مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنة السادسة والعشرون (من أول اكتوبر سنة 1971 الى آخر سبتمبر سنة 1972) - صـ 347

(فتوى رقم 440 بتاريخ 9 من مايو سنة 1972 ملف رقم 88/ 1/ 15)
(107)
جلسة 3 من مايو سنة 1972

(1) نقابات - مدى جواز خصم اشتراكات النقابات من مرتبات العاملين المدنيين بالدولة - قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 - سريان أحكام الباب الرابع منه على العاملين بالحكومة الذين كانوا خاضعين لكادر العمال - نظام النقابات المنصوص عليه فى هذا الباب لا يسرى على العاملين بالدولة الذين لم يخضعوا لكادر العمال - أساس ذلك.
(2) نقابات - مدى جواز خصم اشتراكات النقابات من مرتبات العاملين - نصوص قانون العمل - مقتضاها أن الانضمام الى النقابات ليس وجوبيا وانما هو أمر اختيارى متروك لمحض ارادة العامل - تطبيق.
أن أحد العاملين بديوان محافظة الجيزة وهو السيد/ ... اعترض على خصم 100 مليم شهريا من مرتبه لحساب اللجنة النقابية للعاملين بمحافظة الجيزة مبديا أنه لم يقدم طلبا للانضمام الى هذه النقابة كما لم يقدم اقرارا بقبول خصم الاشتراك الخاص بها من راتبه، فاستجابت المحافظة لهذا الاعتراض وأوقفت الخصم من راتبه اعتبارا من أول أكتوبر سنة 1971، الا أنه عاد فطالب برد ما سبق خصمه منه بغير حق فى المدة من أول يوليو سنة 1964 حتى أول سبتمبر سنة 1971.
ومن حيث أن المادة (4) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 تنص على أنه:
"لا تسرى أحكام هذا القانون على عمال الحكومة والمؤسسات العامة والوحدات الادارية ذات الشخصية الاعتبارية المستقلة الا فيما يصدر به قرار من رئيس الجمهورية" وتطبيقا لهذا النص صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1900 لسنة 1962 ونص فى مادته الأولى على أن "تطبق أحكام الباب الرابع من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 (وهو الباب الخاص بنقابات العمال) على عمال الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة والوحدات الادارية ذات الشخصية الاعتبارية المستقلة. ويقصد بالعمال فى حكم هذا القرار الأشخاص الخاضعين لأحكام كادر عمال الحكومة أو الكادرات العمالية الأخرى".
ومن حيث أنه ولئن كان قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1964 فقد أزال التفرقة بين الموظفين والعمال، وألغى كادر العمال والقانون رقم 210 لسنة 1951 والقانون رقم 111 لسنة 1960 المشار اليهما، ونص فى المادة (2) على أن "يعتبر عاملا فى تطبيق أحكام هذا القانون كل من يعين فى احدى الوظائف الدائمة أو المؤقتة بقررا من السلطة المختصة الا أن العاملين الذين كانوا خاضعين لكادر العمال، لا يزالون طائفة متميزة، ذلك أن القانون رقم 158 لسنة 1964 بوضع أحكام وقتية للعاملين بالدولة قد أرجأ تنفيذ بعض أحكام القانون رقم 46 لسنة 1964، كما صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 2264 لسنة 1964 بالتطبيق للقانون رقم 158 لسنة 1964 المشار اليه ونص فى الفقرة (ج) على أن يستمر العاملون الخاضعون لأحكام كادر العمال شاغلين لوظائفهم الحالية بدرجاتهم المنقولين اليها ونصت المادة (9) منه على أن "تجرى الترقيات بمراعاة التقسيمات النوعية والتخصصات الواردة فى الميزانية"..
ومن ثم فان هذه الطائفة وحدها هى التى تخضع لنظام النقابات المنصوص عليه فى الباب الرابع من قانون العمل.
ومن حيث أن المادة (60) من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 معدلة بالقانون رقم 62 لسنة 1964 تنص على أن "للعمال والعمال المتدرجين المشتغلين بمهن أو صناعات متماثلة أو مرتبطة بعضها ببعض أو تشترك فى انتاج واحد أن يكونوا فيما بينهم نقابة عامة تعمل على رفع كفايتهم الانتاجية وعلى تمكينهم من الاسهام فى التطوير الصناعى وتصون حقوقهم ومصالحهم كما تعمل على رفع مستواهم المادى والثقافى والاجتماعى وتحدد مجموعات المهن والصناعات المشار اليها فى الفقرة السابقة بقرار من وزير العمل. وتسرى أحكام هذه المادة على خدم المنازل ومن فى حكمهم" وتنص المادة (163) على أنه "لا يجوز للعامل أن ينضم الى نقابة عامة الا اذا بلغ من العمر خمس عشرة سنة ولا ينضم الى أكثر من نقابة واحدة" كما تنص المادة (164) على أن "تسير النقابة فى أعمالها طبقا لنظامها الأساسى الذى يجب أن يشتمل على الأخص على ما يأتى... (3) شروط قبول الأعضاء وانسحابهم وفصلهم" وتنص المادة (173) على أنه "لا يجوز رفض طالب الانضمام الى النقابة العامة الا بقرار من مجلس ادارتها بأغلبية ثلثى الأعضاء"... والواضح من هذه النصوص أن الانضمام الى النقابات ليس وجوبيا وانما هو أمر اختيارى متروك لمحض ارادة العامل، فله أن ينضم الى الجمعية أو لا ينضم اليها، وهو لا يعتبر منضما اليها بقوة القانون.
ومن حيث أن المادة (172) من قانون العمل معدلا بالقانون رقم 62 لسنة 1964 تنص على أنه "يجب على صاحب العمل بناء على طلب كتابى من اللجنة النقابية أو النقابة العامة أن يستقطع من أجر العامل قيمة اشتراكه فى النقابة العامة التى ينتمى اليها وأن يرسل الى النقابة العامة خلال النصف الأول من كل شهر قيمة الاشتراكات المقتطعة. وعليه كذلك أن يرسل الى النقابة عند استقطاع الاشتراكات فى أول مرة ثم فى يناير من كل عام كشفا مبينا به أسماء العمال الذين استقطعت الاشتراكات منهم وأن يوافيها بأى تعديلات تطرأ على هذا البيان شهريا:
ومن حيث أن المادة (1) من القانون رقم 111 لسنة 1951 فى شأن عدم جواز توقيع الحجز على مرتبات الموظفين أو المستخدمين أو معاشاتهم أو مكافآتهم الا فى أحوال خاصة تنص على أنه "لا يجوز اجراء خصم أو توقيع حجز على المبالغ الواجبة الأداء من الحكومة أو المصالح العامة... للموظف أو العامل مدنيا كان أو عسكريا بصفة مرتب أو أجر.. الا فيما لا يجاوز الربع.. ومع ذلك تجوز الحوالة دون الحجز فيما لا يجاوز ربع الباقى بعد الربع الجائز الحجز عليه طبقا للفقرة السابقة لأداء ما يكون مطلوبا.. أو رسم اشتراك فى جمعية تعاونية منشأة طبقا للقانون أو ناد للموظفين أو للعمال أو جمعية أو مؤسسة خاصة منشأة طبقا للقانون.".
ومن حيث أن المادة (172) المشار اليها حين نصت على الزام رب العمل باستقطاع الاشتراك الشهرى من مرتب العامل وتوريده الى النقابة، انما قررت جواز الخصم فحسب دون أن تتعرض للقوانين الأخرى الخاصة بشروط الخصم من المرتب أو الحجز عليه بالتعديل صراحة أو ضمنا، لأن التعديل الصريح غير ظاهر، كما أن التعديل الضمنى لا تتوافر شروطه المنصوص عليها فى القانون المدنى لأن المادة (172) من قانون العمل لا تعيد تنظيم وضع سبق تنظيمه، كما أنها صدرت فى تشريع لم يشر فى ديباجته للقانون رقم 111 لسنة 1951. يؤيد هذا النظر أن تلك المادة قد خلت من ضوابط لأعمال الاستثناء من قاعدة حظر الحجز على المرتب أو المعاش كما هو الحال فى شأن سائر الاستثناءات التى ترد على تلك القاعدة والتى ترتبط بوجود حجز قضائى، أو اقرار كتابى من صاحب المرتب، ويوضع حدود لمقدار المرتب الجائز الحجز عليه حتى يحفظ للعامل ولأسرته معاشهما، وهذا ما يقطع بأن المشرع لم يقصد أن يخرج فى هذه المادة على القواعد العامة المقررة بالقانون رقم 111 لسنة 1951. ومن ثم فان خصم اشتراك النقابة يكون رهنا بالحصول على اقرار كتابى من العامل بقبول هذا الخصم.
ومن حيث أنه تطبيقا لما تقدم، ولما كان السيد/ ... من العاملين بالدولة الذين لم يخضعوا لكادر العمال، فان نظام النقابات المنصوص عليه فى الباب الرابع من قانون العمل لا يسرى فى شأنه على أنه فضلا عن ذلك، يبين من الاطلاع على أحكام اللائحة الأساسية للنقابة العامة لخدمات الأعمال والادارة بمحافظة الجيزة، واللائحة العامة للجنة النقابية بمحافظة الجيزة، أن اللائحة الأولى تنص فى المادة (6) على أنه "على راغب الانضمام الى النقابة العامة أن يقدم طلبا على الاستمارة المعدة لذلك الى اللجنة النقابية التى يتبعها فان لم توجد فيتقدم الطالب الى مجلس ادارة النقابة العامة مباشرة" كما تنص المادة (35) من تلك اللائحة على أن "الاشتراك الشهرى يدفعه كل عضو فى النقابة العامة على أن يعفى العضو من دفع اشتراكه مع حقه فى الاستمرار فى العضوية فى الحالات الآتية.. "وتنص اللائحة الثانية فى البند (ثالثا) تحت عنوان شروط العضوية" على أن "قيمة اشتراك العضو 100 مليم شهريا تدفع أو تستقطع من راتب العضو بموجب اقرار كتابى من صورتين" - ويبين من هذه النصوص أن النظام الأساسى للجنة النقابية المشار اليه يستلزم للانضمام لها طلبا كتابيا من العامل بهذا الانضمام، كما أن الأصل هو دفع الاشتراك نقدا، ويجوز خصمه من راتب العامل المشترك فى النقابة بشرط أن يقدم اقرارا كتابيا بقبول هذا الخصم. ومن ثم، ولما كان الواضح من وقائع الحالة المعروضة الى السيد/ ... لم يقدم طلبا للانضمام للجنة النقابية للعاملين بمحافظة الجيزة، كما لم يقدم اقرارا بقبوله خصم الاشتراك من مرتبه، فانه ما كان يجوز للمحافظة أن تخصم هذا الاشتراك من راتبه، ولذلك فان عليه أن ترد اليه ما خصمته من راتبه بغير حق مع مراعاة التقادم المنصوص عليه فى المادة (187) من القانون المدنى التى تنص على أن "تسقط دعوى استرداد ما دفع بغير حق بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذى يعلم فيه من دفع غير المستحق بحقه فى الاسترداد، وتسقط الدعوى كذلك فى جميع الأحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من اليوم الذى ينشأ فيه هذا الحق".
لهذا انتهى رأى الجمعية العمومية الى أحقية السيد/ ... فى استرداد ما خصم من راتبه كاشتراك فى اللجنة النقابية للعاملين بمحافظة الجيزة مع مراعاة أحكام التقادم المنصوص عليها فى المادة (187) من القانون المدنى.