مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنة الخامسة والعشرون - (من أول أكتوبر سنة 1970 إلى آخر سبتمبر سنة 1971) - صـ 238

"فتوى رقم 291 بتاريخ 7 من أبريل سنة 1971 - ملف رقم 68/ 5/ 8"
(82)
جلسة 18 من مارس سنة 1971

كفالة - طعن - الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا - المادة 15 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 55 لسنة 1959 - تنظيمها أحوال الطعن أمام المحكمة الادارية العليا - نصها على وجوب ايداع كفالة عند تقديم الطعن من ذوى الشأن، وعلى مصادرة هذه الكفالة فى حالة صدور حكم من دائرة فحص الطعون برفض الطعن - عدم تقرير المشرع مصادرة الكفالة وعدم ترخيصه فى ذلك فى أية حالة أخرى - وجوب صرف الكفالة الى الطاعن اذا أحيل الطعن من دائرة فحص الطعون إلى المحكمة الادارية العليا، دون انتظار لصدور الحكم فى الطعن - أساس ذلك.
ان قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 55 لسنة 1959 ينص فى المادة 15 منه على أنه "يجوز الطعن أمام المحكمة الادارية العليا فى الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الادارى أو المحاكم التأديبية... ويجب على ذوى الشأن عند التقرير بالطعن أن يودعوا خزانة المجلس كفالة قيمتها عشرة جنيهات اذا كان الحكم المطعون فيه صادرا من محكمة القضاء الإدارى أو المحكمة التأديبية العليا أو خمسة جنيهات اذا كان الحكم صادرا من احدى المحاكم الادارية أو المحاكم التأديبية وتقضى دائرة فحص الطعون بمصادرتها فى حالة الحكم برفض الطعن".... وقد جرى قلم الكتاب على رد الكفالة الى الطاعن فى حالة ما اذا قررت دائرة فحص الطعون احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا دون انتظار لصدور الحكم فيه... ورأى الجهاز المركزى للمحاسبات أنه يتعين ارجاء صرف الكفالة الى صاحبها حتى يحكم نهائيا فى الطعن، وذلك لاحتمال أن يصدر الحكم بعدم قبول الطعن أو برفضه مما يجب معه مصادرة الكفالة، وقد استطلع المجلس رأى ادارة الفتوى لرياسة الجمهورية فى هذا الشأن فرأت أن مسلك قلم الكتاب مطابق للقانون، ومن ثم طلب الجهاز عرض الموضوع على الجمعية العمومية.
ومن حيث أن المشرع نظم فى نص المادة 15 من قانون مجلس الدولة سالف الذكر أحوال الطعن أمام المحكمة الادارية العليا وقرر وجوب ايداع كفالة عند تقديم الطعن من ذوى الشأن، كما نص على مصادرة هذه الكفالة فى حالة واحدة محددة، هى حالة صدور حكم من دائرة فحص الطعون برفض الطعن، ولم يقرر المشرع مصادرة الكفالة ولم يرخص فى ذلك فى أية حالة أخرى، كحالة صدور الحكم من المحكمة الادارية العليا بعد احالة الطعن اليها بعدم قبوله أو بعدم جواز نظره أو برفضه، ومن ثم يتعين القول بأن الكفالة انما يجوز مصادرتها فى تلك الحالة المحددة، فاذا لم تتحقق هذه الحالة بأن قررت دائرة فحص الطعون احالة الطعن الى المحكمة الادراية العليا فانه لا يجوز مصادرة الكفالة بعد ذلك، وتصبح هذه الاحالة سببا لأحقية الطاعن فى استرداد كفالته وبالتالى لا يجوز ارجاء صرفها اليه انتظارا لصدور حكم المحكمة الادارية العليا، طالما أن المشرع لم يوجب على هذه المحكمة ولم يرخص لها فى مصادرة الكفالة اذا قضت بعدم قبول الطعن أو برفضه.
ومن حيث أنه مما يؤيد النتيجة المتقدمة أن ايداع كفالة عند الطعن مقصود به ضمان جدية الطعن والاقلال من الطعون التى لا تستند الى أساس معقول، حتى يتروى المحكوم ضده قبل الطعن فى الحكم فلا يبادر اليه دون أن يكون له وجه، وليس من شك فى أنه حين تقرر دائرة فحص الطعون احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا فانما تقرر ذلك لأن الطعن جدير بالعرض عليها أما لأنه مرجح القبول أو لأن الفصل فيه يقتضى تقرير مبدأ قانونى لم يسبق للمحكمة تقريره (وذلك حسبما تنص عليه المادة 17 من قانون مجلس الدولة)، وذلك معناه أن الطعن يقوم على أساس وتسنده اعتبارات معقولة تحتمل الأخذ بها، ولم يكن وليد رغبة مجردة فى اطالة أمد النزاع أو نتيجة لدد فى الخصومة لا يسانده اعتبار جدى، وحسب الطعن أن شاركته دائرة فحص الطعون رأيه وقدرت أن وجهة نظره محتملة القبول، فلا يمكن بعد ذلك القول بأن الطعن كان غير جدى وأنه يتعين أن تصادر الكفالة اذا لم تأخذ به المحكمة الادارية العليا.
ومن حيث أنه لا وجه للحجاج بنص المادة 270 من قانون المرافعات الذى ينص على أنه "اذا قضت محكمة النقض بعدم قبول الطعن أو برفضه أو بعدم جواز نظره حكمت على رافعه بالمصاريف فضلا عن مصادرة الكفالة كلها أو بعضها..". وأنه يتعين اتباع حكم هذا النص فى حالة صدور الحكم من المحكمة الادارية العليا بعدم قبول الطعن أو رفضه أو بعدم جواز نظره، استنادا الى المادة الثالثة من القانون رقم 55 لسنة 1959 التى تنص على أن "تطبق الاجراءات المنصوص عليها فى هذا القانون، وتطبق أحكام قانون المرافعات.. فيما لم يرد فيه نص" - لا وجه لذلك كله، اذا أن مناط تطبيق أحكام قانون المرافعات أمام القضاء الادارى الا يوجد نص فى قانون مجلس الدولة يحكم الموضوع المعروض، وفى الحالة المماثلة يوجد نص المادة 15 فى قانون مجلس الدولة الذى تضمن تنظيما كاملا للكفالة، وأوجب على دائرة فحص الطعون مصادرتها اذا حكم برفض الطعن، ولم يوجب ذلك على المحكمة الادارية العليا ولم يجزه لها اذا قررت دائرة فحص الطعون احالة الطعن اليها، مما يفيد بغير شك أن المشرع رغب عن مصادرة الكفالة فى غير الحالة التى حددها، وليس من قبيل التفسير السليم للقانون أن يقال أن قانون مجلس الدولة اقتصر على تنظيم مصادرة الكفالة أمام دائرة فحص الطعون، وأغفل هذا التنظيم أمام المحكمة الادارية العليا، مما يتعين معه الرجوع فى هذه الحالة الأخيرة الى أحكام قانون المرافعات، وانما الصحيح أن المشرع نظم الكفالة عند الطعن أمام المحكمة الادارية العليا، وحدد الحالة التى يتعين فيها مصادرتها وأنه ازاء هذا التنظيم الخاص، لا يوجد محل لتطبيق أحكام قانون المرافعات... وذلك فضلا عن أن نظام الطعن بالنقض لا يخضع لنظام فحص الطعون بمعرفة دائرة خاصة قبل احالته الى المحكمة وذلك بعد صدور قانون المرافعات الجديد على خلاف النظام الذى يقرره قانون مجلس الدولة.
وذا كان قانون حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تضمن فى الباب الأول منه نص المادة 10 الذى يوجب على دائرة فحص الطعون أن تصادر الكفالة فى حالة الحكم برفض الطعن، كما تضمن أيضا نص المادة 25 الذى يوجب على محكمة النقض مصادرة الكفالة اذا هى حكمت بعدم قبول الطعن أو برفضه - اذا كان ذلك، فانه يلاحظ ان هذا القانون صدر هو وقانون مجلس الدولة فى تاريخ واحد (21 من فبراير سنة 1959) ورغم ذلك غاير المشرع بينهما فى حالات مصادرة الكفالة، فبينما قرار القانون رقم 57 لسنة 1959 مصادرة الكفالة فى حالة الحكم برفض الطعن سواء من دائرة فحص الطعون أو من محكمة النقض، قصر القانون رقم 55 لسنة 1959 مصادرتها على حالة الحكم برفض الطعن من دائرة فحص الطعون، فهى اذن مغايرة مقصودة، لا يستقيم معها القول بأن المشرع وهو يصدر قانونين فى يوم واحد أراد أن يقصر تنظيم الكفالة فى قانون مجلس الدولة على احدى حالتين، تاركا الحالة الأخرى للقانون رقم 57 لسنة 1959 ينظمها بحكم الاحالة الواردة فى نص المادة الثالثة من القانون رقم 55 لسنة 1959، أى أنه تعمد أن يترك فراغا فى قانون لتستعار فيه أحكام قانون آخر صدر معه فى التاريخ ذاته والذى لا شك فيه أن ذلك الاختلاف فى الحكم وظروفه كما تقدم، اختلاف مقصود يتعين التزامه والوقوف عنده.
كما يلاحظ أيضا أن الباب الأول من قانون حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض وهو المتضمن لنص المادتين 10 و25 سالفى الذكر، قد ألغى برمته، وذلك بنص المادة الأولى من القانون رقم 13 لسنة 1968 باصدار قانون المرافعات، وأصبح النظام القائم أمام محكمة النقض لا يشتمل على مرحلة فحص الطعون.
ومن حيث أنه بالاضافة الى ما تقدم فان الثابت أنه منذ أبيح بالقانون رقم 55 لسنة 1959 لذوى الشأن أن يطعنوا أمام المحكمة الادارية العليا "مع ايداع كفالة" لم تصدر هذه المحكمة حكما واحدا بمصادرة الكفالة كلها أو جزء منها، وذلك استقرار لا يجوز معه القول بوجود احتمال أن تحكم هذه المحكمة بالمصادرة فى حالة الحكم بعدم قبول الطعن أو برفضه، وبالتالى لا يقوم محل لارجاء صرف الكفالة الى الطاعن انتظار لصدور الحكم.
لهذا انتهى رأى الجمعية العمومية الى أنه اذا أحيل الطعن من دائرة فحص الطعون إلى المحكمة الادارية العليا، تعين صرف الكفالة الى الطاعن دون انتظار لصدور الحكم فى الطعن.