مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنة الخامسة والعشرون - (من أول أكتوبر سنة 1970 إلى آخر سبتمبر سنة 1971) - صـ 45

(فتوى رقم 1402 بتاريخ 10/ 11/ 1970 - ملف رقم 37/ 1/ 174)
(16)
جلسة 4 من نوفمبر سنة 1970

( أ ) ضرائب "الضرائب والرسوم المقررة بالقانون رقم 449 لسنة 1955 بشأن السيارات وقواعد المرور" (1).
قانون المؤسسات العامة رقم 60 لسنة 1963 وقانون الهيئات العامة رقم 61 لسنة 1963 - ميزا بين المؤسسات العامة والهيئات العامة ووضعا لكل منهما ضوابطا وأحكاما متميزة - الهيئات العامة مصالح عامة منحها المشرع الشخصية الاعتبارية - الأصل بالنسبة اليها عدم الخضوع للضرائب والرسوم الا اذا نص القانون على إخضاعها لبعض أنواع منها - لا تخضع الهيئات العامة للضرائب والرسوم المقررة بالقانون رقم 449 لسنة 1955بشأن السيارات وقواعد المرور - لا يدخل فى ذلك بطبيعة الحال رسوم رخص القيادة وما فى حكمها مما يقع عبؤه على طالب الترخيص - القول بأن نصوص القانون رقم 449 لسنة 1955 من العموم بحيث تشمل كل مالك لسيارة سواء أكان من أشخاص القانون العام أو الخاص - غير سديد - العمومية - والشمول انما ينصرفان الى الأشخاص الخاضعين أصلا للضريبة وليس من بينهم الهيئات العامة.
(ب) هيئات عامة "الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية" (ضرائب ورسوم).
تطور النظام القانونى للهيئة العامة لشئون السكك الحديدية - اعفاء الهيئة من الضرائب والرسوم المفروضة بالقانون رقم 449 لسنة 1955 بشأن السيارات وقواعد المرور اعتبارا من 6/ 7/ 66 تاريخ اعتبارها هيئة عامة فى مفهوم القانون رقم 61 لسنة 1963 - أساس ذلك.
1 - بتاريخ 29/ 4/ 1963 صدر قانون المؤسسات العامة رقم 60 لسنة 1963 فنص فى المادة الأولى منه على أنه يجوز بقرار من رئيس الجمهورية انشاء مؤسسات عامة تكون لها الشخصية الاعتبارية وتمارس نشاطا صناعيا أو تجاريا أو زراعية أو ماليا أو تعاونيا... وقضى فى المادة 35 بأن يحدد رئيس الجمهورية بقرار منه ما يعتبر مؤسسة عامة بالنسبة الى الهيئات العامة أو المؤسسات العامة القائمة.
وفى ذات التاريخ صدر قانون الهيئات العامة رقم 61 لسنة 1963 فقضى فى المادة الأولى منه بأنه يجوز بقرار من رئيس الجمهورية انشاء هيئة عامة لادارة مرفق عام مما يقوم على مصلحة أو خدمة عامة، وتكون لها الشخصية الاعتبارية، ونص فى المادة 18 على أن يحدد رئيس الجمهورية بقرار منه ما يعتبر هيئات عامة فى تطبيق أحكام هذا القانون.
ويبين من ذلك أن هذين القانونين قد ميزا بين المؤسسات العامة والهيئات العامة، ووضعا لكل منهما ضوابط وأحكاما متميزة. ولقد أوردت المذكرة الايضاحية للقانون رقم 60 لسنة 1963 فى هذا الصدد أن "المؤسسات العامة فى الغالب مرافق اقتصادية أو زراعية أو صناعية أو مالية مما كان يدخل أصلا فى النشاط الخاص ورأت الدولة أن تتولاها بنفسها عن طريق المؤسسات العامة فى حين أن الهيئات العامة فى الأغلب الأعم مصالح عامة حكومية منحها المشرع الشخصية الاعتبارية. والمؤسسة العامة تمارس نشاطا تجاريا أو صناعيا أو زراعيا أو مالية. أما الهيئة العامة فتقوم أصلا بخدمة عامة ولا تقوم بنشاط مالى أو تجارى أو زراعى أو صناعى. فالاصل أن الخدمات العامة كانت تقوم بها الدولة الا أنه رؤى فى النظام الاشتراكى أن يعهد بعضها الى هيئة مستقلة لما يمتاز به هذا النظام من مرونة فى الادارة.... فالهيئة العامة اما أن تكون مصلحة حكومية رأت الدولة ادارتها عن طريق هيئة عامة للخروج بالمرفق عن الروتين الحكومى واما أن تنشئها الدولة بداءة لادارة مرفق من مرافق الخدمات العامة". كما أوردت المذكورة أيضا أن "المؤسسات العامة لها ميزانية مستقلة وتوضع على نمط ميزانيات المشروعات التجارية، وأرباح المؤسسة العامة بحسب الأصل تؤول اليها. كما تواجه المؤسسة العجز أو الخسارة أصلا عن طريق ما تعقده من قروض. أما الهيئات العامة وأم كانت لها ميزانية خاصة الا أنها تلحق بميزانية الدولة وتجرى عليها أحكامها وتتحمل الدولة عجزها ويؤول لميزانية الدولة ما تحققه من أرباح".
ومن حيث أنه لما كانت الهيئات العامة مصالح عامة حكومية تقوم على ادارة مرفق من مرافق الخدمات العامة فمن ثم كان الأصل بالنسبة اليها هو عدم الخضوع للضرائب والرسوم الا اذا نص القانون على اخضاعها لبعض أنواع منها. وذلك على عكس المؤسسات العامة التى تخضع بحسب الأصل لكافة أنواع الضرائب والرسوم ما لم ينص المشرع على اعفائها. وهذا ما أكده الشارع فى القانون رقم 60 لسنة 1963 حيث أورد فى المادة 30 منه نصا باعفاء المؤسسات العامة من بعض الضرائب والرسوم فى حين سكت فى القانون رقم 61 لسنة 1963 عن ايراد نص مماثل بالنسبة الى الهيئات العامة وذلك لعدم خضوعها أصلا لتلك الضرائب والرسوم.
وتأسيسا على ما تقدم لا تخضع الهيئات العامة للضرائب والرسوم المقررة بالقانون رقم 449 لسنة 1955 بشأن السيارات وقواعد المرور نظرا لخلو هذا القانون من نص يقرر خضوع الهيئات العامة لها. مع مراعاة أن المادة 70 من القانون نصت على أن "يدفع سنويا مقابل استعمال اللوحات المعدنية المبالغ الآتية..... "وهذه المبالغ لا تدخل فى عداد الضرائب والرسوم وانما تعتبر من قبيل الثمن العام أو الأجرة وبالتالى تخرج عن نطاق قاعدة عدم التزام الهيئات العامة بالضرائب والرسوم.
وكذلك مع مراعاة أن الرسوم المنصوص عليها فى المادتين 44، 45 من القانون المذكور وهى رسوم رخص القيادة وتجديدها وبدل الفاقد أو التالف للرخصة، ورسوم رخص محصلى سيارات النقل العام للركاب وحمالى سيارات النقل انما يقع عبؤها على عاتق طالب الترخيص الذى يفيد منه، وبالتالى فلا شأن للهيئة العامة بتلك الرسوم. ومع افتراض قيام الهيئة بادائها نيابة عن عمالها فانها بذلك تؤدى رسوما مستحقة على هؤلاء العمال وليست رسوما مستحقة عليها وبالتالى يخرج هذا الاداء عن نطاق قاعدة عدم التزام الهيئات العامة بالضرائب والرسوم لأن مناط أعمال هذه القاعدة، خصوص ضرائب ورسوم السيارات، انما يكون بالنسبة الى الضرائب والرسوم التى يقع عبؤها أصلا على مالك السيارة.
ولا يسوغ القول بأن نصوص القانون آنف الذكر تخضع الهيئات العامة للضرائب والرسوم المقررة فيه استنادا الى ما قضت به المادة الأولى من القانون من أنه يقصد بفظ "سيارة" فى تطبيق أحكامه "كل سيارة ذات محرك آلى" أو استنادا الى ما قضت به المادة 69 من أنه "يلزم بأداء الضرائب المنصوص عليها فى القانون مالك السيارة المستحق عليها هذه الضرائب والمقيدة باسمه فى سجلات أقلام المرور" مما يستفاد منه العمومية والشمول وبالتالى الالتزام بأداء الضريبة دون نظر الى مالك السيارة، وسواء أكان من أشخاص القانون العام أو الخاص. ذلك أن العمومية والشمول انما ينصرفان بطبيعة الحال الى الاشخاص، الطبيعيين والاعتباريين، الخاضعين أصلا للضريبة. أما الأشخاص التى لا تخضع فى الأصل للضريبة الا بنص خاص فلا يسوغ أن يحتج فى مواجهتها بعمومية وشمول النص المقرر للضريبة لأن هذه العمومية هى سمة الضرائب بصفة عامة، وانما يحد من اطلاقها ويخصص من عموميتها ما هو مقرر من أن الأصل العام هو عدم خضوع الهيئات العامة للضرائب الرسوم. والقول بغير ذلك معناه اهدار هذا الأصل العام وارساء أصل مناقض له تماما مقتضاه خضوع الهيئات العامة للضرائب والرسوم ما لم يرد نص صريح بالاعفاء.
كما لا يسوغ الاحتجاج فى هذا الصدد بأن المادة 71 من قانون السيارات وقواعد المرور قد نصت على اعفاء السيارات المملوكة للمجالس البلدية والقروية والتى تستعمل فى أغراض النظافة واطفاء الحريق من الضرائب والرسوم المنصوص عليها فيه، الأمر الذى يستفاد منه أن السيارات المملوكة للهيئات العامة ولا تستعمل فى هذه الأغراض تخضع للضرائب والرسوم المذكورة. لا يسوغ الاحتجاج بذلك لأن هذا الاستناد ينطوى على توسع فى القياس بمفهوم المخالفة اذ أن غاية ما يؤدى اليه هذا القياس هو أن السيارات الأخرى المملوكة للمجالس البلدية والقروية تخضع لضرائب ورسوم السيارات دون أن يمتد القياس بحال الى السيارات المملوكة للهيئات العامة طالما أن الأصل فيها هو عدم الخضوع للضرائب والرسوم شأنها فى هذا الخصوص شأن الحكومة سواء بسواء. فطالما أن القياس بمفهوم مخالفة النص المشار اليه لا يمتد الى الحكومة فهو أيضا لا يمتد الى الهيئات العامة.
ولا يغير من النظر المتقدم القول بان الأساس فى اعفاء الحكومة من الضرائب والرسوم هو سيادتها ووحدة ذمتها المالية، وهو أساس غير متحقق فى الهيئات العامة، ذلك أن هذا القول مردود بأن الهيئات العامة، وعلى خلاف المؤسسات العامة، تقول بخدمات عامة مما تقوم به الدولة أصلا، الا أنه رؤى أن يعهد ببعضها الى هيئة مستقلة لما يمتاز به هذا النظام من مرونة فى الادارة. كما أن الهيئات العامة وأن كانت لها ميزانية خاصة، الا أنها تلحق بميزانية الدولة وتجرى عليها أحكامها.
كما لا يغير من هذا النظر أيضا القول بأن الرسم انما يؤدى مقابل منفعة معينة تعود على دافع الرسم مما يقتضى التزام الهيئات العامة بأدائه - ذلك أن الأصل أن هذه المنفعة تؤدى الى الجهات الحكومية دون الالتزام بدفع الرسم المقرر عنها، ويجب ألا يختلف الأمر بالنسبة الى الهيئات العامة طالما أنها أصبحت تتساوى مع الجهات الحكومية فى هذا الخصوص.
2 - ومن حيث أنه بالنسبة الى الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية، فقد كانت هذه الهيئة مصلحة حكومية الى أن صدر القانون رقم 366 لسنة 1956 بانشاء هيئة عامة لشئون سكك حديد جمهورية مصر وبمقتضاه أصبحت هذه المصلحة هيئة عامة لها شخصية اعتبارية وميزانية مستقلة تعد على نمط الميزانيات التجارية. ولما صدر قانون الهيئات العامة رقم 61 سنة 1963 أصدر رئيس الجمهورية، تطبيقا لحكم المادة 18 منه، القرار رقم 2715 لسنة 1966 باعتبار الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية هيئة عامة فى تطبيق القانون المذكور.
وينبنى على اعتبار الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية هيئة عامة فى مفهوم القانون رقم 61 لسنة 1963 سريان الأحكام المستمدة من هذا القانون عليها، ومن بين هذه الأحكام عدم الخضوع للضرائب والرسوم الا بنص خاص. وبالتالى لا تخضع الهيئة المذكورة لضرائب ورسوم السيارات المفروضة بالقانون رقم 449 لسنة 1955 اعتبارا من 6 من يوليو سنة 1966، تاريخ العمل بالقرار الجمهورى المشار اليه. أما قبل هذا التاريخ فانها ولئن كانت تسمى هيئة عامة وفقا لقانون انشائها رقم 366 لسنة 1956 - الا أن العبرة فى المجال الذى نحن بصدده هى بمدى اعتبار الشخص العام هيئة عامة فى مفهوم القانون رقم 61 لسنة 1963. فعدم الخضوع للضرائب والرسوم ليس مستمدا من مجرد تسمية الشخص العام هيئة عام، وأنما من اعتباره هيئة فى مفهوم القانون سالف الذكر الذى فرق - الى جانب القانون رقم 60 لسنة 1963 فى شأن المؤسسات العامة - بين الهيئات العامة والمؤسسات العامة تفرقة كان من مؤدها عدم خضوع الأولى للضرائب والرسوم الا بنص صريح، وخضوع الثانية لها الا اذا وجد نص يقضى بالاعفاء.
لهذا انتهى رأى الجمعية العمومية الى ما يأتى:
أولا - عدم خضوع الهيئات العامة التى تسرى فى شأنها أحكام القانون رقم 61 لسنة 1963 لضرائب ورسوم السيارات المفروضة بالقانون رقم 449 لسنة 1955. مع مراعاة أن مقابل استعمال اللوحات المعدنية لا يدخل فى عداد الضرائب والرسوم وبالتالى تلتزم الهيئات العامة بادائه. وكذلك مع مراعاة أن الرسوم المفروضة فى المادتين 44، 45 من القانون المذكور انما تفرض على قائد السيارة أو المحصل أو الحمال وبالتالى فلا شأن للهيئات العامة بهذين النوعين من الرسوم.
ثانيا - أن الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية تعفى من الضرائب والرسوم المشار اليها اعتبارا من 6/ 7/ 1966، تاريخ اعتبارها هيئة عامة فى مفهوم القانون رقم 61 لسنة 1963.


(1) بمثل هذا المبدأ انتهت الجمعية العمومية بجلستها المنعقدة بتاريخ 23/ 9/ 1970.