مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنة السادسة والعشرون (من أول اكتوبر سنة 1971 الى آخر سبتمبر سنة 1972) - صـ 329

(فتوى رقم 406 بتاريخ 3 من مايو سنة 1972 ملف رقم 86/ 2/ 148)
(101)
جلسة 19 من أبريل سنة 1972

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - حق الوزير أو المحافظ فى التعقيب على قرار الجزاء - الموعد الذى يمارس فيه هذا الحق - المغايرة فى هذا الشأن بين ما جرت عليه المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة 63 من القانون رقم 46 لسنة 1964 - المادة الأولى جرت على أن حق الوزير فى التعقيب يتم خلال شهر من تاريخ صدور القرار بينما قررت الثانية أن استعماله لهذا الحق يكون خلال ثلاثين يوما من تاريخ ابلاغه بالقرار - مقتضى النص الأخير أن القرار التأديبى الصادر من وكيل الوزارة أو رئيس المصلحة وان كان نهائيا بالنسبة الى السلطة التى أصدرته الا أنه لا يكون نافذا بصفة نهائية، أى بمنأى عن تعقيب الوزير أو المحافظ الا بمضى ثلاثين يوما من تاريخ ابلاغه به.
أجرت مديرية التربية والتعليم بمحافظة المنوفية تحقيقا اداريا فى شأن اصلاح السيارة رقم 3308 التابعة لها، وفى 11/ 8/ 1970 احيلت اوراق التحقيق الى النيابة الادارية بشبين الكوم التى باشرت تحقيق الواقعة فى القضية رقم 237/ 1970 وانتهت الى قيد الواقعة مخالفة ادارية ومالية ضد بعض العاملين فى المديرية، اذ اسند الى بضعهم استعمال سيارات المديرية لتحقيق مآرب شخصية مستغلين فى ذلك سلطات وظائفهم بينما اسند الى البعض الاخر مخالفة التعليمات الخاصة باصلاح سيارات المديرية وسماحهم باصلاح السيارة رقم 3308 باحدى الورش الخاصة، وطلبت النيابة الادارية الى مديرية التربية والتعليم مجازاة المخالفين اداريا مع التشدد الرادع فى العقاب.
وبتاريخ 25 فبراير سنة 1971 اصدر مدير التربية والتعليم بالمحافظة قرارا بمجازاة العاملين المذكورين بالانذار عدا احدهم فقد جوزى بخصم ثلاثة أيام من راتبه وقامت المديرية بعد فترة من تاريخ اصدار هذا القرار باخطار النيابة الادارية والجهاز المركزى للمحاسبات بالجزاءات التى وقعت على هؤلاء العاملين. وبتاريخ 24/ 4/ 1971 قامت النيابة الادارية باخطار المحافظة بان الجزاءات التى تم توقيعها على المخالفين لا تتناسب وجسامة ما ارتكبوه، وكان ذلك قبل تحصن هذه القرارات بقواعد المواعيد وفى 4/ 5/ 1971 طلبت المحافظة الى مديرية التربية والتعليم موافاتها بملف التحقيق الخاص بهذا الموضوع ثم اعادت المحافظة هذا الطلب فى 9/ 6/ 1971 الا انه نظرا لوجود هذه التحقيقات بالجهاز المركزى للمحاسبات فلم يتسن للمديرية ارسال ملف التحقيق الى المحافظة الا بعد وروده من الجهاز المذكور حيث وصل ملف التحقيق الى المحافظة فى 10/ 7/ 1971. وبتاريخ 4 اغسطس سنة 1971 قرر المحافظ بعد الاطلاع على ملف التحقيق تعديل الجزاءات الموقعة على المخالفين وذلك بتشديدها ومجازاتهم بالخصم من المرتب. وقد أثار هذا القرار اختلافا فى الرأى حول مشروعيته.
ومن حيث انه بتقصى التطور التشريعى لحق الوزير او المحافظ فى الغاء او تعديل القرار التأديبى الصادر من رئيس المصلحة فانه يبين ان المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فى شأن نظم موظفى الدولة كانت تنص عل انه "لوكيل الوزارة او للوكيل المساعد او لرئيس المصلحة كل فى دائرة اختصاصه توقيع عقوبتى الانذار والخصم من المرتب عن مدة لا تجاوز 45 يوما فى السنة الواحدة بحيث لا تزيد مدة العقوبه الواحدة عن 15 يوما وذلك بعد سماع اقوال الموظف وتحقيق دفاعه، ويكون قراره فى ذلك مسببا. وللوزير سلطة توقيع العقوبات المشار اليها فى الفقرة الاولى كما تكون له سلطة الغاء القرار الصادر من وكيل الوزارة او الوكيل المساعد او رئيس المصلحة او تعديل العقوبة الموقعه بتشديدها او خفضها وذلك خلال شهر من تاريخ اصدار القرار، وله اذا ما الغى القرار احالة الموظف الى مجلس التأديب خلال هذا الميعاد اما العقوبات الاخرى فلا يجوز توقيعها الا بقرار من مجلس التأديب "ثم صدر بعد ذلك قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 46 لسنة 1964 ونص فى المادة 63 منه على ان "لوكيل الوزارة او رئيس المصلحة كل فى دائرة اختصاصه توقيع عقوبة الانذار او الخصم من المرتب عن مدة لا تجاوز 30 يوما فى السنة الواحدة بحيث لا تزيد مدة العقوبة الواحدة عن 15 يوما ويكون القرار الصادر بتوقيع العقوبة مسببا وذلك وفقا للوائح التى يصدرها الوزير المختص وتنظم لائحة الجزاءات تحديد الرؤساء الذين يجوز تفويضهم فى توقيع العقوبات المشار اليها فى الفقرة السابقة. وللوزير سلطة توقيع عقوبات الانذار او الخصم من المرتب بحيث لا تزيد مدد الخصم فى السنة الواحدة على ستين يوما، كما يكون له سلطة الغاء القرار الصادر بتوقيع العقوبة او تعديلها وذلك بخفضها او تشديدها فى حدود العقوبات السابقة وله ايضا اذا الغى القرار ان يحيل العامل الى المحكمة التأديبية وذلك كله خلال ثلاثين يوما من تاريخ ابلاغ الوزير المختص بالقرار اما العقوبات الاخرى فلا يجوز توقيعها الا بقرار من المحكمة التأديبية". واخيرا فقد نصت المادة 58 من القانون رقم 58 لسنة 1971 فى شأن نظام العاملين المدنيين بالدولة على ان "يكون الاختصاص فى توقيع العقوبات التأديبية كما يلى 1 - لشاغلى وظائف الادارة العليا كل فى حدود اختصاصه توقيع عقوبة الانذار او الخصم من المرتب لمدة لا تجاوز 30 يوما فى السنة الواحدة بحيث لا تزيد مدة العقوبة فى المرة الواحدة عن خمسة عشر يوما. وللوزير او المحافظ المختص او رئيس مجلس الادارة حسب الاحوال حفظ التحقيق او الغاء القرار الصادر بتوقيع العقوبة او تعديله وذلك بخفض العقوبة او تشديدها وله ايضا اذا ألغى العقوبة أن يحيل العامل الى المحاكمة التأديبية وذلك خلال ثلاثين يوما من تاريخ ابلاغه بالقرار. 2 - ....".
ومن حيث انه باستقراء النصوص سالفة الذكر يبين ان ثمة مغايره بين ما جرت عليه عبارة المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة 63 من القانون رقم 46 لسنة 1964 فيما يتعلق بالموعد الذى يمارس خلاله الوزير او المحافظ المختص سلطة تعديل قرار العقوبة، فبينما جرت الاولى على ان حق الوزير فى التعقيب يتم خلال شهر من تاريخ صدور القرار، فان الثانية قررت أن استعماله لهذا الحق يكون خلال ثلاثين يوما من تاريخ ابلاغه القرار.
ومن حيث ان من القواعد الاصولية اعتبار المشرع منزها عن السهو او الخطأ فكل تعبير يستعمله لا بد وان يقصد به غرضا معينا ومعنى متميزا، فاذا كان المشرع قد استبدل عبارة من تاريخ ابلاغ الوزير المختص بالقرار بعبارة من تاريخ صدور القرار فانما قصد ضرورة أن يحاظ الوزير أو المحافظ بجميع القرارات التأديبية التى تصدر من مرؤوسيه حماية للعاملين من جهة وزيادة فى الاشراف والرقابة على هؤلاء المرؤوسين من جهة اخرى ومن ثم يتعين على كافة السلطات التأديبية اخطار الوزير أو المحافظ بالقرارات الصادرة منها حتى تكون هذه القرارات نهائية بعد اعتراضه عليها بالالغاء او التعديل خلال هذا الاجل، ولا يغير من ذلك القول بان مركز العامل يظل معلقا نتيجة تراخى السلطة التأديبية فى قيامها بواجب الاخطار عن الجزاءات التى توقعها، لان الاصل فى القرارات التأديبية التنفيذية أنها لا تنشئ مزايا أو مراكز أو أوضاعا بالنسبة الى الأفراد الا بالنسبة الى الحالات الاستثنائية النادرة.
ومن حيث انه اذا كان ذلك ما تقدم فان القرار التأديبى الصادر من وكيل الوزارة او رئيس المصلحة وان كان نهائيا بالنسبة الى السلطة التى اصدرته، الا انه لا يكون نافذا بصفة نهائية اى بمنأى عن تعقيب الوزير او المحافظ الا بمضى ثلاثين يوما من تاريخ ابلاغه به.
ومن حيث ان القرار الصادر من محافظ المنوفية بتشديد العقوبة من مدير التربية والتعليم بالمحافظة قد صدر فى 4 اغسطس سنة 1971، اى خلال ثلاثين يوما من تاريخ ابلاغه به فانه يكون صحيحا فى النطاق الذى حدده القانون.
لهذا انتهى رأى الجمعية العمومية الى ان قرار محافظ المنوفية فى 4 اغسطس سنة 1971 بتشديد الجزاء الموقع على بعض العاملين بمديرية التربية والتعليم بالمحافظة يكون صحيحا ومطابقا للقانون.