مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنة السادسة والعشرون (من أول اكتوبر سنة 1971 الى آخر سبتمبر سنة 1972) - صـ 291

(فتوى رقم 329 بتاريخ 5 من أبريل سنة 1972 ملف رقم 86/ 2/ 147)
(89)
جلسة 22 من مارس سنة 1972

عاملون مدنيون بالدولة - انتهاء الخدمة - قانون العقوبات نظم العزل المؤقت من الوظيفة كعقوبة تكميلية توقع على من يحكم عليه بالحبس فى بعض الجرائم - قوانين العاملين بالدولة تعتبر الحكم على عامل بعقوبة مقيدة الحرية فى جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة سببا من أسباب انتهاء الخدمة لا يعود العامل بعدها الى الخدمة الا اذا توافرت فيه شروط التعيين ومنها رد الاعتبار لكل من هذين التنظيمين مجاله المنفصل عن الآخر - مثال: الحكم على المتعامل فى جريمة اختلاس وتزوير بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وعزله من وظيفته لمدة سنتين - اعتباره مفصولا من الخدمة من تاريخ الحكم عليه وعدم جواز اعادته اليها الا اذا توافرت فيه شروط التعيين ومنها أن يكون قدر رد اليه اعتباره.
بتاريخ 16 من مارس سنة 1968 أصدرت محكمة جنايات طنطا حكمها فى الجناية رقم 449/ 54 ك لسنة 1967 قسم أول طنطا "اختلاس وتزوير" متضمنا معاقبة السيد/ ... العامل من الدرجة السادسة الكتابية بادارة قضايا الحكومة بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وعزله من وظيفته لمدة سنتين وجاء فى حيثيات هذا الحكم أن المحكمة ترى معاملة المتهم بالرأفة عملا بالمادة 17 عقوبات كما يتعين تطبيق المادة 27 عقوبات فى شأن عزله، وفى 6 من أبريل سنة 1968 صدر قرار رئيس ادارة قضايا الحكومة بانهاء خدمة العامل المذكور اعتبارا من 16 من مارس سنة 1986 تاريخ الحكم عليه وفى 2 من يونيو سنة 1971 تقدم العامل المذكور بطلب الى ادارة قضايا الحكومة يلتمس فيه اعادته الى العمل بعد أن أنهى مدة العقوبة المحكوم عليه بها، فاستطلعت الادارة رأى ادارة الفتوى للجهازين المركزيين للتنظيم والادارة والمحاسبات فى هذا الموضوع، فرأت أن العامل المعروضة حالته تنتهى خدمته بقوة القانون من وقت صدور الحكم عليه بالحبس مع العزل لمدة سنتين، وأنه يشترط لعودته الى الخدمة أن يكون قد رد اليه اعتباره وأن تتوافر فيه الشروط التى يستلزمها القانون لاجراء هذا التعيين.
وتبدى ادارة قضايا الحكومة أن الحكم الصادر ضد السيد/ .... قد وقت العزل من الوظيفة بمدة سنتين، ومؤدى ذلك أن يعود العامل الى وظيفته بعد انتهاء مدة العزل والا كان فى ذلك اهدار لحجية الحكم وفقا لما قررته المحكمة الادارية العليا فى حكمها الصادر فى 27 من مارس سنة 1965 من أنه لا محل للفصل بين المجالين الجنائى والادارى.
ومن حيث أن المادة (27) من قانون العقوبات تنص على أن "كل موظف ارتكب جناية مما نص عليه فى الباب الثالث والرابع والسادس عشر من الكتاب الثانى من هذا القانون عومل بالرأفة فحكم عليه بالحبس، يحكم عليه أيضا بالعزل مدة لا تنقص عن ضعف مدة الحبس المحكوم عليه بها "وتنص المادة (27) من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1964 - وهو القانون الذى كان معمولا به وقت فصل العامل المعروضة حالته - على أن: "تنتهى خدمة العامل لأحد الأسباب الآتية: ... (7) الحكم عليه بعقوبة جناية أو فى جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ويكون الفصل جوازيا للوزير المختص اذا كان الحكم مع وقف تنفيذ العقوبة" - وتنص المادة (7) من ذات القانون على أنه "يشترط فيمن يعين فى احدى الوظائف: .... (3) ألا يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبة جناية أو فى جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن قد رد اليه اعتباره فى الحالتين.." كما تنص المادة (12) منه على أن "يجوز اعادة تعيين العاملين فى الوظائف السابقة التى كانوا يشغلونها اذا ما توافرت فيهم الشروط المطلوبة فى شاغل الوظيفة الشاغرة" - وقد ردد قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 أحكاما مشابهة فقضت المادة (7) بأنه "يشترط فيمن يعين فى احدى الوظائف: ..... (3) ألا يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبة جناية فى احدى الجرائم المنصوص عليها فى قانون العقوبات أو ما يماثلها من جرائم منصوص عليها فى القوانين الخاصة أو بعقوبة مقيدة للحرية فى جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن قد رد اليه اعتباره فى الحالتين.." كما نصت المادة (9) من هذا القانون على أنه "استثناء من حكم المادة (5) يجوز اعادة تعيين العامل فى وظيفته السابقة التى كان يشغلها أو فى وظيفة أخرى مماثلة فى ذات الوحدة أو وحدة أخرى وبذات أجره الأصلى الذى كان يتقاضاه اذا توافرت فيه الشروط المطلوبة لشغل الوظيفة.".
ومن حيث أنه يبين من هذه النصوص أن قانون العقوبات نظم العزل المؤقت من الوظيفة كعقوبة تكميلية توقع على من يحكم عليه بالحبس فى بعض الجرائم، بينما تعتبر قوانين العاملين بالدولة الحكم على عامل بعقوبة مقيدة للحرية فى جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة سببا من أسباب انتهاء الخدمة لا يعود العامل بعدها الى الخدمة الا اذا توافرت فيه شروط التعيين ومنها رد الاعتبار. ولكل من التنظيمين مجاله المنفصل عن الآخر، فمقتضى الحكم الذى يصدر بالتطبيق للمادة (27) من قانون العقوبات هو حرمان العامل من تولى الوظائف العامة خلال مدة العزل المحكوم بها. بينما مقتضى أحكام قوانين العاملين انهاء الرابطة الوظيفية بين العامل وبين الجهة التى يعمل بها، ومن ثم فلا يعود الى عمله الا اذا توافرت فيه شروط التعيين ومن بينها أن يكون قد رد اليه اعتباره، وليس فى استلزام هذه الشروط تعارض مع أحكام قانون العقوبات أو اهدار لحجية الحكم الصادر بالعزل المؤقت، لأن حجية هذا الحكم تقف عند حد منع العامل من تولى الوظائف العامة خلال المدة المحكوم بها دون أن تمتد الى وجوب عودته الى الخدمة بعد انقضائها، فاذا انقضت هذه المدة ارتفع المانع - من ناحية قانون العقوبات - من عودته الى الخدمة، فتجوز اعادته اليها ما لم تكن ثمة موانع أخرى تحول دون ذلك.
ومن حيث أنه تطبيقا لذلك، ولما كان السيد/ .... قد حكم عليه بالحبس فى جريمة مخلة بالشرف والأمانة وقضى بعزله مدة سنتين، فان انقضاء هذه المدة لا يرتب له حقا فى العودة بعد أن فصل منها وفقا لقانون العاملين بالدولة، وانما يتعين أن تتوافر فيه الشروط التى استلزمها هذا القانون للعودة الى الخدمة ومن بينها أن يكون قد رد اليه اعتباره.
ومن حيث أنه لا وجه للاحتجاج فى هذا الخصوص بحكم المحكمة الادارية العليا التى سبقت الاشارة اليه، ذلك أن هذا الحكم صدر فى حالة تختلف عن الحالة المعروضة، ففى الحالة الأولى كانت العقوبة بالحبس فى جريمة مخلة بالشرف والأمانة وقضى بعزله مدة سنتين محكوما بوقف تنفيذها وقفا شاملا لجميع الآثار المترتبة على الحكم، فاتجه قضاء المحكمة الادارية العليا الى أن وقف جميع آثار الحكم تشمل وقف انتهاء الخدمة باعتباره أثرا من هذه الآثار، وهو ما لا يتوافر فى الحالة المعروضة.
لهذا انتهى رأى الجمعية العمومية الى أن السيد/ .... يعتبر مفصولا من الخدمة من تاريخ الحكم عليه، ولا يجوز اعادته الى الخدمة الا اذا توافرت فيه شروط التعيين ومنها أن يكون قد رد اليه اعتباره.