مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنة السادسة والعشرون (من أول اكتوبر سنة 1971 الى آخر سبتمبر سنة 1972) - صـ 138

(فتوى رقم 77 بتاريخ 19 من يناير سنة 1971 ملف رقم 37/ 1/ 184)
(44)
جلسة 12 يناير سنة 1972

محاماة - قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1968 - المقصود بالهيئات العامة التى تتحمل بقية رسوم القيد ودمغات المحاماه والاشتراكات الخاصة بالمحامين العاملين بها - عدم انطباق أحكام هذه القانون على الأعضاء الفنيين بالادارة المركزية للمحاسبات - مقتضى ذلك عدم التزام الجهاز بقيد هؤلاء بجدول المشتغلين وبالتالى عدم التزامه بأداء أية رسوم أو دمغات أو اشتراكات فى هذا الشأن - أساس ذلك.
بتاريخ 1/ 4/ 1971 بحث مجلس نقابة المحامين وضع الأعضاء الفنيين (القانونيين) بالادارة المركزية للمحافظات المالية وبالادارة العامة للتحقيقات والشئون القانونية بالجهاز المركزى للمحاسبات وذلك فى ضوء نص المادة 50 من قانون المحاماه التى تنص على انه "يشترط فيمن يكون عضوا بالادارة القانونية بالهيئات والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها أن يكون أسمه مقيدا فى جدول المحامين المشتغلين" وقرر المجلس أن الشرط المشار اليه يسرى على الأعضاء الفنيين بالادارة المركزية للمخالفات المالية والادارة العامة للتحقيقات والشئون القانونية بالجهاز مما يستتبع ضرورة قيد أسماء هؤلاء الأعضاء بجدول المحامين المشتغلين. وعلى أساس ذلك، طلبت نقابة المحامين من الجهاز أداء رسوم قيد الأعضاء المذكورين كل بحسب درجة المحكمة التى تسمح مدة اشتغاله بقيده أمامها، وكذلك اشتراكات النقابة المستحقة والتى تستحق مستقبلا.
ومن حيث أن المادة 172 من قانون المحاماه الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1968 تنص على ان "تتحمل المؤسسات العامة والشركات والجمعيات والمنشآت قيمة رسوم القيد ودمغات المحاماه والاشتراكات الخاصة بالمحامين العاملين بها. كما تنص المادة الرابعة من القانون رقم 65 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون المحاماه على أن "يتساوى المحامون بالهيئات والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية والجمعيات فى الحقوق والواجبات المنصوص عليها فى القانون رقم 61 لسنة 1968".
ومن حيث ان قانون المحاماه المشار اليه قد استحدث نظاما مؤداه انضمام القائمين بالاعمال القانونية فى الهيئات العامة والمؤسسات والوحدات الاقتصادية التابعة لهما الى نقابة المحامين، فبعد ان كانت عضوية النقابة مقصورة على المحامين ذوى المكاتب، أصبحت طبقا لهذا النظام المستحدث واجبة أيضا للقيام بالاعمال القانونية فى تلك الجهات طبقا لنص المادة 50 من قانون المحاماه معدلا بالقانون رقم 65 لسنة 1970.
ومن حيث أن قانون المحاماه الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1968 قد عبر عن الهيئات العامة بتعبيرات مختلفة، الا انه لا شك فى انه يقصد "الهيئات العامة" بالمفهوم القانونى لهذا التعبيير، فتارة يذكر هذا القانون عبارة الهيئات والمؤسسات العامة" كما ورد فى نصوص 12، 21، 37، 50، 55 وذلك بحسبان أن لفظ "العامة" ينسحب على الهيئات والمؤسسات كلتيهما وذلك تعبير شائع فضلا عن أنه تعبير لغوى سليم، وتارة ينص على "الهيئات العامة والمؤسسات العامة" حسبما جاء فى المادتين 52، 56 وأحيانا يذكر عبارة "الهيئات العامة والمؤسسات" وهو ما ورد فى المادة 54، وهاتان العبارتان لا تتركان محلا للشك، أو موضوعا للتأويل فاراده المشرع محددة وعبارته واضحة فى الدلالة على ارادته، وهى انه يقصد الهيئات العامة بالمعنى المفهوم لذلك فى القانون.
غير انه رغم هذه النصوص، تضمن قانون المحاماه أحكاما متعددة قصرها على المحامين بالمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها دون المحامين بالهيئات العامة ومن هذه الاحكام ما نصت عليه المادة 172 من هذا القانون من أن "تتحمل المؤسسات العامة والشركات والجمعيات والمنشأت قيمة رسوم القيد ودمغات المحاماه والاشتراكات الخاصة بالمحامين العاملين بها. "ولما لم يكن هناك ثمة محل للتفرقة بين محامى المؤسسات العامة وزملائهم بالهيئات العامة فقد أصدر المشرع القانون رقم 65 لسنة 1970 المشار اليه ونص فى مادته الرابعة على مساواة المحامين بالهيئات والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية والجمعيات فى الحقوق والواجبات المنصوص عليها فى قانون المحاماه. وبهذا النص تدارك المشرع النقص فى قانون المحاماه من هذه الناحية وقضى على تفرقه بين ذوى المراكز المتماثلة، لكنه لم يخرج - بطبيعة الحال - عن الخط العام لهذا القانون، وهو اتجاهه الى المحامين العاملين بالهيئات والمؤسسات العامة وغيرها من الجهات التى حددها قانون المحاماه.
ومن حيث ان الهيئة العامة هى شخص ادارى عام يدير مرفقا يقوم على مصلحة او خدمة عامة ويكون لها الشخصية الاعتبارية ولها ميزانية خاصة بها تعد على نمط ميزانية الدولة وتلحق بميزانية الجهة الادارية التابعة لها، وقد صدر قانون خاص بالهيئات العامة بالقانون رقم 61 لسنة 1963 تضمن الاحكام التى تنظم الهيئات العامة بما لا يخرج فى جوهره عن التعريف المتقدم.
ومن حيث ان الجهاز المركزى للمحاسبات لا يعتبر هيئة عامة بالمعنى المتقدم وانما هو هيئة مستقلة تتبع رئيس الجمهورية، ولا يتمتع بشخصية معنوية مستقلة عن شخصية الدولة، فليس فى نصوص القانون الخاص به الصادر بالقانون رقم 129 لسنة 1964 أو القرار الجمهورى رقم 1349 لسنة 1964 فى شأن تشكيل الجهاز وتنظيمه ما يفيد منحه الشخصية المعنوية، وليس له ميزانية خاصة وانما تنص المادة 26 من قانون الجهاز على أن، "يضع رئيس الجهاز مشروع ميزانيته ويرسله فى موعد لا يجاوز اخر يناير من كل سنة الى وزارة الخزانة توطئه لاصدارها، ويدرج وزير الخزانة المشروع كما أعده رئيس الجهاز فاذا اشتمل المشروع زيادة على مجموع اعتمادات العام السابق جاز لوزير الخزانة الاكتفاء بدرج اعتمادات العام السابق وعرض امر الزيادة على رئيس المجلس التنفيذى للبت فيها...".
ولا يحول دون اعتبار الجهاز المركزى للمحاسبات هيئة مستقلة وليس هيئة عامة بالمعنى المتقدم انه يباشر رقابة معينة على مختلف وحدات الجهاز الادارى للدولة ذلك ان هيئات الرقابة - كمجلس الدولة والجهاز المركزى للمحاسبات - فضلا عن انها تباشر اختصاصاتها بالنسبة الى الهيئات العامة، فالامر لا يعد وكونها مصالح ناط بها المشرع اختصاصات معينة تباشرها بالنسبة الى غيرها من المصالح التى اخضعها المشرع لهذه الاختصاصات.
كما لا ينال من ذلك ان العاملين بالجهاز المركزى للمحاسبات يخضعون لتنظيمات خاصة ولنظام العاملين المدنيين بالدولة فيما عدا هذه التنظيمات اذ لا تعارض بين كون جهة معينة من بين مصالح الدولة وبين خضوع العاملين فيها لنظام وظيفى خاص، كالهيئات القضائية مثلا.
وتأسيسا على ما تقدم فان العاملين بالجهاز المركزى للمحاسبات من رجال القانون غير مخاطبين بقانون المحاماه ولا تنتظمهم احكامه.
ومن حيث انه بالنسبة الى قيد هؤلاء الاعضاء بجدول المحامين بالنقابة فانه يلاحظ ان المادة 52 من قانون المحاماه ينص على انه "لا يجوز الجمع بين المحاماه والاعمال الاتية: (1) ..... (2) الوظائف العامة او الخاصة بمرتب أو بمكافأة عدا من يتولى أعمال المحاماة بالهيئات العامة والمؤسسات العامة."
ومن حيث ان الجهاز المركزى للمحاسبات ليس من الهيئات العامة فانه يمتنع عليه قيد اعضائه القانونيين بجدول المحامين المشتغلين، وانه اذا كانت لجنة قبول المحامين قد قررت قيد هؤلاء الاعضاء، فان هذا القيد لا يعتد به فى مواجهة الجهاز، ذلك أن الامر لا يقتصر على علاقة العضو بالنقابة، ولكن الجهة التى يعمل بها المحامى مكلفه بعدة التزامات يفرضها عليها قانون المحاماة، من ذلك مثلا التزامها بتعيين المحاميين بها من المحاميين المقيدين بجدول المحاميين المشتغلين، والتزامها بتعيين مديرى الأدارات القانونية بها من المحامين المقبولين للمرافعة أمام محاكم الاستئناف، وكذلك التزامها بعدم نقل المحامى من الأدارة القانونية الى ادارة أخرى بغير موافقته... الخ فضلا عن تحملها بالرسوم والاشتراكات المقرره.
واذ كان الجهاز المركزى للمحاسبات ليس من بين الجهات المخاطبة بقانون المحاماه، فليس لمجلس نقابة المحامين، ولا لجنة قبول المحامين أن تدخله فى عدادها والا كان القرار الصادر فى هذا الشأن معدوما لاغتصابه سلطة التشريع.
واذ كان الجهاز أيضا ليس من بين تلك الهيئات، وانما هو مصلحة حكومية فأنه يمتنع عليه أن يباشر قضاياه بمعرفته، وأنما تنوب عنه فى ذلك ادارة قضايا الحكومة، وذلك اختصاص عقده لها المشرع، وليس بوسع نقابة المحامين أو الجهاز أن يسلبها أياه.
لهذا انتهى رأى الجمعية العمومية الى عدم انطباق أحكام قانون المحاماه الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1968 على الأعضاء الفنيين بالادارة المركزية للمحاسبات، ومن ثم فأن الجهاز لا يلزم بقيد هؤلاء الأعضاء بجدول المحامين المشتغلين، وبالتالى لا يلتزم بأداء أية رسوم أو دمغات أو أشتراكات فى هذا الشان.