء الابتدائى يعتبر قرارا مؤقتا، بحكم قابليته للالغاء أو التعديل، الا أن هذا القرار بالرغم من صفته المؤقته ينتج أثارا عدة من أهمها حق الهيئة فى ادارة الاطيان المستولى عليها ابتدائيا، طوال فترة الاستيلاء الابتدائى، ودليل ذلك ما يترتب على هذا الاستيلاء من استلام الهيئة للارض المستولى عليها ابتدائيا، الأمن الذى من شأنه التسليم لها بالحق فى ادارتها، اذ لا يتصور انفصال الحيازة عن الحق فى الأدارة فى مثل هذه الحالة بحيث يكون للهيئة مطلق التقدير فى شأن استغلال الارض المستولى عليها ابتدائيا على النحو الذى يحقق المصلحة على أكمل وجه ممكن.
ومما يؤكد هذا الحق ان الفقرة الأخيرة من المادة 13 مكررا من قانون الاصلاح الزراعى تنص على ان "تعتبر الحكومة مالكة للارض المستولى عليها المحددة بقرار الاستيلاء النهائى وذلك من تاريخ قرار الاستيلاء الأول "وترتيبا على ذلك استقر الرأى على استحقاق المستولى لديه لفوائد سندات التعويض اعتبارا من تاريخ صدور قرار الاستيلاء الابتدائى باعتباره التاريخ الذى ترتد اليه ملكية الحكومة للارض المستولى عليها والتاريخ الذى يختلط بتاريخ انتقال الحيازة - وما يرتبط بها من الحق فى الثمار - من المستولى لديه الى الحكومة، واتفاقا وهذه الفكرة نصت المادة السابعة من اللائحة التنفيذية لقانون الاصلاح الزراعى على أن "يكون للحكومة الحق فى الريع من تاريخ صدور قرار الاستيلاء المشار اليه" فلا يتصور والأمر كذلك أن ينتقل الى الحكومة بصدور الاستيلاء الابتدائى حيازة الارض المستولى عليها والحق فى ثمارها دون أن تنتقل اليها حقوق الادارة ومنها الحق بموافقة المستأجر فى تعديل عقد الايجار من المزارعة الى النقد.
وفى ضوء ما تقدم يكون المقصود من لفظ الاستيلاء، والوارد فى نص المادة الثانية عشرة من قانون الاصلاح الزراعى، التى تعهد الى الهيئة بادارة الاطيان المستولى عليها الى أن يتم توزيعها، هو الاستيلاء الابتدائى وليس الاستيلاء النهائى.
ومن حيث ان المادة 561 من القانون المدنى تنص على انه "يجوز أن تكون الأجرة نقودا كما يجوز أن تكون أى تقدمه أخرى" ومن ثم لا تعتبر الصفة النقدية للاجرة ركنا جوهريا فى عقد الايجار فيستوى فى الايجار أن تكون الأجرة نقودا، أو أى تقدمه أخرى، يمكن أن تتمثل فى جزء من المحصول أو الانتفاع بشئ أخر مقابل الانتفاع بالعين المؤجرة أو أى التزام أخر يلتزم به المستأجر وهذا خلاف الثمن فى البيع فانه يجب أن يكون نقدا، ويترتب على ذلك ان تحويل عقد الايجار من المزارعة الى النقد لا يتضمن انهاء لعقد الايجار بطريق المزارعة وانما هو تعديل للعقد فحسب فيما يتعلق بنوع الأجرة وطريقة تحديدها.
وخلاصة لما تقدم جمعية فانه يجوز للهيئة العامة للاصلاح الزراعى أثناء فترة ادارتها للاطيان المستولى عليها ابتدائيا - شأنها فى ذلك شأن المالك باعتبارها متمتعة بحقوق الادارة - أن تتفق مع المزارعين على تحويل عقود الايجار بطريق المزارعة الى عقود ايجار بالنقد.
ومن حيث انه فيما يتعلق بتحرير عقود الايجار بالنقد بعد الافراج عن الارض محل البحث، فانه وان كانت المادة 36 من قانون الاصلاح الزراعى معدلة بالقانون رقم 52 لسنة 1966 تنص على انه "يجب أن يكون عقد الايجار مزارعة أو نقدا ثابتا بالكتابة أيا كانت قيمته". الا ان المادة 36 مكررا من القانون المذكور تنص على انه "اذا امتنع المؤجر عن ايداع عقد الايجار بالجمعية التعاونية الزراعية المختصة، أو اذا امتنع أحد الطرفين عن توقيع عقد الايجار، وجب على الطرف الأخر أن يبلغ ذلك الى الجمعية.. وعلى اللجنة الخاصة بالفصل فى المنازعات الزراعية أن تتحقق من قيام العلاقة الايجارية ومن نوعها بكافة طرق الاثبات، فاذا ثبت لها قيام العلاقة الايجارية اصدرت قرارا بذلك، مما مفاده ان الكتابة التى يتطلبها القانون فى عقد ايجار الاراضى الزراعية، هى للاثبات وليست للانعقاد، بل انه يجوز ايضا اثبات العلاقة الايجارية بكافة طرق الاثبات. ومن ثم فان عدم تحرير عقود ايجار بالنقد بين الاصلاح الزراعى والمزارعين فى الحالة المعروضة ليس معناه عدم قيام العلاقة الايجارية على اساس النقد قانونا، بل هى ثابتة من تعامل الاصلاح الزراعى مع المستأجرين على اساس النقد فى دفاتره وبشهادة موظفيه وبالتالى يجوز تحرير عقود الايجار اللازمة بعد الافراج عن المساحات المستولى عليها فى الحالة المعروضة.
لهذا انتهى راى الجمعية العمومية الى انه من حق الهيئة العامة للاصلاح الزراعى فى الفترة الواقعة بين الاستيلاء الابتدائى على الاراضى الزراعية واستبعادها من الاستيلاء بقرار معتمد من اللجنة القضائية ادارة الارض المستولى عليها ابتدائيا وتعديل عقود الايجار من نظام الايجار بالمزارعة الى نظام الايجار بالنقد.