مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنة السادسة والعشرون (من أول اكتوبر سنة 1971 الى آخر سبتمبر سنة 1972) - صـ 261

(فتوى رقم 292 بتاريخ 27 من مارس سنة 1972 رقم 86/ 6/ 179)
(79)
جلسة 22 من مارس سنة 1972

تأمينات اجتماعية - قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 - نصه فى المادة 54 على أن تتولى الهيئة العامة للتأمين الصحى علاج المريض الى أن يشفى أو يثبت عجزه - استمرار هذا الالتزام ولو انتهت علاقة العمل بين العامل المريض وصاحب العمل أثناء فترة العلاج - أساس ذلك.
تنص المادة 54 من قانون التأمينات الأجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 على ان تتولى الهيئة علاج المريض الى ان يشفى أو يثبت عجزه "وقد ثار اختلاف فى الرأى بين الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية والهيئة العامة للتأمين الصحى فى شأن تفسير هذا النص بالنسبة الى العامل المريض الذى ينتهى عقد عمله مع رب العمل وينقطع بالتالى اشتراكه لدى هيئة التأمينات الاجتماعية فهل يستمر التزام هيئة التأمين الصحى بعلاجة قائما ام ان من شأن انهاء عقد عمله انقضاء التزام الهيئة المذكورة بعلاجه. وقد عرض هذا الاختلاف على اللجنة الثانية للفتوى فانتهت بجلستها المنعقدة فى 14 ابريل سنة 1970 الى استمرار قيام التزام الهيئة العامة للتأمين الصحى المنصوص عليه فى الفقرة الاولى من المادة 54 سالفة الذكر ولا يحول دون ذلك انهاء او انتهاء علاقة العمل التى تربط بين العامل المريض والجهة التى يعمل بها.
وقد اعترضت الهيئة العامة للتأمين الصحى على هذا الرأى وعرضت رأيا آخر مؤداه ان انفصام علاقة العمل التى تربط العامل المريض برب العمل يؤدى الى انقضاء التزام هيئة التأمين الصحى بعلاجه.
ومن حيث ان ما نصت عليه الفقرة الاولى من المادة 54 من قانون التأمينات الاجتماعية من التزام الهيئة العامة للتأمين الصحى بعلاج العامل المريض الى ان يشفى أو يثبت عجزه، هذا الالتزام وقد ورد مطلقا من اى قيد فانه يتعين الاخذ به على اطلاقه.
ومن حيث ان الواقعة المنشئة لالتزام الهيئة المذكورة بعلاج العامل المريض الى ان يشفى او يثبت عجزه هى واقعه المرض وهى فى حد ذاتها سابقة على انتهاء علاقة العمل بين المريض ورب العمل، فانه يكون لهذا العامل مركزا قانونيا مؤداه احقيته فى العلاج حتى يتم شفاؤه او الى ان يثبت عجزه فلا يجوز المساس بهذا المركز لان حقه فى العلاج مصدره القانون وليس عقد العمل ولا يغير من ذلك القول بان انتهاء رابطة العمل من شأنه ان ينهى التزام الهيئة العامة للتأمين الصحى بعلاج المريض ذلك ان هذا القول لا يستند الى حجة منطقية اذ أنه ليس ثمة تطابق بين أحكام قانون التأمينات الاجتماعية واحكام قانون العمل وانما لكل مجاله ونطاق تطبيقه. فبينما يستمد العامل حقوقه العمالية من قانون العمل فانه يستمد حقوقه التأمينية (ومن بينها التأمين الصحى) من قانون التأمينات الاجتماعية وان تطبق احكام هذين القانونين لا يقتضى التلازم.
وبالاضافة الى ما تقدم فان العلاج لا يتجزأ ومن الخطورة بمكان حرمان المريض من علاج بدأ اثناء قيام علاقة العمل لمجرد انهاء او انتهاء علاقة العمل القائمة بينه وبين الجهة التى يعمل بها. كما ان الهيئة العامة للتأمين الصحى باعتبارها من الهيئات العامة القوامه على تحقيق النفع العام، لن يضيرها من الامر شيئا ان هى استكملت علاج ذلك المريض. واذا كان من المتصور عدم التزام اصحاب الاعمال بعلاج المرضى من عمالهم اذا انفصمت علاقة العمل بينهم، أبان قيام اصحاب الاعمال بهذا الالتزام قبل ايلولته الى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية ثم الهيئة العامة للتأمين الصحى من بعدها، باعتبار ان هؤلاء يسعون الى تحقيق النفع الخاص بهم، فان هذا الامر قد اضحى غير مقبول بعدما اصبح هذا الالتزام موكولا الى احدى الهيئات العامة التى لا يمكن باى حال من الاحوال ان تنتحى عن واجبها الانسانى حماية للطاقة البشرية من العمال.
لهذا انتهى رأى الجمعية العمومية الى تأييد رأى اللجنة الثانيه للفتوى الذى خلص الى استمرار قيام التزام الهيئة العامة للتأمين الصحى بعلاج العامل المريض الى ان يشفى او يثبت عجزه طبقا لاحكام الفقرة الاولى من المادة 54 من قانون التأمينات الاجتماعية حتى ولو انتهت علاقة العمل بين العامل المريض وصاحب العمل أثناء فترة العلاج.