مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنة السادسة والعشرون (من أول اكتوبر سنة 1971 الى آخر سبتمبر سنة 1972) - صـ 303

(فتوى رقم 357 بتاريخ 13 من أبريل سنة 1972 ملف رقم 58/ 1/ 22)
(93)
جلسة 5 من أبريل سنة 1972

(1) ضريبة - ضريبة الملاهى - القانون رقم 61 لسنة 1969 بشأن اعفاء الحفلات التى تقام لصالح المجهود الحربى أو ضحايا العدوان أو حركة تحرير فلسطين أو لتحقيق نفع عام من ضريبة الملاهى والضرائب والرسوم الاضافية - هذا القانون أناط بوزير الخزانة تحديد الشروط والأوضاع الخاصة بالحفلات التى تقام لتحقيق نفع عام كما نص على التجاوز عن تحصيل ما استحق ولم يؤد من ضريبة الملاهى والضرائب الاضافية وأناط بوزير الخزانة اصدار قرارات بهذا التجاوز - المقصود باشتراط أن تكون الحفلة مقامة بقصد تحقيق نفع عام هو أن يكون الغرض من اقامتها اشباع حاجة عامة للجماعة بحيث يترتب على ذلك عود نفع مباشرة على مجموع الأفراد لا تختص به طائفة دون أخرى - الحفلات التى تقيمها الجمعيات الثقافية للمشتركين فيها أو للمدعوين اليها بغير أجر لا تعد من الحفلات المقامة لتحقيق نفع عام.
(2) ضريبة - ضريبة الملاهى - القانون رقم 61 لسنة 1969 - الواضح من نص المادة الثانية منه أن المشرع لم يمنح وزير الخزانة سلطة تقديرية فى تقرير التجاوز أو عدم تقريره وانما يتم التجاوز بقوة القانون - لا يجوز لقرار وزير الخزانة أن يتضمن شروطا لأعمال التجاوز لم ينص عليها القانون والا كان مخالفا للقانون.
تطبيقا لاحكام القانون رقم 61 لسنة 1969 الذى أناط بوزير الخزانة تحديد شروط اعفاء الحفلات التى تقام تحقيقا للنفع العام من ضريبة الملاهى والضرائب والرسوم الاضافية كما أناط به اصدار قرارات بالتجاوز عن تحصيل ما استحق من هذه الضرائب والرسوم، أعدت وزارة الخزانه مشروع قرار لوزير الخزانه تضمن فى مادته الثالثة تحديدا للحفلات التى تقام تحقيقا لنفع عام ومن بينها الحفلات التى نص عليها البند (2) من الفقرة (ب) من تلك المادة وهى "الحفلات الثقافية التى تنظمها الجمعيات الثقافية المسجلة وفقا للقوانين والمخصصة فقط لمشتريكيها الدائمين والمدعوين الذين لا يدفعون أجر دخول -" كما تضمن مشروع هذا القرار فى مادته الخامسة تحديدا لشروط التجاوز عن تحصيل ما لم يؤد من الضريبة المشار اليها ومنها ان يقدم طلب التجاوز فى موعد أقصاه شهر فى تاريخ نشر القرار.
ويعرض هذا المشروع على قسم التشريع بجلسته المنعقدة فى 25 من مايو سنة 1971 ادخل عليه بعض التعديلات منها حذف البند (2) من الفقرة (ب) من المادة (3) الخاص باعفاء الحفلات التى تقيمها الجمعيات الثقافية، وحذف المادة (5) الخاصة بشروط التجاوز عن تحصيل الضريبة.
وفى 17 من يونيو سنة 1971 ابلغت وزارة الخزانة قسم التشريع أنها اصدرت القرار رقم 177 لسنة 1971 بالصياغة التى اقرها القسم، ولكنها اعدت مشروعى قرارين آخرين بالحالتين اللتين حذفتا من المشروع السابق وطلبت الى القسم مراجعتهما فاجاب قسم التشريع بكتابه المؤرخ فى 10 من يوليو سنة 1971 ان اعفاء الحفلات الثقافية لا سند له من القانون رقم 61 لسنة 1969 لانه لا يتحقق فيها شروط النفع العام، كما ان اشتراط تقديم طلب التجاوز عن تحصيل الضريبة فى ميعاد لا سند له من القانون ايضا لان المشرع لم يفوض وزير الخزانة فى وضع شروط لهذا التجاوز، ومن ثم ابدى القسم انه لا يزال عند رأيه السابق من عدم جواز استصدار الاحكام المشار اليها بقرار وزارى لمجاوزتها لاحكام القانون رقم 61 لسنة 1969.
وتبدى الوزارة انه فيما يتعلق باعفاء الحفلات الثقافية التى تقيمها الجمعيات الثقافية، فان المقصود بها الحفلات التى يقيمها نادى القاهرة للسينما وهو جمعية ثقافية مشهرة وفقا للقانون رقم 32 لسنة 1964، وهو يعمل فى ميدان الخدمات الثقافية بنشر الثقافة فى مجال الفن السينمائى، وانه لا يقيم حفلاته باجر وانما يؤدى كل عضو اشتراكا سنويا مقابل الخدمات الثقافية المختلفة التى يقدمها النادى، وانه ليس ثمة تعريف محدد للنفع العام، وان التعريف الشائع للمشروع ذى النفع العام انه كل مشروع يحقق اغراضا جماعية او ثقافية او رياضية بقصد اشباع رغبة جماعية او لاداء خدمة عامة، ولا شك ان هذا متحقق فى الجمعيات الثقافية حيث تتم تنمية المواهب الفنية والثقافية للاعضاء. اما فيما يتعلق بشروط التجاوز عن تحصيل الضريبة فالوزارة ترى ان التجاوز ليس وجوبيا وانما هو جوازى لوزير الخزانة ومن ثم يكون له ان يضع شروطا لتنظيم هذه السلطة التقديرية المنوطة به.
ومن حيث ان المادة (1) من القانون رقم 61 لسنة 1969 بشأن اعفاء الحفلات التى تقام لصالح المجهود الحربى او ضحايا العدوان او حركة تحرير فلسطين او لتحقيق نفع عام من ضريبة الملاهى والضرائب والرسوم الاضافية تنص على انه "يعفى من الضريبة المقررة بالقانون رقم 221 لسنة 1951 فى شأن الضريبة على المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهى والضرائب والرسوم الاضافية الحفلات التى تقام لصالح المجهود الحربى او ضحايا العدوان او حركة تحرير فلسطين والتى يصدر بتحديدها قرار من وزير الخزانة. كما يجوز اعفاء الحفلات التى تقام لتحقيق نفع عام من الضرائب والرسوم المذكورة بالشروط والاوضاع التى يصدر بها قرار من وزير الخزانة بعد العرض على اللجنة الوزارية المختصة..." وتنص المادة (2) من هذا القانون على انه "يتجاوز عن تحصيل ما استحق ولم يؤد من الضرائب والرسوم عن الحفلات المشار اليها فى المادة (1) وذلك بقرار وزير الخزانة".
ومن حيث انه يبين من هذه النصوص ان المشرع اناط بوزير الخزانة - بعد العرض على اللجنة الوزارية المختصة - تحديد الشروط والاوضاع الخاصة بالحفلات التى تقام لتحقيق نفع عام، كما نص على التجاوز عن تحصيل ما استحق ولم يؤد من ضريبة الملاهى والضرائب الاضافية واناط بوزير الخزانة اصدار قرارات بهذا التجاوز.
ومن حيث انه تطبيقا لهذه النصوص اعدت وزارة الخزانة مشروعى قرارين ينص الاول على ان "تعفى من ضريبة الملاهى والضرائب والرسوم الاضافية الحفلات الثقافية التى تنظمها الجمعيات الثقافية المسجلة وفقا للقانون والمخصصة فقط لمشتركيها الدائمين والمدعوين الذين لا يدفعون اجر دخول" وينص الثانى على انه "يشترط للتجاوز عن تحصيل ما استحق ولم يؤد من الضرائب والرسوم عن الحفلات المشار اليها بالمادة (1) من القانون رقم 61 لسنة 1969 المشار اليه - ان تقدم الجهة الراغبة فى الاستفادة من هذا التجاوز طلبا كتابيا بذلك الى وزارة الخزانة او مصلحة الاموال المقررة مرفقا به كافة المستندات اللازمة لذلك فى ميعاد اقساه شهر من تاريخ نشر هذا القرار" - ويدور البحث حول مدى جواز استصدار هذين القرارين.
ومن حيث انه فيما يتعلق بمشروع القرار الاول، فان الفصل فى مدى اتفاقه او مخالفته لاحكام القانون رقم 61 لسنة 1969 يتوقف على مدى توافر الشروط الذى استلزمه هذا القانون فى الحفلات التى تتمتع بالاعفاء من ضريبة الملاهى، وهى ان تكون مقامة لتحقيق نفع عام فى الحفلات التى نص مشروع القرار على اعفائها من تلك الضريبة فان توافر هذا الشرط فى تلك الحفلات كان مشروع القرار مطابقا لحكم القانون منفذا له وجاز اصداره، وان لم يتوافر كان مشروع القرار مخالفا للقانون، فلا يجوز اصداره.
ومن حيث ان مفهوم الشرط الذى استلزمه القانون فى الحفلات التى تتمتع بالاعفاء من الضريبة ان تكون مقامه بقصد تحقيق نفع عام، بمعنى ان يكون الغرض من اقامتها هو اشباع حاجة عامة للجماعة، بحيث يترتب على ذلك عود نفع مباشر على مجموع الافراد لا تختص به طائفة دون أخرى، ولعل ابرز مثال لهذا النوع من الحفلات هو ما نص عليه القانون رقم 61 لسنة 1969 ذاته، فالحفل الذى يقام لصالح المجهود الحربى يعد مقاما لتحقيق نفع عام لانه يعود بنفع مباشر على المجموع، فتمكين القوات المسلحة من اداء دورها فى الذود عن الوطن نفع عام ولا شك يعود بطريق مباشر على كافة المواطنين، وبالمثل فان رعاية ضحايا العدوان يعود بالنفع أيضا على المجموع، لان هذه الرعاية فى الاصل التزام على الدولة يؤدية مجموع الشعب كضريبة عامة، فاقامة حفل لتمويل هذا المشروع يحقق ولا شك نفعا للمجموع، ويمكن اضافة امثلة عديدة منها الحفلات التى قد تقام من اجل اغاثة المنكوبين فى كارثة عامة او فى وباء او لتمويل مشروع صحى او اجتماعى عام، الى غير ذلك من الاغراض التى تتضمن عود نفع مباشر على المجموع - اما اذا كان الغرض من اقامة الحفل عود نفع على شخص او اشخاص معينين بذواتهم فانه لا يعد مقاما لتحقيق نفع عام ولو ادى بطريق غير مباشر الى افادة المجموع، والا لامكن القول بان الحفل التجارى المقام اصلا بقصد تحقيق ربح لشخص او لاشخاص معينين بذواتهم يمكن ان يكون مقاما لتحقيق نفع عام لو قدم عرضا فنيا هادفا يؤدى الى رفع الذوق الفنى للجمهور ورفع مستواه الثقافى مما يعكس فى النهاية نفعا عاما للكافة فيجوز اعفاؤه من ضريبة الملاهى، وهو ما يتنافى مع القصد الواضح للمشرع الضريبى.
ومن حيث انه تطبيقا لذلك، فان الحفلات التى تقيمها الجمعيات الثقافية للمشتركين فيها او للمدعوين اليها بغير اجر لا تعد من الحفلات المقامة لتحقيق نفع عام، ذلك ان الهدف المباشر من اقامة هذه الحفلات هو رفع المستوى الثقافى لاعضاء الجمعية وهم اشخاص محددون بذواتهم، اما النفع الذى قد يعود فى النهاية على الجماعة من اثراء فى الثقافة العامة للجماهير، او النهوض بالفنون والآداب فليس الا نفعا غير مباشر، ومن ثم لا تدخل هذه الحفلات فى مدلول الحفلات التى تقام لتحقيق نفع عام كما حدده القانون رقم 61 لسنة 1969، وعلى ذلك يكون مشروع القرار الوزارى الاول مخالفا للقانون فلا يجوز اصداره.
ومن حيث انه فيما يتعلق بمشروع القرار الثانى الذى وضع شرطا للتجاوز عن تحصيل ما استحق ولم يؤد من ضريبة الملاهى، فان الواضح من نص المادة (2) من القانون رقم 61 لسنة 1969 المشار اليه ان المشرع لم يمنح وزير الخزانة سلطة تقديرية فى تقرير التجاوز او عدم تقريره، وانما يتم هذا التجاوز بقوة القانون ولا يعدو قرار وزير الخزانة ان يكون تنفيذا لحكم القانون فلا يجوز ان يتضمن شروطا لاعمال التجاوز لم ينص عليها القانون والا كان مخالفا له.
ومن حيث انه لا وجه لما تبديه الوزارة من ان التجاوز فى هذه الحالة جوازى للوزير استنادا الى ما جاء بهذا المعنى بالمذكرة الايضاحية للقانون ذلك انه من المسلم ان المذكرة الايضاحية للقانون لا تكون حجة بما ورد بها مخالفا لصريح النص، كما انه لا وجه لما تبديه الوزارة كذلك من أن التجاوز مرتبط بحالات الاعفاء المنصوص عليها فى المادة (1) من القانون وبعضها جوازى ومن ثم يكون التجاوز - بالتعبية - جوازيا للوزير، ولا وجه لهذا القول ايضا لان السلطة التقديرية المنوطه بالوزير تقف عند حد تحديد الجهات التى تتمتع بالاعفاء من الضريبة وشروط، ومتى تم هذا التحديد فان الجهات المستفيده تتلقى حقها فى التجاوز مباشرة من حكم المادة (2) من القانون دون أن يكون للوزير سلطة تقديرية فى هذا الصدد.
ومن حيث انه تأسيسا على ذلك، ولما كان مشروع القرار الوزارى الثانى قد تضمن حكما يشترط للافادة من التجاوز المنصوص عليه فى القانون رقم 61 لسنة 1969 تقديم طلب كتابى فى موعد اقصاه شهر من تاريخ نشر القرار، وهو ما يترتب عليه بالضرورة سقوط الحق فى التجاوز اذا لم يقدم الطلب فى الميعاد، فان هذا المشروع يكون قد اضاف شرطا لم ينص عليه القانون ولم يفوض الوزير فى أضافته، ومن ثم يكون مخالفا للقانون، ولا يجوز اصداره.
لهذا انتهى رأى الجمعية العمومية الى أنه لا يجوز اصدار القرارين المشار اليهما.