مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنة الخامسة والعشرون - (من أول أكتوبر سنة 1970 إلى آخر سبتمبر سنة 1971) - صـ 178

"فتوى رقم 162 فى 24 من فبراير سنة 1971 - ملف رقم 30/ 2/ 9"
(61)
جلسة 17 من فبراير سنة 1971

حراسة عامة "رفع الحراسة. تعويض".
التيسيرات التى قررها القانون رقم 150 لسنة 1964 فى شأن رفع الحراسة عن بعض الأشخاص وقرار رئيس الجمهورية رقم 1876 لسنة 1964 - المغايرة فى الحكم بين هذه التيسيرات - الأموال التى نص المشرع على تسليمها خصما من التعويض المستحق - يتعين تسليمها لصاحبها دون ترخص منه أو من الحراسة - أساس ذلك من نصوص التشريع وتكييف تسليم هذه الأموال باعتباره تعويضا عينيا.
باستقراء نصوص القانون رقم 150 لسنة 1964 وقرار رئيس الجمهورية رقم 1876 لسنة 1964 سالف الذكر، يتضح أن المشرع قرر تيسيرات متعددة للأشخاص الخاضعين لأحكام ذلك القانون، وفى تقريره لهذه التيسيرات غاير فى الحكم بين بعضها والبعض الآخر، واستعمل عبارات توضح بجلاء مقصده، وتؤدى بغير غموض الى النتيجة التى رمى اليها، ففى بعض هذه التيسيرات اراد أن يترك الخيار للشخص فى أن يحتفظ ببعض أمواله، فقرر ذلك صراحة حين نص فى البندين 6 و12 من المادة الأولى من القرار الجمهورى رقم 1876 لسنة 1964 على أنه يجوز له أن يحتفظ بمسكنه الخاص أو بحق انتفاع عليه خصما من التعويض المستحق له، وفى أحوال أخرى أراد المشرع أن يخرج بعض الأموال من نطاق أحكام القانون رقم 150 لسنة 1964، فنص على استثنائها من أحكامه، وذلك هو حكم البند 7 من المادة الأولى من القرار الجمهورى المذكور، كما أنه فى تيسيرات أخرى عمد المشرع الى تسليم الشخص بعض أمواله عينا بصفة حتمية لا يترخص فيها كما لا تترخص فيها الحراسة العامة، فنص صراحة على أن تسلم اليه هذه الأموال خصما من التعويض المستحق له، وذلك هو ما نصت عليه المادة الأولى المشار اليها فى البنود 5 و8 و9 و10 و11 منها مما يتعين معه فى هذه الحالات أن يتم تسليم المال الى صاحبه عينا بغير أن يكون لصاحبه أو للحراسة العامة فى هذا الشأن سلطة التقدير.
هذه النتيجة تستفاد أيضا من أن المشرع حين قرر أيلولة الأموال التى رفعت عنها الحراسة الى الدولة، جعل ذلك مقابل تعويض يؤدى فى شكل سندات اسمية على الدولة، ولكنه بالنسبة الى بعض الأموال قرر تسليمها الى أصحابها عينا خصما من التعويض المستحق لهم، فتسليم المال عينا هو تعويض لصاحبه على نحو قرره المشرع، فلا يجوز لصاحب المال أو للحراسة العامة أن يغير من كيفية التعويض التى حددها المشرع، بترك التعويض العينى الى التعويض بسندات اسمية على الدولة، مع أن تحديد التعويض من ناحية حده الأقصى وكيفية ادائه هو أمر يدخل فى نطاق التشريع ويخرج من حيز التنفيذ، ومن ثم يتعين أن يلتزم فى شأنه ما قرره التشريع فيه من أحكام.
ويضاف الى ما تقدم انه اذا كانت هذه التيسيرات قد تقررت مراعاة لاعتبارات معينة منها أن المشرع اراد أن يترك للأفراد بعض الأموال التى يستدل من نوعها وقيمتها على أنها لن تكون مظنة تحكم واستغلال، تشجيعا للقطاع الخاص، وتمكينا لهؤلاء الأفراد من كسب عيشهم، ومنها أن هذه الأموال ضئيلة القيمة وبعضها تشيع ملكيته بين عدة ملاك مما رأى المشرع معه أن يخفف عن الدولة مشقة ونفقات ادارتها، ومن هذه الاعتبارات أيضا أن تسليم بعض الأموال الى أصحابها خصما من التعويض المستحق لهم يخفف عن الدولة مديونيتها بسندات التعويض ذات الفائدة السنوية فيما لو احتفظت بهذه الأموال، وتلك اعتبارات اقتصادية وانسانية قدرها المشرع، وكانت هى الدافع الى تقرير ما قرره من أحكام فلا يسوغ بعد ذلك القول بأن لصاحب المال أو للحراسة العامة أن يعيد تقدير هذه الاعتبارات وأن له أن يصل - بناء على تقديره - الى نتيجة غير التى قررها المشرع، فذلك مصادرة لارادة المشرع ولحكمه التشريع.
مما يؤيد النتيجة المتقدمه أن قرار رئيس الجمهورية رقم 831 لسنة 1965 بجواز تقرير نفقات شهرية لبعض الأشخاص الذين رفعت عنهم الحراسة ينص فى مادته الأولى على أنه "يجوز بقرار من رئيس الوزراء ترتيب نفقات شهرية لبعض الأشخاص الذين رفعت عنهم الحراسة وذلك من حساب الأموال والممتلكات التى آلت الى الدولة وفقا لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 المشار اليه.
"وتستحق هذه النفقات مقابل تنازل من يتقرر لهم عما قد يكون مستحقا لهم من تعويض وفقا لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 المشار اليه على ألا يشمل هذا التنازل الحقوق التى نظمتها قواعد التيسير المنصوص عليها فى القرار 1876 لسنة 1964 والقرارات المكملة له.
وبهذا النص دل المشرع على أنه حين أوجب فى القرار الجمهورى رقم 1876 لسنة 1964 تسليم الخاضع بعض الأموال، فقد قرر حقا لا يجوز أن يرد عليه التنازل ولم يقرر له رخصة، فوجب من ثم أعماله، والتقيد به من جميع الأطراف ذوى الشأن فيه.
لهذا انتهى رأى الجمعية العمومية الى أنه اذا توافرت الشروط المقررة فى القانون رقم 150 لسنة 1964 وقرار رئيس الجمهورية رقم 1876 لسنة 1964 المشار اليهما لتسليم منشأة تجارية الى صاحبها، فانه يتعين تسليمها اليه، كما يتعين عليه تسلمها، ولا يجوز له أو للحراسة العامة الامتناع عن ذلك.